حوار مع المبدع الكبير “طلال حسن”  دَّجْ أدب الأطفال في العراق
حاوره : غانم البجّاري (15)

إشارة :
تتشرّف أسرة موقع “الناقد العراقي” بأن تبدأ بنشر هذا الكتاب ” حوار مع طلال حسن .. دَّجْ أدب الأطفال في العراق” لمؤلفه الأستاذ “غانم البجّاري” على حلقات تحيّةً للمبدع الكبير اختصاصي أدب الأطفال في العراق والوطن العربي “طلال حسن” ، ليطلع القرّاء على جانب من سيرته ورؤاه وآرائه خصوصاً فيما يتعلق بأدب الأطفال. تحية للمبدع الكبير “طلال حسن” الذي يكفي ربع منجزه لنقله إلى العالمية.

الحلقة (15)

مسرحيات للأطفال

يوم آخر

باحة أمام بيت أم كنغور ،
الأم وكنغور يقفان متواجهين

الأم : كنغور ..
كنغور : نعم ماما .
الأم : لا تتضايق مني ، يا عزيزي .
كنغور : ” يلوذ بالصمت ” ….
الأم : إنني أم .
كنغور : لم أتضايق ، فقط دعيني أذهب .
الأم : لا تتعجل ، يا بنيّ ، ستذهب ، وقد لا
أراك فترة ..
كنغور : سأزورك باستمرار ، وربما كلّ يوم .
الأم : ” تحضنه ” بنيّ ، احذر الذئاب ،
والضباع ، والنسور ، و ..
كنغور : و.. وكلاب الدينغ .
الأم : وخاصة كلاب الدينغ .
كنغور : ” يحاول التملص منها ” ماما ..
الأم : ” تحضنه أشدّ ” إنني أخاف عليك .
كنغور : ماما ، أرجوك ، دعيني أذهب .
الأم : اذهب ، يا بنيّ ” تطلقه من بين يديها ”
اذهب ، ما دامت هذه رغبتك ، لن أمنعك
من الذهاب .

المؤلف الأستاذ غانم البجاري

كنغور : ” يبتعد قليلاً ” ….
الأم : ” تتابعه بنظرها مترددة ” ….
كنغور : ” يواصل سيره ” ….
الأم : جوبي .
كنغور : ” يتوقف ” ….
الأم : ” تسرع إليه وتحضنه ” جوبي .. جوبي
.. جوبي .
كنغور : ” يستسلم لذراعيها مبتسماً ” ماما ، لم
أعد جوبي .
الأم : أنت عندي جوبي .
كنغور : إن عمري أكثر من سنة .
الأم : ليكن عمرك ما يكون ، أنت جوبي ،
وستبقى جوبي دائماً .
كنغور : أنتِ أيضاً كنت جوبي ، وكبرتِ .
الأم : ” تضحك ” وبقيتُ جوبي ، متعلقة بأمي
، لا أفارقها ، حتى التقيت أباك ” تدمع
عيناها ” ..
كنغور : ماما .
الأم : مضى مبكراً ، فتكت به كلاب الدينغ .
كنغور : ” يلوذ بالصمت حزيناً ” ….
الأم : ” تغالب دموعها ” لم يبقَ لي أحد غيرك
، يا بنيّ ..
كنغور : ” يبقى صامتاً ” ….
الأم : أنت الآن عندي كلّ شيء .
كنغور : آن لي أن أذهب ، يا ماما .
الأم : ” تلوذ بالصمت ” ….
كنغور : ” يخطو مبتعداً عدة خطوات ” ….
الأم : كنغور ..
كنغور : ” يتوقف ” ….
الأم : رأيتُ صباح اليوم النسر ، يحوم في
أعالي السماء .
كنغور : ” ينظر إلى السماء ” انظري ، يا ماما .
الأم : ” تنظر إلى حيث ينظر ” ….
كنغور : لا يوجد ، في السماء الآن ، أي نسر .
الأم : قد يكون في مكان قريب .
كنغور : لا عليك ، يا ماما ، سأكون حذراً ،
حذراً جداً ، وسأختبئ حالما أرى نسراً
في السماء .
الأم : ” تلوذ بالصمت ” ….

كنغور يحث الخطى حتى
يخرج ، الأم تتابعه بنظرها

الأم : ها قد كبر كنغور ، وسيذهب بعيداً ، كما
كبر إخوته من قبل ، ومضى كلّ منهم في
سبيله ” تصمت لحظة ” إنني وحيدة الآن
، وربما سأبقى وحيدة حتى النهاية ، يا
للوحدة من حياة شاقة ” تهز رأسها ” هذه
هي الحياة ، تركتُ أمي حين كبرت ، وها
هم أولادي يتركونني بعد أن كبروا ،
وحتى كنغور ، حبيبي الصغير ، تركني
وذهب ” تبتسم بحزن ” من يدري ، لعل
كنغرة فتية ، في عمره ، نادته من أعماقه
، فمضى يبحث عنها في أرجاء الغابة ”
تصمت لحظة ” فلأدخل إلى البيت ،
وأتمدد في فراشي ، لعلي أرتاح قليلاً ”
تتجه إلى الداخل ” .
الدينغ : ” من بعيد ” عووووو .
الأم : ” تتوقف ” ….
الدينغ : ” من بعيد ” عووووو .
الأم : ” تستدير خائفة ” كلب الدينغ .
الدينغ : من بعيد ” عووووو .
الأم : يا ويلي ، كنغور .
الدينغ : ” من بعيد ” عووووو .
الأم : ” تركض نحو الخارج ” فلألحق به ،
قبل أن يوقع به الدينغ .
الدينغ : ” من بعيد ” عووووو .
الأم : ” تتوقف ” ها هو قادم ” تهتف فرحة ”
بنيّ ، كنغور .

يدخل كنغور مسرعاً ،
والرعب بادٍ عليه

الأمم وكنغور : ” يصيحان معاً ” الدينغ .. الدينغ .
كنغور : ماما ، الدينغ .
الأم : ” تتمالك نفسها ” لا تخف ، يا بنيّ .كنغور يحاول أن يتماسك ” إنني خائف عليك ، يا ماما .
الأم : ” تغالب ابتسامتها ” لا عليك ، هذا
الدينغ اللعين ، بعيد ، بعيد جداً .
كنغور : نعم ” يتلفت حوله قلقاً ” هذا ما أردت
أن أقوله لك ، يا ماما .
الأم : نعم ، نعم ، هذا واضح .
كنغور : ومن جهتي ، لا تقلقي عليّ ، فأنا لم أعد
جوبي .
الأم : ” مبتسمة ” فعلاً ، يا صغيري ، لم تعد
جوبي ، لقد كبرت ، وهذا يفرحني .
الدينغ : ” من بعيد ” عووووو .
كنغور : ” ينظر إلى أمه ” ….
الأم : فليعو ِ ما يشاء ، فهو بعيد عنّا ، بعيد جداً ، ولن نخاف مادمنا معاً .
كنغور : ” ينظر إلى أمه ” ….
الأم : كنغور ..
كنغور : ماما .
الأم : الجو هنا رائع ..
كنغور : لكنه داخل البيت أروع .
الأم : ” فرحة ” كنغور ..
كنغور : لنقضّ ِ اليوم أيضاً معاً ..
الأم : ” تحضنه بشدة ” جوبي .. جوبي .
كنغور : لستُ متعجلاً للذهاب .
الأم : ” تأخذ يده ” هيا يا بنيّ ، إلى الداخل ، هيا ، هيا .

الأم تسير بكنغور ،
وتدخل به إلى البيت

إظلام

( نميل ونميلة )

فسحة وسط الغابة ،
تدخل الأم نملة ونميلة

نميلة : ” تتوقف ” ماما ..
الأم : ” مبتسمة ” بنيتي ..
نميلة : تعبت ، يا ماما .
الأم : أنت نملة فتية ..
نميلة : لقد سرنا مسافة طويلة هذا اليوم ،
على غير العادة .
الأم : كدنا نصل ، فلنواصل السير .
نميلة : لا أستطيع ، يا ماما .
الأم : أنتِ لم تحصلي بعد إلا على حبة
شعير واحدة .
نميلة : لكنها ، ويا للعجب ، حبة كبيرة ،
ومكتنزة .
الأم : مهما يكن ، فهي حبة واحدة .
نميلة : ماما ، اذهبي أنتِ ، اذهبي ،
سأنتظرك هنا .
الأم : حسن ، سأذهب ، ولن أتأخر ”
تتجه إلى الخارج ” كوني حذرة ، يا
بنيتي ، ولا تنسي أنك نملة سوداء .
نميلة : نعم ، يا ماما ، لن أنسى .

الأم تخرج مسرعة ،
نميلة تبقى وحدها

نميلة : حياتنا ، نحن النمل ، شاقة جداً ،
فعلينا طول النهار ، أن نسعى من
مكان إلى آخر ، لجمع حبوب الحنطة
والشعير ، وننقلها إلى المخازن في
بيوتنا ، استعداداً للشتاء ، تباً للشتاء ”
تتلفت ” آه إنني وحيدة هنا ، والمكان
يبدو لي موحشاً الآن ، وماما بعيدة ”
تصمت ” لكن لن تتأخر ، هذا ما
قالته ” تصمت خائفة ” ماذا لو
هاجمني عصفور جائع مثلاً ؟ ”
تنصت خائفة ” أسمع حركة خفيفة
بين الحشائش ، إنها ليست حركة قنفذ
أو .. ” تنصت ” فلأنصت ،
وسأعرف الحقيقة .

يدخل نميل ، لونه أحمر ،
حاملاً بفمه حبة رز

نميلة : ” تحدق فيه مذهولة ” ….
نميل : ” يضع حبة الرز أمامه ” ….
نميلة : ” مازالت تحدق فيه ” ….
نميل : طاب صباحكِ .
نميلة : أهلاً ومرحباً .
نميل : لم أركِ هنا من قبل .
نميلة : أنا أيضاً لم أركَ .
نميل : بيتنا قريب ، وراء هذه الأجمة .
نميلة : وبيتنا بعيد ، في طرف الغابة ،
وهذه أول مرّة نصل فيها إلى هذا
المكان .
نميل : ” ينظر إلى حبة الشعير ” هذه حبة
شعير .
نميلة : التقطتها من مكان قريب من هنا ،
وهي أكبر حبة شعير حصلت عليها
حتى الآن .
نميل : منطقتنا هذه منطقة خير وفير ، تنتج أفضل وألذ أنواع الحبوب .
نميلة : ” تنظر مندهشة إلى حبة الرز “….
نميل : هذه حبة رز .
نميلة : رز !
نميل : حبة مغذية مثل الحنطة والشعير ..
نميلة : مازالت تحدق فيها ” ….
نميل : وهي أكثر منهما لذة .
نميلة : لم أرَ من قبل مثل هذه الحبة .
نميل : وطبعاً أنتِ لم تتذوقي طعمها .
نميلة : نعم ، ففي منطقتنا لا يوجد غير
الحنطة والشعير .
نميل : سيعجبك الرز إذا تذوقته .
نميلة : ” تبتسم محدقة في حبة الرز ” ….
نميل : ” يدفع الحبة إليها ” تفضلي ، إنها
مني هدية لكِ .
نميلة : لا ، أشكرك .
نميل : اشكريني ، إذا تذوقتها ” يبتسم ”
وأرجو أن تعجبك .
نميلة : ” تأخذ حبة الرز ” أشكرك ” تبتسم له ” ستعجبني .
نميل : ” يتأملها ” طالما ظننت ، أن أجمل نمل في العالم ، هو النمل الأحمر حتى رأيتك .
نميلة : ” تطرق خجلة ” ….
نميل : ” يتراجع ” لقد تأخرت ، لابد أن
أعود إلى البيت ، أخشى أن يقلقوا
عليّ .
نميلة : أشكرك على حبة الرز .
نميل : أنا سعيد جداً بلقائكِ .
نميلة : وكذلك أنا .
نميل : غداً ، في مثل هذا الوقت ، سأكون
هنا .
نميلة : ” تنظر إليه صامتة ” ….
نميل : أنتظركِ غداً ” وهو يخرج ” إلى
اللقاء .
نميلة : ” تتمتم ” إلى اللقاء .. إلى اللقاء ..
يا نميلي الأحمر ” تبتسم فرحة ، قال
لي ، وبصوت لم أسمع بعذوبته من
قبل ” صوت نميل ” طالما ظننتُ ،
أن أجمل نمل في العالم ، هو النمل
الأحمر ، حتى رأيتك ، ” صمت
للحظة ” آه يا نميلي ، غداً نلتقي ..
غداً نلتقي .. غداً نلتقي .. ” تنصت ”
يبدو أن ماما عادت ، ليتها عادت قبل
قليل ، والتقت بنميل ، ولونه الأحمر
الجميل .

تدخل الأم نملة متعبة ،
تحمل حبة حنطة كبيرة

نميلة : ” فرحة ” ماما ..
الأم : ” تضع حبة الحنطة أمامها ” آه ،
نميلة ، انظري .
نميلة : ” تشير إلى حبة الرز ” انظري
أنتِ ، يا ماما .
الأم : ” مبهورة ” آه ، يا إلهي ، هذه
ليست حبة حنطة .
نميلة : ” تهز رأسها مبتسمة ” ….
الأم : ولا حبة شعير ..
نميلة ” تهز رأسها مبتسمة ” ….
الأم : ” تنظر إليه متسائلة ” …. ؟
نميلة : هذه حبة رز .
الأم : رز !
نميلة : ونحن ، كما ترين يا ماما ، لم نعثر
على ما يماثلها من قبل .
الأم : لابد أنك تركت هذا المكان ،
وتجولت في الجوار ، ووجدتها في
مكان ما .
نميلة : لا يا ماما ، لم أغادر هذا المكان
مطلقاً .
الأم : لا أظن أن عصفوراً ما ، قد جاءكِ
بها ، من جزيرة واق واق .
نميلة : ” تضحك ، لا يا ماما ، لم يجيئني
بها عصفور ، بل أهداني إياها نميل
في عمري .
الأم : ” تحدق فيها متوجسة ” ….
نميلة : والجميل أن لونه ليس أسود مثل
لوننا نحن ..
الأم : ماذا إذن ؟
نميلة : لونه أحمر .
الأم : ” تشهق خائفة ” يا ويلي ..
نميلة : آه لو ترينه ..
الأم : لا أريد أن أراه .
نميلة : ” بصوت حالم ” أتعرفين ماذا قال
لي ..
الأم : ” تصيح منفعلة ” كفى .
نميلة : ماما !
الأم : هيا نبتعد من هنا ، هيا بسرعة .
نميلة : ما الأمر ، يا ماما ؟
الأم : ” تمسكها من يدها وتسحبها ” هيا
.. هيا .
نميلة : ” تحاول أن تتملص منها ” دعيني
أولاً أن آخذ حبة الرز .
الأم : لن نأخذ أي شيء ، حتى حبتي
الحنطة والشعير ، لن نأخذهما ،
مادامتا من هذا المكان .
نميلة : ماما ..
الأم : هذا النميل الأحمر ، الذي أعطاك
حبة الرز ، واحد من أشرس أنواع
النمل المعادي لنا .
نميلة : ماذا تقولين ، يا ماما ؟
الأم : هذا ما قالته لي أمي وكذلك جدتي ،
بل ما يقوله الجميع ، عندنا نحن
النمل الأسود .
نميلة : ” تلوذ بالصمت ” ….
الأم : بنيتي ..
نميلة : ” يأتيها صوت نميل ” نلتقي غداً .
الأم : هيا ، يا بنيتي ، هيا .
نميلة : ” وكأنما تحدث نفسها ” لن يأتي
غداً .
الأم : ماذا !
نميلة : الغد لن يأتي .
الأم : ” تسحبها من يدها ” هيا ، هيا وإلا
جاء النمل الأحمر ، وفتك بنا .

نميلة إلى الخارج
الأم نميلة تسحب

إظلام

( الحطّاب )

مجموعة مختلفة من
الأشجار وسط الغابة

الصفصاف : ” باكية ” آه .
الزيتون : كفى بكاءً ، يا عزيزتي ، شجرة
الصفصاف .
الصفصاف : ابنتي ، يا شجرة الزيتون ، ابنتي .
الزيتون : البكاء لا يفيد .
الصنوبر : ما أسهل الكلام .
الزيتون : أنتِ شجرة كبيرة ، مجربة ، هذه هي
الحياة .
الصنوبر : الحطّاب قطع ابنتها ، ابنتها هي .
الصفصاف الفتية: الويل للحطّاب ، لابد أن نعاقبه .
الصنوبر : وبأقصى عقوبة .
الصفصاف الفتية: فلنقتله .
البلوط : مازلتِ صغيرة ، يا بنيتي ، لا تتحدثي
عن القتل .
الصفصافة الفتية : الحطّاب قطع أختي .
الريح : ” من بعيد ” هو و و و .
الصنوبر : اسمعن .
الريح : هو و و و .
الصفصاف : أظنها الريح .
الصنوبر : إنها تقول شيئاً ، اسمعن .
الريح : هو و و و .. الحطّاب .. هو و و و .
الصفصاف الفتية : الحطّاب ، هذا ما تقوله الريح .
الصنوبر : إنه قادم ، فلنختبئ.
الزيتون : عزيزاتي ، لا تنسين ، الحطّاب رجل
مسن ..
الصنوبر : لقد قطع منا من هي أسنّ منه .
الزيتون : وهو ، فوق ذلك ، إنسان طيب .
الصنوبر : كفى ، الحطّاب مجرم ، وسيدفع الثمن
غالياً .
الزيتون : أرجوكِ ، يا شجرة البلوط ، أنتِ
حكيمتنا ، قولي شيئاً ، قبل فوات الأوان .
البلوط : العدل ، هذا ما نريده .
الصفصاف الفتية : إنه قاتل .
البلوط : علينا أن نتأنى ، وإلا ندمنا مدى الحياة .
الصنوبر : لقد أجرم في حقنا .
البلوط : فلنحاكمه ..
الزيتون : عين العقل .
البلوط : بالعدل .
الريح : هو و و و .. قادم .. الحطّاب .. هو وو
وو.
الصفصاف الفتية : ها هو قادم .
الصنوبر : نعم ، إنه هو ، القاتل .
الصفصاف : قاتل ابنتي ، قادم ، ومعه فأسه .
البلوط : ألزموا الهدوء ، رجاء .

يدخل الحطّاب العجوز ،
وفأسه بين يديه

الحطّاب : آه يبدو أنني تعبت ، فلأرتح قليلاً ، قبل
أن أحتطب ” يبتسم ” لو سمعتني زوجتي
لضحكت مني ، وقالت ، لقد شخت أنت
أيضاً ، المسكينة ، جلست ترتاح قرب
النبع ” يشد على فأسه ” قد تأتي في أية
لحظة ، وتتهمني بالتقاعس ” يرفع الفأس
” فلأقطع بعض ..
الصفصاف : توقف .
الحطّاب : ” يتراجع خائفاً ” آآ ه .
الصفصاف : لن تقطع بعد الآن شيئاً .
الصنوبر : أيها المجرم .
الحطّاب : أنا ! لا .
الصفصاف : أنت قطعت الأشجار .
الصنوبر : وخربت أعشاش العصافير والطيور ..
الصفصاف الفتية : وقتلت أختي .
الصنوبر : ومثلما قتلت .. ستقتل .
البلوط : مهلاً ، لن نعاقبه قبل أن نسمع دفاعه ”
للحطاب ” لقد سمعت الأشجار ، قل ما
عندك .
الحطّاب : ” متأتئاً ” عز .. يزا .. تي أأ أنا ..
البلوط : تكلم ، أيها الحطاب ، نحن نسمعك .
الحطّاب : ” يتلفت خائفاً متردداً ” أأ أنا ..
الزيتون : لا تخف ، تكلم .
الحطّاب : أنا .. قطعت .. قطعت .. بعض الأغصان .
الصفصاف : ابنتي ليست غصناً .
الحطّاب : ابنتك !
الصفصاف : نعم ، وأنت تعرفها جيداً .
الحطّاب : لعلك تقصدين .. الصفصافة الصغيرة ..
الذابلة .
الصفصاف : ذلك الذبول كان عارضاً .
الحطّاب : لا ، كانت مريضة ، وخشيت أن ينتقل
مرضها إلى الأشجار الأخرى .
الصفصاف : لكنها ابنتي .
الحطّاب : لقد أنقذت الغابة .
الصفصاف : ” تطرق حزينة صامتة ” ….
الصنوبر : دعك من هذا ، أنت قطعت الكثير من
الأشجار ، اعترف .
الحطّاب : أنا حطّاب ، وهذا عملي ، أعيل به
زوجتي العجوز ، وقطتي الصغيرة ،
وكلبي الوفي .
الصنوبر : هراء .
الحطّاب : وفضلاً عن ذلك ، فأنا لا أبيع الأخشاب
إلا لنجارين طيبين ، وأنتم تعرفون ما
يصنعون منها ..
الصنوبر : ” بسخرية ” نعرف .
الصفصاف الفتية : يصنعن أقفاصاً للعصافير .
الحطّاب : لا ..
الصنوبر : وهراوات غليظة .
الحطّاب : لا .. لا ..
الصفصاف : ومحارق .
الحطّاب : لا يا عزيزاتي ، إن نجاريّ طيبون ،
وهم يصنعون من أخشابي ، مهوداً
للأطفال ، ومناضد للكتابة ، وسفناً تجوب
العالم .
البلوط : أيها الحطّاب ..
الحطّاب : ” مترقباً ” نعم .
البلوط : أنت إنسان طيب ، خذ منا ما تحتاجه .
الحطّاب : أشكرك ، يا عزيزتي .

الزوجة العجوز تدخل
متعبة ، وتقف مذهولة

الحطّاب : ” لا ينتبه إليها ” ثقوا أنني لن أبيع
الأخشاب إلا لنجارين طيبين ، يصنعون
منها ..
الزوجة : مهلاً ، أيها العجوز ، إنني لا أرى ما
يمكن أن تبيعه ..
الحطّاب : ” يتوقف محرجاً ” ها .. الحقيقة ..
الزوجة : الحقيقة .. ، إنك لم تحتطب بعد أي
شيء.
الحطّاب : لا عليك ، يا عزيزتي ، سأحتطب الآن
ما أشاء ، لكن .. وهذا وعد مني .. ”
بصوت احتفالي ” لن أبيع الأخشاب إلا
لنجارين طيبين ، يصنعون منه ، مهوداً
للأطفال ، ومناضد للكتابة ، وسفناً تجوب
العالم .

أغنية راقصة يشترك بها
الحطّاب وزوجته والأشجار

إظلام تدريجي
ستار

أغنية تسي .. تسي

بيت العمّة دُبّة ،
الببغاء يحاول النوم

الببغاء : آه ، إنني متعب ، بل أكاد أن أنهار ،
ورغم ذلك لا أنام ” ينقلب متضايقاً ”
ربما هي هذه الدُبّة ، وحديثها المستمر
عن الحشرات ، حتى امتلأ رأسي
بالطنين .. والأزيز .. و .. ” ينقلب ثانية
” فلأعدّ الخراف لعلي أنام ”
يغمض عينيه ويعد ” واحد .. اثنان ..
ثلاثة .. أربعة .. ” يتثاءب ” يبدو أنني
سأنام .. هذه المرّة ” يعدّ ” خمسة .. ستة
.. سبعة ” الباب يطرق ” عشرة ..
إحدى عشرة ” الباب يطرق ثانية ً ”
عشرون .. ثلاثة وعشرون ” بانفعال
متزايد ” خمسة ” الباب يطرق مرّة ً
أخرى ” سبعة وعشرون .. ثمانية و ..
” يصيح ” العمّة دُبّة ليست في البيت .
الثعلب : ” من الخارج ” لا أريد العمّة دُبّة ”
يدخل ” أريدك أنت .
الببغاء : ” متضايقاً ” أيها الثعلب .. .
الثعلب : ” يضحك ” إنني أمزح .
الببغاء : أعرف مزاحك .
الثعلب : قالت لي العمّة دُبّة البارحة ، ونحن
نصطاد السمك .
الببغاء : ” يهمهم ” هم م م م م .
الثعلب : إنك لا تنام .
الببغاء : ولن أنام ما دمت أرى كل يوم وجهك
ووجهه ..
الثعلب : فجئتك بحشرة منوّمة ” يريه الحشرة ”
أنظر يا .. ببغاء .
الببغاء : ” ينظر إليها ” إنها ذبابة .
الثعلب : تقريباً .
الببغاء : كلا ، فهي إمّا ذبابة ، أو ليست ذبابة .
الثعلب : هذه الحشرة تغني ..
الببغاء : تغني !
الثعلب : أغنية جميلة ، وبصوت ساحر ” يغني ”
تسي تسي .. تسي تسي .
الببغاء : ” يحدق فيه ” ….
الثعلب : جربها ، وسترَ .
الببغاء : أنت ثعلب .
الثعلب : نعم ، لكني صديقك ..
الببغاء : صديقي !
الثعلب : وأريدك أن تنام .
الببغاء : هذا حلم .
الثعلب : سأضع الحشرة هنا ” يضعها فوق
المنضدة ” جربها ، وسيتحقق الحلم ،
وتنام .
الببغاء : ” ينظر إلى الحشرة ” ….
الثعلب : إذا أغمضت عينيك ، ستأتيك هذه
الحشرة ، وتقبلك برقة من وجنتك ،
وهي تغني بصوتها الساحر ” يغني ”
تسي تسي .. تسي تسي ، فتنام على
الفور .
الببغاء : ” ينظر إليه متململاً ” ….
الثعلب : مهما يكن ، فهي لك ” يتجه نحو الباب ”
وداعاً .
الببغاء : ” ينزل ويحدق في الذبابة ” لا بد أن
اللعين يسخر مني ” يصمت ” من
يدري ، لعلها حشرة منومة فعلاً ،
تنومني ثمّ يأتي ، و يأخذني”يصمت ”
لكن الثعلب قد يصدق مرّة ، لماذا لا ؟
“الذبابة تطير ” ها هي تطير ” يتابعها
بنظره ” تسي تسي ، لم أسمع بحشرة
تغني مثل هذه الأغنية ، ولا حتى من العمة .. ” ينصت ” ها هي قادمة ” يسرع إلى فراشه ” فلأنم ” يتمدد ” .

تدخل العمّة دُبّة ،
حاملة بضعة أسماك

العمّة دُبّة : ” تنظر إلى الببغاء ” حمداً لله ” تضع
السمك على المنضدة ” نام أخيراً .
الببغاء : ” يعتدل ” لم أنم .
العمّة دُبّة : ” تلتفت إليه ” ببغاء .
الببغاء : ” بانفعال ” ولن أنام .
العمّة دُبّة : ” تحدق فيه ” ….
الببغاء : حتى لو سمعت أغنية ” يغني ” تسي
تسي .. تسي تسي .
العمّة دُبّة : تسي تسي ؟
الببغاء : أنتِ لم تسمعي هذه الأغنية ..
العمّة دُبّة : ببغاء ..
الببغاء : وتدّعين العلم بكل شيء ؟
العمّة دُبّة : آه ، الثعلب .
الببغاء : نعم ، هو نفسه .
العمّة دُبّة : ببغاء ، أنت تعرفه ، إنه ثعلب .
الببغاء : ورغم هذا ، فكر بي ، وجاءني بحشرة
منومة ، تغني لي بصوت ساحر ”
يغني ” تسي تسي .. تسي تسي .
العمّة دُبّة : الويل له ” تتلفت حولها خائفة ” أين هذه
الحشرة .
الببغاء : وضعها على المائدة ، قبل أن يخرج ،
ويقول لي ، وداعاً .
العمّة دُبّة : على المائدة ! ” تحدق في المائدة ” أين
هي ؟ أين ؟
الببغاء : لقد طارت ، لكنها ما زالت داخل البيت
ينصت ” أسمع أزيزها ” يتلفت حوله ”
تلك هي ” يشير إليها ” تطير فوق
المنضدة ، أنظري .
العمّة دُبّة : ” تنظر حيث يشير ” إنها ذبابة .
الببغاء : هذا ما قلته له ، لكنه ..
العمّة دُبّة : يجب أن تتخلص منها ” تضرب الذبابة
” أو تقتلها ” تضرب الذبابة ” وإلا .. ”
تتهاوى المائدة إلى الأرض ” آآآآ .
الببغاء : ” ينزل قلقاً ” أيتها العمّة ..
العمة دبة : ” تعتدل متوجعة ” يا لي من حمقاء ..
الببغاء : ” يحملق فيها ” ….
العمّة دُبّة : ذبابة تسي تسي ، التي تسبب مرض
النوم القاتل ..
الببغاء : تسي تسي !
العمّة دُبّة : لا تعيش هنا ، وإنما في افريقيا .
الببغاء : الثعلب اللعين ، قال لي ، إنها أغنية
منومة .
العمّة دُبّة : وقد مات من هذا المرض في إحدى
المستعمرات ، ستة ملايين من الأهالي ،
خلال بضعة أعوام .
الببغاء : ” مرعوباً ” يا إلهي .
العمّة دُبّة : وفقدت اوغندة ، وهي من أغنى مناطق
أفريقيا ، ثلثي عدد سكانها بسبب هذه
الذبابة .
الببغاء : تسي تسي ” يصعد إلى فراشه ويغني
بصوت مختل ” تسي تسي .. تسي تسي.
العمّة دُبّة : ” تنظر إليه ” ببغاء .
الببغاء : ” مستمراً على الغناء ” تسي تسي ..
تسي تسي .
العمّة دُبّة : ” تقترب منه ” ….
الببغاء : ” مستمراً على الغناء ” تسي تسي ..
تسي تسي .
العمّة دُبّة : ” تمسد على رأسه ” نم يا عزيزي .
الببغاء : أنا بدون تسي تسي لم أنم ، فكيف أنام ”
يتابع الذبابة بنظره ” وتسي تسي تئز
في رأسي .
العمّة دُبّة : ” تمسد على رأسه ” هذه الذبابة ليست
من نوع تسي تسي .
الببغاء : ” يبعد يده بخشونة ” كلّ الذباب ، منذ
الآن ، تسي تسي ” يهب بجنون ويهتف
” الموت للذباب .

يجمد الببغاء والعمة
دبة ، إظلام تدريجي

إظلام

الذئب

مدرسةُ الغابةِ ، يدخلُ الكلبُ مراقب
الصفِ،ويدخلُ بعدَهُ صغارُ الحيواناتِ ،
ديدان ، ثعلبً ، غزالُ ، حملُ ، ذئبُ ،
الذئبُ يجلسُ وراءَ الحملِ .

الكلبُ : ألزموا الهدوءَ ، سيأتي الأستاذ ُبعدَ قليلٍ
” للذئبِ ” ماذا تفعلُ هنا ؟ عدْ إلى
مكانِكَ .
الذئبُ : هذا مكانيَ .
الكلبُ : مكانُكَ في آخرِ الصفِّ .
الثعلبُ : دعْهُ يجلسُ حيثُ يشاءُ .
العنزةُ : هذا صفُ ، وليسَ فوضى ..
الثعلبُ : ” يقاطِعُها ” الأمرُ لا يعنيكِ .
العنزةُ : يجبُ أن يجلسَ كلّ ُتلميذٍ في مكانِهِ .
الكلبُ : أرجوكُمْ ، ألزموا الهدوءَ ، ” للذئبِ ”
هيّا ، عدْ إلى مكانِكَ .
الذئبُ : قلتُ لكَ هذا مَكانِي .
العنزةُ : دَعْهُ ، سيأتي الأستاذ ُو ..
الكلبُ : صَهْ ، جاءَ الأستاذ ُ.

يدخلُ الدبُ مبتسماً ،
وفوقَ عينيهِ نظارة

الدبُ : أعزائي ، لدينا اليومَ موضوعُ هامُ َ”
يتطلعُ إلى الصغارِ ” أرجو أنْ لا يكونَ
أحدُ َقدْ تغيبَ عنْ الدرس ِ.
الكلبُ : الأرنبُ الأبيضُ غائبُ َ، يا أستاذ ُ.
الدبُ : أخشىَ أنْ يكونَ مريضاً .
الكلبُ : البارحة ُرأيتُهُ ، وكانَ بخيرٍ .
الدبُ : منَ الأفضل ِأنْ تزورَهُ اليومَ ، وتطمَئِنَ
على صحتِهِ .
الحمارُ : ” يصيحُ ببلاهةٍ ” أستاذ .
الدبُ : نعم .
الحمارُ : الأرنبُ الأبيضُ ليسَ مريضاً ..
الدب : حمداً للهِ .
الحمارُ : أمُهُ هيَ المريضة ُ.
الدبُ : يا للمسكينَةِ .
الحمارُ : لقدْ رأيتُهُ صباحَ اليومِ ، كانَ فرحاً جداً .
الدبُ : ” يمازِحَهُ ” لأنَ أمَهُ مريضة ؟
الحمارُ : كلا ، يا أستاذ ..
الدبُ : لماذا إذنْ ؟
الحمارُ : لأنّها ولدت ْ له سبعةِ إخوةٍ .

الكلُ يضجونَ بالضحِكِ ،
عدا الذئبُ ، الدبُ يبتسمُ

الدبُ : سبعة ُأرانبٍ !
الحمارُ : كلها بيضاءُ .
الدبُ : يبدو أنَّ المدرسة ستمتلىء بالأرانبِ في
العامِ القادمِ .
الحمارُ : أمي أيضاً ستلدُ ، يا أستاذ .
الدبُ : أرجوكَ ، قلْ لها ، أنْ لا تلدَ سبعة َ
حميرٍ مثلكَ ، فأنتَ تكْفي .

الجميعُ يضحكونَ عدا الذئبُ ،
الحمارُ يطرقُ رأسَهُ مُحرجاً

الدبُ : والآنَ سنعودُ إلى موضوعِنا ” ” للذئبِ
” أعتقدُ أنني قلتُ لكَ البارحةَ ، أنْ تجلسَ
في آخرِ الصفِّ .
الذئبُ : أريدُ أنْ أجلسَ هُنا .
الدبُ : لكنَّ الأفضلَ أنْ تعودَ إلى مكانِكَ .
الذئبُ : سأجلسُ هنا اليومَ .
الثعلبُ : ” بخبثٍ ” دعْهُ يا أستاذ ، إنّهُ يحبُ
صديقهُ الحملَ .
العنزةُ : صديقهُ !
الثعلبُ : نحنُ هنا أصدقاءُ َجميعاً .
الدبُ : ألزموا الهدوءَ رجاءً ” للحمل ِ ” أتحبُ
أنْ تغيّرَ مكانَكَ ؟
الحملُ : لماذا يا أستاذ ؟
الدبُ : أخشى أنْ لا تكون مرتاحاً هنا .
الحملُ : ” يبتسمُ ببراءةٍ ” إنني مرتاحُ ، يا أستاذ.
الدبُ : حسناً ، لنبدأ الدرسَ إذنْ ، أعزائيَ ،
موضوعُنا هذا اليومَ هو العصرُ
الحجريُ ، وقدْ لا تصدقونَ إذا قلتُ لكمْ ،
أنّ الحيواناتِ في ذلكَ العصرِ ، كانتْ
شديدة َالتوحش ِ، وكانَ بعضُها يأكلُ
البعضَ الآخرَ ، حتى أنَّ الذئابَ كانتْ
تغيرُ على الحملان ِ البريئةِ ، وتلتهمُها .
العنزةُ : سلالة ُ َمُتوحشة ُ.َ
الدبُ : عنزة .
العنزة : نعمْ أستاذ .
الدبُ : لا تتكلمي بدون ِإذن ٍ.
العنزةُ : عفواً أستاذ .
الدبُ : لنعدْ إلى موضوعِنا ” يفكرُ ” ماذا كنتُ
أقولُ ؟
العنزةُ : الذئابُ كانتْ تغيرُ على الحملان ِالبريئةِ
وتلتهمُها ..
الذئبُ : ” للعنزةِ ” سألتهمُكِ يوماً ما .
الدبُ : ماذا قلتَ !
الذئبُ : لا شيء .
الدبُ : أرجو أنْ تتذكرَ أنّكَ ليسَ في العصرِ
الحجريِّ .
الثعلبُ : لكنَّ العنزةَ هيَ التي تحرشَتْ بهِ .
الدبُ : ثعلب ، إنني أنذِرُكَ .
الثعلبُ : عفواً أستاذ .
الدبُ : حسناً ماذا كنتُ أقولُ ؟
العنزةُ : الذئابُ كانتْ تُغيرُ …
الدبُ : ” يقاطِعُها ” مهلاً تذكرتُ ، أمّا الآنَ فانَّ
جميعَ الحيواناتِ لا تأكلُ سوى اللحومِ
المعلبةِ ، والخضرِ المطبوخةِ ، والفواكِهَ
، لقد تحضّرْنا ، ونبذنا شريعَة َالعصرِ
الحجريِّ إلى الأبدِ ” صمت ” أعزائي ،
لكيْ أعرِّفَكُمْ ، على شريحةٍ من العصرِ
الحجريِّ المندثرِ ، كلفتُ اثنين مِن
زملائِكمْ بتقديمِ مسرحيةٍ قصيرةٍ عن ذلكَ
العصرِبعنوان ِذئبُ َمن العصر الحجريِّ يشيرُللدبينِ الصغيرين ”
تفضّلا ، أرجو أن تكونَا قد حفظتُما
دوريكُما جيداً .
الدبان : ” وقدْ نهضَا ” نعم أستاذ .
الدبُ الأولُ : هذا قناعي ، إنني أمثلُ دورَ الحملِ ِ.
الدبُ الثاني : وأنا أمثلُ دورَ الذئبِ ، وهذا قناعي .
الدبُ : أعزائي ، أرجو أن تصْغوا جيداً إلى
زميليكُما وهما يمثلانِ أمامَكُمْ مسرحية َ
ذئبُ َمنَ العصرِ الحجريِّ ” للدبين ”
تفضلا أمامَ المنصةِ .

الدبُ الأولُ يتجولُ أمامَ المنصةِ
وهو يضعُ قناعَ الحملِ ، يدخلُ
الدبُ الثاني ، وقدْ وضعَ على
وجهِهِ قناعَ الذئبِ

الدبُ الأولُ : آه الحملُ الصغيرُ …
الدبُ الثاني : صباحُ الخيرِ يا سيدي .
الدبُ الأولُ : ماذا تفعلُ هُنا ؟
الدبُ الثاني : إنني أتجولُ يا سيدي ، إنَّ الجوَّ رائعُ
اليومَ .
الدبُ الأولُ : يا للحقارة ، كيفَ تجرؤ على التجولِ بعدَ
أنْ شتمتني ؟
الدبُ الثاني : أنا شتمتُكَ يا سيدي ! متى ؟
الدبُ الأولُ : في العام ِالماضي .
الدبُ الثاني : لابدَّ أنَّه حملُ َآخر يا سيدي ، فأنا ولدتُ
هذا العام ِ.
الدبُ الأولُ : وأكلتَ من عُشبي .
الدب الثاني : لكني لم آكل ِالعشبَ بعد يا سيدي .
الدب الأول : وشربْتَ من مائي .
الدب الثاني : لم أشربْ ماءً قط ، فإنَّ طعاميَ وشرابيَ
لا يزالانِ من لبن ِأمي .
الدبُ الأولُ : مهما قلتَ فلنْ أبقى بلا عشاءٍ ، وأنتَ
اليومَ عشائي .

ينقضُ الدبُ الأولُ على الدبِ الثاني
ويتظاهرُ بأنَّه يغرسُ أنيابَه في عنقِه ،
الدبُ الثاني يتظاهرُ بالخوفِ ، الجميعُ
يصفقون َعدا الذئبُ ، الأستاذ ُيبتسمُ بفرح ٍ

الثعلبُ : ” بخبثٍ ” مسرحيةُ لذيذةُ .
الغزالُ : لنْ أصدقَ ما جاءَ فيها .
العنزةُ : صدقْ يا عزيزي ، فأنتَ لا تعرفُ
الذئابَ .
الذئبُ : ستعرفينَ أحدَهُمْ يَوماً .
الدبُ : أرجوكُم ألزموا الهدوءَ …
الحمارُ : أستاذ .
الدبُ : نعم .
الحمارُ : ألمْ يكنْ منَ الأفضلِ أنْ يمثلَ دورَ الحمل
حملُ حقيقيّ ؟
الدبُ : ” يُتأتيء ” آآآآ..
الثعلبُ : فكرةُ رائعةُ َ.
الدبُ : كلا .
الثعلبُ : دعْهُ يحاولْ .
الحملُ : ” يقفُ ” أستطيعُ أنْ أمثلَ دورَ الحمل ِ.
الدبُ : كلا .. كلا .
الذئبُ : ” يقفُ ” وسأمَثِلُ أنا دورَ الذئبِ .
الدبُ : كلا .. كلا .. كلا .
الحملُ : إنني أحفظُ الدورَ ، يا أستاذ ُ، دعْني
أجربْ .
الدبُ : ليسَ الآنَ .
الحملُ : أرجوكَ أستاذ ُ..
الدبُ : لكن ..
الذئبُ : ” يأخذُ بيدِ الحمل ِ” هيّا نمثلُ المسرحية َ
معاً .
الحملُ : هيّا .
العنزةُ : ” للحمل ِ” ماذا تفعلُ ؟
الغزالُ : إنني لا أفهمُ ما يجري .
الدبُ : ” للحمل ِ” أصغ ِإليَّ .
الحملُ : أرجوكَ .
الدبُ : حسناً ، لكنْ كُنْ حذراً .
الذئبُ : فلنبدأ .
الحمل : هيّا .

صمت متوترُ ، الحملُ يتجولُ
أمامَ المنصةِ ، يدخلُ الذئبُ ،
ويرمقهُ بنظرةٍ طويلةٍ جائعةٍ

الدبُ : ” للذئبِ ” هيّا ، ابدأ دورَكَ .
الذئبُ : مَنْ ! الحملُ اللذيذُ ؟
الدبُ : اللذيذُ ! مِنْ أينَ جئتَ بهذِهِ الكلمةِ ؟
الذئبُ : لقدْ أخطأتُ ، سأبدأ ُمن جديدٍ .
الدبُ : حسناً ، حسناً ، هيّا .
الذئبُ : مَنْ ! الحملُ اللذ ..
الحملُ : صباحُ الخيرِ ، سيدي .
الذئبُ : ماذا تفعلُ هنا ؟
الحملُ : إنني أتجولُ ، يا سيدي ، إنّ الجوّ رائعُ َ
هنا اليومَ .
الذئبُ : وأنتَ أروعُ ، كيفَ ..
الدبُ : ماذا جرى لكَ ؟ التزمْ بالنص ِ.
الذئبُ : يا للحقارة ، كيفَ تجرؤ على التجول ِفي
حقلِي ، بعدَ أنْ أغريتَني ؟
الدبُ : أغريتني ! أعوذُ باللهِ .
الحملُ : ليسَ أغريتني ، بلْ شتمتني .
الذئبُ : شتمتني ، وأسلتَ لعابي .
الدبُ : ” يمسِكُ رأسَهُ ” آه .
الحملُ : أنا أسلتُ .. عفواً..أنا شتمتُك ، يا سيدي؟
متى ؟
الذئبُ : في العام ِالماضي .
الحملُ : لابدَّ أنَّه حملُ آخرُ ، يا سيدي ، فأنا
ولدتُ هذا العامِ .
الذئبُ : وها أنتَ ذا قد سمنتَ مِنْ عُشْبي .
الدبُ : سمنتَ ! آه لا فائدة َ.
الحملُ : إنني حملُ صغيرُ َ، يا سيدي ، ولا
أستطيعُ أنْ أسمنَ .. آه.. عفواً .. لا
أستطيعُ أن آكلَ العشب َ .
الذئبُ : وستقولُ أيضاً ، إنك لم تشربِ الماءَ مِنْ
نبْعي .
الحملُ : فعلاً ، يا سيدي ، فأنا لم ..
الذئبُ : ” يدنو مِن الحملِ ” أيها الحملُ اللذيذُ ..
الدبُ : ” يصيحُ ” ماذا تقولُ ؟
الحملُ : لم أشربْ ماءً قط ، إنّ ..
الذئبُ : أدنُ مني .
الحملُ : دعْني ، أنهِ حواريَ ..
الذئبُ : لنْ أدعكَ ، إنني جائعُ ..
الحملُ : ” بخوفٍ ” سيدي ..
الذئبُ : مهما قلتَ ، فلنْ أبقى بلا عشاءٍ ، وأنتَ
اليومَ عشائي .

الذئبُ ينقضّ على الحملِ ويغرسُ
أنيابَهُ في رقبَتِهِ ، الحملُ يصرخ ،
الدبُ يحاولُ إنقاذَ الحمل ِ

الدبُ : ماذا تفعلُ أيها المتوحشُ ؟
الذئبُ : دعني أؤدي دورِيَ .
الدبُ : إنّ المسرحية َقدْ انتهتْ .
الذئبُ : لكني لم آكلِ الحملَ بعد .
الدبُ : دعْهُ أيها الوحشُ ، دعْهُ .
الذئبُ : إنني ذئبُ.. ذئبُ.. ذئبُ.
الدبُ : أيها الصِغارُ ، أنقذوا رفيقَكُمْ الحملَ ،
واطردوا الذئبَ مِنْ َصفِكُمْ .

الصغارُ يحيطونَ بالذئبِ ، ويهجمونَ
عليهِ ، الذئبُ يلوذ بالفرارِ صائِحاً ..
إنني ذئبُ .. ذئبُ .. ذئبُ

الدبُ : “للحمل ِ” هلْ أنتَ بخير ٍ؟
الحملُ : نعمْ ، يا سيدي .
الغزالُ : صدقوني ، إنني لم أرتحْ لوجودِ
الذئبِ معنا مُنذُ البدايةِ .
الكلبُ : فلنطمَئِنّ ، ما دمنا قد طردْناهُ ِمْن صفِنا.
الدبُ : لكنّه هناكَ في ظلامِ الغابةِ .
الذئبُ : ” يرتفعُ عواؤه مِنْ بعيدٍ ” عووووو.
الدبُ : حذار ِ, يا أبنائي ، إنَّ العصرَ الحجريُّ
على الأبوابِ .

العواءُ يستمرُ مِنْ بعيدٍ ،
إظلام تدريجي
ستار

 

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| طلال حسن : رواية للفتيان – خزامى الصحراء

إشارة: بعد أن أنهينا نشر فصول مخطوطة كتاب “حوارات” لأديب الأطفال المبدع العراقي الكبير “طلال …

هشام القيسي: أكثر من نهر (6) محطات تشهد الآن

ينفتح له ، وما يزال يرفرف في أفيائه مرة وفي حريق انتظاره مرة أخرى ومنذ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *