يد بيضاء
يدي بيضاء ، ونظيفة ، وأردتها أن تبقى بيضاء ونظيفة ، لكنها مع اشتداد الحرب راحت تتلوث بالدماء ، والآن لم تعد يدي بيضاء ونظيفة ، ماذا أفعل ؟ هل أقطعها ؟
رفض
ألقيتُ على بيت وسط المدينة ، فاخترقتُ السقف ، واقتحمتُ إحدى الغرف ، وتلفتُ في الظلام باحثة عن الأعداء ، فرأيتُ امرأة مسنة ، وفتاة شابة ، تحضن طفلا وطفلة ، وتحميهما مني بجسدها ، أهؤﻻء هم الأعداء ؟ فإنغرزتُ في الأرض ، ورفضتُ أن انفجر .
جندي
رأى جندي امرأة عجوزا ، تسقط في الشارع ، فترك موقعه ، وقلبه يخفق عطفا عليها ، وأسرع لنجدتها ، ورآه قناص ، يتربص وراء بندقيته القاتلة ، فأطلق عليه النار ، وأصابه في قلبه .
الحارس العجوز
على عادته كل يوم ، استقبل الحارس العجوز ، طفل الجيران بأعوامه الأربعة ، فوضع بندقيته جانبا ، ومد يديه المحبتين ، وضمه إلى صدره ، و ..
وجمدت عيناه ، فقد برز فجأة مسلح يغطي وجهه بكوفية ، والطفل الصغير لصق قلبه العجوز ، فأنزل الطفل بهدوء ، وقال للمسلح : أتوسل إليك ، يا ولدي ، دع الطفل يبتعد عني أولا ..
وقبل أن يكمل الحارس العجوز كلامه ، أطلق المسلح رصاصة ، أصابت من الحارس قلبه العجوز .
الحرب الدائمة
ابني عمر ، كنا نخبئه في مكان آمن من البيت ، عندما تأتي الطائرات الإيرانية ، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ، والآن ابني عمر يخبىء ابنه الصغير محمود ، في مكان آمن من البيت ، عندما تتساقط في جحيم حرب الموصل ، قنابل الهاون وصواريخ الطائرات وزخات الرصاص ، ترى أين سيخبىء محمود ابنه الصغير في المستقبل من الحرب الدائمة ؟
مدينة الألعاب
مدينة الألعاب في مدينة الموصل ، تطل على نهر دجلة ، يسودها الآن صمت القبور وحزنها ، وبدل أن تسمع فيها زقزقة العصافير ، وكركرات الأطفال وأفراحهم ، يصم الأسماع أصوات الرصاص والقنابل والصواريخ والطائرات الحربية .
بابا نويل
أعياد الميلاد تقترب ، تقترب جدا ، ومن جديد سيولد الطفل في المغارة ، وستهل أفراح العام الجديد ، وسيمر بابا نويل على أطفال العالم ، ويقدم لهم هداياه ، لكنه لن يمر بمدينة الموصل هذا العام ، ولن يقدم هداياه لأطفالها ، فهو ﻻ يمر بالمدن التي تشتعل فيها نار الحرب السوداء والدمار .
السيف والنغم
وسط الرصاص و القنابل والصواريخ ، وغيوم المعارك السوداء ، وقف أبو تمام فوق منصته في كورنيش الموصل ، ينشد متحمسا : السيف أصدق أنباء من ..
ومن منصته ، قرب محطة قطار الموصل ، قاطعه ملا عثمان الموصلي قائلا : كلا ، يا أبا تمام ، النغم أصدق ، ففيه الخير ، والمحبة ، والجمال ، والسلام .
منارة الحدباء
ازداد انحناء منارة الحدباء خجلا ، وهي ترى الكتب تمزق ، وتقدم طعاما للنيران ، في الموصل .
الحمامة
جُنت النار مستعرة ، وهي تلتهم الكتب ، التي ألقيت إليها ، في محرقة الموصل ، وامتدت ألسنتها إلى كتاب للأطفال عنوانه ” الحمامة ” ، وما أن مسته ، حتى طارت الحمامة البيضاء من الغلاف ، وحلقت بعيدا ، وهي تقول : لقد قتلني الصهاينة في فلسطين ، ﻻ أريد أن أقتل ثانية في الموصل .