صباح محسن جاسم: يحيى السماوي يحط من على بساط الصوفية ويذرف الشعرَ في كربلاء

من هي أميرة عشقه التي لا تسمى ؟!
قنص/ صباح محسن جاسم
منذ ” عيناك دنيا” مرورا بتسع عشرة محطة حياتية وحتى ” بعيدا عني … قريبا منك ” ثابر السماوي الشاعر الكبير على نزف ما تبقى من روحه المتجددة   .. ما أقسى نزيف الروح!.
كان لدعوة الأستاذ الأديب حمودي الكناني عبر تعليقاته في موقع مؤسسة النور ,علامة وعد جاذبة جاءت بكانجارو يحيى الأحمر من استراليا قافزا بالفارس السومري ليحط  في كربلاء وفي احد الأحياء الشعبية المحببة ليحى .. محاذاة شارع المركز – والمركز يعني موقع الشرطة , حيث يتنفس الكناني اشعاره وقصصه وفي احايين كثيرة هلوساته بما فيها سوحانه الليلي عبر فضاءات لا يفصح عنها فتدخل الشرطة في انذار من نوع ” جيم”!.
جاءنا مكتشف التي” لا تسمّى” في رحلته السندبادية  الثالثة بصيد صوفي وفير , فشباكه لم تحمل سواه وباقة من كتب بلون غابة من موز وزيتون , صناعة الفنان د. مصدق الحبيب, وظل أمرأة يتشبث بعيونها .. ومن وراء تلكم النوافذ الصغيرة تستصرخنا أصابع يديه القابضة على مجدول الشباك من ثم تتطلع الينا عيناه الذاهلتان ذهول بحر سجين  بدمعه معلقة على هدب.. عيناه تلوّحان بتعاشق مع خضرة تلكم الغابة فتزاحمت على ازهارها سفيرات نحل العسل.
“ييا” كما يطيب للأوربيين مناداته أو يحيى – كما يلذ لنا – جاء هذه المرة باحثا عن بقايا  حبله السري او اثر لـ ” سرّته” التي نهبها من بين ما تبقى منه , عسس نظام  أجهل ما في جهالته اقصاؤه للآخر.
السماوي الحالم  ما يزال في عشقه الفاضح لمكنونه  وما فتيء يغني مع فيروز وطنه ” بتظل الليالي وتروح الليالي بعدك على بالي .. يا حلو يا مغرور يا حبق ومنثور على سطح العالي “.
عرفت فيه قبل صفة الشاعر إن ما احتج وتذمر انما يفعل ذلك في الضد من ظاهرة ليس الآ, لا يريد لها أن تسود فتميت أزاهير شجرة حلمه الشبوي , يغضب بدافع الحب فلا يستعين بالصبر والصلاة  فحسب بل بالنصح الدال وعلى طريقته وبالعمل المثمر الجاد.
واذا ما عشق أمرأة فهو لا يعنيها بعينها بل يعشق جنسها وسر صناعتها وامتدادها المعطاء إذ هي ليست مجرد ثمرة نضجت وختمت بايصال لغائيتها انما يتابعها منذ اول مشوار خلقها ويجاهد في تنسّم واستنشاق ذات الروح التي استهوتها قبل أن تكون وعبر كل تمظهراتها الوجودية.
هذا المشاكس المتمرد والمعاند المكافح السومري قبل أن يضع درع الساموراي ويتذوق جعة الرز , يبحث عن ملمس شراكة مع كينونة الشيء .. فلا غرو كل ما عاناه لأنه ابتدأ صادقا يتحسس سر وجوده كشاعر عبر انثى المجهول الشعري , حيث يكمن فيها السر الألهي الباعث على الخلق والحياة , هي في ختام الجدل, منهل الشعر – الأبداع  ومستحاثه.
وعلى الرغم من كل التحذيرات فقد دافع يحيى عن الذائقة الشعرية فلا غرو إن تبعه ” الغاوون” ولكن بتلمس ووعي للحقيقة التي هي ( مرّة) على شفاه مدخني السطحية في الشعر. هو ذا المعجّل لصيرورة الأشياء .. لا يستهويه بطء الحراك ابدا فيعلن تمرده لأنه العارف تماما ان الشعر يتنفس طبيعيته المتمردة , ذلكم الديالكتيك بسحرية الشعر.
الشيخ – الفتى المتواضع الرافض لمسميات  الأستذة في الشعر لا يسوّغ له عدا مسمى  الشاعر العاشق المكافح للظلم والظلام.  فهل هو حقا الأخير من عشاق الساموراي – كما قدم له د. حسين سرمك حسن , الناقد والأديب المعروف لإصداره الجديد ؟
والساموراي – لقب لصفوة من محاربين يابانيين سبعينيات القرن التاسع عشر تبنوا مبدأ الروح اليابانية المقاومة لمسخ الشخصية الوطنية . هو المكافح للظلم والمستكشف لقدره.
وساموراي يحيى يعلّم الخطائين بحق الغير أن يخجلوا من انفسهم . ذلك  مستدرك حسّي يكشف مبلغا  من الرقيّ. وتلك محاولة لا بد منها للتأسيس إلى مصالحة مع الذات قبل أي شيء آخر.
أمرأة يحيى تبدأ من حواء ولا تنتهي بالزهراء المانحة لرموز الكفاح والمضحية بالجسد الفاني. انها المرأة العراقية بامتياز. المرأة المانحة على طول خط الحياة وما بعدها , والشقيّة المكلومة .. العاشقة الطموحة  والغضوب. هي النار الأزلية المتقدة دوما بالحياة. يحيى ينبهنا كيف نعشق ومن.
التقاه النوريون في صومعة القاص الكناني حمودي. عشة ازدحمت بعشرين من الأدباء النوريين على وليمة غداء كثيرا ما وعد بها الكناني وفاز على اقامتها من بين فكيّ الشاعر سلام كاظم فرج والباحث  الأديب علي حسين الخباز. وعلى ما يبدو أصرار الكناني على ” العزومة” يقف وراءه دافع اسقاط تهمة الصقت به تواضعا , وما ان وجد في نفسه متسعا للوقوف على دكة الشعر حتى عزف عن رفقته للزوري مستميلا السمك القطان والبنّي . ترى هل سينزع عنه المغرضون صفة الزوري ؟ شخصيا أشك في ذلك لسبب بسيط انها صفة لازمت حظه. هو المحظوظ بلمة هؤلاء النوريين ومن دونها تلازمه الوحده و ” العراك” مع الذات !.
أجمل ما في هكذا لقاءات هو التعرف على اخوة عراقيين  نتحاور معهم ممن تمر ايقونات ما ينشر لهم دون وقفة منّا متفحصة.
كم نحتاج لنتعرف على اخوة لنا من العرب وممن جاورنا وجاور جوارنا من شعوب لها تجاربها وجماليات تناولها للجميل من حياة؟
تلك مسؤولية حياتية ووطنية تقف على ابواب وزارة الثقافة كي تفعل فعل ما أقدم عليه زميلنا الكناني الذي جمع – على حد قوله – ما بين مختلف شرائح والوان المجتمع العراقي .. والذي يزجي وقته الآن في صيد الدرّاج .
ومع خفق اجنحة النوريين تزدحم العشة بالوافدين فها هو ذا الناقد والأديب علي الخباز يحط وزميل نفوز بالتعرف اليه من بين تدريسيي جامعة بغداد الأستاذ الحداثوي الدكتور أمجد. وكذا الحال مع الطائر الغرد الأديب والأعلامي علي حسين عبيد . وكما لا يخفى قمر الشاعر ميثم العتابي صاحب الألواح الشعرية .
يحيى في الطريق الى العشة. وهناك وفد بغداد بقيادة قائد السرب الأعلامي الرائع يعقوب يوسف. اما اصدقاء الأسكندرية والمسيب فقد حلوا مبكرين , الناقد والشاعر ابراهيم الجنابي والشاعر والقاص سلام كاظم فرج والأديب صباح محسن جاسم. من كربلاء حضر الأعلامي والشاعر سلام  محمد البناي ورأس الفتنة حمودي الكناني – المعزّب –  والأخ علاء الكناني . ومن وراء – الشكك- الأستاذة علياء صاحبة الفضل الكبير في اضفاء المذاق الخاص بشواء السمك .
كما استبق الحضور زميلنا المترفي راضي والذي سيترف الحضور باقتحاماته ومشاكساته. وبالمثل الشاعر علي العبودي والأعلامي الناشط فراس حمودي الحربي وكامرته الغامزة كل حين.
المائدة المستطيلة شرعت تضيق بالحضور. فها هو يحيى السماوي يصل بعد الثانية ظهرا وبرفقته طائر اتحاد ادباء السماوة الشاعر أياد أحمد هاشم – باصداره الجديد ” يا حدود الغريب ” والشاعر قاسم والي  المتفائل والمعاند  كذلك الفنان ماجد وروار كما رافق الوفد أخوا ام الشيماء حبيبة وزوجة يحيى. اذن هناك من يراقب تحركات يحيى بدعوى رعايته!
تلقف رادار الكناني قدوم صباح محسن كاظم من الناصرية. الإتصالات الهاتفية بدأت في هز لوامسها الرنانة.
أم الشيماء تطمئن على سلامة الوصول وسلام جميل وامتنان للحضور.
وكعادة النوريين اذا ما اجتمعوا , يسبقهم حديث الأدب وتقتحم السياسة كما لوازم المطيبات.
أنا استغرب – يبادر يحيى – كثير يسألون من تكون تلك التي ” لا تسمّى ” ! بينما هي واضحة وكائنة.
ثم يستدرك : ” ولكن من هذه المرأة التي هربت معي الى تركيا ثم الى بلغاريا والى الأتحاد السوفيتي ؟ ”
قاطع زميل : ام الشيماء ومن غيرها ؟  فيجيب : هي ليست زوجتي وهي زوجتي. هي وطن من دم ولحم  وهي أمرأة من ماء وتراب وضوء.
يشاكسه المترفي راضي : صف لي لون تنورتها كي اقول لك من تكون.
يعاود السماوي : انا ازعم انها موجودة فعلا مثل سمكة تحرك ماء بحيرة ما.
فهل هي حقا خارج كل ذلك المسمّى؟
مما قاله يحيى انه سيوقع كتابه الجديد وسيشهد حفل ذلك قريبا في دمشق.
•-    طبعا كوني اعرف يحيى من اربعين عاما فلم يخيب حدسي من معرفتي لأميرة عشقه التي تعذب بسببها وتعذبت لأجله لكنني احببت مواصلة متعة الأستكشاف-
ليبادر المترفي راضي باقتحاماته أو بالأحرى إقحاماته:
•-    اتصل بي مندوب قناة العربية مسؤول ملف العراق يطلب بعض اسئلة نوجهها الى السيد مقتدى الصدر تخص الوضع في العراق!
تبادل الحضور النظرات حتى تقدموا بأسئلتهم:
•-      متى نسعى جاهدين لتغليب الجانب الوطني على باقي التقاطعات والمفترقات ؟
•-   ما هو البديل المخطط له عند مغادرة القوات الأمريكية وكيف تكون صيغة التفعيل؟
•-     تعليق:
•-    الأميركان لن يغادروا .
•-     الأمريكان يلقبونه بـ موكي.
•-     دعني أفكر , لنؤجل السؤال بعد الغداء.
•-   الكل ثوار بما فيهم مقتدى , من هم القادة اذن؟ التيار حدد ملامح ثلاث حكومات وساهموا بتشكيل حكومات فاشلة لم تفعل شيئا.
