الجزء الثامن عشر
أستلقت أيار على سريرها وهي مروعة وجلة والدموع تنهال من عينيها لما حدث وكلام القتل يتردد على بالها كالصدى ، اخذت تكلم نفسها أمي تريد ان تقتل أحد ما .. وإذا قتلته ستكون مجرمة وعندما تكون مجرمة ستقوم الشرطة بإلقاء القبض عليها وتسلمها الى العدالة للقصاص بعد ذلك يُحكم عليها بالإعدام او السجن المؤبد وحينئذ تكون والدتي في السجن ، ومحاميها زوجها يا لسخرية القدر بنا جريمة القتل يا للعار ، تُرى أيعقل أن مثل أمي انسانة طيبة القلب تعزم على مثل هذا الأمر ، ولمَ لا إذا كان هذا الشخص يضايقها أو طلب منها شئ ما ومن يكون هذا وأين إلتقت به؟ نعم لابد أن تكن فعلته نكراء حتى يستحق الموت ،وكيف ستقتله ، بالطبع هي لوحدها لا تستطيع لأنها تخاف الحشرة إذ كيف لها ان تقتل انساناً متوحشاً مثل هذا .. ومن يكون هذا .. لا أعرفه .. قد يكون احد الاشخاص الذين يرتادون البيت دائماً قد تعطي نقوداً لبعض الأشخاص مقابل قتله .. أو تطلب من قتيبة دهسه في السيارة وهي طريقة جيدة وسهلة للتخلص منه ما دام هو شخص نكرة كلاب هم الرجال ، حتى المرأة المتزوجة الأم يسببون لها المضايقة واستمرت الى الصباح وهي على هذا المنوال تفكر من هو هذا الذي ستقتله والدتها وفي اليوم التالي جلست العائلة على الفطور ، وأيار يكادُ النعاس يقتلها كل لحظة تضع يدها على فمها وعيناها متورمتان ، سألها الوالد يبدو عليكِ آثار السهر أجابته : نعم بابا ، سألتها الأم : ولمَ سهرتي كثيراً اجابتها بعد ان صوبتها بنظرة عتب حادة تنهدت وقالت : اليوم لدي امتحان انكليزي فلم ياتني نوم وهذا الأخير جاثم على صدري كالجيثوم أتعرفين الجيثوم ؟ كابوس مرعب يجعل الانسان مقيداً خائفاً مرعوباً لا يستطيع الهرب أو الحركة ، وكما تعرفين مادة صعبة وعسير الفهم ..أجابتها : حسناً بُنيتي بارك الله فيكِ ، وكما يقولون من طلب العلا سهر الليالي ثم وجه كلامه الى أميمة هيا عجلي فطوركِ لكي أوصلكِ الى المستشفى سألتها : مستشفى ، خيراً مالأمر ؟ الام أصفر وجهها وتحشرجت اللقمة في صدرها فأسرعوا بقدح ماء وبعد ان شربته قالت : لا شئ مجرد إلتهاب في اللثة وألم في الأسنان .
قالت أيار في نفسها لأقسم يا أمي انكِ تماطلين في الأجابة لا يبدو عليكِ علامات مما ذكرتي .. قد تكوني ذاهبة لكي تجسي النبض ثم تنفذي الخطة التي رسمتيها ليلة أمس .. والمسكين أبي مسّير معكِ .. لا يستطيع حتى اقناعكِ .. بأن ما تفعليه هو إجرام .. والمشكلة انه رجل قانون .. ويعرف القصاص .. لكن لماذا تقتله .. لماذا لا تدخله السجن المؤبد وتتخلص منه الى الأبد هذا افضل من القتل … والمشكلة بأني سأكون الشاهدة أمام القاضي وتحت القسم ومحال أحنث في يميني سأقول ما سمعته ، وسأكون في نظر اخوتي جاحدة لأني سأتسبب في عقابها ، يبدو انها اقنعت والدي بوسيلة قتله لكن بعد ان ينفذوا الجريمة كيف سيخفون الجثة ، لكن الرائحة أكيد ستفوح سينتشر الخبر في الحي والمدينة وفي وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة ،وسيجد المحققون في عملهم حتى لو وجدوا شعرة مثلاً من رأس أمي او أبي فيستدلون من خلالها على الجاني ، وهكذا راحت تحدث نفسها حتى في المدرسة .
انهت مروة الكورس الأول بتفوق على أقرانها ولم يأت هذا التفوق من فراغ وانما من جد ومثابرة وموهبة واصرار على المواصلة على الرغم من انسحاب اثنين من زملائها من الدراسة لصعوبة المقرر ولشدة التعامل الذي يضيق على الطالب عندما يواصل الليل بالنهار ، ولم يتبق إلاّ ثلاثة من الطلاب من مجموع سته ، وكأنها استجمعت كل قواها لتصل الى بر الآمان ، وهي تتوق الى النوم فهي تعاني من قلة نوم طوال الكورس الأول ولم تشعر بلذة الرقاد فهي وان رقدت تأتيها الكوابيس التي تذكرها بضرورة ان تبقى مستيقضة لئلا تخسر السباق ، وعلى قول سُــبــل فهي تعاني من نقص فيتامين نوم ، وتحتاج الى ان تنام اسبوعاً كاملاً دون ان تستيقظ هذه كانت امنيتها ، لتعوض ما فاتها من ساعات ولا سيما ساعات الليل الرائعة التي لا تعوض حتى وان نامت النهار بطوله .
لكن مرّت أيام وسُــبــل تتصل بها ولا تجدها فالنقال مقفل والرسائل قيد التسليم حتى الواتس آب غير مُفعّل ، مما زادها قلقاُ طوال يومها في الكلية والمستشفى ، وعندما عادت الى المنزل حدثت والدتها عن قلقلها البادي على ملامحها وانه ليس من عادتها الإنغلاق عني أو على الأقل ان تترك نقالها مفتوحاً ، عرفتها منذ نعومة اظفارها تلك الفتاة التي تربت على العلم والتعلم لا يصعب على فكرها أي مادة واستساغتها بسهولة تامة ، أتمنى من الله أن يجعل صداقتنا أبدية وان لايفرقنا سوى الموت ، لأنها جديرة بالحب والإحترام والتقدير والإخلاص والوفاء ، أجابتها : جعل الله حياتكِ كلها نجاحاً دائماً وربيعاً أخضر ان شاء الله تعالى مع رفيقة دربكِ مروة ، وجعلكِ قدوة حسنة لأخوتكِ ، أجابتها : والآن فلابد من ذهابي إليها عصراً لأطمئن عليها ، ثم وجهت كلامها الى اخويها التوأم علي وعلياء في المتوسطة : وعندما أعود سأراجع لكم دروسكم فلا تنسوا المذاكرة ، ثم خرجت مسرعة حاملة حقيبة كتفها حتى انها نست ان تتناول غدائها ، فخرجت حتى وصلت الشارع الرئيس مشيرة الى سيارة أجرة استلقتها متوجهة الى منزل مروة تواقة الى رؤيتها بخير وان تعرف سبب عزلتها هذه ، وقد عاصرتها كل هذه السنين ولم تعهدها كذلك حتى في أحلك الظروف.
ما هي إلاّ دقائق حتى وصلت بيت مروة طرقت الباب وقد إزدادت خفقات قلبها قلقاً، هنيهة حتى فتح الباب المزارع شامخ ، وقبل أن تلقي عليه التحية باغتته بسؤالها القلق : هل هل مروة بخير وذويها وذويها ، أجابها مبتسماً : نعم بخير كلهم بخير تفضلي ، ثم استطردت عذراً … السلام عليكم ، ثم نظر نظرة الى واجهة المنزل المكان الذي يجد فيه زكية دائماً واقفة ، فأشار إليها وقال تعالي زكية لدينا ظيوف رحبي بالأنسة ، وحالما رأتها فرحت بها لأنها تعرفها جيداً وتعرف علاقتها الملائكية بمروة … تفضلي تفضلي زارتنا البركة حتى أوصلتها الى غرفة الإستقبال ، برهة حتى جاءت مروة وعندما رأتها أنكفأت عليها كالموجة العارمة شلال شوق متدفق ، وقد تبدد قلقها وإزداد عتابها وتأنيبها.
مروة : أهلاً سُبل ماهذه المفاجأة السعيدة فشدت على يدها طربت روحي بوجودكِ .
سُــبــل بعتاب : أ … صحيح … واضح .
مروة مبتسمة : نهضت ومسكت بيدها وقالت لها تعالي الى بحر العلوم فسارتا حتى دخلتا المكتبة ، والله كدت الأن اريد مهاتفتك ولكن سبحان الله نزلتي لي من السماء .
سُــبــل : ولماذا تؤذيني .. وانت تعرفيني عندما أقلق كيف يكون وضعي ؟
مروة : حبيبتي … أعذريني كنت متعبة ومتوعكة وكأني لم أصدق بأن الكورس الأول انتهى ، فنمت كثيراً حتى اني لم أميز ما بين الليل والنهار ، مجرد اني اريد تعويض فيتامين النوم الناقص عندي كما وصفتيه ، وأشارت بيدها ولاحظي محاضراتي وحقيبتي على وضها هذا منذ الاسبوع الماضي ، ونقالي بداخلها ، ثم نهضت لتحضر الحقيبة وتفتحها وتقلبها محتوياتها على المكتب أمام سُــبــل وهي مبتسمة وقد سقط كل ما بداخلها فألتقطت النقال وحال فتحه هلهل بالإتصالات المفقودة والرسائل ، ثم وقعت عينها على الجكليتة الجميلة فألتقطتها وقدمتها مبتسمة وقالت : تفضلي حبيبتي وأعذريني … كليها … يبدو عليها لذيذة ، فأخذتها مبتسمة قائلة ممازحة : أتقنعيني بجكليته يا مروة وقد قتلتيني من القلق والتفكير .
اليوم أيار في مدرستها عصبية المزاج لا تطيق أحد وكلما سألتها طالبة تقول ظروف صحية حتى اثناء الدرس تراها سارحة الفكر شاردة الذهن فسألتها المدّرسة .. أيار .. ما بك .. الى أين وصلتي يا ترى .. منذ بداية الدرس وانتِ لستِ معنا .. ما بكِ ، أجابتها : ها .. عفواً مدّرستي .. ظروف ، أجابتها : عجبي عليكِ هذه السنة يا أيار .. كُنتِ في السنة الماضية نشطة تبرقين في الأجابة كل سؤال .. أما في هذه السنة قل نشاطكِ وضعف مستواكِ العلمي ، يا بُنيتي يجب أن ننسى مشاكلنا عندما نجلس على مقاعـد الدراسة .. ونتركها في البيت .. أجابتها : وكأنها انتبهت من غيبوبة .. عفواً مدّرستي .. ومن قال لكِ بأني أعاني من مشاكل والعياذ بالله .. قلت لكِ ظروف .. واقصد ظروف صحية وعكات صحية وسأذهب عصر اليوم الى الطبيب ..أجابتها : أريدكِ أن تكوني نشطة هذا الذي يهمني .. ثم ربتت على كتفها .. واستمرت في اداء عملها التدريسي ، هذه المدرسة طيبة القلب اسمها الست أنغام تدرس مادة اللغة العربية ، تعامل الطالبات معاملة جيدة ، ولا تغلظ عليهن مهما حدث في الصف من شئ ، فأحست بالضيق عندما لفتت المدّرسة انتباه الطالبات لها .. بسؤالها هذا ، وصدى كلام والدتها يكادُ يضرب في أركان القاعة .. سأقتله سأقتله .. لو كلفني ذلك حياتي لا أطيقه …لا أطيقه سأقتله وحال إنتهاء الدرس تجمعت الشلة حولها يسألنها عن حالها فأجابتهن بهدوء وروية وعكات صحية ، ثم خرجت للساحة مستأذنة لا تستطيع الإفصاح عما يجول بخاطرها من مآسي وهموم وكل الطالبات ينظرن إليها وهي خارجة .
فذهبت الى الساحة وأختارت المكان الذي كانت تجلس فيه قرب أنصاف لتفرغ نفثات صدرها دون ان يسألها أحد عن همومها ، وبينما هي كذلك فإذا بسبأ تأتي قادمة إليها وتجلس قربها ، تفاجأت أيار بهذه الموقف فنظرت إليها نظرة تساؤل دون ان تنبس بكلمة ، وكان لها الموقف وقع جميل ورائع على أنصاف التي تعبت بالجمع بينهما دون ان تفصح عن هذا العمل ، فترى اليوم بأن الثمار أينعت ، لكن الوقع الأسوء على هبة ومجموعتها التي اعتبرت الموقف وكأنه قصمة ظهر وورقة رابحة استخدمتها هذه الغريبة لإقصاء أيار عن سربها وإستمالتها إليها ، لا سيما وأن أيار ستقارن بين المواقف ، فكيف ان سبأ سبقتهم بهذا الموقف ، فقالت سبأ : لا تعجبي يا أيار فقد سمحت لي المدرسة بأن أكون معك بعد أن أستأذنت منها .
أيار : لا داعي يا سبأ مجرد صداع ، فلا يفوتك الدرس .
سبأ مبتسمة : الصديق وقت الضيق … ثم ستشرحين لي ما فاتني أوليس كذلك ، ثم قالت بفتور بإمكانك الوثوق بي ان أردت ذلك … وسأكون عند حسن ظنك .
أيار:أشكرك على اهتمامك لقد بحت للجميع فالأمر صحي ولايستوجب كل هذا العناء.
سبأ : لكن معذرة … كما يقول المثل ( يعرف الكتاب من عنوانه ) يبدو إنك ترزحين تحت وطأة هم كبير .
أيار : تكهناتك خيالية وغير صحيحة … ومن جرب الألم يعرف ذلك .
سبأ : اتمنى لك كل خير الدنيا والأخرة فأنت شخصية جديرة بالتقدير .
أيار : أشكرك سبأ وأنت أيضاً جديرة بالإحترام والتقدير ، وأنا أقيم تصرفك الرائع هذا الذي حقيقة كنت أتوقعه من اخريات … ولكن … فلك مني كل الثناء .
وفي هذه الأثناء زخت السماء زخات جميلة رائعة وكأنها جاءت لتجلي الهموم فلم تتحرك أي منهن وبقيتا مكانهما ، وكان في السماء مجموعة من الطيور تحلق بشكل يثير الإنتباه والإعجاب فعلى الرغم من زخات المطر فأن الطيور تواصل تحليقها لأنها تشعر بالسعادة متناسية طاقة ريشها ، كان منظراً رائعاً ، فقالت سبأ : والله أني لأستشعر بسعادة تلك الطيور التي تخفق بأجنحتها على وقع المطر ، أوليس كذلك … فأجابتها : يا ليتنا خُلقنا طيوراً … لننأى بأنفسنا الى نهاية العالم .
سبأ : ولمَ لا نستفيد من تجربة هذه الطيور .
أيار مبتسمة بفتور : وما هي تجربة هذه الطيور المسكينة وهل تعاني المشاكل مثلنا .
سبأ : يقول الله تعالى : {{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ … (38 ( }} سورة الأنعام ، هذا يعني ان الطيور أمم أمثالنا … أي لها مثل حياتنا وحاجاتنا كمخلوقات .
أيار : والله صحيح كدت أنسى هذه الآية ، ولكن لهذه الطيور ميزة على البشر ، فإذا ما أحست با لضيق تشغل أجنحتها وتطير بعيدا .
سبأ : طبعاً لا … ان الطيور لا تهاجر إلا مع سربها وإلاّ لما رأينا قبل لحظات مجموعة كبيرة تطير بذات الحركة وتحت زخات المطر ، فهي كالبشر تحب الجماعة وتنأى عن الأفراد .
أيار : والله صحيح … كدت أنسى أيضاً … الذكرى تنفع المؤمنين .
فإزدادت زخات المطر مما دعا بسبأ الى ان تنهض وتمدُّ يدها الى أيار لكي تنهض وتذهب الى صف قريب من الصفوف ، فإستجابت لها وراحت تمسك بيدها وهي تتمختر في مشيتها وعليها علامات الغرور كلها ، واكثر الظن بأنها رأت هبة وجوقتها قادمة الى أيار ، فتصرفت بهذه الطريقة كي تغيظها،وعندما وصلت رأت أيار تتمشى برضا وسبأ وسرور وكلها أذان صاغية لأحاديث سبأ وفوق كل ذلك تمسك بيدها وكأنها تحتضنها بعشق فأجتمعن حولهما هبة وهند ولينا وأنصاف وهيفاء .
هبة : حبيبتي … قلقت عليك ِ … طمأنيني عليك رجاءً ؟؟ وعيناها مصوبتان الى يد سبأ ورضا أيار .
أيار بهدوء : ان بخير .. لا داعي للقلق .. اهتمي بدروسك … أفضل .
هبة : أيار … انا طلبت من المدرسة الخروج لكنها رفضت واسألي الطالبات .
أيار بعدم رضا : لم أعتب عليكِ … على راحتك .
أنصاف : لكن الحمدُ لله … المدرسة لمحت قلق سبأ عليك فأذنت لها بالخروج .
هيفاء : انا أطمأننت … عليك … ما دامت سبأ قربك … فعندها كل الحب والأمان .
أيار مبتسمة : ولماذا ؟؟ لم تستأذني أنت بدل أنصاف .
هيفاء : أواه … أتريديني ان استأذن وهل تعرفين فيّ الجرأة حتى اقف امام الطلاب واستأذن ، ثم أنا رأيت سبأ جازفت وخرجت مضحية بدرس الكيمياء لأجلك ، فضلاً عن اني بالكاد افهم الدرس من المدرسة .
هبة تهمس في أذن هند إنظري الى الأفعى كيف تمسك يدها وكأنها مهتمة بها .اجابتها : نعم أرى فأنها داهية وزنديقة لأني سمعتها قبل مدة تقول للبلهاء بأن لا تستسيغها ، اجابتها : اعرفها جيداً فأنها تناصبنا العداء غيرة منا لأننا أفضل منها بمئات المرات بخفة دمنا وفكاهتنا ، فرن الجرس معلناً عن بدء الدرس التالي فسرن متوجهات الى الصف وسبأ تنظر بنظرات حاقدة الى هبة والذي زادها قوة وضراوة مواصلة أيار معها والتي لانت لجاذبيتها وبرقتها ودهاءها وقوة أسلوبها وحلاوة حديثها وجديتها وابتعادها عن أحاديث اللهو والضحك والتهريج والمبالغة ، فضلاً عن اهتمامها البادي للعيان وقد سبقت الأخريات وبإصرار،وانها تنأى بنفسها وبترفع عن السجالات والمهاترات،وهكذا كلُّ منهن تتحدث على إنفراد ولم تفلتها حتى وصلت مقعد الجلوس.
أنصاف : أنا فرحة والله لقوة تواصلكما فأنكما تليقان لبعضكما البعض ، وتلتقيان في جوانب ايجابية كثيلاة ، فلكما ذات الثقافة في الحديث وصدقه والطيبة والأخلااااااااق والإبتعاد عن الإبتذال في القول والفعل .
وحال عودتها للبيت قررت البوح لمروة عن كل ما سمعت علها تجد حلاً لمشكلتها أو لعلها تعرف شيئاً عن الأحداث التي تدور في البيت من خلال والدتها فاطمة جلست قليلاً في غرفتها وأخذت تكلم نفسها أنا قلت لابد وراء كل هذه الأحداث الغريبة التي تحدث سراً غريباً والمشكلة أن أمي أنكرت عليّ كل هذه الأحداث وأتهمتني بسوء الظن والتدخل ، فأخذ شريط ذاكرتها يسترجع الأحداث التي جرت بينها وبين أمها والكلام والتهديد والوعيد الذي سمعته بأذنها ، فنهضت مسرعة متوجهة الى مروة .. ثم أستدارت فجأة .. وقالت لأ تأكد من وجودها في البيت أولاً قبل أن أذهب إليها ورجعت وجلست على الكرسي وأجرت إتصالاً معها وتأكدت من وجودها ، وما هي إلا دقائق حتى وصلت الى غرفة مروة ولم تسلم على زكية حتى .
أستغربت مروة بقلق : ما الخطب ؟؟ أجابتها : بعد أن تنهدت أنا أنوء بحملٍ ثقيل لا أقوى على حمله مشكلة عسيرة ومريرة ليس لي طاقة على حملها سأقص عليكِ كل ماحدث .. وكل ما أعاني منه .. انقبض قلب مروة … تجمد الدم في عروقها ، تكلمي ارجوك أخذت الأفكار تراود مروة لعل هبة أوقعتها بمصيبة فراحت تتكلم والعبرة تخنقها هُنيهة حتى انهمرت الدموع من عينيها .. سألتها بتوتر : أهدئي أرجوك أهدئي بحق السماء تكلمي ماذا دهاكِ والدموع أيضاً ترقرقت من عينيها لا بأس أطرحي دموعكِ المحبوسة ثم بعد ذلك تكلمي .. ثم نهضت خارجة لتحضر لها كاس ماء .. ليروق بالها .. أحضرت كأس الماء فأستخرجت من حقيبتها منديلاً ومسحت به عيناها .. ثم شربت قليلاً من الماء ووضعت القدح واخذت تفرغ همومها واحزانها من الأحداث التي جرت مؤخراً في البيت .. وعن غرابتها وكيف أن والدتها لم تعطها اجابة مقنعة .. وكيف سمعت الحوار الذي دار بين والديها .. وكيف أن أميمة مصرة على القتل ولو كلفها ذلك حياتها .. وكيف كان موقف والدها أزاء ذلك .. ومسألة المستشفى .. وتظاهر أمها بأنها مصابة بإلتهاب اللثة وغير ذلك .. ومروة واضعة قبضة يدها على خدها وكلها أذان صاغية لما تقول .
… يتبع