(1)
أَعرفُها دمعةً دمعةً ؛
أُمّي ، التي تنمو أثوابُها السُّودُ في الغُرفةِ المُجاورة…
……
……
يوقظُها دُخاني ، ومُكالماتُ مَنْ اشتعلنَ سريعاً….
أمّا هي – المُستيقظةُ أبداً – تغضُّ تفكيرَها عن سنواتي وهي تتكدَّسُ أمامَ عينيها…
[ كانتْ دمعةً قبل أن تولدَ ؛ لهذا فهي تُجيدُ طبخ البُكاء ]
…….
…….
صوتُ أغانٍ حزينةٍ يتسرَّبُ إليها من تحتِ بابِ غُرفتِها ، تُشعِلُ الضَّوء ، تفتحُ البابَ مَنثورةَ الدَّمع وبين يديها : ثوبٌ ميّت…
[ تُبدلُ القماشَ بالقِماشِ والأسودَ بالأسودِ
وأخوتَها بالدَّمع وأباها بالذكريات ،
وحينَ تضيقُ بِها الغُرفةُ تمتدُّ
أغصانُ بُكائِها نحوَ غُرفتي ]
…….
…….
أثوابُها تنمو ،
نخرُجُ – أنا وهي – ، مِنْ غُرفتينا ؛
وفي الحديقةِ ؛ حيثُ تنشرُ أثوابَها ؛ العُشبُ أسودُ….
(2)
كَبِرنا سويَّةً ، بعيداً عن ظلِّ شجرةِ النَّارنجِ في حديقةِ بيتِها ، وحينَ يعلو الغبارُ تشمُّ قميصي وذاكرتي ، وتشتمُ حُنجرتي حين غلظتْ فجأةً وأنبتَ صوتي زغباً فوقَ خدَّيَّ…
كبرنا سويَّةً ، طفلاً وظلَّهُ ، أُمّاً وطفلاً قربَ يدينِ فضّيتينِ…
كبرنا سويَّةً ؛ لكنَّها الأسرعُ…
أيّامُنا خُلَّبٌ ونحنُ نركضُ على شفا هاويةٍ نعرفُها جيّداً ، فيما تبقى أثوابُها في البيتِ : تُراقبُنا…
(3)
مَطرٌ خارجَ الغُرفةِ ؛
مطرٌ يوميٌّ معروفٌ وجهُهُ…
….
….
مطرٌ مخلوطٌ
مطرٌ مالحٌ
داخلَ الغُرفة…
(4)
…..
…..
أزهرتْ أثوابُها…
عائد
تلوحُ لي البصرةُ من بعيد ؛
قلتُ :
– “أضغاثُ منافٍ”
لكن :
حين فاجأتْني راؤها المفتوحةُ حتى آخرِ النَّخلِ أيقنتُ أنَّي بِحُضنِ الزَّمان فمزَّقتُ قميصي وعانقتُ هواءَها وصرتُ :
كفّ حنَّاءٍ ؛
على بابِ دمع…
8/8/2008
تحية طيبة للأخ الشاعر علي وجيه الذي كنت أنتظر أن تكون تجربته الشعرية قد تحسنت نوعاً ، بعد اطلاعي على قصائده الأولى في ديوانه الموسوم بـ(منفائيل) وكانت قصائد ـ معذورة ـ قياساً بعمره آنذاك.. ولكن للأسف الشديد التراجع واضح جداً في ما كتبه مؤخراً .. حتى أننا بدأنا نترحم على ما كتبه في منفائيل أنه ربما كان فيه نوع من الصدق ، وبعض قصائده ـ وإن كانت أفكارها مسروقة ـ ولكننا نحملها على التأثر بكتاب أو قصيدة قرآها للآخرين وهو في بدايته فمن الطبيعي أن يتأثر..
أتمنى أن لا يزعل.. فهذا رأيي..