*حاوره عصام القدسي
قاسم محسن فنان التشكيلي من مواليد 1965 ، حائز شهادة دبلوم من معهد الفنون الجميلة / الرسم ، والبكلوريوس من كلية الفنون الجميلة /الرسم ، يدرس حاليا على الماجستير المرحلة المنتهية / جامعة سانت كلمنتس . خريج المركز الاقليمي لصيانة الاعمال الفنية والمخطوطات في الدول العربية / اليونسكو 1992 ، خريج دورة دار الكتب والمخطوطات القومية / القاهرة لصيانة المخطوطات ، خريج دورة من مؤسسة الشهيدين الصدرين للدراساسات والبحوث / وشهادة بالاعلام ، حصل على درع نقابة الفنانين التشكيليين / درع 2008 . أقام ثمانية معارض شخصية داخل وخارج العراق ـ بغداد ـ سلطنة عمان ـ الامارات ـ البحرين ـ لبنان ـ مسقط . تم الاحتفاء به وتكريمه من قبل جمعية الفنانين التشكيليين / فرع البصرة . قام برسم شهيد الثقافة الراحل كامل شياع في عمان اثناء افتتاح الاسبوع الثقافي العراقي ، شارك بملصق جماهيري عن اطفال العراق لمناسبة اليوم العالمي للسلام عام 2008 . تم تكريمه من قبل السلطان قابوس عام 1999 .
• كيف كانت البداية .؟
• ـ اثناء دراستي الابتدائية تم اكتشاف موهبتي من قبل معلم الفنية ” الرسم ” الاستاذ خليل ، اذ طلب منا رسم ” بائع متجول ” وكان هذا المعلم ذا اختصاص بالرسم لأول مرة ينسب معلما لهذه المادة وحينما انتهيت من رسمي امسك بيدي بقوة وقال لي انهض فنهضت،خائفا واضاف : تعال معي وقادني إلى غرفة الإدارة ، فارتعبت فقد تصورت أنني أخطأت في امر ما كأن تكون حصلت مشكلة انا السبب فيها دون ان ادري ، فما زالت صورة ذلك المعلم طويل القامة ، معاون المدير وعصاه الغليظة ” الاستاذ محمد طباطبائي “تمثل بين عيني وكلما تقدمنا صوب الادارة ازداد خوفي وحين وصلنا ، قطع معلم الرسم ، حديث الجالسين من المعلمين والمعاون وهتف بهم ” انتباه رجاء ، لديكم طالب موهوب ، وسحب كراس الرسم من يدي وعرضه على الجميع تباعا فكانوا يتطلعون الى رسومي التي رسمتها بمنتهى البراعة والإتقان وهم في غاية الإعجاب والدهشة ، فكان يسألني كل واحد منهم : من رسم هذه الرسوم .. فأجيب انأ يا أستاذ .. فطلب المعاون ذو العصا الغليظة من معلم الرسم أن يرى جميع طلبة الصفوف رسومي . فسرت مع الاستاذ خليل وقد بدأت اطمئن بل كنت أسير الى جانبه فندخل الصفوف وانا ” نافش ريشي ” وبعدما يريهم الرسوم يطلب منهم ان يصفقوا للفنان قاسم ، وحينها قال لطلبة صفي ان هذا الطالب سيأتي يوم يصبح رساما مشهورا ، وبعدها اصبح اسمي بين طلاب مدرستي ” الرسام ” .و في بداية السبعينات كنت اسمع بالباب الشرقي ولا اراها، وكانت تعني لي ” بغداد وتشاء الصدف انني بعد عدة سنوات اقيم معرضي الشخصي على قاعة التحرير التابعة لوزارة الثقافة التي كان موقعها حينذاك في الباب الشرقي
• * ماهو تقييمكم لواقع الفن التشكيلي بعد احداث 2003 .؟
• ـ بعد سقوط الصنم عام 2003 ومانجم خلال العمليات العسكرية على العراق وبعد غياب سلطة القانون ، وتهدم القيم المتوارثة خلال 35 عاما الماضية ” فترة حكم النظام السابق ” كان السبب في الانفلات الذي شهده الشارع وما تسببه من سرقة المال العام والدمار والقتل ومنها سرقة وتلف بيت الابداع العراقي وذاكرة الاجيال والضمير الجمعي للشعب ” المتحف الوطني للفن الحديث ” ذلك الشرخ العميق الذي مازال يحز في الضمير وقد دمر وحرقت ممتلكاته وهي تركة هائلة لرواد الفن العراقي ، والقضاء على ارثهم الحضاري جميع هذه التداعيات اضافة الى تغييب الفاعل الثقافي الاصلاحي من خلال التهميش الواضح له وتصحر الثقافة من خلال الديمقراطية التوافقية وفرض المحاصصة المقيتة التي شملت ” للاسف ” المؤسسة الثقافية واعتمادها على مدعي الثقافة الذين ماكان لهم ان يلجوا باب الثقافة لولا المحاصصة وعناوين الاحزاب والانتماءات ،ادى الى تهميش اصحاب الكفاءة والاختصاص ، فالفنان التشكيلي كان في النظام البائد حبيس الحصار الخارجي وكذلك الحصار الداخلي ، وسياسة تسييس الفن لخدمة السلطة الحاكمة والجاثمة على صدور الشعوب . واليوم وبعد تغير المشهد السياسي مازال المشهد التشكيلي يشهد التهميش الواضح من قبل المؤسسة الثقافية ، وكمثال على ذلك حين اعلنت دائرة العلاقات الثقافية عن جائزة الابداع ، استثنت فئة كبيرة عن المشاركة ممن لهم دورهم الحضاري الرائد . نتمنى على المسؤولين في مجال الثقافة ،اعادة النظر وتقديم الرعاية والاهتمام اللازمين لاصحاب الابداع العراقي وان لايتم تجيير الثقافة تحت تسميات مبهمة ، أملا بإعادة صياغة المشهد التشكيلي العراقي .
• * كيف تنظر الى ماتحقق من مشروعنا الثقافي الذي ننوي بناءه .؟
• ـ ليس هناك مشروع ثقافي منهجي حقيقي منذ 2003احداث وحتى الآن . كل ماحدث من انجاز لايتعدى استراحة لمناقشة انجازات ثقافية وادبية . فعلى سبيل المثال : يعتبر البعض اقامة مهرجان المربد الشعري انجازا ثقافيا وهو في حقيقة الامر يعد محطة لتقييم المنجز الشعري للسنة الماضية . اما في مجال الفن التشكيلي فقد كانت مرحلة مابعد سقوط النظام السابق ، متعثرة بسبب التهميش الواضح لهذا الفن وللحركة الثقافية بصورة عامة من قبل الحكومة ووزاراتها التي اعتمدت المحاصصة الطائفية ، فلم نشهد مهرجانا حقيقيا للابداع التشكيلي مثلما كان يحصل في زمن التسلط والاستبداد ، حيث كان يقام مهرجان ” بينالي بغداد ” كما توجه الدعوات للفنانين للمشاركة في المسابقات والمهرجانات التي يقيـّم خلالها المنجز التشكيلي ، واقتناء الاعمال الجيدة ، نحن اليوم بامس الحاجة لاعادة الهيبة للمتحف الوطني للفن الحديث ، وذلك عن طريق تخصيص ميزانية لاقتناء اعمال الفنانين العراقيين ، المشاركة بالمعارض والمهرجانات ، لرفد المتحف وتوثيق هذه المرحلة فتراثنا الثقافي والاسلامي يمثل ثروة وطنية عظيمة هذا التراث يجسد حضارة وثقافة عاليةومن هنا تنبع اهمية الحفاظ عليه وصيانته للحاضر والمستقبل فالامة التي لاتعرف واضيها لاتتقن صناعة حاضرها ولاتحسن رسم مستقبلها وليس هناك امة بغير تراث . غير خاف بان المنجز العراقي من اولى منارات العطاءات النيرة للانسانية .. من سومر ام الحضارات التي اوجدت الحرف واخترعت الكتابة وهنا اشير الى الدكتور زهير صاحب استاذ مادة تاريخ الفن حيث قال : ” منذ منتصف الالف الثالث قبل الميلاد وعلى ارض بلاد الرافدين الطيبة المعطاء جلس اول تلميذ على دكة من ” اللبـّن ” لتلقي المعرفة ووقف اول معلم في تاريخ الانسانية ليلقي محاضرة في فلسفة الوجود ، فهناك جينات وحيثيات كثيرة تداعت من تمثال اللبوة الجريحة في الفن الاشوري وصولا للمراة الباكية في نصب الحرية لرائعة جواد سليم . اليوم نرى مؤسسات المجتمع المدني وكذلك قاعات العرض الاهلية تقيم انشطة ومعارض اكثر من المؤسسة والتي كانت الراعية الكبيرة للمنجز التشكيلي .
• * هل حقق التشكيل العراقي انتشارا يتناسب وانجازاته المتميزة .؟
• ـ لافي السابق ولافي الحاضر وذلك لقلة المهرجانات ولا الفعاليات التي تحتفي به عالميا وكانت اغلبها على مستوى الدول العربية فقط وهي قليلة .
• * بمن تاثرت من الفنانين .؟
• ـ انا درست على يد فنانين معروفين مثل الفنانين كل من الراحل محمد علي شاكر ، اسعد الجبوري ،شاكر حسن آل سعيد ، وكذلك درست رسم الالوان المائية باشراف الفنانة راجحة القدسي والفنان محمد مهر الدين ، والكرافك على يد الفنان رافع الناصري ، والانشاء والتصويري على يد الفنان سلمان عباس وخضير جرجيس والسيراميك على يد الفنانة سهام السعودي، وقد مارست العمل الفني في دائرة الفنون وعملت سبع سنوات رئيسا لقسم التصميم . جميع هذه التجارب كونت خزيني المعرفي والكمي في كافة المجالات . فحلقت بفضاءات مختلفة وكانت اعمالي الاخيرة محاكاة لتاريخ الحضارة الرافدينية ذات الرقم .؟

• * هل ارتقى التشكيل العراقي الى العالمية .؟
• ـ الفن التشكيلي العراقي له بصمته الواضحة في الشرق الاوسط والعالم ولدينا من كبار الفنانين مثل الرواد : فائق حسن وجواد سليم وشاكر حسن آل سعيد وفي الوقت الحاضر لدينا محمد مهر الدين وسلمان عباس وكذلك توجد التجارب الشبابية المتقدمة اذا ما كفلت لها الرعاية ووسائل الانتشار .
• * اهم مشاريعك المستقبلية .؟
• ـ انني منهمك في تاليف كتاب عن الفنان التشكيلي الراحل فائق حسن ، فانا احتفظ بالوثائق الخاصة به من مذكرات وصور فوتوغرافية قرابة ال 500 صورة لم تر النور سابقا .وسيكون الكتاب باكثر من جزء اقدمه للفنانين والدارسين لللاستفادة منه ووفاء منا لواحد من اكبر مبدعينا التشكيليين .
• * انجازاتك الاخيرة .؟
• ـ قمت بتصميم غلاف رواية ” النشور ” للكاتب العراقي علي خيون والتي فازت بالمرتبة الاولى في العراق وكذلك غلاف رواية تحت سماء زرقاء وغلاف ديوان للشاعرة فليحة حسن ورسمت صورة كبيرة للشاعر الجواهري اعتمدت غلافا لاحد اعداد مجلة القصب وسبق ان صممت تمثالا بعنوان ” النظام الدولي الجديد ” وضع في احدى ساحات جنوب افريقيا كما نشرت عددا من المقالات حول فن التشكيل في المشهد الثقافي اليوم .
• * كلمة اخيرة .؟
• ـ اتمنى ان تنال الحركة التشكيلية العراقية والفنان التشكيلي الرعاية و الاهتمام اللازمين من لدن الجهات الثقافية المسؤولة من حكومة ووزارة ثقافة ومنظمات مدنية ليكون هذا الفن الاصيل بارقى وابهى صوره فرقيه احد مؤشرات لحاق مجتمعنا بركب الحضارة في العالم .