علي حدّاد : قتلة النوارس

الكلمة
لاتكتمل دعائم ..الحزن والوحدة والدمار
.الا ومعها ظلم وقسوة ، تدفعنا الى الهروب من الحياة
 ..او العيش فيها بجنون

الاهداء
 
الى مصطفى جواد              
وسالم الآلوسي
ومؤيد البدري
وكامل الدباغ..
وذكاء حسني
  صانعوا ..الحياة   

اسمي علوان ..علوان الشرطي ..هكذا ينادونني اهالي محلة الكولات والدهانه وابو          سيفين .و يسمونني الاحبة .علوان ابو الواشرات .. ما يرمون اليه ،الرشوة، واليوم أطلقوا عليها اسما غريبا لايستقبله رأسي الفساد الاداري ..ماأردت قوله عن  الضابط الجديد الذي حل علينا منذ اسبوع  والذي كانت شاربها قد خطت بقلم رصاص ناداني وهويصيح   :-
 _     حيوان ..حيوان …                                                                            
وأشر عليَ
  _      نعم انت ياعلوان

عدت الى سنوات بعيدة جدا ..عندما كان عدد سكان بغداد لايتجاوز المليون نسمة  وحين كان عدد سكان العراق سبعة ملايين نسمة ..وحين اعود الى مركز شرطة  ابوسيفين والى ضابط قذر يدعى حسان ابوشفة كان يصيح ولأكثر من مرتين علوان ..علوان ..وحين لااسمعه يصرخ ..حيوان ..حيوان ..واحيانا يقولها لمرة واحدة ،فانقذ نفسي  
_   نعم بالصياح ..:-سيدي
في ذلك الوقت كانت احزاننا لاتتحول الى عدائية تصل حد القتل ..يوم كانت شوارع بغداد تغسل عصرا بالماء  ..ويوم كانت تزين اشجارها الطيور.. وحدائقها العصافير الصغيرة  وكانت السماء لونها بمثل زرقة مياه دجلة  وذكاء الذي كان يرمي لنوارسها الخبز ..سنوات طويلة ولازال الى يومنا هذا تنتظره النوارس ان يرمي لها خبزها اليومي ..انها على موعد معه ..وحين يسافر الى  لبنان يتصل باصدقائه وهو محترق
..الله عليكم؟؟ للنوارس الله _وكلتوهم…
كانت  تشبع النورس يا ذكاء لانه كان هناك الف ذكاء ..يوم كانت بغداد تغسل عصرا ..واهلها كانت  تذهب الى السينما ..والى السينمات الصيفية .والمسارح ..ومشاهدة السيرك .عشاق ..يزهو بهم  شارع ابو نؤاس  وكورنيش الاعظمية و شارع الرشيد  وشارع النهر الذي يحف بهم حين يريدون الزواج ..  بثيابهم المكوية وهم يركبون الربلات .هي عربة تجرها اربعة خيول تنطلق من الميدان الى الباب الشرقى من بغداد ..وارجلها تردد طربك .طربك.وايام المطر تتغير النغمة ..طربوك طربوك …الايحق لى ان انفجر في وجه كل مجلس يودع في اذني قائلا
  _  ولت لياليك ..لاكأس ولا طرب ..واقفر الدرب لا لهو ولا لعب ..ولا مظلة عشاق تسائلها لقيا حبيب له من سحره عجب..نعم بأمسك كان الصفو مكتملا وطوعك الليل والكاسات  والعٌرٌبٌ ..كنت المغنى ..وتسقى صرفة صافية لكنها اليوم .نكراء وتحتسب .. ان واشراتي القديمة لم يكن لها تأثير انفجارات ..ولم يكن لها دوي اليوم ..كانت بلا ضحايا ..بلا دم..واشراتي لم تخلف ضحايا ..ارامل ومعوقين..واشراتي لم تعطل .مسطر العمال عن العمل .ولم تؤخر ماكينه الدولة عن الدوران .. ولا عن لملمة القمامة التي باتت تزهق ارواح الناس .. المهم سادتي انهم اعادوني الى الخدمة كخبير..ويوم حدث انفجار ساحة الطيران ..كنت على مقربة منه فهرعت لاأرى الشرطة تجرد الشهداء من نقودهم وساعاتهم اليدوية .وأحذيتهم الجديدة ..انتم لا تصدقونني لاني مرتش قديم وسافل قديم ومنحط قديم ..لكني اليوم اواجه نفسي وجها لوجه ..لم يسبق لي ان رأيت شرطيا قديما يفعل ما اراه ..لم ار شرطيا يقتل ويسرق ويطلق سراح قاتلا للشعب مقابل اجر ..جمعت موبيلات ..هواتف ..الشهداء .ثلاثون جهازا . وفي صباح كل يوم كنا نجتمع لتناول افطارنا نحن الشرطة وكانت الهواتف ترن وترن ..وترن  .. الا واحدا لم يقبل ان يرن  اسميناه نحن شرطة السعدون  .. الماُله صاحب.. وهل من المعقول ان لايكون له جيران  .. اوحبيب اوصديق  اوقريب كانت الابخرة تتصاعد من شاينا الحار..
وكانت ثلاثة عشر منها قد فقدت بقدرة قادر ..كنت اعرف من سرقها  ويوم وفدت لجنه النزاهة اثلجت قلبي وهي تخاطب الضابط الجديد والذي كان شاربيه قد خطتا بقلم رصاص بحده :-
    _ ياحيوان ..لمن بعت هواتف الموتى
قيدوه واخذوه .. صار مثل جرذ وهم يجردوه من رتبته ..كان ينظر الى كأنما يقول لي :-
 _  فعلتها ياحيوان
الحقيقة اني شعرت بغبطة لامثيل لها ..وكانت نظراتي تقول له بحيوانية :-
_ نعم يابن ابو شفة وانا فخور  …بما فعلته
  ويوم كان الداخلون الى  السينما يسألون الخارجون منها :-
 _  شلون الفلم ؟؟
_ لاتتورط
     يوم كانت بغداد لبغدادها ..وليس لمن وفد اليها  ليُقُوم اهلها او ينتقم منهم .. لالشيء الا لأنهم لم يقبلوه مواطنا بغداديا .. وذات يوم شتوي ممطر  ..وبعد ان لطخ المواطن العراقي اصبعه بحبر الانتخابات ..وحين كنا نتناول طعام الافطار دخل علينا وافدا جديدا يرتدي حلة سوداء ووجه بلحية قصيرة كأنها خطت بقلم رصاص.. تزين اصابعه خواتم فضية تلعب بهما مسبحة سوداء .. وبصحبته رجل مكبل بالاصفاد  عاد ضابطنا الجديد رأيت الى عينيه كأنهما تقولان لي :-
_  لقد عدت بشفتي ..ابو الواشرات
وهو يضيف صارخا :-
_ اصطحب معي المجرم ..مخرب الحياة ..ذكاء حسني قاتل النوارس
تصفيق …تصفيق..عال وكدت اموت ..لكني في النهاية استطعت ان اقطع .. سبابتي ..التي لوثته حبر الانتخابات ..لأقول لكل المالكين ..اقطعوها واسمعوها من ..واحد من صلبكم ..علوان ابو الواشرات ..كلنا سيموت  وستواجهنا هناك ارواح ضحيانا ..في الصباح وفي المساء ..وحين يحل علينا ليل بنجومه المضيئة .. أو بليله الدامس وهكذا تتدوال الايام بين الناس  ..لكن عواطفنا جميعا توحدت ..حين كنا نتناول طعام الافطار ونشرب شاينا اليومي الذي تتصاعد منه الابخرة ونحن نسمع معا رنين الهاتف ..الذي لاصاحب له ..رنين الماله صاحب ..وهو يشدو  …..
موطني ..موطني
mail :alijhon2003@yahoo.com

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| محمد الدرقاوي : كنت أفر من أبي .

 هي  لا تعرف لها  أبا ولا أما ،فمذ رأت النور وهي  لا تجد أمامها  غيرهذا …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| كريم عبدالله : وحقّك ما مسَّ قلبي عشقٌ كعشقك .

كلَّ أبواب الحبِّ مغلّقة تتزينُ بظلامها تُفضي إلى السراب إلّا باب عشقك مفتوحٌ يقودني إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *