جمال مصطفى : في حضـرة ِ مولاتي اللغـة الـعـربيّة

jamal mostafa 3هيَ دارتي والـظــلّ ُ والـسَـعَــفُ
مِـن بـحْـرِهـا عَـذبـاءَ أغــتَـرفُ
هيَ لاتِـيَ الـعُــزّى ومُـنـحَـنِـيـاً
مُـتَـوضـئــاً , قــُـدّامَـهــا أقــفُ

هيَ مِـن شَـغـافِ الـقـلـبِ , حَـبّـتُـهُ
واشتُـقَّ مـنـهُ الـحُـبّ ُ والـشَـغَــفُ

هي جـنّـة ُ الـمـعـنى وإنْ جـنَحـوا
عـن بـابهـا عُـمْـيـا ً أو انجـرفـوا

فـعَـراؤهُــمْ في حَـرِّهـا نِــعَــمٌ
وثـراؤهُـمْ مِـن غـيـرِهـا شَـظَـَـفُ

قــُـرْآنــة ٌ اُولـى مُــنَــزَّلَــة ٌ
والـمـاوراءُ : الـورشة ُ , الحِـرَفُ

الــمـاوراءُ ؟ : سـحـابـة ٌ اُمِـرَتْ
أو راحَ حِـبْــرٌ أزرقٌ يَـكِـفُ

فـإذا الـرمـالُ كـأنـمـا ذهَــبٌ
وإذا الـبُـداة ُ بصوغـهِ احتَـرفـوا

هـيَ تَـوأمٌ : لـلإنـس ِ واحـدة ٌ
و شـقـيـقـة ٌ لـلـجِــنِّ تُـرْتَــدَفُ

أقـراط ُ هـذي تـلـكَ تـلـبـُـسهـا
ودمـوع ذي مِـن تـلـكَ تَـنـذرفُ

في البَـدء كان الـصمْـتُ ثـمّ هـوى
صـوتـاً : تَـكَسّرَ بَـعْــدَهُ الـخـزَفُ

والأبـجَـديّـة ُ أحـرُفــاً طَـفَــقَــتْ
تَـتْـرى , تَـقَـدّمَ سِـرْبَـهـا الألِــفُ

فـالـبـاءُ ثـمَّ الـ , ثـمَّ , ثـمَّ إلى
ضـاد ٍ , كـأنَّ الـضـوءَ يَـزدلِــفُ

وكـأنَّ يـاءَ الـسرب ِ دَفــَّـتُــهُ :
عَـمّـا قـلـيـلٍ سـوفَ يَـنْـعَــطِـفُ

فـيَـرى الـمَـلائِـكُ هـا هـنـا نـزلـوا
أوراقَ حـورِ الـسفْـح ِ تَـرتـجـفُ

وبـنـات (وادي إيلَ ) في غـنَـج ٍ
وغـُـيَـيْـمـة الأقــدار ِ تُـنْـتَـدَفُ

غَـطـّـتْ سريـرَ الـعـشق ِ داعـيـة ً
أنْ يـدخـلـوا عُـرْساً ويَـلـتـحـفـوا

كـأخَــيَّـة ٍ صُـغــرى مُـدَلّــلــة ٍ
فـتَـنَـعّــمَـتْ وسَـمَتْ لـهـا كَـتِـف

مِن كَرْم ِ سُـومَـرَ خـُـمِّـرَتْ لـغـة ً
يُـعْــنى بـهـا عـن سـالـفٍ خَـلَــفُ

فـتَـعَـتَّـقَـتْ خَـمْــراءَ زاكـيَـة ً
مـا مَـسّـهـا عـجْـزٌ ولا تَـلَــفُ

أسـمـاؤهـا الـحُـسنى مُـعَــتّــقـة ٌ
فـكأنـمـا مَـنْ سَـبَّحـوا ارتـشـفـوا

حينَ اصطـفـاهـا الوَحْيُ هـامَسَهـا :
إنّ الـسَـمـا كالأرضِ تُـقـتَـطـَـفُ

لَـهَـجـاتُـهــا طــُـرّاً وَصائِـفــُهـا
بـلْ كُـلّـُـهُــنَّ أمـامَـهـا نُــتَــفُ

لِـجـمـالِـهـا بـمَـجــالِـهــا مَــدَدٌ
لِـكـمـالـهـا بـجـلالـهـا شَــرفُ

لِـحَـمـامِـهــا بـقـبـابـهــا وَلَــعٌ
لـخـيـالِـهــا بـرحـابِـهــا تَـرَف ُ

ولِـنـونِـهـا مِـن حُـسْـنِ نـسـوتـِه ِ
سِـرٌّ بِـهِ تَـتَـهـامَـسُ الـغُــرَفُ

قـانــونُـهـا نَـغَــمٌ سَـلالِـــمُــه ُ
تَـسـمـو بـهِ ألـبـابُ مَـن عَــزَفـوا

لَــو أنَّ اورُبّــا لـهـا وَطــنٌ
مِـن أجـلِـهـا صُلـبـانَهـمْ عَـقَـفـوا

كُـفــْـواً لهـا مـا ظـلّ َ مِـن أحَــدٍ
إلاّ فـُـرادى : فِـتْـيـة ٌ كُـهِــفـوا

سـتـمـوتُ مِـن بَـرْدٍ قـصائـدُنـا
لـو شـمـسُ ذاتِ الـضادِ تَـنكَسفُ

لـكـنـهـا بـنـتُ الـسـمــاء غـداً
سـتَـصونُهـا الأرحـامُ والـنُـطَـفُ

الـشَـدّةُ الـزرقــاءُ طـيْـرُ صدىً
حُـرّاً فـويَـقَ الحَـرْفِ يَـرتَـسفُ

أخَـذَتْ ؟ نعـمْ مِـن طـبْـعهـا لـغـة ً
عـن غـيرِهـا مـا جَـدَّ تَـستـلِـفُ

تَـمْـتَـصُّــهُ أنْـسـاغـُـهـا نَـغَــمـاً
وبـمـائِـهـا الـذهَـبيِّ يَـنـشَـطِــفُ

خـذ ْ قـوسَهـا تَحـنـو عـلى قـزَح ٍ
خـذ جَرْسَهـا يَـسجـو ويعـتـصِـفُ

خـذْ قـافــَهـا فِـعْـلاً بـمـفـردِهِ :
ق ِالخَصْرَ هَـصْراً كادَ ينـقـصِفُ

خـذهــا الـى الأسنى مُـجـنَّـحـة ً
بِـبُـراقـِهـا لـيـلاً وتَـلـتَـصِـفُ

تـأتي عـلى قَــدْر ِ الـذي : دمُـهُ
بـمِـدادِهــا يَـسـري وتَــرتَـعِـفُ

مـاءُ الـقـصـيدة ِ جُـلّــهُ لــغــة ٌ
والـلـبُّ نَـشــوانٌ ومُـنْـخَـطِــفُ

غـزّالـة ٌ: شمْـسٌ ومـا غـرُبَتْ
كـلّ ٌ لـهُ مِـن غَـزْلِهـا طَـرَفُ

يـا مَـنْ جَـنـائـنـُهـا مُـعَــلّـَـقَــة ٌ
و لـكـلِّ طـيْـر ٍ عـنـدَهـا كَــنَـفُ

كمْ زهــرة ٍ , شَـجَـر ٍ وفـاكهـة ٍ
لـمْ يَجـتـرحْ اسـمـاً لَـهـا الـسَلَـفُ

هـا : (كَـوْسَـنٌ ) إسـماً لـفـاكِهـة ٍ
أو زهـرة ٍ مِـن قـبـلُ ما عـرفـوا

فـاتـونَـة ٌ , ظـنـْدى , وغُـرْفـَـلَـة ٌ
قـِنـْداذة ٌ , رَوْنـاءُ , أو دَهَــفُ

لَـكـأنْ مَـعــاً لُــغَــة ٌ وشـاعــرة ٌ
يَـنـتـابُهـا مِـن فــرْطِـهـا رَهَــفُ

كَـلَـفٌ عَـلا كَـلَـفـاً عـلى كَـلَـفٍ
وأنـا بهـا و بِـسِحْـرِهــا كَـلِـفُ

لا بَـيْـتَ لي إلاّ اسـتِـعــارتُهـا
ومَجـازَهـا لا غـيْـرَ أخـتَـصِـفُ

ضِـلّـيـلُـهـا الّلا يَـهـتـدي أبـدا ً
حـتّى يَـزولَ الحُـسْنُ والهَـيَـفُ

لـمْ يَـبـقَ إلاّ وجهُـهـا قــمَـراً
بَـدْراً مَـعـاذ َ اللـيـل يَـنْخـسـفُ

كَمْ وِزرَ أخـرى حُـمِّـلَـتْ لُـغـتي
وبـريـئـة ٌ مـمّـا بهـا اقـتـرَفـوا

أَوَسـيـلـة ٌ ! لَـكـأنـهُـم كَـفـروا
هيَ غـايـة ٌ في ذاتِهـا , هَـدَفُ

أَ َلـُـهَـيـجـة ٌ كَي يُـستهـانَ بهـا
ولُـغَــيَّـة ٌ لِـيُـقـالَ : لا أسَـفُ ؟

يَـتـراطَـنـون كأنـهُـمْ رَبَـحـوا
الأخسرونَ الـ ـ ـ
عـنـكِ قـدْ صَـدَفـوا

يا دُرّتي الـفـصحى , مُـغَــلـَّـقـة ٌ
روحي :عـلى معـبـودِهـا صَدَفُ

يا دوحـة ً مُـذ ْ كـنـتِ سـامِـقـة ً
غَـنّــاءَ دومـاً , ظـلّـهـا يَـرِفُ

فـيـكِ انـطـوى سيـنٌ عـلى غـدِه ِ
وغَـدا طـواسيـنـاً بهِـا ارتَهـفـوا

فـيكِ اخـتِـبـازُ فـرائـدٍ نَـضجَـتْ
طـوبى لمَنْ قـد راحَ يَـرتَـغِــفُ

منكِ الـقـصيـدة , منـكِ قـافـيـة ٌ
وبـكِ الـبحـورُ الـزرْقُ تـأتـلِـفُ

في حضرةِ الـقَـصَبِ الـمـدادُ إذاً
فردوسُ عَـيْـنِ الـناظِـر ِالـتُحَـفُ

لـبّـيْـك ِ يـا أبـهـى مُـدَبّـجَــة ٍ
وبخَـطِّـهـا تَـتَجَـمَّـلُ الـصُـحُـفُ

يا هـمْـزةً للـوَصْـل ما فـَصَـلَـتْ
بـيـني وبـيـنـك مَـرّة ً سُـجُــفُ

لـيس الـذي في قـلـبـهِ مَـرَضٌ
مِـثـلَ الـذي بـفــؤادهِ دَنَــفُ

أهـلـوكِ لـمّـا مَـسَّهُـمْ طــرَبٌ
واسّـلـْـطَـنـوا : (اللهْ)
قـد هَـتَـفــوا

جُـزُرٌ عَـذارى فـيـكِ مـا وُطِـئَـتْ
للـسنـدبـاد ِ غــداً سـتـنـكـشِـفُ

قـُـدِّسْتِ يا وادي ُطـوى َطهُـرَتْ
بـشِـعـابِـها أصواتُ مَـن دَلَـفـوا

يا آيــة ً , كُـرْسِـيّـُـهــا سُــوَرٌ
وأنـا هـنـا أتـلــو ولا أصِـفُ

والعَـصْـرِ
إنَّ الـغـرْبَ ذو سَـقــَمٍ
في الروحِ
أمّـا الـشرْقُ فـالخَـرَفُ

مـا كُـلّ ُ مَـنْ غـالى أجـادَ ولا
كلّ ُالـذين تَـصَوّفـوا اعـتَـكَـفـوا
جمال مصطفى

يَـكِـفُ مضارع وكَـفَ : سال , رشح
صَـدَفـوا: انصرفوا عن , أعرضَوا
سُـجُـف : أستـار

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عدنان عبد النبي البلداوي : “ذكراك نور” مهداة الى روح الشريف الرضي في ذكراه الخالدة .

ذِكراكَ  نورٌ، تسامَتْ فيه دُنـيانا                             يا رائـداً  قــد مَلَكْـتَ القـلبَ أزمانا فكنتَ أصْدَقَ مَــن يَهوَى بناظِـره                           حتى …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| عبدالقادر رالة : الزعفرانة.

    لمحتها في المحطة تنتظر القطار …    الفتاة الوحيدة  التي تقرأ كاتباَ ؛ كتاب في  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *