قصائد للشاعر الدنمركي كلاوس رفبيرج 1931-2015
إختيار وترجمة د. زهير ياسين شليبه
إلى روح الراحل الكاتب العراقي عدنان المبارك
كلاوس ريفبيه Klaus Rifbjerg ، يُلفظ غيقبيه ويمزح بعض الدنمركيين قائلين: جبال الريف المغربية، لأن المقطع الأول من إسمه “ريف” بينما الثاني “بييرج” يعني جبل
الكتابة لدى كلاوس ريفبيه كما يقول المتخصصون به، نوع من التنفس. غزير الإنتاج للغاية. نما و ترعرع في منطقة آماجر ( ُتلفظ آما ) قرب كوبنهاجن في بيت معلم، درس لمدة عام في أميريكا وعاد بتاثيرات جديدة، درس الإنجليزية والدنماركية لكنه توقف عن الدراسة واشتغل في الصحافة الأدبية. أصبح محرر مجلة فيندروسٍِن كتب سيناريوهات الأفلام وبدأ في الوقت نفسه بكتابة بعض أعماله المشهورة. أصبح فيما بعد محررًا لدار نشر جولديندال الدنماركية الشهيرة. أصدر ديوانه الأول 1956.
كلاوس ريفبيه مثقف راديكالي رغب في استفزاز التبرجز والبرجوازية. ديوان : المواجهة 1960 أعطى اسمًا لحداثة العصر : حداثة المواجهة. هنا يُواجه الأنسانُ البسيطُ المجتمعَ. يتميز أسلوبه بثراء صوره و ملموسيته. له إصدارات نثرية عديدة مثل: رواية ” البراءة المزمنة ” 1958، التي أصبحت من كلاسيكيات الأدب الدنماركي ومجموعات قصصية تناولت الممنوعات الجنسية. من أهم دواوينه، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: أشعار آماجِر، 1965.
المتعاهدون*
أولئك المتعاهدون
يتجمعون حول منضدة الزبائن الدائميين
ويدفئون أياديهم
بالتضامن.
الخطةُ موضوعةُ
الهدف واضح تماماً
لكل واحد.
هناك إطمئنان .
رُفعت الكؤوس الى الأفواه
بثباتٍ
ولمحة
تبحثُ عن لمحة.
إنها خطةُ شاملة
تؤثّرُ على أمور
أكثر بكثير من أنفسهمً.
تُلفظُ كلمة السر
وكلُ يمشي في طريقه
بالكلمة
بين الشفاه.
قبلَ بدء الخطة الكبرى
هناكَ وقت
لترتيب الشؤون الشخصية.
الأول يغشُ زوجتَه
الثاني يقرعُ رأس والدته بإزدراءٍ
الثالثُ يكتبُ أشياءً مزيفة
الرابعُ يضربُ طفله
الخامس يسرقُ
السادسُ يكذبُ
السابعُ يسخر من الله
الثامنُ يغتابُ صديقه
التاسعُ يخونُ نفسَه
العاشرُ يقتلُ.
فالساعةُ إذن، قد حانت
خلاص العالم
يبدأ بدايته
١٩٧٤
* أو المتحالفون
أميرُ الأميجون
خطا أميرُ الأميجون
خارجاً الى الشُرفة
بين عبيده
ولم يَعرفْ
سببَ شعوره بالإضطراب
عندما قال إنهُ من المؤكدِ
أن هناكَ سحليةُ تُخشخشُ
في العُشبِ تحتَ سور الأشجار الجافة.
طلبَ منهم أن يتركوه
وحيداً، وعندما كانوا قد إختفوا
ذهبَ دالفاً الى الزاوية
عند نافورة الماء وبقي حقاً
غير منذهلِ عندما رأى أفعى
ممتدة على البلاط تحت الشمس.
راقبها
إلا أنه لم يعلم
فيما إذا كانت سامة أم لا .
كان هدوؤها هو الأكثر غرابة.
كان من السهلِ على أمير الأميجون
أن يقتلَ الأفعى.
كانت تبدو
حساسةَ الرأسِ مخفيٌّ وصغيرُ
لكن تموجات الجسمِ
حددتْ أثراً ورمى كل الحيوان ظله.
راقبَ أميرُ الأميجون
ظلَّه الى جانب الأفعى
كان وحيداً،كلُ شيء ساكن
الشمسُ دافئة.
أَبقى هنا واقفاً، فَكّرَ، و
شعر بنفسه مرتاحاً للحظةٍ
وبدون إضطراب.
هنا إلى جانب الأفعى في الشرفة
بينما تتوقفُ الساعةُ الشمسيةُ بلا غرابةٍ
إنهُ غيرُ مهمٍ تماماً
مَن وماذا يخشخشُ في العشبِ
تحتَ سورِ الأشجارِ الجافة.
1979
النورُ يطلعُ فوق الجبل
النورُ يطلعُ فوق الجبل
ويومٌ جديدٌ رائعٌ
يهبُ من البحر.
تطايرت اسراب الحشراتُ بين أشجار
الليمون وفي قمم،
algaroba العالية غنى عندليب
هناك رقمُ لا نهائي “و”
يوجدُ بين الروائع
وفي قلبي ينساب الدم
حيوياً حتى الآن
وقد فتحوا قناة الري
وعثرنا على حشرةٍ عصوية جوّالة
في المساء الماضي و
كانت الليلةُ هادئةً تماماً
قَبّلنا بعضنا بعضاً
وداعبتني
وإبتسمتِ لي
وكانتْ أغطيةُ الفراش باردةً
وكانت دافئةً تحت البطانية
وشربنا النبيذ
وغفت الحيوانات الأكثرتعطشاً للدم
والنورُ يطلعُ فوق الجبل
ويومُ رائعُ جديد
يهبُ إلى هنا من البحر
١٩٧٨
بينَ البطاريق
العودةُ إلى الطبيعة
بخطوةٍ واسعةٍ غير مرئية
فوق القضبان نحو البطاريق
في حديقة الحيوانات.
طبعاً يُمنع
ولكن، الآن إسمع
من أجلِ أن تَمُدّ رقبتك وتستقر
مع هؤلاء المحبوبين
هو لذّةُ القطبُ الشمالي.
بويرد، سكوت، أموندَس
لا
ولكن أنا في الترلين والقبعة
لدي نفس الحق
في بعثة القطبِ الجنوبي:
أقفٌ صامتاً
أمسك سمكتي الرنك بثباتٍ
وأشعرُ أني متآخِ
كلُ شيءٍ يملأني
بحياةٍ قيمةٍ
شمٌ رائحةِ زيتِ الحوتِ
وجلد السباحة
بين أصابع قدمي
يتبرعم بشكلٍ طبيعي.
علامةُ البطريق
وفي أعظمِ جمال
بإنسجام الطيرِ والسمكةِ
نختفي في الماء
ندورُ في الطراد
البطنُ، الظهرُ والزعانف.
علامةٌ جديدة
إذن سنقفُ هناك من جديد.
آه، ما أمتع أن
يقفٌ البطريقُ
إلى جانبِ البطريق
في مجموعةٍ متناظرةٍ
ونفخاتُ صغيرة متناظرة من المناقيرِ
بعدَ السباحةِ
وإستقبالِ
التصفيقِ الودّي
من روادِ الحديقةِ
لتناظرنا الجميل، أيها الإخوة
لإنطباق قطبنا الجنوبي
الجميل، المعترف به.
١٩٦٢
سمك الأصقلبين في سبودسبيرج
أيها الأصقلبين، قُلتُ
إننا لا نستطيعُ التحادث سويةً
في هذه الظروف.
أيها الأصقلبين، لا يمكن هذا
لا يمكنك الجلوس هناك
في نهاية صنارتي
دون أن تقولَ كلمةً.
أيها الأصقلبين، جميعُ الكتبِ تقول
إنكَ تستطيع أن تقولَ شيئاً
وتستعمل إبرَكَ
لتلدغ بها.
أيها الأصقلبين، اللعنة
قل شيئاً
ليس فقط تلكَ العيون هناك
تَقويسُ الظهر.
آه لقد تعلمتُ
حيلكَ
ومداعباتكَ لكلَّ
الأجسادِ الصامتةِ الأخرى
أيها الأصقلبين، أنا أعرفكً
من هنا يمكنُ سماعك
تحت في الأعماق
في الظلالِ الصامتةِ الأخرى.
أيها الأصقلبين، ها آنذا أضربكَ الآن
ها هو الكعبُ يأتيك
يُطفئ عينيك
يُمردُ رجليك
أيها الأصقلبين، إصرخ إذن
إلدغ
ليس هذا الصمتُ
هذه النظرة.
—-
شتاء
نساء العالم يمرّن،
دافئات ومطمئناتٍ.
يحملن السنابل والقش في قبعاتهن
وطيور الشتاء تنقرُ بها
تنظرُ إليهن من مزاريب السطوح ومجاري الطرق
تطير وتتمايلُ على سنابل القمحِ المتأرجحة
إلى أن تلمع عيون النساء.
وفي أجسادهن
طاحونة القلب ترنم
تبعث تياراً بخَريرِ من الدم
إلى أصغر حقول الجسد.
النجمة الجديدة
بعيداً هناكَ فوق الشاطئ يحلق صوت غنائي
يرنُ صوت الضربة الأخيرة للمطرقة على سندان اليوم
كَيرُ الحداد الكبير يُطفأ بنفخةٍ تفوحُ منها رائحة العرق
ويعودُ اليوم من تلك البلاد إلى وطنه.
العمل الكبير اللامع لهذا اليوم قد إنتهى
والليلُ يسدلُ مصاريعَه في الشرق.
غدافُ الليل يطيرُ مفتوح المنقار
يبتلعُ آخر بقايا الضوء بلقمةٍ واحدةٍ.
إصبعُ سارية العلم الإنساني الأبيض
يشيرُ بهدوء نحو النجمةِ الجديدة المتجهة إلى الشمال.
ويمرُ اليومُ
ويمرُ اليومُ
كلَ مساءٍ
عندما آوي إلى الفراش
أشعرُ بنفسي مضطرباً.
كلَ صباحٍ
عندما أستيقظُ
أشعرُ بنفسي مرتاحاً.
عندما أكتشفُ
أنني مستيقظ
تمتزجُ المشاعر.
عند منتصف الظهيرة
أرغبُ
في الصُراخ.
لكنها تسيرُ نحو الأحسن
وقبلَ أن أُطفئ النور
أنا مضطرب ليس إلا.