( لـحـنُ الـوفـاءِ )
ــــــــــــــــــــــــ
لي شَجَره ، أفنانها مُنتشِرَه ، قد حَملتْ من كلِ لونٍ ثـَمرَه ، وارفة ُ الظلال ِ ؛ ضاحِكة ٌ مُستبشِره ، قـَد ْ جاورَتْ مُذ ْ غـَرْسِها أقوامَ سوء ٍ فـَجَرَه ، تـُطعمهم من رحمِها ؛ مابَخلتْ بالمَنظَره ، كم عاشقا ً في ظلِّها غـَنّى وَناغـَى الحَنجَره ، معانقا ً محبوبة ً يبكي يرومُ المـَعذِره ، ياهل ترى ؛ كم من وفيّ ٍ ذاق َ طَعم التـَذْكِره … ؟؟
كانوا كَذاك الخادِع ُ ؛ يرمي الشِباك َ الماكِره ، كالغابِ في أخلاقِهم ؛ حَمَلٌ ونابٌ قـَسْوَر ، وأَلجَموها كُلَّـما تـَناغـَمَتْ ؛ كزهرة ٍ في مِعْصَره ، وأَشبَعوا عروقـَها من كلِّ نهر ٍ كَـدَرَه ، واحتـَفـَروا من حولها لحودهم بالمِحفَرة ، فلامَسَتْ جذورها تلكَ العظام النَخِرَه ، تـَزاحَمتْ رُفاتـُهم ؛ ضاقوا بتلك َ الشجره … تناطحوا واختلفوا ؛ يابِــِئْسها مِن مَدَرَه (1) ، تشاوَروا واتـَفـَقوا في موعدٍ لـِمَشوَره ، واجتمعوا في باحة ٍ كُلّ اللـُحى مُستَـنفـَره ، هذا يقولُ إقلعوا ؛ ذاك َ يُهَيء مِنشَرَه ، واختلفَ قـَبيلـُهم ؛ كلٌّ يَقودُ محْوَرَه ، صاحَ بهم صائِحُهم ؛ تـَوَحَدوا يابـَعْـثـَرَه ، مالي أَراكُم شَرذَمه ؛ أو قـَذَرٌ في قـَذَره ؟؟ … تبا ً لَكمْ مِنْ نابح ٍ ؛ مافيكمْ إلّا العَنترَ (2) ، مارأيكُم إلّا فـَنـَد ْ ؛ ياويحَهُ ما أَمكَرَه ، وعَسعَسوا برجالِهم في جلسة ٍ مُستـَتـِره … فانتـَخـَبوا من فـَوجـِهم مِنْ كُلِّ ألف ٍ عَشَرَه ، تـَسلـَّحوا بنارِهم وَسعيرِهم وذاك َ سَـلَّ مِسعَرَه … فإنبرى شَقيَّهم مُتـَبجّحا ً بنـَصلِ فأس ٍ باتِره ، سأشتفي من زَهوِها ؛ خُيَلائِها و البَختـَره … وأَنتـَقِمْ مِنْ كلِّ غُصن ٍ وارِف ٍ أو قطعةٍ مُزدَهِره ، أو بُلبل ٍ مُغرد ٍ أو صافر ٍ أو قـُبَّرَه ، سأنتزع ْعروقها من رحمِها كَعصف ِ ريح ٍ صَرْصَرَه ، و أ َقتـَلِع ْ جذورها من أصلِها لكي تـَفيح المَقبره ، فانتفـَخت ْ أوداجُه ؛ ياويحهُ ما أقذَرَه ، تَعاقـَدوا في غدرِهم لِمَوقت ٍ في سَحرَه ، هذي فِعالُ الخائن ِ فيالهُمْ مِنْ غَدَرَه ، لَمّا أتاها مُسحِرا ً وهو يَعَض بالمَهدَرَه (3) ، أَلقى بفأس ٍ جامح ٍ وقولة ٍ مُستَهتِره ، رَدَّت ْ عليه ِ حانيه دَعوني فيكُم مخْضَره ، دعوني أَنشرُ حولكم رَيـّا ً وعـَرْفا ً عَطِرَه ، وأَغرِس ُ في لُبـِّكُم كلّ المعاني النادره ، لكنْ أبى مُحَطِما ً أَغصانها ، حتى غـَدَتْ كالمِخصَره (4) ، رمى بفأس ٍ قاطع ٍ حتى تكون الفاقِره ، إِرتـَدَّت ْ عليهِ فأسهُ نابتة في مَنحَرَه ، فحَطَّمتْ جبَروته وارتـَكَزَت ْفي الناحِره ، ثاغ َ ثـُغاءً هادراً ، كالشاة ِ عِندَ المَجزره ، تـَسمَّرَ الخَوابُ في جحورِهم كباقيات ِالمَحشَره (5) ، لَمَّا رَأوا ردَّ القضاءِ العادل ِ وَمَكر رَبّ المَقدِره ، هذا جزاءُ كلُّ مَنْ كادَ مكيدُ النـَكِره ، ياقدرةُ الله الذي في كلِّ شيءٍ قَدَرَه ، ياليتَ قومي عَلِموا إنَّ الوفاءَ مَفخَره .
……………………………………………………………………………….
(1) مَدَرَه : قرية من الطين .
(2) العنترَ : نوع من الذباب .
(3) المهدرة : الاسنان الصغيرة .
(4) المِخصرة : عصا تستخدم للإتكاء.
(5) الخواب : الأقربون
المحشره : بقايا النباتات في الارض بعد الحصاد
كريم القاسم : لـحـنُ الـوفـاءِ
تعليقات الفيسبوك