الجزء الحادي والعشرون
وأنصاف لا تزال تطبق سياسة التقريب بين أيار وسبأ بمساعدة هيفاء ، من تعارف بسيط الى تحية وسؤال وتواصل وحديث ونقاش في المحاضرات ، بالشكل الذي أثار إنتباه وعدم رضا هبة (وشلتها)على هذا التواصل مع سبأ لأنها تناصبهنَّ العداء بنظراتها وابتسامتها الماكرة الساخرة بحسب زعم هبة ، وإنه على أيار أن لا تطور علاقتها بها والأفضل ان تقطعها .
هبة : لابد ان نفكر بطريقة تبعد أيار عن سبأ … لأني لا أطيقها … وهي تضحك معها وكأنها ترسل لنا رسالة إيمائية موحية الى اننا أصبحنا من الماضي .
لينا : أطلبي منها ان تقطع علاقتها بها .
هبة : لا .. لا … وكأنكِ لا تعرفين أيار وعنادها … لابد من فكرة جهنمية للإيقاع بينهما … ولاحظي لاحظي الآن بعد ان تلتفتي خلفك كيف ان سبأ تقشر البرتقال وتضعه بيد أيار وأنصاف والبِشر يعلو وجوههن ، وبينهما البلهاء هيفاء ، أيار تأكل وتبتسم وهي تنظر بإمعان الى فمها وهي تتكلم يا لدهاءها ، جعلت أيار تلين لها بهذه الوقت القياسي الضيق ، ثم أن أيار كانت تقول لي دائماً كما تعرفين بأنها لا تحب الأكل البته في المدرسة حفاظاً على قوامها المتوسط الذي يعجبها ، ولكنها الآن تأكل وكلها سعادة … ولكن … سترين .
أنسام : وما هي خطتك ؟
هبة : تتكون الخطة من مجموعة من الفقرات يضيق الوقت عن ذكرها ولكن أحتاج الى اجتماع لمناقشة بنودها أملاً في ان تكتمل ، المهم الآن الإقتراب والتنصت الى أحاديثهن .
نادين : وهو الأفضل حتى نتمكن من الإيقاع بالكريهه سبأ .
سبأ تسأل أيار : هل تحبين البرتقال ؟ أنا أحبه كثيرا وهو فاكهتي المفضلة .
أيار مبتسمة : علاقة تعارف بيني وبينه وليس علاقة عشق مثلك فتعالت ضحكاتهن على هذه العبارة ولاسيما هيفاء التي تضحك على أقل كلمة بالفطرة وليس بالتكلف أو القصد … مما جعل الخصوم يجن جنونهم .
سبأ ضاحكة : ولماذا … تأكلين … وعلاقتك فقط … للتعارف مع البرتقال …؟؟؟
أيار مبتسمة : إكراماً … لك عزيزتي سبأ … لأنك بذلتي جهداً في تقشيره ، قدمتي لي ضيافة … ولم أستطع رفض الضيافة … أيضاً … فضلاً عن رسائلك الجميلة الموجهة على (الواتس آب) ومشاركاتك وتعليقاتك الجميلة الرائعة على الفيس بوك .
سبأ : أشكرك عزيزتي … كلامك أثلج صدري … وأنا كذلك تعجبني مشاركاتك وتعليقاتك على (الفيس بوك) .
هيفاء مبتسمة : وكما يقول المثل خبز وملح .
أنصاف ضاحكة : والله قصدك صحيح … وان أختلفت المفردات … يا هيفاء وأنت ببساطتك وطيبتك رائعة .
سبأ متنهدة مبتسمة : أنا سعيدة بصحبتكم … والله … وسعيدة بأيار كثيراً .
أيار : وأنا أيضاً سعيدة … وأحمد الله على صحبتكم .
هيفاء تهمس بأذن انصاف بعد إنتهاء وقت الإستراحة معاتبة : لو كنتِ أخذتي برأيي وتناولتي إحدى البرتقالات منها وقسمتيها الى نصفين وأعطيتي كل قسم لواحدة كما تقول جدتي فأنها الوصفة الفعالة للتقريب بينهما .
مروة : أتعرفين يا زكية رحت انتظر الخميس بشوق لأقضي ساعة الإستراحة هذه معك لنكمل ما وقفنا عنده .
زكية : نعم أنستي وصلنا الى حيث اصبح عابد لاجئاً في استراليا بعيد عن أنظارها تحسب عمره وتتخيله دون ان تعرف كيف أصبح شكله ، وبالمقابل تطور الإعجاب بالمقدم البغدادي طاهر الذي أصبح صديق العائلة وعندما يأتي لزيارتهم يأتي إليهم بالهدايا ، التي بالطبع يستلمها نيابة عنها اخي عصام ، الى أن صارحها بإعجابه وطرح عليها فكرة الإرتباط في بيتها ، على ان يكون الأمر سراً ولا يصل الى زوجته ام أبنائه ، وعلى الرغم من إعجابها بشخصه المهيب ومركزه الذي تتطلع إليه الأعين ، طلبت منه مهلة للتفكير إلا أن عصام جن جنونه وأعتبر طلبها هذا تبطر على النعمة التي حلّت عليها ، والتي ستنقلها بحسب زعمه من الحضيض الى القمة ، وانه لم يكن يحلم ولا لمجرد الحلم بهذا النسيب الذي سيغبطه العالم بأسره عليه ، ولاسيما وقد تعرف عليه عن كثب ، ويرى ضرورة التشبث به بالأيدي والأسنان .
مروة : أفهم شعورها … تريد الهروب من تفكيرها بولدها عابد لاسيما بعد ان فقدت الأمل بمجيئه إليها ، ولعله ينسيها مأسيها … المسكينة جربت حظها العاثر … وكما يقولون الجولة الثالثة ثبات .
زكية : وتحت وطأة تأثير الإعجاب بجاذبيته ووسامته ومركزة وتأثير وذهول وضغط عصام ، قبلت طلبه وتمت الخطبة على ان يتم الزواج بعد عام من الخطبة لظروف متعلقة بأكمال بناء عمارته التي سيسكن هو وزوجته الجديدة فيها ، والتي لا تعرف مكانها حتى ، ولا حتى مكان عمله ، إلاّ إن العلاقة تطورت من اعجاب الى تجاذب روحي ، وأصبح كأحد أفراد العائلة يتنقل في أرجاء المنزل في أي مكان أراد في بيت عصام أو بيته المؤقت الذي سيعيش فيه في الطابق العلوي ، وشاعت بين الناس هذه البشارة وهذا التحول الذي يعده عصام معجزة وانطلاقة صاروخية في فضاء الحياة ، وبدأوا يخططون للأيام القادمة وتبديل كل الأثاث بأخر جديد وعلى ذوقه وبما ان المنزل لولاء فأكيد هي التي تدفع ، وانه سيعوضها بدل هذه المبالغ نهاية العام ، عندما يكتمل بناء العمارة ، وما عليها سوى تسجيل قائمة بالمصروفات وكل ما تنفق من حاجيات لمنزلهما الجديد .
مروة : المسكينة … لقد تعبت في حياتها ولعل القادم خير .
زكية : وكل يوم خميس تخرج معه للتنزه ولا تعود حتى الفجر .. ويكمل هو ليلته في أمان وهدوء ودعه وإستقرار في غرفة إستقبال عصام ، وعندما يستيقظ يصعد الى الأعلى ليتناول وجبة الفطور ، ومنها يخرج الى عمله ، وكثير من الأيام يأتي بعد عمله إليها مباشرة ، ويجد ملابسه جاهزة ، وقد أشترت له كل ما يلزمه من ملابس منزلية ، وكل ما يلزم من تجهيزات الفرح ، ولأنها أحبته بكل جوارحها وصدقت بكل طروحاته وبأسلوبه المهذب المقنع ، استمرت الخطبة على ذات الحال الى ان وصلت السنة التي وثقت بمئات الصور ومئات الأحداث ومئات النزه ، وكان بين زواجهما قاب قوسين أو أدنى ، وفي اليوم الموعود المرتقب لعقد القران الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر ونحن مجتمعون في الطابق العلوي وهي متزينة بأنيق الملابس وبثقيل المكياج انتظرناه الى ان تكسرت رموشنا من النعاس ، لكن للأسف كل ما تقدم كان نسجاً من الخيال ودوراً تمثيلياً من رجل مخادع زنديق ، لم يأتِ بحسب الموعد مكتفياً برسالة نصية على الواتس آب مفادها : أشكرك على هذه النزهة الرائعة … لقد نقلوني الى بغداد قرب أهلي … وداعاً .
… يتبع