كريم القاسم : (الاسلوبية في الكتابة) سلسلة صناعة الكتابة … (الحلقة الثالثة)

karim-alkasem-3الأُسْلُوبُ : الطَّرِيق ، المذهب ، النَمَط
الاسلوب هو الكاتب نفسه ، وهو البصمة التي لايختلف عليها اثنان في الانتماء الى صاحبها . والاسلوبية في الكتابة ، تعني الخصوصية التي يتمتع بها ويمتلكها الناثر او الشاعر في طريقة اختيار الالفاظ وتأليف الكلام ، لغرض الانشاء ، للتعبير عن المعاني وللوصول الى قصد الايضاح والتأثير في النفوس والاذهان .
وكثيراً ما يتعرف الناقد او المتلقي الحصيف على نمط التفكير لدى صاحب النص من خلال اسلوبه في الكتابة ، حتى اعتبره بعض اصحاب الاختصاص بأنه الصورة اللفظية التي يعبّر بها الكاتب عن المعنى أو نظم الكلام وتأليفه لأداء الأفكار وعرض الخيال .
وقد تعددتْ تعاريف الاسلوبية وتنوعتْ ، ولها مدارسها ومناهلها ، والخوض فيها يقع تحت صفحات كثيرة قد تبعث على الملل والأعياء ، لكنها تصب في بوتقة تعريفية واحدة ، هي انها الطريقة التي يختار بها الكاتب أدواته الكتابية بالشكل الذي يميزه عن غيره ، وتحكم له بالتفرد في صياغة أفكاره والتعبير عنها .
ان اللغة هي عنصر التغذية لاسلوب الكاتب حيث تقدم له كل الادوات من الالفاظ والتراكيب التي يفصح بها ويترجم افكاره ، فيبدأ بهندسة هذه الادوات وحسن طرق بنائها ، وانتقاء مايصلح ومالايصلح من الانشاء والتعابير بحيث تثير ذائقة وشعور المتلقي ، بشرط التمسك بقواعد النحو والصرف وما الى ذلك من مدلولات لفظية متفق عليها .
وكان ومازال اصحاب الخبرة في الشعر او النثر يعرفون ويَستدلّون على الكاتب من خلال اسلوبه في الكتابة ، وهذا هو الذي يميز ذلك الكاتب عن غيره ، فالمتنبي مثلاً يكاد شعره ينطق باسمه والشعر الجاهلي يستطيع الخبير والمتتبع ان يميزه عن الشعر الاندلسي او غيره ، وهكذا مع بقية الفنون الادبية .
ــ يقول ابن الأثير الموصلي :
” إن أبوتمام مثلاً : كان يُحرّك ألفاظه (كأنها رجال قد ركبوا خيولهم واستلأَموا سلاحهم، وتأهّبوا للطِّراد)
” السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ …. في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في …. مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً …. بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ ”
ـــ والبُحتري كان يُحرّك ألفاظه (وكأنها نساءٌ حِسان عليهنّ خلائل مُصَبّغات، وقد تحلّينَ بأصناف الحليّ)
” قَبَّلْتُها مِنْ بَعيدٍ فانْثَنَتْ غَضَباً …. وقَدْ تَبَيَّنَ فِيهَا التِّيهُ والخَجَلُ
ومَسَّحَتْ خَدَّها مِنْ قُبْلَتِي ،ومشَتْ …. كَأَنَّها ثَمِلٌ أَو مَسَّها خَبَلُ
قد جَاءَك الْحُبُّ بِي عَبْداً بِلاَ ثَمَنِ …. إِنْ خَانَكَ النَّاسُ لَمْ يَغْدُرْ ولَمْ يَخُنِ ”
ـــ لكنّ أبا تمام كان حاضراً وراء الألفاظ والأشخاص، وكذلك البحتري، كُلاً بطبيعته الخاصة ، وبخياراته الخفيّة أو الظاهرة. ”
ـــ ولوتفحَّصنا النص التالي ، لوجدناه خالياً من التكلّف والغريب من الالفاظ ، ويمتاز بالبساطة والوضوح ، والابتعاد عن المحسنات والخيال ، والتركيز على الفكرة فقط ، حتى بَدَتْ عليه سِمة السهل الممتنع ، لتبادر الى اذهاننا انه من أدب المهجر ، واسلوب (ميخائيل نعيمة) :
” أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
*******
أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا ”
*******
ــ ومَنْ مِنّا لم يسمع بـ (المتنبي) … ؟؟
الذي ما أن يقرأ متتبع شعره الا ويعرف بأنه من نظم هذا الشاعر الفحل ، الذي تميز باسلوبه القوي المتميّز بجزالة اللفظ ، والخيال الخصب ، وسكب المعاني الشعرية اللذيذة ، مع القدرة والمهارة الفائقة في دقة الوصف ، وهذا ما جعله متقدماً على الكثير من الشعراء ، بل ومن اكابر الشعراء العرب :
” يا أعدل النـاس إلا فـي معاملتي ….. فيك الخصام و أنت الخصمُ والحكمُ
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ….. وأسمعتْ كلماتي مَن بهِ صممُ
أنامُ مِلءَ جفوني عن شواردِها ….. ويسهر الخلقُ جرّاها ويختصمُ
وجاهِـلٍ مَـدَّهُ فـي جَهْلِـهِ ضَحِكـي …. حتـى أتـتـهُ يَـدٌ فَرّاسـةٌ وَفـَــمُ
إذا نظـرتَ نيـوب اللـّيـثِ بـارزةً …. فـلا تظـنَنَ أَنَّ اللـّيـثَ يبْتسـِــمُ ”
ــ ولو تحققنا في عبارات كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (كرّم الله وجهه) لعرفنا قوة الاسلوب الانشائي المتدفق والذي يجذب الحواس ويقودها انصياعاً ، مما يجعل السامع او القاريء يقرُّ إقراراً بأن هذه اللغة وهذا الكلام هو لـ (علي) لاغيره . وهذه السِمة في الاسلوب هي التي تصبح لصيقة (المَلَكَة) عند الكلام او التأليف .
ولنستعرض جانباً مكثفاً مختصراً ما (يميز اسلوب ) الامام علي في خطبه وكلامه ومايندرج تحتها من تعابير وانشاء :
• قوة التأثير في السامع إن كان الكلام شفوياً ، والتأثير في القاريء ان كان النص تحريرياً ،وهذا الاسلوب شبه معدوم على أَلسنةِ الادباء في وقتنا الحاضر، الا مانَدَر، حيث إن الامام يُكثر من استخدام الصيغ الإنشائية (الاستفهام ، الترجي ، التمني ، الامر ، النهي ، النداء، القسم وغيرها ) وهي اقوى من الصيغ الخبرية ، مما يزيد في خلق التأثير في جارحة السمع وتحفيز ذهن المتلقي على الاستيقاظ والانتباه والتأثر.
• انتقاء المفردة المباشر من قبل الامام ووضعها في مرتبتها الصحيحة من حيث الموسيقى وخفة نطقها على اللسان وشدة وقعها في الآذان بما يناسب الحدَث ، بحيث تطوِّق الفكرة برمتها . فعندما يخاطب عُمَّاله او القادة فانه يستعمل اسلوب الأمر، فكلامه إلى (قثم بن العباس) وهو عامله على مكة :
” أما بعد ، فأقم للناس الحَج ، وذكّرهم بأيام الله ، وأجلسْ لهم العصرين ، فأفتِ المُستفتي ، وعَـلِّمْ الجاهل ، وذاكرْ العالِم ، ولايكنْ لكَ الى الناس سفيرٌ إلا لسانكَ ، ولا حاجبٌ إلا وجهكَ ، ولاتحجُبَنَّ ذا حاجة عن لقائكَ بها ، فأنها إن ذِيدَتْ عن أبوابكَ في أولِ ورودها ، لم تُحمَد فيما بعد على قضائها ….. ”
• سماكة النسج وقوة التعبير ، وقصر العبارة ، وتوازنها مع اخواتها مع السجع والترسّل ، وكان ضليعاً باستخدام (التشبيه) و (الاستعارة) و (الكناية) و (المجاز) وغيرها من البديع والمحسنات ، حتى اصبحتْ منهلا لكل من اراد الارتواء والاستزادة ، وكان يستخدم الجزل في مواضعه المناسبة حتى يخيل للسامع او القاريء بانه قريب منه ، ويدخل الرعب في نفوس اعداءه أو نفوس من يؤنبهم . فعند مكاتبته الى (ابوموسى الاشعري) وكان عامله على الكوفه :
” من عبد الله امير المؤمنين الى عبدالله بن قيس :
أما بعد ، فقد بلغني عنكَ قولٌ هو لكَ وعليكَ ، فإذا قدِمَ عليكَ رسولي فارفعْ ذيلكَ ، واشددْ مِئزركَ ، واخرجْ من جُحركَ ، واندبْ مَنْ معكَ ، فإن حقَّـقتَ فانفذْ ، وإن تفشَّلتَ فابعُدْ ، وأيمَ الله لتؤتيّنَ حيثُ أنتَ ، ولاتُترَكُ حتى يُخلَطَ زُبدُكَ بخاثِركَ ، وذائبكَ بجامدكَ ، وحتى تُعجَلَ عن قَعدَتكَ ، وتَحَذَّرْ مِن أمامكَ كحَذَرِكَ من خلفكَ ، وما هي بالهوينى التي ترجو ، ولكنها الداهية الكبرى ، يُركَبُ جَملُها ،ويُذَلُ صَعبها ، ويُسَهَّلُ جَبَلها ، فاعقِل عقلكَ ، واملِكْ امرَكَ ، وخذْ نصيبكَ وحظكَ ، فإن كَرهتَ فَـتَنَحَّ الى غير رَحْب ولا في نجاة ، فبالحريّ لَتُـكفيَّنَ وأنت نائم ، حتى لايقال : أين فلان ؟ والله إنه لَحَقٌّ مع مُحِق ، وما أبالي ماصنع َ الملحدون ، والسلام . ”
ــ وعند استعمال رقيق اللفظ يأتي بأرشق العبارات واعذبها حتى تدخل السرور الى النفس او تجبر العين على نزف الدموع سراعا ، او تأمر الجوارح بالخشوع لسحر بيانه . ولنقتطف جانباً من كلامه (كرّم الله وجهه) :
قام رجل يقال له (هَمَّام) إلى أمير المؤمنين وهو يخطب ــ وكان (هَمَّام)عابدا، ناسكا، مجتهداً ــ فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه .
فقال : ” يا هَمَّام ، المؤمن هو الكيس الفطِن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شئ صدرا وأذل شئ نفسا ، زاجر عن كل فان ، حاض على كل حسن ، لاحقود ولا حسود، ولا وثّاب ، ولاسبّاب ، ولاعيّاب ، ولا مُغتاب ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ، طويل الغم ، بعيد الهَم ، كثير الصمت ، وقورٌ ذكور، صبورُ شكور، مغمومٌ بفكره ، مسرورٌ بفقره ، سهل الخليقة ، لين العريكة ، رصين الوفاء ، قليل الاذى ، لا متأفِك ولا متهتِّك . إن ضحكَ لم يخرق ، وإن غضب لم ينزق ، ضحكهُ تَبسّم ، واستفهامه تعلّم ، ومراجعته تفهّم , كثيرٌ علمه ، عظيمٌ حلمه ، كثيرُ الرحمة ، لا يبخل ، ولا يعجل ، ولا يضجر، ولا يبطر ، ولا يحيف في حكمهِ ، ولا يجور في علمهِ ، نفسُهُ أصلب من الصلد ، ومكادحته أحلى من الشهد ، لا جَشِع ولا هُلِع ولا عَنِف ولا صَلِف ولا مُتكلِّف ولا مُتعمِّق، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، عدلٌ إن غضب ، رفيق إن طلب ، لا يتهوّر ولا يتهتّك ولا يتجبّر ، خالص الود ، وثيقُ العهد ، وفيُّ العقد ، شفيقٌ ، وصولٌ ، حليمٌ ، خمولٌ ، قليلُ الفضولِ ….. ”
وعند انتهاء الخطبة صاح (هّمَّام) صيحة ، ثم وقعَ مغشياً عليه، فقال أمير المؤمنين (كرّم الله وجهه) أما والله لقد كنتُ أخافها عليه . وقال: هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها. ”
وهذا دليل على قوة الاسلوب وتمنكنه من السيطرة على المشاعر ، والتمازج مع الروح ، ومن يريد الاستزادة من هذه الخطبة (خطبة المتقين) فليرجع الى كتاب نهج البلاغة .
ــ وكما يقول ابن أبي الحديد في وصف كلام الامام علي :
” إذا تأملته ، وجدتَه كلَّه ماءً واحداً، ونَفَساً واحداً، وأسلوباً واحداً، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية ”
ــ إذاً نحن امام صنعة لابد لمن اراد تعلمها ان يستقصي حيثياتها وتجارب اهلها ونماذج خبرائها ، كي يبدأ بالمقارنة والانتقاء .لذا فأن كبار المؤلفين والكتَّاب لم ينفكوا عن قراءة هكذا نصوص وبمختلف اتجاهاتها وعناوينها ، لزيادة الخزين الاسلوبي ولمعرفة مكامن القوة والجمال التي تعين على رصانة الاسلوب . فالكاتب الرصين هو الذي يرصد علامات الابداع في انشائه وكتابته ويتفحص جوهرها لينتقي اسلوبه الخاص . وهذا لايأتي إلاّ بالمران والبحث والقراءة والكد والتعب والاجتهاد. ومن لايريد التعلم والاستزادة المعرفية في ذلك ، عليه ان لايُتعِب الناس بالحشوِ والتِفلِ من التأليف ، وهو مغرور بما يأتي به من زَبَد أو نخالة .
ــ وقد انتقد (ابن قتيبة) أولئك الكتّاب الذين لم يعطوا الأسلوب حقّه، فقال:
” رأيت كثيراً من كتّاب أهل زماننا كسائر أهله قد استطابوا الدِعة ، واستوطأوا مراكب العَجَز، وأعفوا أنفسهم من كَـدّ النظر وقلوبهم من تعب الفكر، حين نالوا الدَّرَك بغير سبب ، وبلغوا البُغية بغير آلة . ”
وقد أجاد (ابن قتيبه) في وصفه الكتّاب من ذلك النوع . فالكاتب الرصين هو الذي لاينقل المعاني وحدها ، لان غاية الادب ليست المعرفة وتقرير الحقائق ، بل نقل المعاني الى الاذهان وهي ممزوجة بشعور الكاتب ، وتحمل القوة التي تبعث شعور المتلقي ، ولاتحدث هذه الديناميكية الادبية الا اذا كان تعبير الكاتب يحمل الاسلوب الفني المتميز .
……………………………

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصـــرياً بـمـوقـعـنـــا
| رنا يتيم : إشكاليّة المثقّف والحداثة .

بطيئة كانت عجلة التاريخ فيما يتّصل بالابتكارات، والتحديثات. ثم كانت الثورة الصناعية، بمآزره فكريّة فلسفيّة، …

| حسن العاصي : قياس جديد لمواقف الأوروبيين تجاه الهجرة واندماج المهاجرين .

أصبحت الهجرة جزءًا من حقيقة الحياة اليومية للأوروبيين في دول الاتحاد الأوروبي. يوجد اليوم ما يقرب …

12 تعليق

  1. الأسلوب في الكتابات الأدبية لا نستطيع التكهن ببراءته ؟، على احتمال ان كل أسلوب هو مما خلفه التراث ، فحين يكون الكاتب مميزا بأسلوب ما فهي الأداة .
    لاحظ هنا في مقالكم ((فالكاتب الرصين هو الذي يرصد علامات الابداع في انشائه وكتابته ويتفحص جوهرها لينتقي اسلوبه الخاص . )) ولاحظ الإجابة عليه أيضا في مقالكم ((وهذا لايأتي إلاّ بالمران والبحث والقراءة والكد والتعب والاجتهاد. )) وهذا دليل على أن الأسلوب وليد البحث والقراءة ، كما يشير رولان بارت بذلك في كتابه الكتابة في درجة الصفر صفحة 83 (( يوم يستدعي التاريخ فصلا واضحا بين الميل الاجتماعي للكاتب وبين الأداة التي انتقلت اليه من التراث)) وهذا واضح انه وكي يستنبط أسلوبا ما عليه الرجوه للقراءة وهي من فعل الماضي ، التراث ، فالأسلوب لا يكون هنا بريئا في كل حال من الأحوال .

  2. كريم القاسم

    جزيل الشكر أستاذ طالب لهذه المداخلة الجميلة ، ماتفضلتَ به هو عين الصواب ، وعندما ذهبنا في مقالنا المكثف هذا أردنا من خلاله تصويب البوصلة الأدبية للكثير من الكتاب الذين ظهروا في الوقت الحالي ، دون ركونهم الى الثقافات النقدية والاسس الصحيحية للكتابة وللتعرف على ادواتها واساليبها . ولماكانت دراسة الاسلوبية جاءت متأخرة واهتم بها النقاد من العالم الأوربي فمازال نقادنا المحدثين يثبتون نظرياتهم ودراساتهم للاسلوب العربي القديم بالاستشهاد بنظريات العالم الاخر . وتعددت الاسلوبية العربية القديمة فبعضها تهتم بمظهر النص وأخرى تهتم بالمعنى والمضمون وأخرى بما يناسب المقام وهكذا … وبعد كل هذا نقول : لابد للكاتب ان يتسلح بهذه الدراسات والمفاهيم ليحدد اتجاه مداده وأسلوب تصويره … ويبقى التاريخ والتراث هو العنصر المغذي للجهد الشخصي والكد والاجتهاد … محبتي واحترامي أستاذ طالب

  3. شكرا لادارة الموقع
    شكرا لكاتب المقال، لجهده، ولحواشي المداخلات في المتابعة
    مداخلتي، متواضعة؛ الاسلوب في الكتابة هو محطة تتمرحل عن تقييم متكامل لموضوع ما، وليس مرحلة هيكلية قافزة. أضطراب الموضوع “المقال”، أنفلت عن وحدة منهجية الكتابة، بمحدد؛ بين تشابك “الظاهرة” في أدوات التصنيف لمنهج الكتابة وحقول التخصص؛ أختيار الظاهرة في الكتابة (في الفلسفة اليونانية، الاسلامية، العربية) ، نوع العنوان للظاهرة، تصور الظاهرة وسماتها، الظاهرة الانشائية وسماتها الناقدة، الظاهرة المتعالية، الظاهرة العائمة أو المطلقة… عند تلك نتوقف رعاية أختيار “الما” الاستفهامية ، بدا ما الظاهرة؟ ما الموضوع؟ ما الأختبار؟ ما القيد؟ ما المتعالي؟ ما المطلق … ما معايير التقييم المتبع. دون التعويم لنص هنا أو هناك، كي يعمق فهم نمط اولوية أهمية لقط “الظاهرة” في الامساك ببنية الكتابة لاعادة فحص الاسلوب عنها.
    التقدير والاحترام لادارة الموقع، الثناء والاحترام لكاتب المقال والمداخلات التابعة.

  4. كريم القاسم

    الاستاذ العزيز د. حسين … يا ألله كم تحمل من كرم ، وتتحمل لهذا الجهد النبيل وكرم المواصلة والاشارة .

    وما ذلك إلاّ سموّ هِمّة وشهامة ذات وشرف عنصر وطهر أصل .

    دعائنا الى الله تعالى ان يمن عليكم بموفور الصحة والعافية …

    دمتَ قلماً سامقاً رائداً في مجال العلم ونقل المعلومة المفيدة.

    احترامي الكبير …

  5. شكرا جزيلا أخي الناقد البارع الاستاذ كريم القاسم على لطفك ومشاعرك الأخوية النبيلة التي تعكس نبل أخلاقك وروحك الإنسانية العالية. تقبل فائق احترامي. أخوك : حسين

  6. كريم القاسم

    سيدتي الراقية أكد الجبوري/
    شكرا لهذا الخلق النبيل في التخاطب والمداخلة …
    كي لانغوص في الشرح والايضاحات ، سأختصر الطريق :
    لايخفى عليك بأن منهجية الكتابة تحتاج الى فصول وفصول ، وحاولنا جهد الامكان ان نختصر ونكثف ولا نطيل ، كون الكثير من الكتّاب وخاصة الهواة بعيدين كل البعد عن القراءة إلا النزر اليسير منهم من الذين جعلناهم وبحمد الله ان يتنوروا بالمعارف المطروحة ، ولولا هذه الاسباب لأسهبنا بالكثير والمطوَّل .
    وكما تعلم بأن الاسلوب والاسلوبية في الكتابة موضوع شائك وذو شعب متشعبة ، وقَصْدنا كان الاسلوب ذاته لا الاسلوبية ، والتي شبهناها بالبصمة الشخصية او طريقة الانشاء والكتابة وميزة الكتابة للاثر الادبي للكاتب بالشكل الذي يميزه عن غيره من الكتاب ، ولذلك بدأنا المقال بالتعريف للاسلوب :
    الأُسْلُوبُ : الطَّرِيق ، المذهب ، النَمَط
    الاسلوب هو الكاتب نفسه ، وهو البصمة التي لايختلف عليها اثنان في الانتماء الى صاحبها .
    هذه هي الغاية القصوى التي كنا ننشدها ، ولو دخلنا في الاسلوبية وعلاقاتها بالبلاغة او علم اللسانيات او ماجاء به (نوفاليس) وغيره لضاع قارئنا ، لذا فاصحاب الخبرة والدراية هم اعلم بما يحتويه هذا المسمى والمصطلح من كمٍّ المعلومات الهائلة ، وغاية القصد هنا أن نوفر نصيحة علمية اكاديمية رصينة يفهمها الكتّاب الذين ليست اللغة هي اختصاصهم ، بل معظم من طلبوا مني هذا المشروع هم اقلام تهوى الكتابة لكن اختصاصاتهم علمية ، بل وحتى طلبوا ان ادرج لهم امثلة عن كل ما اكتب من معلومة ، حتى بتُّ اختصر العشر صفحات بالاثنتين او الثلاثة ، وتعلم كم هو جهد التكثيف والتلخيص والاختصار …
    لذا انطلقنا من قاعدة (لكل مقام مقال) ، وقلنا في المقدمة بأن هذا الجهد هو لإعمام الفائدة ، ولإشراق ذاكرة الادباء واهل الصنعة والحرفة والمبدعين .
    فائق تقديري واحترامي لجهد المتابعة ولعمق القراءة سيدتي .

  7. التقدير وخالص الاحترام الاستاذ د. حسين المحترم
    السيد كاتب المقال المحترم
    المداخلة،
    بداية شكرا لما سعيت إليه، ومحاولاتك التقرب عنه، من أجل فائدة “العينة/الفئة” الموجه إليها خطاب المقال.
    اما بعد؛ استفساري، هو، يتلخص:
    الفرضية: ١. اذا كان الاسلوب يدل على مستوى مستقرارا ومنضبطا .
    أ. ماذا، إن كان الاسلوب، بحسب الفرضية الاولى “شكا”؟. صائبا.
    ب. ماذا، إن كان الاسلوب، بحسب الفرضية الاولى ” يقينا”؟. صائبا.
    ج. كيف، في حال كان الاسلوب للفرضية الأولى، نتيجة قياسها، ظفرا؛ “لا شكا ولا يقينا”. صائبا.! هل
    الاسلوب، خطأ.؟
    مع التقدير ، لما تبذله من مجهود وتحرص لتقديمه.
    خالص الاحترام والتقدير لجهود فريق ادارة عمل الموقع.

  8. كريم القاسم

    الاستاذ العزيز د.حسين … فائق الشكر لهذا الجهد النبيل
    الست اشبيليا الجبوري … دمتِ بخير
    جزيل الشكر للاطراء ولحسن المتابعة ..
    ابتداء سأفتح باب الايضاح لبعض المفردات التي وردتْ في أسئلة السيدة (إشبيلية) ، كَون المعروض هو مُشاع وليس بين طرفين ، كي تعم الفائدة مما يُعرض .
    جوابنا لمداخلتكِ سيدتي الفاضلة ، سيخرج عن نطاق (العيّنة) التي كنا بصددها في المقال ، كون ماجاء في مداخلتكِ يدخل في باب الفلسفة والمنطق بين (الشك واليقين) و(الخطأ والصواب) ، وما يخصنا هنا هو اصحاب التأليف ، وما كنّا بصدده في المقال يصب في هذه الخانة (اسلوب المؤلف) لاغير.
    إذا سنتمحور حول اسلوب النص الذي هو نتاج للمؤلف والكاتب .
    ومادامتْ الاسئلة بصيغة الافتراض فهذا يعني ان هنالك اجابات ستطرح لتفسير ماورد . كما هو معلوم من تعريف الفرضية ، وما دامت الاسئلة افتراضاً ، فنحن إذاً امام منهج عقلي وليس حسّي .
    ــ كما تعلمين بأن المفردتين ( الشك واليقين) أَخذتْ ما أخَذتْ من حال ومِداد اصحاب الفكر والفلاسفة والمنطق والخيال … وإن (الخطأ والصواب) منهج عميق يحمل دلالات فكرية وتشعبات فلسفية ذات غور بعيد المدى ، لكونهما يقعان تحت باب الخلاف (النسبي) . والنسبية هنا فرضت علّتها ، كون الذات البشرية لايمكن ان تحدد قيمة الخطأ والصواب بالدقة ، وخاصة فيما نحن فيه من شأنٍ لغوي وادبي ، فالأذواق والآراء والفلسفات والثقافات الاجتماعية الموروثة والمكتسبة التي يعتمدها هذا غير التي يعتمدها ذاك ، لان كليهما عبارة عن مجموعة من الغرائزوالاحاسيس ، كما في قوله تعالى : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يوسف :53 ، ومن هنا نشأت النسبية في التحديد .
    ومقالنا كان بعيداً كل البعد عن هذا الباب ، لكن (العينة) التي امامي الست (إشبيلية) قد حَرّكَتْ باباً آخر …. ولنبدأ الآن بما يخص الحال :
    • فيما يخص الفرضية الاولى وهي :
    ” اذا كان الاسلوب يدل على مستوى مستقرٍ ومنضبطٍ ”
    فنحن إذاً امام دلالتين لاثالث لهما :
    الدلالة الاولى / ان يكون اصحاب النقد واصحاب الشأن والخبرة قد حكموا على الاسلوب بهذه الدلالة .
    الدلالة الثانية / أن تكون مستنبطة من حال وذات المؤلف والكاتب الذي قرربالحكم على اسلوبه التاليفي .
    ـــ فإن كانت الدلالة الاولى ، فهو اليقين ، كون الاستقرار يعني الثبات ، والانضباط يعني الاتقان والإحكام ، والمعاني هذه تؤدي الى حكم اليقين .
    ـــ وان كانت الدلالة الثانية ، فتعني بأن المؤلف يعمل بقاعدة (الكاتب مفتون بما يكتب) ، وهذا يدخل في باب الحرية الفردية للمؤلف الشاك في اتخاذ القرار، وهذا يدخل في باب الغرور ، وهو باب (مُهلِك) ، وإن كان الشاك لديه القدرة على اصدار الحكم بعد حسن الاخيار ومستندا الى قاعدة علمية رصينة فهو قد حكم بارادته الذاتية على اسلوبه . وإن كان قد اتخذ قرار (الاستقرار والانضباط) في اسلوبه دون دراية بالمنطق واصوله وغير مستند الى الدليل والبرهان ، فهو يدخل في حيز الجهل .
    ــ أما في حالة فرضية اتخاذ القرار من لدن اصحاب الشأن وارباب الحرفة ، فانه يقودنا الى السؤالين الفرضيين التاليين (أ ، ب) :
    توطئة /
    ـــــــــــــ
    ــ من المعلوم ان الشك نقيض اليقين ، ولايبنى الشكك الا بعد التردد في اتخاذ القرار بشأن طرفين متناقضين ، وعندها يكون الشك في حالة استواء ، فمتى ما مال احد طرفي النقيضين تغير حال المسمى والقرار ، وقد كانت العرب تسمي اليقين ظناً .. والشك ظناً ، وفي هذا دلالات كثيرة نحن في غنى عنها الان ، وهذا هو المنهج الفلسفي . ومما تقدم نأتي الى ماجاء :
    • فيما يخص (أ) ، فالسؤال الافتراضي وقع تحت طرف (شكّاً صائباً) ، فهو إذا اليقين بعينه ، والصواب لايكون الا بمعنى ودلالة الثبات والسداد الذي يقود الى الحق ، ودليله قوله تعالى : (إني ظننت أني ملاق حسابيه) الحاقة: 20 ، وجاءت (ظننت) بمعنى (ايقنت) .
    • وفيما يخص (ب) ، فالسؤال الافتراضي وقع تحت طرف (يقيناً صائباً)
    فاليقين هو الاقرار الثابت الواضح والجَليّ بصحة وصواب الطرف الاخر بشرط ان يكون مقترناً بالادلة والبراهين الرصينة التي تؤيد وتثبت ذلك . فاليقين هو العلم بالشيء بعد حصول الشك فيه . حتى قالوا (كل يقين علم وليس كل علم يقينا) ودليله قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ) الذرايات:20 ، فأصحاب اليقين هم المنتفعين بالدلائل والآيات والبراهين .
    والصواب هو الحق والسداد كما اسلفنا ، وفلسفياً يعني الامر الثابت الذي لاطريق الى انكاره . فإفتراض الاسلوب (يقينا صائباً) يقع تحت الطرف اليقيني القوي الثابت المستقر بعد وضوح الادلة والقرائن والبراهين ، ومن حَكمَ باليقين دون ذلك فقد دخل في باب العجز .
    • اما فيما يخص (ج) فالسؤال هنا جاء فلسفياً مَحْضا :
    ” كيف، في حال كان الاسلوب للفرضية الأولى، نتيجة قياسها، ظفرا؛ “لا شكا ولا يقينا”. صائبا.! هل الاسلوب، خطأ.؟ ”
    ــ فالقياس هنا بين قضيتين الشك واليقين وصفة الصواب تلازمهما معاً ، وان اكثر قواعد المنطق ترتبط وتستند الى القياس . وعلى اعتبار الفلسفة انها تمثل تساؤلاً وشَكّاً مستمراً لأجل الوصول الى الظفر ، و(الظفر) هو الثبوت والتمكّن والغلبة .
    وما دمتِ قد فرضتِ القياس جاء (ظفراً) (لا شكا ولا يقينا) صائبا . إذاً يلزم هذا الفرض الدليل والاثبات الذي لايُنقَض ، إذا لابد ان تكون النتيجة الحتمية هي صواب الاسلوب ، لان (المنطق) يشترط في الدليل أن لا ينتقض . كقولك ان كل حيوان يمتلك صيواناً للأذن فهو ولود ، والفأر يمتلك صيوان للاذن فهو ولود ، وهذا دليل لايقبل النقض ، وهكذا قولنا في الظفر . إذا فالاسلوب هنا يدخل في باب (الصواب) . والسلام
    عذرا للاطناب والعجالة …
    تقديري الكبير…

  9. الاستاذ د. حسين المحترم
    السيد كاتب المقال المحترم

    بعد التحية؛ مداخلتي هي: “تعلق على تعليق”
    التعليق الأخير، الفقرة (ج): ما جاء بنهايتها، خلاص مكين. وأنه لتغييب.!
    ـ تجاوزها ـ شدة ـ بن سيار النظّام، التوحيدي، أبن الهيثم، البيروني، الرازي وأبن باجة…الخ فطروها، بل الزمخشري “فرطا” وغيره.
    ـ ما تفضلت به اشبه ما يريد قوله فوكو، هيبرماس، بورديو. وعليه سوران..الخ. وهنا حشو .
    ـ وأخير، بما أنك تمكنت منه بـ(الصواب)، فهل أثبت أن “الاسلوب هو الكاتب نفسه.”!
    دمتم

  10. كريم القاسم

    الاستاذ د. حسين المحترم / شكرا لإهدائي تنويراً معرفياً بشأن الاقلام التي اجتمعت للنقاش وتعريفي بهويتهم العلمية ، فقد زادتني فخرا وفرحاً ومن ثم ازددت حزناً ولوعة لما نشترك فيه من رؤى وطنية . وسأتفرغ لقراءة ماذكرتَ
    سيدتي الراقية البروفيسورة شعوب / خالص احترامي وفخري.
    بما ان الخطا والصواب يقعان تحت طرف النسبية في الحكم ، لاختلاف الاهواء والاراء ، كذلك يبقى الاسلوب والاسلوبية مصطلحان تتصارع حولها الآراء ، وخاصة إذا ما تصارعت الفلسفة العربية والاسلامية مع الفلسفة الاوربية والحديث فيها يطول ويطول ، وانت ليست بالغريبه عن ذلك بل في اتونها . وقد كتب عنه الكثير من العرب(احمد الشايب ، شكري عياد ، محمد الطرابلسي ، وغيرهم الكثير).
    نعم … وغاية ما نقول ان الاسلوب هو الكاتب نفسه وهو مرسال عقله وبيان لسانه .
    خالص الود والامتنان .
    احترامي ..

  11. تحياتي د. حسين المحترم
    كاتب المقال المحترم
    مداخلتي تتلخص:
    اولا: هل الاسلوب علم أم فطنة ولادة؟
    ثانيا: اسوغه عن البير كامي في”سيزيف”:
    حين حكم على كرة الحطب “الصخرة” حدثها، بلوغا، دون عناية تحديات عناصر “البيئة”.
    الاسلوب هو الكاتب نفسه، ايضا.

    كن بخير

  12. كريم القاسم

    تحياتي د. حسين المحترم

    صاحب المداخلة الأستاذ الغزالي المحترم

    اولاً : إن الاسلوب علمٌ لايخلو من فطنة .

    ثانياً: اشاطرك الرأي .

    تقديري واحترامي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *