قالت له باسلوب معروف في (صنفها):
ـ الم أقل لك أن تبعد (قذاراتك) عن الشارع ؟
ما كان قد بقي للرجل بعد,غير شيء أبيض في داخله,حرص كل وقته على أن يبقيه على بياضه,بل أن {يعمل} على أن يزيد من نصاعته.. و رأى ـ بكل أحاسيسه ـ أن الكف النظيفة ,المعطرة ،البيضاء ـ من الخارج فقط ـ مسّت صفحة وجهه , فتركت هناك ندبة ألم , سرعان ما تحولت الى بقعة سوداء رأى انها تلوث بعض بياضه …
قال {بو عزيزي} لنفسه وهو يحاورها , انه ليس في قدرته بأي شكل , أنت برد صفعة اليد السوداء – بيضاء , الى من تلصق في وجهه عينين يشع منهما حقد , ما اقتنع ( بو عزيزي ) يوما بتبريره ….
لكن أعماق ( بو عزيزي ) وفرت لقناعته أن ( صفعته ) التي يخطط لها ستكون أسوأ مردودا على حاملة اليد التي لوثت بعض بياضه ..
رأى اناس كثر يصافحون وجه ( بو عزيزي ) بمحبة , وهم يشترون منه بعض حوائج بسيطة في عربته التي يركنها في موضع على احد أرصفة مدينته , رأوا ( بو عزيزي ) يطير محمولا باجنحة حمر , زرق احتضنت ثيابه ثم تداخلت بحنان موجع , في ثنايا الطري من لحم جسده …
لم ينحن ( بو عزيزي ) , وهو ينصهر تحت وهج الاجنحة الملونة التي ارتفعت به الى فضاءات واسعة راح يوزع من ابعادها رماد جسده على كل ارصفة وشوارع , واحياء , وقرى , ومدن وطنه .. على (مزابل شرطة) واجهزة (بشرية) تبث الفناء على امثاله ….
كتلة من رماذ ابيض – رماد جسد ( بو عزيزي ) كله ابيض تراكمت فوق وجه شرطية وخز جانبا من عمقها وجع احتارت في تفسيره ….
نصح ( صانعوا) الشرطية ان تتناول ادوية اعتادوا تعاطيها كلما عزلوا امثال ( بو عزيزي ) عن الحياة .. ولكن الشرطية ظلت تتأكل , في اعماقها , باجنحة ملونة – زرقاء حمراء – تلك التي حملت ( بو عزيزي ) الى سماوات ترفض قبول الاجساد البيض المعطرة .
ريسان جاسم عبد الكريم
كركوك
14- 3 – 2011
ريسان جاسم عبد الكريم: “ألواد بوعزيزي”
تعليقات الفيسبوك