فِيْ مَشْهَدٍ ضَرَيرٍ وَحُمْرَةٍ تُشْبِهُ الْكَرَزَ خَلْفَ قِنَاعِ الْرَّفْضِ، تَصْحُو ثَمَّةَ أَشْيَاءُ عَلَيْنَا أَن نَبكِيَهَا وَلاَ نُبَادِرُ إِلَى الْبَوْحِ بِهَا.
تَوَسَّدَتْ يَدَاهَا فَوْقَ الْمِنْضَدَةِ فِي غُرْفَةٍ تَبْدُو بِلاَ أَبْوَابٍ وَلا نَوَافِذَ صَمَّاءَ إِلاَّ مِن حَفِيْفِ الأَوْرَاقِ
كَانَت قُبَالَتَهُ تَلُوْذُ بِصَمْتٍ مُسْتَغْرَقَةً فِي التَّأَمُّلِ وَكَأَنَّ شَيْئاً حَبِيْسَاً فِي دَاخِلِهَا
كَيْفَ يَجُوْزُ لَهَا أَنْ تَقُوْلَ
وَإِنْ قَالَتْ،
كَيْفَ؟
تَرَدَّدَ وَهُوَ الْغَارِقُ فِيْ كُنْهِهِ، بَعْدَ أَنْ ضَجَّ بِنَشِيدٍ مِثْلِ الْقَصِيْدَةِ، بِصَمْتٍ تَأَجَّجَ خَلَفَ رَغْبَتِهِ وَهُوَ يَرَاهَا بِكُلِّ كَيَانِهِ،
كُوْنِي لِي، لِيْ وَحَسْبُ
ـ أَبْقَىْ أَحْلُمُ، (قَالَتْهَا فِيْ خَاطِرِهَا وَنَفْسِهَا الْحَائِرَةِ) دُوْنَ أَنْ تَنْظُرَ نَحْوَهُ
يَتَنَاهَىْ وَقَد اِدَّخَرَ دُمُوْعَهُ
ـ ابْقِيْ مَعِي .. (يَا لِرَوعَتِهِ، بِتَوَسُّلٍ ـ قَالَهَا ـ وَرَجَاءٍ فُحُوْلِيٍّ) أَخْفَتْهُ رُجُوْلَتُهُ الْشَّرْقِيَّةُ ،وَلَكِنَّ بَرِيْقَ عَيْنَيْهِ فَضَحَه.
ابْقِيْ مَعِي قَلِيلاَ،
تَأَوَّهَ
ـ لا تَذْهَبِي (رَدَّدَهَا ، وَأَنَا مُتَأَكِّدَةٌ أَنِّيْ لاَ أَحْلُمْ)
(آَهٍ ..)،
كَأَنَّهُ حَرَّرَنِي مِنْ قُيُوْدٍ أَلْتَزِمُ بِهَا أَمَامَ نِفَاقِ الْمُجْتَمَعِ،وَلَكِن،
صُغْ لِيْ قَانُوْنَاً لِلْبَقَاءِ؟ وَحَرِّرْنِي مِنْ عَبَثِهِم الفُضُولِيِّ الذِيْ يُهَاجِمُنِي، يُسَوِّرُنِي بِنَظَرَاتٍ مُرَوِّعَةٍ
قَالَهَا لِي، بَعْدَ سَنَوَاتِ الْعُقْمِ وَتَعَنُّتِ الْقَدَرِ تِجَاهِي، حَتَّى فِيْ رُؤْيَتِي! ـ لا تَذْهَبِي ،إِنَّنِي أَحْتَاجُكِ.
( انْتَفَضَ جَسَدِي الْحَوَّائِيُّ)، إِلاَّ ثَوْبِي، بَقِيَ مَذْهُولاً هُوَ الآخَرُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِثْلَ رَأْسِيْ !
اخْتَلَطَت الأَشْيَاءُ مِنْ حَوْلِي
اِتَّجَهْتُ نَحْوَهُ، أَبْصَرْتُهُ طِفْلاً وَاهِناً يَتَوَسَّلُ بِصَمْتٍ، دُوْنَ حَرَاكٍ بَائِنٍ، وَكَمَا عَهِدْتُهُ، شَرْقِيَّاً حَدَّ الْعَظْمِ
أَجَبْتُهُ بِابْتِسَامَةٍ نَامِيَةٍ شَاحِبَةٍ بَعْضَ الْشَيءِ، وَأَنَا أَهُمُّ بِالْنُّهُوْضِ، أُلَمْلِمُ أَغْرَاضِي عَلَىَ وَشْكِ الْرَّحِيْلِ
وَقَفْتُ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ مِنْ حَوْلِنَا الأَشْيَاءُ
ـ مَاذَا تُرِيْدُ؟
أَلاَ تَشْعُر؟
سَمِعْتُهُ، وَمِنْ شُبَّاكٍ ضَيِّقٍ فِيْ نَفْسِهِ
أَصْغَيْتُ لَهُ
) اسْمَحِي لِي أَنْ أُحِبَّكِ … أَنْ تَكُوْنِي لِي أَن أَحْلُمَ مَعَكِ)
إِحْسَاسٌ اِنْسَلَّ كَخَيْطٍ وَوَخَزَ وَتِينَ قَلْبِي. وَلاَ أَدْرِي
إِلَى أَيْنَ سَيَمْضِي بِنَا هذا الْمَشْهَدُ الْضَّرِيرُ؟
أَجَابَهُ خَاطِرِيْ وَالْسَّمَاءُ تَنْظُرُ إِلَى مُحَيَّانَا مِنْ فَتْحَةٍ تَكَادُ أَنْ تَكُوْنَ أَحْلُمْ بِلاَ نِهَايَة..
هَاجِرْ بِحُلْمِكَ دَوْمَاً وَامْتَلِكْ مُهْجَتِيْ، لِبَعْضِ الْعُمْرِ
وَلَكَ أَنْ تَحْلُمَ. اِحْذَرْ أَنْ تَصْحُوَ وَانْتَبِهْ
فَلَحْظَةُ الْحَقِيقَةِ تَحْمِلُ أَسَى مِئَاتِ السِّنِينَ مِنْ عُمْرِكَ وَعمْرِي
وَلَكَ خَيَارَانْ..
إِمَّا أَنْ لاَ تَحْلُمْ ..
أَو، لاَ تَصْحُوَ.
أَمَّا أَنَا، فَلَنْ أَسْمَحَ لَكَ أَنْ تُحِبَّنِي
لأَنَّنِي أُحِبُّكَ كَثِيْراً.
عايدة الربيعي/ العراق
2009م
عايدة الربيعي: اِسْمَحِي لِي أَنْ أُحِبَّكِ؟
تعليقات الفيسبوك