محمد رسن : تحفة جديدة في سماء الإبداع (الهوية المسيحية في الرواية العراقية) دراسات تحليلية لروايات مابعد 2003

تحفة جديدة في سماء الإبداع ( الهوية المسيحية في الرواية العراقية ) دراسات تحليلية لروايات مابعد 2003
محمد رسن
ضمن سلسلة نقد التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة صدر كتاب حمل عنوان ( الهوية المسيحية في الرواية العراقية دراسة تحليلية لروايات مابعد 2003 ) للكاتب والإعلامي عماد جاسم.قدم إضاءة المقدمة الدكتور فارس كمال نظمي نذكر في مستل منها:
وظف المؤلف عماد جاسم بعدين جدليين للذات في تحليله للهوية المسيحية اذ عالج اولاً الذات المسيحية بوصفها نمطاً إدراكياً تقويمياً يمارسه الفرد المسيحي نحو خصائصه ودوره وقيمته ومكانته الاجتماعية وسط عصر سياسي شديد التوغل على الخصوصيات الإثنية التي باتت تعاني من الإستبعاد والإنتقاص والتأثيم إذ أفلح ( أي المؤلف) في رسم صورة المسيحي عن ذاته راشفاً ألوانها من مضامين إجتماعية ونفسية مرهفة كانت مختبئة خلف حروف السرد الروائي. وهو في ذلك إستنطق تلك الذات بوصفها بنية عقلية تعكس أمرين متفاعلين في آنٍ معاً: الذات الخاضعة المتلقية لإملاءات الخارج وسلطويته والذات الفاعلة المتسلقة صعوداً من الهوية الهوية الفرعية الى الهوية (الجماعية) الوطنية.
كما عالج المؤلف ثانياً الذات المسيحية من خلال التصورات الإدراكية والتقويمية التي يحملها الآخرون( أي الأكثرية غير المسيحية ) عنها. وهنا أفلح أيضاً في رسم “صورة المسيحي في المخيال العراقي العام”متوغلاً في إشكالية ” الأكثرية- الأقلية ” بوصفها تعبيراً فلسفياً عما اذا كانت فكرة الحق او الخير تتحقق أو يبرهن عليها عبر التفوق الكمي لعدد الأفراد أم عبر المغزى النوعي لأصالة السلوك أياً كان عدد المنخرطين فيه ولو كانوا فرداً واحداً.فالذات المسيحية هنا أصبحت انعكاسا معبراً عن الصورة النمطية التي تحملها الأكثرية حيال الأقلية ضمن المناخ المجتمعي العام النابع من اعماق التطور السوسيو-ثقافي للمجتمع العراقي بعيداً عن سطحيات الحدث السياسي الذي تم اصطناعه فوق ركام الدولة العراقية المهدومة على يد الإحتلال وما أنتجه من سلطة أعادت تصنيف البلاد الى إثنيات متصارعة وفقاً لشرعة الإستئثار والعصبية والكراهية.
وقد تضمن الغلاف الأخير للكتاب أيضاً وقفة جمالية للدكتور فارس كمال نظمي سلط الضوء فيها على المشروع الثقافي المتميز للكتاب وسط المطبوعات الثقافية المترامية على خارطة الإبداع الثقافي العراقي حيث ذكر نظمي فيها:
هذا الكتاب يعد مشروعا عقلانيا طموحا للتجديد الفكري في مقاربته لأدب الأقليات الإثنية في زمن استهلاك المفاهيم الأكاديمية وإفراغها من الروح الأجتماعية كما يعد نصا محرضا على الدهشة الأخلاقية المنحازة إلى قضية مجتمع بات يخضع لعملية تجريف ثقافي وإنساني مريعة ومنظمة بأدوات الدين السياسي والجشع الطفيلي لرأس المال اللقيط.
ولعل الميزة الأسلوبية الأهم لهذا الكتاب تكمن في قدرة المؤلف على الإمساك بعصا الهوية من المنتصف ليتم التوازن الدقيق بين مفهومي الهوية الفرعية المسيحية والهوية الوطنية العراقية إذ إن القارئ لن يشعر بتمايز أو صراع بين هذين المفهومين طوال صفحات الكتاب حتى إن كان هذا التمايز قائما في الحياة الأجتماعية بل سيبحر مستمتعا في مركب مزدوجة تحمل الهويتين معا دون أي تعسف فكري يجعله تحت وطأة التلقين أو الاملاء.
يوفر هذا الكتاب مادة فكرية متنوعة الاختصاص لكل باحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية يريد الاستناد إليه في تطوير دراساته عن أزمة الهوية الاجتماعية في العراق من جهة كما يوفر استشراقات واستنتاجات ذات طابع إجرائي ضمن حقول السياسة والاجتماع والانثربولوجيا والنفس والمجتمع المدني من جهة اخرى مايجعله كتابا توثيقيا لجزء حي وملتبس من الذاكرة التاريخية العراقية عموما وللذاكرة المسيحية خصوصا.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| جابر خليفة جابر : قراءة -ثُريّات المَضامين في بنات أور.

” لقد سمعت المفتاحَ يدور في الباب مرة ويدور مرة واحدة نحن نفكر بالمفتاح كلٌّ …

| د. زكي الجابر : تقديم لكتاب: التصوير والخطاب البصري “تمهيد أولي في البنية والقراءة” * لمحمد الهجابي.

كان ذلك الصباح مشرقاً سعيداً حين جلس محمد الهجابي على مقربة مني.. ودار ثمة حديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *