الحرية لا تترسب في القاع ولا تطفو على السطح وكذلك الحياة والحب ..
جبريل مارسيل / طريق القمة
هكذا بلا مقدمات ، يشرئبُ البصر عبر كل تلك النضارة المتفجرة نحو ذلك الدغل الفسيح الممتد الى الأفق البعيد ، فينبثق الفرح وتتألق العفوية في أرجاء المكان ، وتلين قناة الصمت ولو قليلاً من الوقت ، وتتمدد الروح بإسترخاء كاذب على مساحة الزمن المغدور ، فأشفق على نفسي وهي تتطلع الى حضورها البهي بريبة ووجل .
من يجرؤ على مسك تلابيب الصمت المستيقظ من غيبوبته ؟
من يدرك أن اللحظة تمتشق نصلها الحاد من غمدها الصدئ فتفرض معادلتها الجديدة على كل ما حولها ؟
إنها ساعة الصفر إذن ، إنه زمن القلب الرؤوم وهو يتثاءب بهدوء ساحر ليلتفت الى الجهات الأربع ليتغلغل عميقاً في دخيلتها ، فينطلق الإعصار عاتياً كجنّي ضاق صدره فينطلق من قمقمه ، بل أنه الرفض المستميت لكل هذا القسر المتلبس بالسواد فينكفئ الحزن نحو زوايا سوق تبريز المزدانة بالزحام ، بعد أن عقد هدنته القصيرة مع الخوف الغارق في مكابداته ، حينذاك تسكن راحتيها على جرح العصر الغافي على تراتيل المعابد البعيدة …
آه … دعوني أمتص بعضاً من الهواء الجائع للنور ، المتسلل عبر الطحلب المسود بفعل الظلام .
آه .. لو أضمك أيتها الحرية بين أضلعي ولو لمرة .. مرّة واحدة فقط ، فأسمد بتؤدة الأمهات فؤادك الطري المتطلع الى المهادنة ، وأطرح من فوق روحي قارة الوجع التي تزهق أنفاسي وتلك السنين العجاف !
ياويلي ، كم هي قصيرة فسحة الأمل المستقطعة من جحيم المدججين باللامبالاة ؟ ، لكنني أعلم أنك أيهتا القادمة الينا من خلف الجبال والوديان والأسيجة الشائكة ، إنك مجرد حلم قصير ، مجرد ترنيمة تنبعث شاردة من وترها ، مضمخة بعبير البخور من معبد ٍ مهجور لا يؤمه عابد !
ياصغيرتي … لقد ملأ الحرش الدخيل هذا الحقل القديم ولا جدوى من التلفت المذعور ، هذا الإلتباس المؤقت سيزول حتماً ، ويعود التوق للحرية يملأ السماء بضجته المعهودة وأكون أنا بإنتظارك في الضفة المقابلة !
إيران / تبريز ــ 18/ 8 / 2005