ما بعد النقد فضاءات المقاربة ومديات التطبيق؛ كتاب للدكتورة نادية هناوي
كتابة أطياف رشيد

ما بعد النقد فضاءات المقاربة ومديات التطبيق
كتاب للدكتورة نادية هناوي
كتابة أطياف رشيد
تعد الكتابة النقدية الاكاديمية واحدة من اكثر الأنواع الكتابية صعوبة لما تحتاجه ، بالإضافة الى الجهد الاستثنائي والوقت ،الى بصيرة نقدية نافذة ومعرفة موسوعية بنظريات النقد ونظريات الادب الحديثة والكلاسيكية معا ، وهو ما يستلزم التواصل والمواصلة في سبر اغوارها والتعمق في رصد المفاهيم والمتغيرات وموكبة النتاجات الأدبية والنقدية وتطور خصائصها الاسلوبية والابستملوجية ، ومن اجل اجتراح توجه نقدي مائز وخاص عمدت الدكتورة نادية هناوي الى انجاز مشروعها النقدي الرصين الذي مكنها من الحضور بقوة في الساحة النقدية العراقية والعربية ليكون لها اسما بارزا بين أسماء نقدية يسود ويهيمن على حدودها السلطة النقدية الذكورية إلا ما ندر من شموس النقد النسوية المتباعدة في فسيح عالم الابداع، دكتورة نادية سعدون هناوي أستاذة الادب الحديث في جامعة بغداد ، ناقدة مجتهدة لها اسلوبها وتوجهها الخاص في اشتغالها النقدي مستفيدة من الاتجاهات النقدية المختلفة ولاسيما النقد الثقافي وما بعد النقد ، وفي كتابها الذي احتفى به في جلسة غنية في منتدى بيتنا الثقافي يوم السبت ٢٣/٩ والتي ادارها الدكتور جاسم محمد جاسم حيث بدأ الجلسة مرحبا بالحضور ، ما يعد علاةة فارقة في النقد الحديث . وقد القى الناقد فاضل ثامر كلمته في الجلسة حول الكتاب موجزا أيضا تعريفا لمفهوم ما بعد النقد meta criticism ومؤسسه الأول تودروف، كذلك ذكر ان ما يميز الدكتورة نادية انها ( تكتب كتابا نقديا خاصا بموضوع نقدي ما وليس تجميع لمقالات نقدية سابقة تضعها في كناب وتضع له عنوانا يلائم مجموعها كما فعلت انا وكثير من النقاد . حتى انها بدأت تخصص كتبا نقدية عن اعمال كاتب بعينه كما فعلت مع كتابها منازع التجريب في روايات القاص جهاد مجيد ) . وبعد كلمة الأستاذ فاضل ثامر جاء دور الكاتبة هناوي لتتحدث عن كتابها وذكرت في مستهل حديثها المنهج الذي انطلقت منه في تاليف كتابها النقدي وهو المابعد نقدي او نقد النقد حيث مرحلة القارئ الناقد حيث هو شكل من اشكال الكتابة والانشاء اللغوي وفرع من فروع الدراسة النقدية وهو أيضا ولادة نص جديد من نصوص سابقة ، وتفول أيضا ان ما بعد النقد هو ليس مراجعة كتابية او تلخيصا ولا عرضا لكتابة نقدية سابقة بل هو يقدم القواعد التي تتحكم في قراءة النص النقدي واستنطاقه . اما فصول الكتاب فقد احتوى الكتاب على تسعة فصول تناولت الدكتورة نادية في كل منها دراسة لمنهج نقدي لاحد التقاد ودراسة المرتكزات التي اقام عليها رؤيته النقدية ، فكان الفصل الأول دراسة اعمال الناقد العراقي فاضل ثامر بعنوان مبنى الميتا سردي بين واحدية المفهوم وتعددية المنهج والاجراء وبعنوان فرعي اخر هو الميتا سرد تحت مجهر فاضل ثامر النقدي وفي محاور أساسية هي أولا : محطات الرؤية التقدية عند الناقد ، والانبهار بالتمرد على السرد المعتاد في الكتابة السردية وثانيا الافتتان بالتجريب القصصي الخارج على المألوف . وجاء الفصل الثاني محاورا كتابات الناقد عبد السلام المسدي وتحت عنوان المنهج وتحديات الرؤية عند عبد السلام المسدي وأيضا بمحورين أساسيين هما الاول محددات المقاربة النقدية للشعر . وثانيا تجربة الشابي تحت مجهر النقد ومبضع نقد النقد . تناول الفصل الثالث التجارب النقدية النسوية معنونة الفصل بالجمالية الانثوية في النقد النسائي العربي والذي تضمن ثلاثة محاور ناقشت فيها تمظهرات الذات النسوية الناقدة وهي الاول الخطاب التقدي وظهور الذات الناقدة . والثاني الخطاب النقدي النسائي وتواري الذات الناقدة . والثالث الخطاب النقدي النسائي وحركية الظهور والتواري داخل الذات الناقدة .
في الفصل الرابع عمدت الناقدة الى بيان الحدود الأساسية بين الأنواع الكتابية التي تدعي لنفسها النقد من حيث التطبيق الفعلي لمهمة الناقد الادبي وجاء العنوان الناقد الادبي بين ندرة التطبيق ووفرة التطبيق ، ومحورين حمل الأول عنوان بين النقد الانطباعي والتقد الصحفي والثاني بين المنهجية واللامنهجية. اما في الفصل الخامس حيث تناولت فيه تجربة الناقد توماس ستيرنز اليوت ،الشاعر الأمريكي ، في كتابه فائدة النقد وفائدة الشعر وذلك من خلال بيان مفهوم الريادة في التحديث الفكري والاصالة في التاثير المعرفي وفي الفصل السادس أيضا اختارت تجربة الناقد المهم جيروم ستولنيتز وانجازاته النقدية وبالأخص كتابه المهم النقد الفني الجمالي والذي هو عبارة عن دراسة فلسفية حول ارتباط الفن بسائر جوانب النشاط الإنساني . وقد ناقشت هذا الكتاب انطلاقا من فكرة تأصيل الفن وتاويل النقد من خلال مبحثين هما متاهات التاصيل لمفهوم الفن والثاني ستولنيتز وتأويل النقد . وكان للناقد جلال الخياط فصل لتجربته وانجازه النقدي في فصل الكتاب السابع حيث تناولت المنطقية والحدسية في منظور جلال الخياط مدخلا لمناقشة اعماله . الفصل الثامن احتوى دراسة كتابات عبدالرحمن الربيعي من خلال ثلاثة توجهات رئيسة هي التوجه النقدي الأول : إشكالية نقد القاريء والثاني إشكالية نقد النص والثالث إشكالية نقد التاويل . بينما جعلت الناقدة الدكتورة نادية هناوي فصلها الاخير لبيان محصلة التوجهات النقدية ومخرجات الفعل القرائي من حيث الوظايفية النقدية بين المنهجية واللامنهجية والوظائفية وتعدد مهمام الناقد وأخيرا المنازع المنهجية في نقد النقد .
الكتاب صادر عن دار حوار سوريا ٢٠١٧ وهو غني بفصوله التي تعمقت في دراستها لتأصيل منهج ما بعد النقد الذي يحضى بخصوصية وحدود قارين لايمكن لاي كتابة أخرى ان تتجاوزها الا بماتملكه من مكنة ومعرفة موسوعية تمسك باطراف المادة المدروسة باحكام وحرفية . وهو كتاب يستحق بحق ان يحتفى به .

 

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زكي الجابر : تقديم لكتاب: التصوير والخطاب البصري “تمهيد أولي في البنية والقراءة” * لمحمد الهجابي.

كان ذلك الصباح مشرقاً سعيداً حين جلس محمد الهجابي على مقربة مني.. ودار ثمة حديث …

| الحسين بوخرطة : أدب العلامة وأضواء الأمل  قراءة في كتاب د. طلال الطاهر قطبي بشير تحت عنوان “دراسات في أدب الدكتور علي القاسمي”.

هذا الكتاب الشيق صدر بطبعته الأولى سنة 2022 عن دار المصورات للنشر والطباعة والتوزيع بالخرطوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *