الجزء الثاني والعشرون
وبينما كانت أيار جالسة على كرسيها في الصف تراجع أحد الدروس أشارت إليها أنصاف وهي تحمل مجموعة من الروايات والكتب وقالت لها : ما هو رأيك بهذه المجموعة التي رشحتها لي سبأ لقراءتها في العطلة ان شاء الله تعالى .
أيار تناولت الكتب وراحت تقرأ العناوين : والله اختيار موفق … ولا سيما روايات الأديبة الرائعة أجاثا كريستي ، التي تجعلك تعيشين الأحداث الروائية وكأنك تشاهدين فلماً يعرض أمامك ، وكذلك قصص وليم شكسبير ، وبالذات قصة يوليوس قيصر … فأنها مؤثرة جداً .
سبأ قاطعتها ملتفتتة قادمة صوبها مبتسمة : لا أيار أرجوك لا تفصحي لها عن مضمون القصة ، لئلا يموت عنصر التشويق ولا تشعر بلذة المفاجأة عندما تصل الى نهاية القصة .
أيار مبتسمة : أتقصدين بروتس … الذي قتل القيصر .
سبأ ضاحكة : ها أنت أفصحت عن مضمون القصة .
أنصاف : لم افهم … بهذه البساطة حتى وان تكلمتم بالأسماء الى أن أقرأها بنفسي.
أيار : فيها خيانه صديق … والعياذ بالله .
سبأ : طعن الملك … وتفاجأ فيه …لأنه لم يكن يتوقع ان تأتيه الطعنة من صديق لأنه يثق به ثقة عمياء ، لذلك على الإنسان (بالاشارة الى هبة وشلتها ) أن ينتبه الى الخطر المحدق حوله ولا ينساق خلف الضحك ولا يمشي كالأعشى ويتبع الأصوات ، ولا يقدس التقليد الببغائي ، فكثير من الأشخاص بلاء ترى صورهم أدمية وتطلعاتهم انعامية لا رادع لديهم من عقل ولا وازع من نقل وكما يقول الحكماء حياتهم حياة بهائم وعيشهم عيش سوائم ، فأنتبهي أرجوك من بروتس جديد قد يعيد نفسه من جديد .
أيار وقد فكت شفرة الحديث لكنها تغاضت : ومن تقصدين بروتس جديد … لا تخشي … عليّ وأهتمي بنفسك ، فأنا قوية ولا أحب الإتكاء على أحد … ثم أنا الآن في ساحة ولدي عيون أرى فيها وأقارن .
سبأ : لالا تهتمي … فأنا أحب الكتب … وكلما رأيتها أنساق خلفها … فهكذا تربيت … في بيئة كتب .
أيار مبتسمة : رائع … وما هو أخر كتاب قرأتيه …؟
سبأ : كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور فهو كتاب رائع عن قصص الأنبياء ، وأنت ما هو عنوان أخر كتاب قرأتيه ؟
أيار : كتاب القانون الدولي ؟
سبأ : غريب … ألا ترين بأنه كتاب كبير على مثل عمرك ؟
أيار : والله غريب وعجيب رأيك … ألم تسمعي بالنوابغ وحفاظ القرآن الكريم وهم في عمر الطفولة ، فكيف تستكثرين على عقلي وأنا في الصف السادس الإعدادي قراءة كتاب يمكن عده من الكتب التأريخية .
سبأ : والله صحيح … لكني أقصد … الفتاة دائماً تجنح الى قراءة الكتب الرومانسية ولا سيما في مجال الأب ، ولا تكترثي هذا رأيي وليس بالضرورة ، ان يتوافق مع الأخرين .
أيار مبتسمة : لا بالعكس أنا أعشق الحديث عن الكتب … لكن الآن دعينا نتهيأ للدرس انتهت الفرصة .
باسم : مرحبا كيف حالكِ حبيبتي أنسام أنا ( باسم الباسم ) .
أنسام : أهلاً أيار اشتقت لكِ كيف حالكِ ودروسك .
باسم ضاحكاً : ترى من صديقتكِ أيار .. أهي معك طالبة في الصف نفسه .
أنسام : نعم يا أيار .. وجارتي أيضاً .
باسم ضاحكاً : أأبقى طويلاً على هذا الحال وأنتِ تؤنثيني هكذا .
أنسام مبتسمة : هكذا .. للضرورة أحكام .
باسم : : أ … نسيت يا أنسام .
أنسام : ماذا نسيتِ يا ترى ؟؟.
باسم : أتصدقين ؟؟؟
أنسام : بالطبع .. أيار .. أصدق أي كلمة ..
باسم : أنت ابنة أبان طارق .. وأخوكِ جاسم .. أليس كذلك ..
أنسام اندهشت كثيراً لكنها تمالكت نفسها لأن العائلة جالسة قربها حيث الهاتف الارضي لمشاهدة التلفاز استمرت .. كيف يا ترى تعرفتي على طريقة حل التمارين الصعبة هذه ؟
باسم : تنهد .. انها حقاً صعبة .. هذا لكي اثبت لكِ حسن سريرتي .
أنسام : الحمدُ لله … الحمدُ لله كثيراً .. لقد اطمأننت ..
باسم : وان رقم داركم هو 125 / 32
أنسام وقد تغير وجهها : أيار … لكن الآن .. الى اللقاء .. فوضعت أنسام السماعة وهي لا تزال مذهوله فقبل ان تلتفت ، رن جرس الهاتف مباشرة فوثبت بسرعة لئلا يكون هو .. لكنها أيار الحقيقية هذه المرة
أيار : مرحبا أنسام كيف حالك ؟؟
أنسام : أهلاً وسهلاً ..
أيار : ما بكِ يا أنسام انا أيار .
أنسام : عفواً أختي الرقم خطأ الرقم خطأ ثم أغلقت السماعة .
بقيت أيار رافعة السماعة وهي مستغربة كثيراً لفعلتها هذه .. ثم قالت : لأتصل بها مرة أخرى .. فضربت على نصف الأرقام .. ثم وضعت السماعة بقوة .. قائلة .. غير معقول انها لا تعرف صوتي .. والمشكلة تقول : لي الرقم خطأ أختي وهل سألتها أنا سؤالاً ، مجرد اني ألقيت التحية فقط لكنها يبدو عليها الإرتباك إلاّ اني مستعدة لإعطائها حل تمارين الإنكليزي تحضير الغد ، ستوبخها المدّرسة إذا لم تحصل على حل كيف ذلك والدرس الأول هو الإنكليزي وغدا صباحاً .. ثم قالت أوه سُحقاً لها هي التي فعلت ذلك ولست أنا وغداً ستظهر حقيقة الأمور ، كم مرة قلت لها اشترِ نقالاً لكنها كصاحبتها ترفع طاسة رثاء الحال ، لكن عجيب غريب ما فعلت .. ولكن لماذا .. حتى ان عائلتها يعرفوني صديقتها .. وجارتها أيضاً .. فلم تصبر أيار على ذلك قامت بالإتصال بنادين أحد اعضاء الشلة لعلها تعرف شيئاً عما حدث .. فإتصلت على نقالها لأنه أسرع من الأرضي فقالت : مرحبا نادين .
أيار : الموضوع هو اني قمت بالإتصال حتى أعطي أنسام التمارين التي حلتها عمتي مروة فعندما قمت بالإتصال حدث ( كيت وكيت) والصراحة أستأتُ كثيراً لهذا العمل قلت اتصل بكِ لعلك تعرفين مبرراً لهذا .
نادين ضاحكة : غريب أمرك وهل نسيت أن أنسام تكلم الباسم على انه أيار أنسيتي ذلك .. ربما كانت تكلمه ولمدة طويلة على انه أنت وبحسب تصوري انها حالما وضعت السماعة كان اتصالكِ بها ، فأسرعت هي لتتلافى الأمر وتحول دون حدوث أي مشكلة اغلقت الهاتف على أنكِ على معرفة بذلك أليس كذلك ؟
أيار مبتسمة : بحق السماء لقد نسيت أما الآن فقد عذرتها .. وشكراً جزيلاً وآسفة على الأزعاج .
انهت أيار الإتصال وهي مبتسمة ثم قالت حقهُ دماغي نسى مثل هذه الأشياء إذا سكان بيتنا دائم المشاكل والألغاز وأنا مكلفة دائماً بحل هذه الألغاز ، ثم توجهت الى غرفتها .. تقلب الكتب .. ثم تذكرت كلام مدّرسة الكيمياء عندما تقول لها : مستواكِ ركيك في الكيمياء هذا العام يا أيار .. كنتِ في العام السابق طالبة متفوقة بحق لكن للأسف هذه السنة مستواكِ لا يبيض الوجه ، ثم قالت وهي تنظر الى كتاب الكيمياء قبحك الله وقبح مدرّستك .. عجباً على هؤلاء القوم .. كنت مكتئبة عابسة الوجه سابقاً .. يقولون لي كُنتِ أفضل أما الآن فأنا ضاحكة الوجه يقولون تحولتي الى الأسوء ، كم هم أناس جُهلاء سُذج حتى البسمة يعتبرونها إنحرافاً منذ هذه اللحظة سأساند مُعاذ في أرائه الديمقراطية المتحضرة في الغناء والموسيقى والرقص حتى وحقيقةً الأنغام الهادئة لها صدى روحي عميق في النفس …
أخذت بيده وقالت تعال ياعمي أجلس حتى أطلعك على أخر أخبار مروة الأوجي فجلس منذر وهو يبتسم فرحاً بالأخبار قبل ان يسمعها .. فقال : هيا عزيزتي فريال اسرعي بتفريغ شريط الكاسيت المسجل .. فريال ضاحكة : أولاً الأخبار العلمية جاءت مراسلتنا في جامعة البصرة بأن مروة الأوجي تحرز أعلى الدرجات على أقرانها في مرحلة الماجستير ، ويتنبأ لها منذ هذه اللحظة الحصول على درجة الامتياز كعادتها وثانياً : إن صديقتها سـُـبل تقضي طوال الوقت مع صديقتها مروة وهي بهذا تنافسك في حب خالتي مروة،على الرغم من انها في الكلية الطبية المرحلة الخامسة إلا ان الفايبر والواتس آب تجعلانها الأقرب الى روحها،وثالثاً وهو الأهم فأريده مفاجأة .
منذر بحماس : ماذا ؟ مفاجآة ..؟
فريال : نعم مفاجأة سعيدة لأني أحبُ المفاجآت ولا تصر عليّ لا أقول حتى أسمع أخبارك العلمية والعملية .
منذر : أما العلمية فهي جيدة جداً ، وكما تعرفين بأني تخرجت من كلية التربية الرياضية جامعة البصرة وكأن أبواب السماء فُتحت لي من كثرة دُعائي ، وقد إلتقيت صدفة بخالك نائل في محطة البنزين عندما كنت في سيارتي هناك ، فرأيته حائراً وسيارته عاطلة وقد أركنها جانباً في المحطة ، فأسرعت إليه وقدمت له المساعدة وسحبت سيارته ثم اوصلته الى بيته ، وكُدت أطيرُ من الفرح وهو يقدم لي شكره وامتنانهُ ، اضافة لذلك قلتُ له لا تتعب نفسك بخصوص السيارة فقدمت له مفاتيح سيارتي لكنه شكرني ورفض اخذ المفاتيح .. ثم قلتُ له : اذن سيارتك سأحضرها بنفسي لك الى الشركة وإطمئن لأن المصلح صديقي وهو أمين فكان ممتناً لي كثيراً .. وانا قلبي يخفق لأرضائه بدل 72 ضربة – 142 ضربة .. وهذه هي أخباري والحمدُ لله .. فضحكت وهي فرحة بهذه الأخبار وقالت : يا عمي العزيز .. المهم ان تكسب رضا خالتي وجدي قبل كل شئ ، أما الأخبار العملية فلم أجد وظيفة إلى الآن علماُ بأني قدمت على وظائف عديدة ولم أفلح لكني وكما تعرفين متريث ولا أسبق الأحداث .. اسير خطوة خطوة حتى اصل الى الهدف المنشود .. ها .. ألم تكفكِ هذه الأخبار .. أجابته وهي مبتسمة .. كلا بالطبع انها مرضية لكن الوظيفة مهمة جداً ويجب ان تعمل أي شيء المهم وظيفة .
منذر : أذن أطلقي لسانكِ ولا تُقيديه أم نسيتِ المفاجأة السعيدة .
فريال : ها .. المفاجأة ..لا..لا لم انسَ .. اسمع يا عمي منذر نحن الآن في المرحلة الثانية ما دمنا قد تجاوزنا المرحلة الأولى بسلام ، الآن نستعد للمرحلة الثانية .
منذر بتضجر : ادخلي في الموضوع بلا مقدمات أرجوك .
فريال : وكيف تقول انا متريث وانت بكل هذه العجلة .. المهم .. المرحلة الثانية انك لابد ان تلتقي بخالتي أي تصطدم بها .. حتى تنتبه إليك .
منذر : وكيف اصطدم بها .. اتقصدين أدهسها في السيارة ؟ ثم ضحك .. يا عزيزتي تكلمي بوضوح اكثر وبلا تعابير غير مفهومة انتِ لا تُشعرين بالنار المتأججة في قلبي كالبركان الهائج ولا أعرف ماذا أفعل .
فريال : أنا معك في كل لحظة .. أقصد ان نلتقي بها .. وتحسسها بالحب .. قبل ان يدخل أحد الى قلبها ..وأنت تعرف جاذبيتها وهي كالشمس وسط الظلام ولا تنسَ انها في الجامعة .
منذر منفعلا : ماذا .. أي أحد هذا أقتله وأشرب دمهُ .
فريال ضاحكة : وهل ستقبل فيك وانت قاتل مجرم .. لا أريد الإطالة عليك .. والمماطلة في ذكر المفاجأة جاءت مراسلتي بخبررائع بأن مروة ستذهب مع الكلية سفرة وقد اقنعوها بالقوة واكيد سترافقها صديقتها سبل ستأتي من كليتها في المستشفى التعليمي لترافق مروة في يوم رائع كالسفرة الجامعية .
منذر ضاحكاً : سفرة … أهذه هي المفاجأة .
فريال : لا تستبعد الأمور .. ان السفرة .. ستفتح لك باب اللقاء بمروة الأوجي وتتعرف على صديقتها سُــبل أيضاً .. أي أنا سأعرف السفرة في أي مكان ، أما أنت ستلتقي بخالتي مروة في مكان السفرة عن طريق الصدفة ويالها من صدفة جميلة ستجمعكم وأرجوك لا تنسَ خذ آلة التصوير معك ، وبالطبع سترحب بك لانها صدفة وستجتمع معها وصديقتها على طاولة حولها أكثر من كرسيين ، ولكن المهم ان تحفظ الدور يجب ان تكون أمامها وهي تراك صدفة وتسلم عليك لأنها رائعة تسلم على الجميع ثم أنك قريبها وليس غريباً ، فتتفاجأ أنت بهذه المناسبة وتدعوها وصديقتها الى شرب العصير بهذه المناسبة .. فتكلم عن نفسك وأولاً : عن مستواك العلمي وكيف تسهر عند الأمتحانات ، وغير ذلك من الكلام الذي يلفت الإنتباه وكذلك أسألها عن نفسها وعن الصداقة وصولاً الى الحب ثم ضحكت قائلة : إذا لم تستطع لفت انتباهها لحبك فتأكد انك لن تحصل عليها .. وستخسرها الى الأبد ..هي تتكلم وهو يستمع وكله أذان صاغية لها واضعاً قبضة يده على خده الأيمن .. ثم أعتدل وقال : أنا اشكركِ كثيراً كثيراً لأنكِ فعلاً تبذلين جهداً لمساعدتي .. أنها فكرة جيدة .. وفعلاً مفاجأة سعيدة أسعدتني كثيراً .. حتى أنا تخيلت أني جلست معها وكلمتها .. اثناء حديثك هذا .. وانا صامت أصغي إليكِ لكني على الرغم من كل شئ سعيد … سعيد جداً .. وغداً سألتقي بجدك أيضاً عندما أذهب الى الشركة .. أجابته : لاعلينا بالشركة .. الآن كن على أهبة الإستعداد ليوم السفرة ان شاء الله تعالى .
أتصدقين يا مروة إن هبة البارحة رأيت صديقها الأبله ينتظرها عند باب المدرسة اجابتها مروة بقلق .. ماذا .. هذا كلام خطير .. أجابتها مبتسمة .. نعم أتعرفين اليوم إن هبة تقول أمام الشلة المتعبة ان أيار مسكينة ان وجهها العبوس في الشارع لا يقرب منها أحد ، سمعتها سبأ وأنصاف أي تستغرب بأني ليس لـــــي صديق ثم الأطـــــرف من ذلك ان هند تقول : إذا رغبت انا بأقامة علاقة صداقة مع أحد البلهاء هي ستعرفني على صديق صديقها.
مروة بتعجب وهلع : كلا أيار كلا ..لا تنجرفي مع تيار هذه الفئة الضالة أنهن مراهقات وماذا قلتي لهن ؟
أيار ضاحكة : ان ما قالته هبة والأخريات صحيح أن وجهي باسر في الشارع ولا يجرؤ أحد على التكلم معي لأنهم يعتقدوني سليطة اللسان وجريئة اليد ، وصراحة ان مثل هذا الكلام يُزعجني بأن ليس لدي معجبين كالشلة ، قاطعتهعا مروة وبغضب وهل تتعرفين على أبله مثلهن حتى يرضين عنكِ ؟
أيار ضاحكة : يا عمتي يا استاذة مروة .. لا تغضبي ان صديقاتي يُردن مصلحتي طبعاً وعندما أحزن عليّ بأن أقوم بعلاقة عاطفية مع أحدهم .. حتى لا أكون مختلفة عنهن في طريق تصرفهن في حياتهن .
مروة : نعم وماذا بعد … ماذا ؟ قررتي .
أيار مبتسمة : لا تخافي عليّ فأنا لست صغيرة .. وأدرك جيداً ما أفعل .. بعد إصرارهن اليومي في هذا الكلام صارحتهن بإكذوبة بيضاء ؟
مروة : وما هي هذه الإكذوبة البيضاء هي الأخرى .
أيار : اسمعي .. قلت لهن .. بأني .. وأخذت تجرُّ الكلام جراً وهي تتحدث كيف تظاهرت بهذه الأكذوبة امام صديقاتها ، قلتُ لهن وبهدوء أتعرفنّ لماذا لا أطاوعكن على العلاقة العاطفية مع أحد البلهاء ، فتظاهرت بالتلكؤ في كلامي لأني أعاني حباً من طرف واحد والقصد انا متيمة بحب ابن خالي ولا أعرف مشاعره تجاهي .
مروة وقد غرقت في الضحك بعد قلق : لكن اقسمي لي ان كلامكِ هذا صحيح .
أيار : أقسم على صحة كلامي .. وانا لا أعرف الكذب ولا أحب ان لا يصدقني احد أو يشك في كلامي .
مروة : حقاً أنكِ داهية ولا أخشى عليكِ بعد اليوم .. نعم أُريدكِ هكذا التفكير والتفكر بعواقب الأمور دائماً .. أن عملك هذا دليل على تفكير عميق بمكانة أهلكِ ومكانتكِ أولاً وسمعتكِ أمام الجميع وان أبنة سراج الدين الأوجي ليست كباقي البنات فهي قمة ولا تكون بمصاف الطالبات المراهقات .
نعم لابد لي من توطيد العلاقة مع العم عبد الرحمن يكلم نفسه وهو في طريقهِ الى شركة الأوجي للموبيليات ولكن ماذا أقول له ؟ نعم سأدخل لأسلم عليه وبعد ذلك تنهمر الأحاديث … نعم نعم … هذا هو الصواب .. حتى وصل المكان .. فأركن السيارة في المرآب .. ثم دخل الشركة قاصداً غرفة المدير .. ثم نظر الى لافته معلقة ( السكرتير) عفواً .. هل لي بمقابلة السيد المدير .. أجابه السكرتير .. نعم تفضل الآن .. هو مشغول قليلاً .. سأله هل يأخذ وقتاً طويلاً .. أجابه : كلا .. لديه ضيفة .. قال له : اذن إذا سمحت أبلغه بمجيئي (منذر الأزدي) .. حاضر سيد منذر .. تكلم السكرتير من خلال جهاز (السبيكر) الموضوع أمامه على المكتب .. عفواً استاذ .. هنا ضيف يُريد رؤيتك .. أسمه منذر .. اجابه المدير .. أهلاً فليتفضل سأل المدير ضيفته ها .. مروة سنغادر بعد ان نرى منذر وقد كانت قد مرت بالشركة حال عودتها من الكلية لترجع معه أجابتهُ : بأبتسامة جميلة حسناُ سأتجول في المعمل برفقة نائل وحالما تنتهي ابلغني ارجوك فلدي مذاكرة ثقيلة ، أجابها وهو مبتسم .. بالطبع عزيزتي دقائق معدودة .. دعينا الآن نستقبل الضيف الجالس ثم ضغط على الزر .. وتكلم من خلال (السبيكر) دع الضيف يتفضل ، فخرجت من الغرفة وحال خروجها أصطدمت بمنذر تفاجأت ، وقد استغرب كثيراً وكأن صعقة كهربائية أصابته فوقف يرنو إليها دون ان يحرك ساكناً .. قالت له : بإبتسامة أوه عفواً .. كيف حالك .. عساك بخير .. أجابها : وكله إرتباك .. كيف حالك انتِ .. فقالت له بكل هدوء .. بخير … تفضل .. ثم سارت في مقصدها ، ودخل هو ووجهه متوهج من شدة الإحمرار وقلبه يرقصُ بين أضلاعه ضربات يكادُ يحسها ويسمعها فحال رؤية المدير له .. نهض إحتراماً له وصافحهُ .. وبعد التحية والسلام .. قال المدير له : اهلاً بك في شركتنا .. وبعد ان جلس وشرب العصير .. وكأنه تمالك أعصابه وأخفى سروره وبهجته وإنطفأ توهج خجله .. فتكلم بلهجة فصيحة .. وبأسلوبٍ رفيع إثار إعجاب المدير .. ثم قال : بعد ذلك .. وهذه هي المفاتيح .. إذا سمحت لي بالدخول الى الشركة لرؤية نائل واعطاءها إياه .. اجابه : وهو ضاحكاً ما هذا يا بُني .. الشركة شركتك .. تفضل .. ثم قال له : منذر سُعدت برؤياك عمي .. اسمح لي الآن بالأنصراف .. مع السلامة .. فضغط المدير على الفور وقال : للسكرتير .. اوصل السيد منذر .. الى غرفة نائل .. حاضر استاذ عبد الرحمن .. ثم توجها خطوات .. فقال : السكرتير .. هذه هي غرفة السيد نائل .. حاضر شكراً جزيلاً .. فأنصرف السكرتير .. وتأهب هو للدخول .. فطرق الباب .. ثم فتحه ودخل .. فأذا به يندهش وكأن صعقة كهربائية أصابته ، نهض له نائل وصافحه .. فجلس على الكرسي مقابل مروة ونائل .. فأخرج المفاتيح من جيبه وقدمهما إليه .. هذه مفاتيح سيارتك .. وهي في المرآب الآن ويقول صديقي المصلح .. أنها سيارة حديثة وجيدة لكن الخلل في البطارية فقط .. فإستبدل البطارية القديمة ببطارية جديدة .. اجابه : انا اشكرك كثيراً كثيراً .. وأنا ممتن لك .. والآن أخبرني عن التكاليف ..اجابه : ما هذا نحن أهل .. أي تكاليف تتكلم وكأني غريب عن العائلة .. أرجوك انا لم أقدم لك إلاّ القليل انها مجرد بطارية لاغير .. وأنا أريد ثمنها أن تصلني الى البيت فقط .. فضحكوا .. على هذا الكلام .. فسألته : مروة بإبتسامة .. كيف حالك ألا تنوي الدراسة العليا .
منذر : وبجدية .. انا جيد في الدراسة ولي معدل يؤهلني ولكن الآن أبحث عن الوظيفة أولاً .. وقد قدمت للتعيين في أكثر من دائرة لكني لم أفلح بعد فالتعيين صعب هذه الأيام .
نائل : والله كلامك صحيح التعيين صعب الحصول عليه في هذه الأيام ، لكنك كفوء وعليك الإعتماد ، والله نحن نحتاج مثلك موظفاً جذاباً ونشيطاً للعمل هنا معنا في الشركة على الأقل الى ان تحصل على تعيين ، فأنت شاب ومقبل على حياة تحتاج منك الكثير من التكاليف ، ومن جانب أخر أنت ولدنا ونأمنك على أموالنا .
منذر في دخيلة نفسه وافق وبصم بالعشرة : أ .. أشكرك على هذا العرض وانتم أهلي وخاصتي بدون شك ولكن أعطني بعض الأيام لأفكر وأرد لك الخبر .
مروة : ثم ان العمل هنا ممتع وفيه الكثير من التصاميم الهندسية الرائعة ..
نائل : لا … عملك إداري وليس في المعمل .
منذر : كيف إداري … وهل سيقبل عمي عبد الرحمن .
نائل : في شعبة الحسابات … أكيد سيقبل لأنه هو من طلب مني البحث عن موظف كفوء … وسيفرح كثيرا عندما يجد الصدفة قدمت له الموظف على طبق من ذهب … وبينما هو يتكلم جاء عبد الرحمن ليأخذ مروة الى المنزل فهو يخرج قبل الموظفين ونائل ينوب عنه في الاشراف على نهاية العمل.
عبد الرحمن : هيا يا ابنتي فلنذهب .
نائل : ابتي وجدت لك موظفاً كفوءاً في شعبة الحسابات .
عبد الرحمن : وبهذه السرعة رائع … سأخرج الآن اترك لي سيرته الذاتية على مكتبي لأقرأها في الغد ان شاء الله وبشرط ان يكون حاصلاً على شهادة جامعية وان يكون شاباً .
نائل : أنا عرضت هذه الوظيفة على منذر فهو كفء ومن أهلنا … وقد طلب مني بعض الايام ليفكر .
عبد الرحمن ممازحاً : ماذا ؟ ماذا ؟ ستفكر … نحن عرضنا عليك العمل … وأنت ملزم بالقبول ولا نسمح لك أبدأ بالتفكير بأكثر من خمس دقائق … ها … فكر ورد لي الخبر قبل ان اخرج للبيت هيا هيا فكر وجاوب .
مروة وقد نهضت صوب أباها : امهله الوقت فهذا قرار عمل وقد لا يناسبه .
نائل : عمل خاص وبدون قيود ولا شروط .
عبد الرحمن : انتهى الوقت بحسب الساعة الرملية … ها ها قل قبلت أم لا ؟
منذر وهو يوزع ابتسامته ما بين الثلاثة متنهدا : انت مثل والدي وطلبك أمر لا أستطيع رفضه .
وبينما أيار واقفة أمام باب المدرسة منتظرة مجئ قتيبة .. فإذا بطالبة تسلم عليها .. مرحبا ..
أيار .. اهلاً .. وسهلاً .. أقدم لكِ نفسي .. أنا اسمي هدى .. في الصف الخامس شعبة أ .. ألم ترني … ؟
.. يتبع