رواية ( قصر الحلوى ) للروائيه التركيه اليف شافاك ترجمة د. محمد درويش
قراءة مجاورة للنص
عبد الهادي الزعر
لم تكن قصر الحلوى هى الرواية الاولى لشافاك فقد سبقتها ( قواعد العشق الاربعون ) و (لقيطة أسطنبول ) و ( اشرف ) وغيرها –
أشتغلت المؤلفه على أكثر من ملمح وغاصت سائحة فى اتجاهات سرد وبنية نص مستحدثة ؛ حيث وضعت المتلقى امام فرشة واسعة من ظنون ومخاوف تدور فى رؤوس شخصيات روايتها بسبب التحولات الكبيرة التى طرأت وما تزال تطرأ يومياً على هيكلية الواقع التركى مابين أنسلاخ تدريجى عن ماضى الأمبراطورية العريق ؟ وإضافات مستحدثة لم تطرأ على بال
حيث بدأت العراقة تقضم نفسها بنفسها !؟ تذوب وتتلاشى شيئا فشيئا !
فتنذر بزوال الجذور وأن أستترت بعض منها هنا وهناك (*) فلا عادات متوارثة بقت ولا مظاهر للتدين ثبتت !! وبدت ( الغربنة ) تقضم الماضى التليد بشراهةٍ ممنهجةٍ وتحيله الى إيقونات
مستوردةً من وراء البحار ؛ فلولا أيا صوفيا ومتنزه قسمت وقصور أباطرة بنى عثمان والبسفور لحسبت نفسك سائراً فى روما أو برلين ؟
فمنذ التغيير الذى حدث على يد أتاتورك فى الثلث الاول من القرن العشرين أدى الزمان دوره كاملا سلباً وإيجاباً وهو ينذر بإضمحلال حضارة كانت ممتدة الى ماشاء الله ؟ حتى اللغة العربية أستبدلت بأبجديةٍ
الانكلو ساكسون لتكون بديلاً والتحدث بها قسراً – – – بالرغم من دين الدولة المعلن رسمياً ولكن تقرباً وزلفى –
حاولت اليف شافاك الاستفادة من الاقليات العرقيه التى أستوطنت تركيا وجالياتها من أرمن ويهود ويونانيين وشركس وأكراد موالين ومناوئين ومجوس وروس وعرب وباقى الأعراق والأديان وأن قلّ عدد منتسبيها محاولة تسليط الضوء عليهم وما يختلج فى مكنونهم من حب وكره ومودة لأنتمائاتهم –
ً
كل فئة ولها نزعانها ومسارها وعادتها وطقوسها ولغتها التى تمارسها بالخفاء وطموحها المعلنٍ والمخفى ! ولها من يمثلها حتى ولو الدولة لم تعترف به –
فالسفوروالحجاب و العمامة والطربوش والكوفية والعقال والبذلة السموكن والبنطال البرمودا والبكينى والنكرو والصلعان والملتحين كلٍ الى غايته ؟!
ركزت على الانحطاط الروحى التى أصطبغت به أسطنبول ومقدار الحداثه الزاحفه بلا هواده فى مختلف أوجه الحياة فأبطال روايتها يعيشون حالة الانفصام التام من جراء التوترات الحاصله نتيجة سياسات المتنفذين وأحزابهم ذات الميول التى تمثل أقصى اليسار وأقصى اليمين فلا وسطية فى تركيا
أما التحولات الفائقه المجنونة التى فاقت التوقع ؛ قأتها لم تبقى من شرقية تركيا إلا الاسم بأزاء ماهو علمانى والعلمانى أزاء الدينى وهل للقدر(المحتوم ) من أثر أم أنه تلاشى كما تلاشى غيره – – فالماديات لها اليد الطولى ؟! ولغة الحواسيب تكاد تحصى الأنفاس وتتداخل فى أدق الأشياء قى خصوصية بنى اّدم وكأنها إنساقت نحو الغرب بعنف متمثلة بمشورة الكونياليه قبل وبعد الحربين !
خوف المؤلفة من ضياع الهويه وتلاشيها – – – فأبطال روايتها لافرق بينهم من كان يسكن اسطنبول أو يسكن أماكن نائيه وقصية عن المركز فكلهم فى مأزق واحد يطمحون فى العثور على المفقود والضائع ؟ أنهم للضياع أقرب (*)
إسلوب الرواية متداخل بين الماضى والحاضر والواقعى والسحرى والاسطورى ولها القدرة على التلاعب فى اللغة الى أقصى حدودها وطاقاتها غايتها أبهار المتلقى !؟ فتجد لمسات من مسرح اللامعقول وتمظهرات تيار الوعى الفوكنرى وشىء من الدايلوك الصامت والحاكى إضافة لمسرح العبث
والكاتبه ضد العنف وهى مناصرة لليسار السياسى وتحاول التخفيف مما تعانيه الاقليات العرقيه والقوميه والمذهبيه فتركيا أمبراطورية سادت ثم بادت ولكن معالمها لازالت تلوح لزائريها بأنها باقية شاخصة – – فجوامعها وتكياتها ودراويشها وأرثها الحضارى ( للنزهه والأستجمام فقط )؟؟؟
لاحظت من خلال قرائتى ان هناك بعض الخطوط بين الكاتبه وبين مايخطه ( اورهان باموق ) ويبدو ان الهم مشترك فيما بينهما رغم ان باموق أتخذ أوربا مهجعا ولكنه ينظر الى (أرض روم ) من راء البحار فالاجترار الفكرى أخذ طريقه للمقارنه بين تركيا سابقا وتركيا لاحقا – فالبلد مزدحم بالأحداث يقف على ضفة اّسيا بقدم ويضع القدم الأخرى على أوربا كما أن حلم ( العثمنة ) لا زال يداعب خيال ساستها ؟
(*) الرواية : لها ترجمة ثانية بأسم قصر القمل ل عبد القادر عبد اللى
(*) بعض الفئات التركية تحارب الحكومة منذ سنين عدة تحاول الأنفصال
(*) كل ذاك الأنسياق وراء الغرب ولم تحصل على عضوية السوق
**********
ملاحظة :
لا أحب الأطالة والعود على البدء والتشضى ! فبأستطاعتى التجوال فى شوارعها ومطاعمها وملاهيها وساحاتها وأصفاً كل صغيرة وكبيرة وهذا برأيى يرهق المتلقى ويرهل المقال ؟
عبد الهادى الزعر – – ناقد