علي السباعي والتحليق في سماوات الإبداع
بقلم / عبد الهادي والي
المتتبع لما يكتبه القاص العراقي المبدع علي السباعي من قصص قصيرة ، وقصص قصيرة جداً ، يلحظ بوضوح هذا النمط الجديد في القص ، الذي ينحرف كثيراً عن طرائق مألوفة تقليدية في السرد القصصي ، ليعكس لنا مدى التطور والنضج الذي بلغته القصة وهي تبحث عن مسارات جديدة ، تكسر من خلالها نمطية في السرد ، سادت فترات طويلة لينبثق هذا الظمأ الذي هو في الحقيقة ، استجابة حقيقية ، لحركة الواقع وتناقضاته التحتية ، لذا دأب العديد من القصاصين ، إلى ابتكار لغة جديدة تتوائم مع حركة الواقع المتغير باستمرار ، للبحث عن سبل متطورة ، غير مطروقة تنأى عن تلك الأساليب القديمة ، التي تبدأ دوماً بمقدمات طويلة ، تسهب في الشرح والتحليل ، وحشد أوصاف زائدة ، تستخدم غالباً كديكور فارغ لا يسهم في ترصين البناء المعماري للقصة . وللقصة القصيرة عند ( علي السباعي ) واقعيات عديدة مفترضة ، تنطلق من خلالها ، لرصد عوالمها الخاصة ، المحتشدة بالتداعيات ، والصور والتأزمات النفسية الدفينة . التي تنطلق بعفوية من خلال الأنفلاتات اللاشعورية للشخوص . ينطلق قاصنا المبدع من هذه الواقعية المفترضة ، التي تحتشد بالتفاصيل ، والتنويعات المتشابكة ، لأحداث التاريخ واستعراض شخصياته ، وإبراز رجالاته ، من قادة وفنانين ، وشحاذين ، وأنصاف مجانين ، من الحاضر والماضي ، إذ تلتئم كل تلك العناصر ، لتشكل لديه نسيج القصة ، فقصته لا تنطلق من حدث محدد ، يتنامى ليصل إلى نهايته ، إذ ينعدم فيها عنصر ومنطق التتابع ألسببي للحدث . لقد زفرت قصصه ومجموعاته المتتابعة ؛ ببروز لون متفرد ، يكاد أن يكون هو نسيج علي السباعي وحده . تاركاً بصماته في فن جميل ، يحفل بالتشويق والمدهش ، لذا أكتسب فرادة وانتشاراً واسعاً ، في مختلف المحافل الأدبية المحلية والخارجية وبرز أسمه كقاص متميز ، في قائمة القصاصين العراقيين المبدعين ، في هذا المجال ، فتحية لقاصنا الجميل ، الموهوب علي السباعي ، وإلى المزيد من حصد الجوائز المتقدمة ، في كافة المسابقات ، وأخيرها فوزه الباهر في المركز الثالث ، في مسابقة النيل والفرات / فرع القصة .
• *قرأت في احتفالية مؤسسة الولاية الثقافية لتكريم القاص المبدع علي السباعي ، وعلى قاعة المركز الثقافي في الناصرية بتأريخ 7/4/2018 م .