إشارة :
ببساطة .. لإحساس عميق وقناعة راسخة لدى أسرة موقع الناقد العراقي بأن الشاعر المبدع “جواد الحطاب” هو “ظاهرة” فذّة في الشعر العراقي المعاصر لا يمكن إلّا الوقوف عندها طويلا وتأملها ودراستها بعمق ، تفتتح أسرة موقع الناقد العراقي ملفها عن تجربته الإبداعية المهمة ؛ شعرا ونثرا ، متمنية على الأحبّة الكتّاب والقرّاء إثراء هذا الملف بالدراسات والمقالات والصور والوثائق.
بين الشعر والذائقة
( شتاء – جواد الحطاب – العاطل)
علي لفته سعيد- العراق
كيف نفهم الشعر؟ هل بتسلم الشفرات المرسلة من قبل الشاعر ام من خلال ذائقتنا القرائية ثم نسأل مالذي اضافته القصيدة الينا ؟ هل بقدرتها على اعادة خلق الاشياء؟ ام بما تحدثه القصيدة من مشاكسة في الذائقة القرائية ؟ قد تطول الاسئلة ولكن من المؤكد ان هذه الاسئلة وغيرها لا نستطيع التغافل عنها لان الشفرات المبثوثة بين طيات القصيدة هي اشارات دالة لايمكن تسلمها اذا لم تكن الذائقة القرائية مهيأة لمعرفة وتحليل تلك الشفرات واحالتها الى ( انزياحات) قصدية كان الشاعر قد ارسلها الى ذائقتنا لتضيف الينا كقراء (كمية) فلسفية تكون قوتها موازية ومقابلة لقوة كمية الشعر المتوافرة في القصيدة التي اعتمدها الشاعر في انتاجيته ؛ وهو يعيد الينا من خلال الملفوظات خلق الاشياء بصورة تبدو هندسية في مشاكسة الذائقة ..
عندها يكون التقاء الجوانب وتقريب زوايا القصديات ؛ لا تنطلق في الفضاء بدون محركات مشغلة ما دامت الكتابة هي ابداع على الورق او ان الابداع هو كتابة على الورق لتحقيق معادلة ان الابداع الادبي خاضع الى الموهبة والى الحلم وهي المقدرة الفائقة التي يتمتع بها المبدع عن غيره ..
من هنا فان اساسيات نجاح القصيدة تكمن في البنية الكتابية كاولى العوامل الناجعة التي تحدد جودة النص واكتماله النهائي في قوام ممشوق ..
ان البنية الكتابية في معناها الذي نبغي الوصول اليه .. هي متابعة اثر ما يتركه المبدع في عملية ترحاله التدويني لفعل الكتابة الذي انجزه وقدمه الينا باعتباره منجزا انتاجيا وباعتبارنا متلقين هاضمين له ؛ واستخلاص الادوات بعد تفكيكنا لمستويات العمل الادبي ( موتيفات) من اجل الوصول الى فهم العملية الانتاجية او طريقة الكتابة التي سار عليها المبدع بعيدا عن مدلولاته الفكرية المستخلصة مما تطرحه الافكار من قصديات واعية لانها قابلة للتصادم بين متلق واخر ؛ وهذا نابع من اختلاف درجات التسلم وتفاوت الثقافات ليكون بالتالي التفاوت بين القصديتين او مانسميه المنطقة المحايدة والمتكونة من فعل القراءة من قبل القارئ ؛ أي ان البنية الكتابية هي مراقبة الانساق والمواد الاولية كمستويات داخلة في انتاجية الكتابة المبدعة وبالتالي رسم حدود الاشتغال وفك ارتباطاته المعلنة داخلين الى (بنياته) عبر الدلالات والمدلولات لاستخراج العلائق السردية التي انطلق منها المبدع في كتابته .
في مجموعة الشاعر العراقي المبدع جواد الحطاب – شتاء عاطل- الصادرة عن دار الازمنة في الاردن عام 1997 ؛ تكون الاشارة الاولى في البنية الكتابية هي العنوان
. . فقد وضعنا الحطاب منذ البدء امام اشكالياته ومشاكساته مستغلا مالقيمة العنوان من اهمية كبرى باعتباره بقعة الضوء الكبيرة التي تتحرك في داخلها القصائد , فقد وضع شتاءه العاطل بصورة مشاكسة لكنها واعية ليكون دالا لمدلول قادم ؛ وما القصائد ذاتها الا هي الدليل الموصل لفهم المغزى ,, فما نفع الشتاء اذا كان عاطلا ؟ وما هو ( العطل ) الذي يصيب الشتاء طول اشهره ؟ وما هو وجه الاختلاف بينه وبين الفصول الاخرى ؟ اذن .. ستكون هناك علامة ميتافيزيقية مزاحة عن مسار المعرفة الطبيعية لكلمة الشتاء ذاتها ؛ وان المعنى اذا اريد فهمه هو البحث عن مغزى اخر للشتاء خارج مناطق العاطفة تعاكس وتشاكس وتقف على النقيضين من المعرفة العامة .. فوظيفة الشعر هي قلب الاشياء وفلسفتها من جديد ووضعها في قالب اخر للوصول الى منطقة الصراع وبناء سعادة داخلية يبغيها الشاعر في المعاناة من خارج ماساوي ..
تلك العلامة – العنوان .. اعطتنا انزياحا دلاليا لشتاء من نوع جديد اراده الحطاب الغيمة الحبلى التي ينتظر القارئ خراجها بحثا عن القصد في لحظة استدراكية لاستقبال المعنى فوق مباسم القصيدة . وقطف (كمية) الشعر المتوافرة وادخالها بيت العقل عن طريق نوافذ العاطفة ..
ف(شتاء عاطل) لاتقتصر كمجموعة شعرية على محاولة رصد واستيعاب المتغيرات التي أحدثتها الازمنة في مكان الشاعر المعلوم ؛ بل توّجها في محاولة لوضعها بشكل افكار تقود الى حكمة رومانسية تتناسب مع واقعيتها لكي تتمكن من التشظي بأكبر كمية ممكنة الى تأويلات عديدة معبرة عن حالتها القلقة بغية الاستقرار ..لاننا سنقرأ درجات القلق بارزة في نتائج الحياة ؛ القلق الذي يسكنه الشاعر مرغما لانه انسان حسّاس حدّ الطفولة ومعبر عن احساسه حدّ الوصول الى الحكمة .
عندها يكون الانزياح المعرفي بكل ابعاده قريبا من قصدية الشاعر .. عندما يتمكن القارئ من استحصال الفهم وانتاج قصديته .
ان هذا هو الاطار العام للعنوان الرئيسي؛ لكن الحطاب يهتم ايضا بعناوين قصائده لانه يشكل الهم الاول باعتباره الركيزة الاولى في بنية الكتابة ويعتبر كذلك منطقة الوثوب التي يقفز منها الى منطقة اخرى واقعة تحت سيطرة العنوان وتساويها في المساحة , بمعنى ان عنوان القصيدة يبقى متابعا لحركة التدوين فتتشكل الظلال الى جانبيه ليرى ما يحدث امامه راسما شكل جراحاته الخاصة فيعطينا انطباعا لماهية التوصيل القادم وكأنه – أي العنوان – تلك الخطوط التي تصل الى المركز الرئسي , لتنطلق منه عدة خطوط مستقيمة متساوية الاطوال ؛ لتمثل محيط القصد وتدور حولها ذرات التأويل المتعددة وهذه الخطوط تدل على ان الشاعر كان معنيا في توزيعاته الموتيفية الشعرية لانتاج منطقته الخاصة ؛ منطقة تلم الاضواء الى مركزها بعد ان يقوم بتهشم التقاطعات السردية الاساسية لانتاج الشعر , بطريقة الحزن الغنائي الخاص يشير الى افق اخر مستعيرا ملفوظات واقعية متداولة ويلبسها ثوبا انيقا لتدخل الذائقة ومن ثم البحث عن التفسير ولو تتبعنا عناوين القصائد الاربع والعشرين التي احتوتها المجموعة لوجدناها تصب في شتائه العاطل . حتى في تلك التي اوحت ببعض الغيوم في كسوتها الخارجية ؛ فأن القلق بجراحاته النازفة سيأخذ بيده الى الاصابة من جديد وهذا تابع للحالة السيكولوجية التي تعتبر من المؤثرات الهامة ومن اهم العوامل المساعدة التي تعين الداخل الابداعي لانها البوتقة التي تضم كل الاشياء الذاكراتية والمرئية والذهنية والباطنية الملتقطة في المرحلة الشفاهية.. فنقرأ عناوينه وما تحيله من ارتباط بالعنوان الرئيس – مفسرين حسب اجتهادنا وحسب الافكار التي يريدها الشاعر
التماثيل — لا تتاثر بالمطر
فضاء داخلي —- ليس فيه مطر
الطوفان — نقمة وموت وضياع
يوم لايواء الوقت —- هروب
حين نسي العنكبوت — وحدة قياس الهشاشة
المحارب في وداعه الاخير- — اليأس
الصعلوك —- تمني
حارس المقبرة — القفر
اختناق – — الضيق والقلق
شتاء عاطل —- لانفع منه
فخ —– غرق
مأتم زهرة السوسن —– ذبول الجمال
طلسم —– ضياع الحلول
محاولة لتفسير الارباك —– قناعة موهومة
ارض —- انتظار
بصريات —- خريف
المصابيح —- ظلام
هذه العناوين وغيرها تعطينا دليلا يمكن تسلمه كأنزياح يصبّ في صالح عنوان المجموعة وكأنها جاءت تحمل جراحات الشاعر تحت عناوين متفرقة نازفا انتاجه الشعري بكد فكري .. وهو يقترب بجرأة كبيرة من ملامح القارئ الذي سيتفاعل كثيرا مع الافكار المطروحة التي نظمها الشاعر بطريقتين ..
الشعر الموزون المقفى ؛ والشعر النثري حسب الطاقة التي وفرتها المرحلة الشفاهية.. حتى لكأننا نشعر بموسيقى الملفوظات وقد تناغمت تماما في الطريقتين .. وكأننا نقرا شعرا موزونا بطريقة النثر .. او شعرا نثريا له موسيقى داخلية
• انتاجية القصيدة
ان البنية الكتابية تبدا دائما باستهلال مركز على اساس مستوى قصدي ؛ فهو يضع احتمالات التأويل منذ البدء ثم يبدا الاشتغال .. لان القصدية تأتي في قصائد اخرى كتحصيل حاصل جمع المستويات الاخرى .. الا ان الحطاب وضع بدءا المستوى القصدي كرأس الرمح الذي ينظر اليه من مسافة بعيدة .. ليمنح القصيدة قدرة من الاستفزاز والتهيؤ للسؤال ؛ بمعنى ان الاستهلال هو العمق وما على القارئ الا الصعود معه الى ساحة التأويل والانطلاق مجددا الى المستويات الاخرى لاعادة انتاجية القصيدة ,, وهذا المستوى يمزجه الشاعر في بعض القصائد بالمستوى التصويري لوضع ادوات البحث عن المعنى امام القارئ ليبدا رحلته في الصعود ؛ فيكون الاستهلال هو المركز الجامع لتلك الخطوط التي ستنطلق في تقاطعاتها الزمنية .. وما سيأتي هو تفكيك المستوى الى محتوياته الداخلية من جهة اخرى , ان المستوى القصدي قد قام بتحديد بنية المكان الذي يفضي الى المعنى العام بنسيج فلسفي واستنباطي قابل للانفتاح فيأتي في النص الشعري محملا بقدرة تهشمية للزمن المتعدد ؛
فتكون المشاغلة الفلسفية قائمة على اساس السرد الشعري ؛ المستنبط للظواهر والمستنطق للبواطن .. وكذلك يترك الشاعر استهلاله ( مرجعيا) للبحث عن التأويل واستخراجه لان التهشيم الزمني هو الذي يقوم بازالة الضباب عن المكان المحدد
ولنأخذ نماذج من هذه الاستهلالات لمعرفة المستوى القصي
قصيدة التماثيل (( في ظلال التماثيل _ الارض .. وقت الظهيرة- تأتي بأطفالها الاربعة – وتنام بظل التماثيل ))
فضاء داخلي (( اضلاع النهار المثلثة – تربع فوقها ,,خمسة قتلى – وست بيت ))
الطوفان (( حين ابتدأ الخلق – تقسّمت الكرة الارضية – الانهار الى بلد – والاشجار الى بلد- والاقمار الى بلد ))
يوم لآيواء الوقت (على الاسلاك الشائكة- تعلمت تجفييف الوقت – لامنع الايام من السقوط كألابر)
المحارب في وداعه الاخير ( اقدام – ورصاص – اقدام رصاص – تركض في احراش الصدر – فتنفر في القفر خيول )
طبقات ( المذياع , لايعني احدا)
اختناق ( وحدي – ومزدحم بي الشارع – اربعة ارباع الفضاء – تخصني )
شتاء عاطل (بماذا .. يفكر الهاتف – حين لايرن..؟)
فخ (بأنتظار الفتى – ينصب الشيخ مرأته في الطريق)
وحدة قياس (هذه الارض :- سعر السنتموت الواحد منها – خمسون شرطيا)
ثم يقوم الشاعر مابعد الاستهلال بتحليل المستوى القصدي وبث افكاره وتوسيع مساحة المكان والاشارة الى ما يحيطه واسباب تواجده المستوى التحليلي ..جاء مختزلا لسببين .. اولهما انه يقدم عصارة افكاره ورؤياه بطريقة الشعر..
وثانيهما انه اراد لشعره ان يكون دالا لتميزه الوظيفي في رسم (كمية ) الشعر .. وفي داخل المستوى التحليلي تكمن قدرة السرد والمحاورة مع الذات من اجل الخارج مع توسيع دائرة الاستعارات اللفظية والصور المشاكسة والمتصادمة مع مرئيات القارئ.. وهو يضع هذه الاستعارات بمهارة فائقة لتكون مقبولة وفي مكانها الصحيح خاصة تلك المفردات العامية التي استلها بجرأة كبيرة .. وادخلها جسد القصيدة كمادة اولية ناضجة مثل ( ست البيت – الاتكيت- الدنتيل – عشرة كيلوات- السطل – الجاكيت – السنتموت- وغيرها)
وبعد المستويين (القصدي والتحليلي) يقوم الشاعر بتخليق مستوى مزدوج اخباري تصويري لتعميق الصورة واسبابها ؛ أي انه يقوم بالاخبار عن ماهية المستويين القصدي والتحليلي بطريقة التصوير الاخباري .. وهو الفضاء الذي يصل اليه القارئ بعد رحلة بدأت من العمق صعودا الى الساحة المطلة على المعنى العام .. وقد اتخذ هذا المستوى مستوى تفسيريا تابعا للمكان – القصد وشارحا وجامعا للزمن المتعدد- التحليل ؛ فيما بقي المستوى التأويلي موزعا بين طيات المستويات أي ان في كل مستوى يكون هناك تأويل يؤدي الى انزياح الدلالة الخاصة بالمستوى ذاته وهنا تكمن المقدرة الفائقة لبناء قصيدة تغور بالاندهاش العاطفي وتعطي اكلها بقطف كمية فلسفية لها موازين عقلية .. فلم يعتمد الشاعر في سرده الشعري على وضع فكرته متصاعدة ليصل في النهاية الى القصد ومن ثم الى التأويل بل كان سرده عبارة عن مستويات متداخلة لها في كل ان مستوى تاويلي ولا يمكن الهروب من مقطع الى مقطع اخر دون النظر الى الفراغ بين المقطعين وتأمل اللغة المشاكسة والانتباه للمعنى العميق ؛ ومن حاصل جمع التأويلات المتفرقة يتشكل لنا التأويل المركزي الموحد الذي يستخرجه القارئ من العمق واخذه الى منطقته الخاصة لانه سيبقى مشغولا بفكرته وعمقه ؛ وبالتالي دمج الجراح معا لحصول التوافق بين الذائقة المدربة والقدرة الشعرية وتحقيق الاستجابة والتفاعل مع النص الشعري كما اوضح ايزر ؛ على اعتبار ان التوافق ليس معطى نصيا تابعا وانما بنية من بنيات الفهم التي يمتلكها القارئ.
ان الشكل الذي اتخذته القصائد في بنائها اتخذ صيغة المقاطع يفصل بينهما فراغ او علامة مميزة توحي بانتقالات زمنية وذلك لقدرته على التلاعب بأزمان السرد في ذلك المكان المحدد وكذلك بتخلق عناصر التشويق باختيار المفردة ووضعها في مكانها الصحيح على وفق تراتيل غنائية حزينة ومفرحة في ان فيكون الاتصال بالمعنى هو ما تصبو اليه القصيدة من توافق ينتج فهما لعناصر التوصيل ؛ وملفوظاته كثيرا ما تكون مكتنزه للكثير من الافعال السردية التي تعطي ترابطا دلاليا للوصول الى المدلول
• تطبيق
ولو اردنا تطبيقا اكثر دقة الى ما ذهبنا اليه في رؤيتنا للانساق البنائية
سنأخذ قصيدة ( ارض ) مثالا ؛ على سبيل الحصر فحسب
فالعنوان وحده يشكل الركيزة الاولى ؛ وهو الاضاءة الكبرى التي تحمل انزياحا مفتوحا بحاجة الى دليل يقود المعنى ؛ وعليه كان الاستهلال قد ركز انتباهه على تحديد المكان ووضعه في الاعلى كقصدية (مضببة) :
– جسدي :مقبرة
كل يوم , اشيّع يوما
وادفنه , في ثراي
ان الاستهلال بدأ بتحديد المكان – الجسد- والقصد تحويل الجسد الى مقبرة والاثنان لهما ارتباط بالعنوان وغائيته .. وبالتالي فان الانزياح القرائي ينتج لنا معنى اخر غير ما تعنيه كلمة- الارض- في القاموس الاطلاعي .
لان المرئي كملفوظات سيقود الى المروي المخبوء الذي ترك الى القارئ تحديد مساراته
ثم تنتهج البنائية مستوى تحليليا له علاقة بالمكان الذي يؤطر كل محاولات الشاعر للتعبير عن افكاره :
كل يوم , افتش روحي
وابحث عما تبقى من الاصدقاء
واكتشف الان :
ما فيّ ..
كان سواي
ان القصيدة لاتكتفي بهذين المستويين فيجنح الشاعر الى المستوى الاخباري بطريقة التصوير الدلالي ليعطي اهمية كبيرة للمغزى واستكمال الانتاجية وطرح المنتوج وفي الوقت نفسه ليكون القارئ على بنية من الاسباب , لان الشاعر وضع السبب في المستوى القصدي .. والمستويات الاخرى مهمتها التوصل الى عناصر المسبب :
… الى أي ارض اسير
: المسدس في الخاصرة
.. والظلام ,, خطاي
وعند جمع المستويات الثلاثة .. القصدي والتحليلي والاخباري التصويري ..تكون النهاية هي الفضاء الذي جاء منه السبب الذي كان العنوان قد احتواه – ارض – دلالة العودة ودلالة التراب ..- الطين – دلالة العيش وكذلك ما تسببه الارض من اسباب الكوارث والمصاعب .. فقام الشاعر بترك سطرين من النقاط كحالة استمرارية مرتبطة بجملة – والظلام خطاي – وهي المسبب … فيختتم القصيدة بتساؤل يحتوي السبب والمسبب فيكون العنوان له علاقة بالخاتمة
……….
……..
……. أكل الدروب تؤدي الى المقبرة؟؟
نرى في هذه المقاطع .. أن المستوى التأويلي متداخل تماما معها ..لكنه لا يظهر الا في النهاية ,, وعند جمع التأويلات تكون القصدية قد شكلت نفسها على عدة خطوط مفتوحة النهايات .. مرتبطة بالنهاية ..التي جاءت مرسومة بعلامتي استفهام .. فجعلها مغلقة ومفتوحة معا..
مغلقة لانها اوضحت الدلالة .. بين الجسد والمقبرة والعلاقة الجسدية بينهما , ومفتوحة لانها متشعبة تقود الى عدة طرق كلها تؤدي الى الاسباب المؤدية الى وجود المسبب وتحمل عدتها التأويلية لاكتناز فلسفة القصد ؛ وبالتالي فان المشاغلة بين الشاعر والقارئ ستكون تحفيزا لتلك الملفوظات الشعرية .
ان قصائد جواد الحطاب في( شتائه العاطل ) .. فسحة للتأمل مابعد القراءة ., لان القارئ ستكون امامه واحة من عدة مستويات ملونة رغم جراحاتها النازفة .. فكانت البنية الكتابية قد اتبعت الاتي ..
العنوان = مستوى قصدي + مستوى تحليلي + مستوى اخباري تصويري = دلالة التأويل.
*عن موقع الشاعر جواد الحطاب