•-     سؤال : لم نحن متشبثين بالمهدي المنتظر ؟ الى متى ننتظر بهكذا سلبية حتى يصل الينا المخلّص ؟ لم لا نبادر ونعمل على ايجاد الخلاص بانفسنا ؟ لماذا هذا التعجيز والهروب من الواقع؟ألا يعني هذا في ما يعنيه شل العقل العراقي والأتكاء على حلول غيبية مؤجلة؟
•-      هذه المؤسسة الدينية تدعو للأحباط .
•-     انتم في الحكم واسستم لثلاث حكومات فاشلة  .. لماذا تتصرفون كمعارضة؟.
•-     يرى المتابع انكم في التيار تعانون من ازدواجية, رجل في الحكم ورجل في المعارضة , علام هذا التناقض !
•-    ما الأجراء الذي اتخذتموه بحق سلوك ممثل كتلتكم في البرلمان بعد اساءته لزميل له مشارك في العملية السياسية علما ان ذلك السلوك قد تكرر مؤخرا وداخل البرلمان ؟
•-       شعبنا ” المغفل” هو من صعّد رجلا  تاجر شنطة في لندن ليتبوأ موقعا متقدما لا يستحقه! هذا شعب تليق به هكذا نوعيات.
•-   العراق ليس بمعزل عن  التأثر بتداعيات ما يجري في البلدان العربية فالمكاسب الضئيلة عرضة للتلاشي اذا ما بقي الوضع الخدمي على حاله وامام تنامي التجاوزات الفردية والجماعية وتنامي آفة البطالة كما ان التردي في الأوضاع الأقتصادية- الأجتماعية وما يرافقه من احتقان وتوترات اجتماعية خطيرة يعود اساسا الى نهج المحاصصة الطائفية والقومية السيء الصيت. الصراع على السلطة والنفوذ والثروة لن يوقف التوق العارم للتغيير والأصلاح والديمقراطية الحقيقية لا الشكلية.
•-    البعض يستغل الديمقراطية لمجرد الوصول الى الكرسي دون أي اعتبار للشعب. هل لاحظتم كيف يتحجج المسؤولون باحالة الأمر الى لجنة وهذه الأخيرة تحيل الأمر الى لجنة أخرى حتى يضيع الأمر تماما. مع ذلك فارادة الشعوب التواقة الى الحرية والكرامة والسيادة التامة ستنتصر في نهاية المطاف.
طبيعي يحيى لم يتقدم بسؤاله فقد شغلته مداخلات أدبية وبالذات مشروع تخرج لأحد الطلبة بعنوان – القرآنية في شعر يحيى السماوي -.
كما واصل دكتور أمجد  حميد عبد الله الحديث عن مشروعه القاضي برفع الحواجز بين الجامعة والحياة  :
– دعوت أن تكون الجامعة منتجة انتاجا صحيا من ذلك أن تكون المشاريع بمثابة صلة ربط بين المشاهد الثقافية العراقية وغيرها والجامعة كما أصدرنا سلسلة لأدباء شباب بأسم النافذة بباكورة جهدنا – جماليات التوليد في الشعر التفاعلي. أما الأصدار الثاني فقد بقي اسير مشروع طباعته وقد توقف للأسف بسبب انحسار الدعم المادي.
حاليا نعد لمؤتمر دولي  عن الأدب التفاعلي يدخل في نظرية الأدب والنظرية النقدية مع بعض . كما ركزت على ظاهرة المرأة والكتابة.
ومن اجابة يحيى لسؤال الدكتور أمجد التميمي أوضح انه مغادر العراق الى الشام بعد يومين لمناسبة توقيع اصداره الجديد .
هذا واعتذر الدكتور التميمي عن عدم جلبه لأصدارين صدرا مؤخرا في لبنان بعنوان-  نظرية تفاصيل الحواس- ومقدمة في النقد الثقافي التفاعلي – ووعد ارسالها ليحيى في البريد قريبا. ويتبادل الأديبان الـ ايميلات.
المترفي يناول يحيى جهاز الموبايل وسلام على جناحي فراشة ملونة من قبل الشاعر جابر الجابري :
“مرحبا يا أخي , كيفك يا سيدي عساك بخير …. استاذ جابر انت انسان نبيل وانسان طيب وبارك الله بك واسأل الله ان يمدك بما تستطيع بمطر من المحبة  للشعراء  العراقيين فهم بحاجة لرعايتكم. سأأتيك ان شاء الله لأقبّل جبينك.”
تنوع الحديث وفاز الأدب بمشاركة الجميع. جيء على ذكر طريقة المشاركة بين اديب وآخر في الكتابة التزامنية كأن يكون في القصة او النص الشعري.
الشاعر أياد أحمد هاشم رئيس اتحاد أدباء السماوة بحلو معشره ينتهزها فرصة لغمز الكناني  : كل واحد من الأدباء يختار ثنائي قصيد او ثنائي شعر , كلمن يختار حبيّبة حليوه , وتخيل ان ثنائي الكناني هو علي العبودي.
يدافع الكناني : ستنزل قصة مشتركة بيني واحدى القاصّات لا تتوقعها.
يعقب السماوي : كتجربة جميلة ولكن لها محاذير . ما ممكن ان تكون انت والآخر على نسق واحد سواء على مستوى القص او الشعر. لذا جاءت رواية عالم بلا حرائق أقل مستوى من السفينة لجبرا او كتابات عبد الرحمن منيف , لأن لا بد ان يتنازل أحدكما للآخر. الشاعر ليس نجار موبيليا.
يدافع الكناني : لا .. اشتغالنا كان مع القاصة والروائية حوا سكاس , فاقترحت العنوان وشرعنا بالكتابة المشتركة .. احيانا مثلا تود ان تستعيد ماضيك.. يطرح موضوع البراءة , كنا نسبح بناتا واولادا دون تعقيدات. كتبنا عن مشهد الشاطيء.
(تلفون من الشاعر محمود داود برغل وتحية للحضور)
ويلخص الصديق أياد أحمد هاشم عدم نجاح مثل هذه التجارب:  انك تكتب عن عوالم هي غير عوالمي .. لو تعمل ثنائي مع علي الخباز فسيعطيك أرغفة غير ارغفتك.. تلك عوالم مختلفة. ما ان تمر بمستشفى أو مركز للشرطة فسيحفز المشهد رؤى وافكار هي غيرها التي لدي.
يقاطع الباحث علي الخباز موجها تساؤله الى السماوي : الاحظ من تجربتك مع النوريين  خاصة النوريات انك تقسو احيانا مع البعض او تكون دقيق في المراقبة؟
•-      عندما تحب النص وتريد ان تنصح الآخر فأكويه. لأن هناك من البعض من يشتم نفسه دون أن يدري , ما ممكن لأديبة أن تمتدح الآخر فيما هي تشتمه. استخدام الحرف عليك  واليك يؤثر تماما على معنى الجملة. يؤلمني احيانا حين أقرأ لأديبة وتصدمني بعض اخطاء اللغة فاتساءل مع نفسي : هي شاعرة جيدة ولكن كيف فاتها مثل تلك الهفوات؟
مثلا انا عدو عليك .أو انا عدو لك. اللام للمصاحبة اذا انا لك  ضد عدوك.
ثق ثلاثة ارباع ما ينشر في النور والمثقف وبالصحافة هو غير صالح للنشر ايام الصحافة الورقية , لأن كان هناك مدقق. وربي  يوم من الأيام في طريق الشعب بهذلنا فائق بطي  لنشرنا احدى القصائد بسبب أن  الشاعر استعمل حرف جر “الى”  بدلا من “على”.
أخي اليوم تجد من يكتب (مفعول به منصوب) و(مضاف اليه مرفوع) ؟
يغمز الكناني : يصير يصير .. ابا الشيماء المرفوع احسن من المنصوب!
ويتداخل الشاعر أياد مستفزا : بعض الأسماء من العنصر النسائي يكون لها ابو شيماء مجاملا  والبعض الآخر يكون معها نار وحديد. يضحك سلام كاظم فرج معلقا : يعني تكيل بميزانين.
يدافع يحيى :  لدي شيئان: لا يمكن ان احب اخي واكره ربي . مستعد ان اضحي بأخي ولا اضحي بمبدأي وضميري.
انا اختصاصي بنية اسلوبية. كل الذين يكتبون باسماء مستعارة اعرفهم. واحد يكتب في النور لديه سبعة اسماء مستعارة. وحدة عندها اثنين. واحد لديه خمسة واثنين منهم يحملون شهادة دكتوراه وآخر ينشر صورة لشخص آخر بأسم مستعار ويمتدح نفسه. هذا اغتيال للحقيقة الفنية.
قلت للبعض ليس من المعقول كتابة قصيدة كل اسبوع ثم القصيدة كلها من المجزوء الكامل وتعاني من زحاف خفي ! او البعض الآخر يخضع لشخص أكثر مما فيه. عندما مات محمد بن عبد الله لم تنقلب الدنيا , فكيف تخاطبين انسانا : اذا انت تروح.. لولاك فلا شمس ولا مطر .
فبعض الأسماء ترتاح لها ذائقتي مثلا فاطمة الفلاحي شاعرة جيدة لكن مشكلتنا لدينا حذر حين نتعامل مع المرأة , لم أكن اعرف انها عراقية , قلت لها لا تغلبي عقلك على عاطفتك. هي اكرمتني عملت لي قصائد في برنامج كمبيوتر كذلك الأديبة فاتن نور والشاعرة بلقيس الملحم. بلقيس الملحم شاعرة ممتازة لكنها تميل للرواية والقصة , تمنيت ان اكتب مثل قصائدها الثلاث غير المنشورة. فليحة حسن اكثر شاعرية من كثيرين فهي تطير مع السرب لكنها تنشد بحنجرتها الخاصة. هي قامة شعرية.

أدونيس في جلسة من جلساتنا انتبه الى قصائد غير منشورة لبلقيس الملحم. شعر مذهل. فيها تناص مع القرآن وخروج على غرار اخوان الصفا. ورسمية محيبس زاير منهل شعر . آمال ابراهيم شاعرة ومترجمة جيدة. علق الناقد ابراهيم الجنابي : هي شاعرة جيدة لغتها عالية لكنها تكتب بثيمة واحدة مشتركة. ويضيف راضي المترفي : هي تدريسية وتلمس جوانب تربوية في طروحاتها. فيواصل السماوي : لديها لغة عالية ونحو قوي جدا.
طبعا من يرغب السؤال عن الأنتماءات العشائرية للأديبات قبل الأدباء ما عليه سوى سؤال الكناني .
ينبه دكتور أمجد التميمي :
“اخوان دكتور مشتاق عباس معن , الشاعر يسلم عليكم جميعا وطلب مني طلبا صعبا ان اقبل جبهة السماوي , زين هو قامته عالية فكيف سأنفذ طلبه ؟ ” يعترض الكناني : قل له بفلوس وليس ببلاش !
يطرح دكتور امجد في معرض حديثه عن تقديم نقاد جدد : لا احد يدعم المشروع, لدينا عشرة بحوث حصلت على الأمتياز وفيها طلاب يعشقون اللغة. مشروعي تحويل الجامعة بامكانياتها المتواضعة الى منتج حياة. ربط بين المشاهد العراقية الثقافية والجامعة. اصدرت سلسلة اسميتها النافذة . وتقدمت بطالب نبه وممتاز ورشحته ضمن السلسلة  وهذ احد طلابي المتميزين كتب عن القرآنية في شعر يحيى السماوي.
يسأل الكناني : هل الجامعة في الوقت الحاضر كائن حي؟
يجيب د. امجد بالسلب ذاكرا  لوكانت كذلك لما دعونا لهذا المشروع. الأن تجد عشرة بحوث مقدمة عن المتنبي , حياته وشعره مثلا- منقولة من مقهى واحد للأنترنيت. هذه ليست منتجا حيا. حقيقة نعاني من ثقافة قبائلية في الدين والسياسة . مؤسساتنا قبائلية. يبقى المثقف كوجود مشلول.
في معرض بغداد للكتاب كان لدينا محاضرة عن المرأة والكتاب . قلت نحن لا نوفر سياقا صحيا للمرأة بل مقتصر على وصايا أفعلي ولا تفعلي فزعل البعض من كلامي.
على ان الكناني لا يرتاح له خاطر الآ ويقذف بأسئلته ” النووية” على حد تعبيره : اريد فعل امر من الفعل – يقري –  للمخاطب الأنثى , بمعنى اطعام الضيف.”
يجيب يحيى منوها ان  هذا النوع من الأفعال سماعي. والأجابة هي : قريني. أما لماذا ألح الكناني على معرفة الجواب ؟ اشك في ان أحدى الأديبات  فكرت أن تختبرهه.
ويأخذ الحديث الى الطرائف والفكاهة فيبادر علي الخباز: مرة سهلت امر فتاة حليوه فزودتها بحاجتها من الخبز. احد الزبائن احتج  معترضا بحجة اني لا اعتني به مثل ما اعتني بغيره. فتحت له باب المخبز وجئت  به الى الداخل بمواجهة المرآة: قلت له تأمل وجهك . اصلع مثلي مخنزر , وتأمل تلك التي اعتنيت بها , شوف ربك كيف جمّلها. من برأيك يحق لك الأعتراض عليه ؟ ويقول ابو الشيماء ليش يجن عليّ مو عليك؟
يشارك الشاعر أياد متفكها: واحد راح للحج  عند المزدلفة بالغ برمي الحجارة على الشيطان .. فخرج له الشيطان واقفا الى جواره بينما هو منشغل برمي الحجارة . فهمسه : ما الذي جعل عينك بصيرة هكذا ؟ اجاب : من الله. ثم واصل: وما الذي بتر لك ساقك؟ اجاب: من الله. ومن جعل لك تلك الحدبة على ظهرك؟ اجاب: من الله سبحانه . حينها عنفه الشيطان: طيب عايف بيت الله وجاي شابعني حجار على شنو ؟
وسط فرحة اللقاء يعود السماوي للحديث عن الأدب وشجونه ومفارقات لا تنتهي في جلسة عائلية استثنائية في بيت الكناني مثل ما هي الجلسة الأستثنائية في اتحاد ادباء كربلاء والتي عوض بتغطيتها وأحسن زميلي وصديقي الشاعر سلام محمد البناي مخرجا وعريفا للحفل حين قدم السماوي بعد عناء مع مكبر الصوت فما كان من السماوي الآ الأسترسال بصوته المميز:
ايها الطيبون شرف لمثلي أن ينحني بود نقي .. لا اعرف عم اتحدث فانا ابن ام قروية واب  كان يبيع البرتقال على أرصفة المدينة … طردتني امي من رحمها قبل اكثر من ستين دورة شمس . علمني الجوع والسوط الذي نبش ظهري ما لم تعلمني اياه الجامعة. اؤمن ان وظيفة الشعر هي المساهمة في اضافة زهرة جديدة الى حديقة المحبة الأنسانية. او استئصال شوكة من حديقة المحبة الأنسانية . الشعر يجب ان يذود عن الفضيلة وينتصر للجائعين وللحقيقة وان يذود عن كل ما هو جميل. ربما بسبب ايماني هذا تحملت اقسى العذابات حتى كنت على مَبعدة اشبار من حبل مشنقة . غادرت العراق ولم يغادرني. غرست خطاي في اكثر من رصيف منفى بعد ان تنقلت في معتقلات العراق كما يتنقل عصفور من شجرة الى اخرى. الشعر بالنسبة لي ليس مبررا لوجودي ولكنه يضيف لوجودي معنى. سأقرأ لكم  شيئا  من الشعر او بشكل أدق مما أوهمتني كهولتي أنه شعر . ان وجدتم به شيئا من الشعر فالشكر لكم وان لم تجدوا فالعتبى علي ولكم علي حق العتبى  حتى ارضيكم باذن الله في قصائد اخرى لم اكتبها بعد. سأقرأ لكم شيئا من الشعر وان شئتم شيئا آخر فليس لي سوى ان أقول سمعا وطاعة.
الشاعر سلام محمد البناي  سرعان ما عاجله :  اذن ساستفزك سيدي في الشعر.
انت تقول: تصيح الأم  اذا سافرت وتغربت من الذي سيدفنني..؟ آخر أمانيها ان اكون من يغمط اجفان قبرها وآخر امنياتي أن تغمط بيديها اجفاني . كلانا فشل في تحقيق امنية متواضعة.
“شاهد قبر من رخام الكلمات ” ونحن قريبين جدا من ذلك القبر .. كيف لم تنفلت روحك ايها السماوي وانت قرب ذلك القبر , فما الذي تمثل لك هذه اللحظة , نريد ان نسمع منك.
الذي حدث انني خلال عملي في المعارضة العراقية  وقبل ذلك خلال  وجودي في عمل اعلامي ضد النظام , فرض عليّ أن أكون بعيدا عن أمي .. امي التي اشقيتها كثيرا حين كنت ينتقل بي من معتقل الى آخر  فتغربت عنها اكثر من عشرين عاما منتظرا اليوم الذي يهدم فيه المستنقع العفلقي فأعود لأقبل نعل أمي وليس يدها فقط. وحين عدت بعد اكثر من  عشرين عاما  فوجئت ان امي قد تدثرت بالتراب فلم يدع لي  الحب أن أقول لها تصبحين على عراق.
أذلني حبي  وجرحي الممتد  من جدائل النخل
الى أرغفة الشعب..
وحينما حاصرني الطغاة ذات ليلة
عبرت سور الوطن المعشوق

و… يبكي السماوي …………. ويتساقط العراق في قلبه.
هذا الطفل العجوز ,الكهل الصبي  والفتى السومري هل لما تزل تلك المعشوقة بخافية على مسماه؟ هي رمز العطاء .. حلمه , أمه  وحزبه الشيوعي والفراتين وما بين الحاء والباء .. أما كان له أن يختبيء في صريفة وكهف ؟ أو هو خبأها فعلا – تلك البطاقة الوردية الصادقة المعطرة بشذى الورد الجوري العراقي المكحلة برمزي المطرقة والمنجل !
علام تؤجل البوح بها تلك التي تقدسها وتخشى عليها حتى من المسمى؟ تلك التي لو بحت بأي حرف منها لتكدس الليلك في الدروب !
ايتها الفاتنة المعطاء  .. أما تبقي لنا يحيى يوما آخر .. حتى نحتفي معا بذلك الهوى الأبدي ؟
ايتها الشهيدات والشهداء .. الرفقة الحسنة .. هلموا هو ذا يحيى .. ذاته السومري  ” ييا ” !
ترى هل تجمعنا لحظات جميلة أخرى يا ” يحيى” ونزوغ من تحت عيني البوّاب خنياب لنمتع ناظرينا بأحداث احد الأفلام الهندية الشهيرة – سنكام – خاتمة ستينات القرن الماضي وصدى تلك الأغنية بين ركام ندف الثلج .. ” أيّا يا سوكو سوكو …”!
بول رادا بول سانغام (sangam)

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *