موفق محمد: الأنهار لا تهرب من أوطانها

كانت تكني غرفتها
والموت على دراجته الهوائية يوزع المـّن والسلوى
لعدائي العذابات الطويلة
مـُلـَوِحــات للرايات السود أمهاتنا
باليانع من الرؤوس
وتسمع أنين الصور التي طرزتها الشظايا
وتزحف في الجحيم
تقلب الموتى وتصرخ
تفتح الأبواب لا تدري
دعوا العراق وحده محترقــا ً
يسير فوق الماء
لا تطلقوا رصاص الرحمة لا
فما زالت تزقزق فزق رؤوس حامليها
وقبوره تئن مما يحشر فيها
فلم يعد الضيف واحدا ً
والشاهدة تتشظى بأسماء تخطف البصر
فلم يعد البصر ممكناً
والريح تمشط لهب المحترق فوق الماء
والليلة ذات الأجراس تصهل بالسم
وتغرز ناباً في العين
وتلتف بآلاف الأسلاك على الأجساد
تهتز وتلبس من عشبتنا جلد آخر
ترقص في فوهة البركان
والرماد يدثر الأحياء
ينذر انهم ينزلون من صورهم ويمدون حبالهم السرية
لوطن يغرق في آخر تعليقات الموت
كانت يده تشير
تصرخُ
تستغيثُ
الفقراء وهم حطب الحكومات وحدهم
ينظرون من ثقبٍ في موجة تغوص نحو القاع
تاركين أحلامهم البالية على الضفاف للحكومات القادمة
الألم يتعثر فوق الطرقات
والريح تصفر في لهب المحترق فوق الماء
وتكحل عيون الصبايا برماده
والبرابرة يكنسون
سنة حـــلوة يَجَميل
فهم صم بكم
وتلملم ما تبقى من ماء الله للفاختةِ
التي تسقط من نخلتها بجناحين مكسورين
كانت طوال الليل تحْضِنُ عشها
وتقول للأغصان صبراً وهي تسبح بالدماء
تلون الصورَ
وتزق السنابلَ المتفتحة َ بالشظايا
وتحترق بلا رماد
وجارُنا مات كمداً ولم يأخذْ حصته الكاملة من العذاب
سيأخذهـــا هــــناك
فالموتى يوزعون الفائضَ من العذاب
ويسألون القادم عمن تبقى من ذويهم
فيعقدون العزم على زيارتهم
فهاهم يأتون نازعين أكفانهم
يقبلون رأس المحترق فوق الماء
ويتوزعون في ألأزقة
من الطارق ؟
جارك عبد الموت ِ
أهلي
أهلك إتخذوا الموت جملاً واشتعلوا
لا أدري أين
الغيوم تضفر لهب المحترق فوق الماء
وتمده كحبل للخلاص
والطارق ترك كفناً ومزنة من دموع ٍ
تتلألأ فوق العتبة
والبقية في القرن القادم
والطائرات تكنس الرقاب المشرئبة
يــــــا إلهي
العجائز يحصرن حلم المصابيح
ليستزلن حليب الكهرباء إلى أفواه الظلمة
ويكنسن الساعات المتبقية من أعمارهن
فالأعمار صناديق قمامة
العوانس يتسولن الفحولة بين الرصافة والجسر
بسيقان من حصار
ويُعلِقن الطلع المتيبس في أعمدة الجسر
املأ في توقيع من طالع
سنة حلة يَجَميل
فالصبايا تنشر أثدائها على حبالِ
السواقي التي تجففها كاتم ماء
كانت دجلة تكنس ما تكدس في رحمها
وتتقيأ بعينين جاحظتين فوق جسورها
وترش الطلع المتيبس فوق أعمدتها
دافعة القتلى إلى ضفافها
معلقة أمواجها على أبواب جهنم
فالأنهار لا تهرب من أوطانها
فمَن لألآف السواقي الرُضَع ِ ؟
ولهذا الحمامَ الذي يواصل مذعوراً طيرانه
إنها تجري وتصرخ
إن المخاض يزلزل الأرحام
يبرق في القبور
يتبعه طلق تنشقُ له بطنُ الأرض
وجهنم تعوي
وما من قابلة توقف هذا النزف
المتدفق في التاسع من إنسان
السماء تكنس قمرها ونجومها
وتطبق ساحلة غيومها لتكنس الأنين
الذي يربط المذبوحين بتيار ِ صاعق
الكلاب تكنس الجثث بألسنتها
والبرابرة يكنسون المستشفيات بفحولة ثيران ٍ عمياء
ويكنسون السماء قمرها ونجومها
على مرأى من الفرات الذي لم يسرهم منظره
فكنسوه بسيل رصاص في خصره
وهو يرفع أمواجه موجة موجة
ويبكي الدم الصارخ فيهـــا
دم مـــن هــــذا ؟؟ !
ويركض مجنوناً في السواقي
وينحني خجلاً لنخلة تقص شعرها
والبرابرة يسكنون الوزاراتِ
ويشعلون النار فيها
سرب من الجاموس يسبح في الفضاء
والمحترفون يكنسون المتاحف
إنهم يكنسون ويكنسون و يكنسون
كل حسب اختصاصه
فالقادمون يكنسون العراقيين بقفازات ٍ من حديد
خوفاً من عدوى الداخل
ويكنسون المستقبل بشفافيةٍ قل نظيرها
ليشرق أبيضَ من غير سوء
ويعرفوا حجم وزاراتهم
اكنس ثم ناقش
اكنسوا المقابر الجماعية لنذيق ذويهم الأمرين
وهم يتعرفون على أولادهم في الصُرَر ِ
التي تخرجها الشفلات
أو وهم يقفزون على أبواب الفاتحين
إملأ بالتعويض
اكنسوا الطوابيرَ التي تقفُ على أبواب الفاتحين
فلا وقت لديهم لما هو أرضيُ
فهم في رحلاتٍ مكوكية بين سماءٍ وسماء
لا تكنس كل من هّبَ ودبَّ
قالها عرّاب الكانسين
سنكنس العراق من شماله إلى جنوبه
بمكانسٍ من نار
ونضع رمادها في حدب
تثقل ظهور العراقيين وتسمرهم وهم يتوزعون على حدوده
لتعصف بهم المبيدات التي وضعتها الدول على حدودها
لئلا يفلت أحد
كانت تكنس ما تبقى من عراقها
وترشه بالعمى  المتدفق من عينيها
وتقف بغداد مشكلة علامة َ استفهام
سوداء تغطي جبين العالم
تسأل عن وطنٍ حَوَّلـَهُ الكانسون إلى
قاف ألف راء عين
وعن قادم في التاسع من
ا
ن
س
إنسَ
فمـــــا أجمل أن تغرقَ فـــــــــــــــــــي النــــــــــسيان

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عدنان عبد النبي البلداوي : “ذكراك نور” مهداة الى روح الشريف الرضي في ذكراه الخالدة .

ذِكراكَ  نورٌ، تسامَتْ فيه دُنـيانا                             يا رائـداً  قــد مَلَكْـتَ القـلبَ أزمانا فكنتَ أصْدَقَ مَــن يَهوَى بناظِـره                           حتى …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| عبدالقادر رالة : الزعفرانة.

    لمحتها في المحطة تنتظر القطار …    الفتاة الوحيدة  التي تقرأ كاتباَ ؛ كتاب في  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *