متى تعود من الدوران ؟
عبد المنعم حمندي
لمْ أرَ الأرض دَوَّارَةً ،
بل رأيتُ السماءَ تدورُ بنا
حيث نسكنُ قبّتها
وعلى سطحها يهجعُ الحالمونْ
كانت الشمسُ ناراً ،
لها في أزيز العواصف برجٌ
وجنٌ ، عفاريتهُ يسكنونْ
كنتُ طفلاً رضيعاً
بعينين تكتشفان
و لا تكذبان
ولا في البراءةِ أطفالنا يكذبونْ
لم أرَ الارضَ دوّارةً
بل رأيتُ العصافيرَ هاربةً
نحو عِشٍّ حنونْ
ورأيتُ الزمان يدور بِنَا
وتدور الحياة الى يوم لا ينفع
المال فيها.. ولا يستطيع البنونْ
….
كلّ شَيْءٍ يدور بهذا الفضاءْ .
فدمائي التي عرّشتْ
غيمةً في السماءْ
صعدت بعد أن حررَتْ ضَوْءَها
من مَهِينٍ لتنزلَ مَاءْ
….منذُ أن نشأت هذه الأرض دَوّارةً
مِثْلَما عدّها الأولونْ
كلُّ ما في الحياة دُمى
كلُّ شيء أراهُ بهذي السَّمَاء دُمى
وكواكبَ سيّارةً
ومضبّبةً في العيونْ
….
كنتُ طفلاً ..
أراقبُ في الليل وَجهَ القمرْ
حيثُ أهربُ منه
الى حضن أُمِّي ،
قد ألوذُ به خائفاً من نعاس السَهرْ
ربّما خائفاً من نقيق الضفادع ،
أو غقغقات الصَقرْ
…
وكبرتُ ..
و حوليَّ ناسٌ بأحلامهم يَكبرونْ
وعرفتُ :
بأنّ الخسوف الذي يَدّهمُ البدرَ
مستنفرٌ في الجنونْ
وسواءٌ تكونُ مُدوّرةً
هذه الأرض أولا تكونْ
انها تستريحُ على المُنّحدرْ
ربّما في الظلال
على مَسقطِ الضوء طلّ القَمرْ
هو ذاك الذي أرّعبَ الطفلَ يوماً ..
تَرَأَّى لنا من حجرْ !
….
ربّما أسألُ السُحُب
عن جثّةِ الشمس
حين يبلغها البحرُ ،
عن قلقٍ في الزمانْ
وشيخوخة حُزنٍ
تُعرّش قبل الأوانْ
ربما أسأل الأرض
حين تعود من الدورانْ
فالمخاضاتُ بين المقادير
قد أنجبت حجراً..
كان مكتشفاً ..
وسيدركُها قبل أن يبلغَ العنفوانْ
: انها كُرةُ الأرض
أم كرة الصَوْلَجانْ
—————-
مهداة الى صديقي المتأمّل الدكتور عزيز عذاب
*عن صحيفة الزمان