علي غدير : قصص قصيرة جداً

ali ghadirزوجة معلّمة

– كنت أظنكَ ستطلـّق زوجتك الثالثة خلال أسبوعٍ؛ كسابقتيها، كيف واكبت معك عاماً بأكمله يا صديقي؟!

ابتسم بزهوٍ قبل أن يجيب:

– أفحمتني الأولى، وكانت طبيبة، فكلما أقبلت عليها لأضاجعها، أمطرتني بوابلٍ من الأسئلة؛ هل غسلت يديك؟ هل فرّشت اسنانك؟ هل قلّمت أظافرك؟ وهل وهل وهل… حتى جزعت منها… فطلقتها. وصدّعتني الثانية، وكانت مهندسة، فكلما ضاجعتها، تنحت عني وهي تعلـّق؛ هذه زاويةٌ منفرجةٌ ستؤثر على العمود الفقري، وتلك زاويةٌ حادةٌ ستهشم الأضلاع، وهاتيك قائمة وهذا منحنٍ مفتوحٌ… حتى كرهت الهندسة وكرهتها… فطلقتها.

تنفس الصُعداء قبل أن يتمّم منتشياً:

– أما (سميرة)، وهي معلمة، فشأنها شأن بديع. إذ كلما أتممت معها لذتي، همست في أذني مسترخيةً؛ (أحسنت يا بطل).

—–

إلى الله

تمشينا مساء السبت في شارع (الجمهورية)، (موشي) وأنا. قلت له:

– ادعُ ربك أن يرزقني رزقاً طيباً، غداً في الكنيسة.

أجاب مبتسماً:

– سأفعل… ولا تنسني أنت من دعائك.

مساء الأحد… كان ملكٌ يعرجُ من صليب الكنيسة، يحمل بين يديه دعاء (موشي) إلى الله، ومن هلال قبة المسجد، عرج ملك آخر، يحمل دعائي… إلى الله أيضاً.

—–

زوجة متسلطة

جلس قبالتي منتشياً يطفح بالزهو، على غير عادته الوجومة؛ فسألته:

– ما أخبار منازلاتك مع زوجتك السليطة؟

أجابني بزهوٍ:

– أجبرتها، ليلة أمس، أن تركع على ركبتيها.

لم أصدق ما قاله، ففغرت فمي وقلت:

– اقتربت الساعة… وانتصرت عليها!

ابتسم قبل أن يعلل:

– ركعت على ركبتيها وقالت؛ أخرج من تحت السرير، أيها الجبان.

—–

التباس

أيمكن أن أجد امرأة بهذه الجرأة؟ فما إن وضعت علية الكعك بيني وبينها، حتى راحت تقاسمني ما فيها! أسحب كعكة، فتسحب كعكة، أقضم قضمة، فتضم قضمة… وتبتسم! ولا زلنا نحن الاثنين في صالة الانتظار، ننتظر ساعة إقلاع الطائرة.

بقيت كعكة واحدة في علبتي، فما عساها أن تفعل؟

كما توقعتُ، قسمتها وقضمت نصفها، خلف ابتسامة انتصار.

يا للروعة… يجب أن لا أضيّع الفرصة.

حين همت بالنهوض، بحثت في حقيبتي عن قارورة العطر؛ لأحسّن رائحتي، فوجدت علبة كعكي لا زالت في حقيبتي.

—–

ضعف إرسال

– أخشى أن يكون أخوك قد ارتد عن الإسلام، وهو يعيش في لندن منذ خمس سنين.

هكذا قال لي الشيخ، حين قصدته لأعقد قران أخي المغترب، بابنة عمنا، بناءً على رغبته؛ ليتسنى لها اللحاق به، وأردف الشيخ:

– اتصل به لأسمعه يردد الشهادتين، فأوقن أنه لا زال مسلماً.

عبر الفضاء، ردد أخي (أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله) فجاء الكلام متقطعاً بسبب ضعف الإرسال.

قلت له بناءً على طلب الشيخ الذي لم يسمع جيداً:

– كرّر.

فرد بعصبية:

– لن أكرر… فكل من معي في الحافلة، قد فر قبل أن تنفجر!

—–

برغم يقينها أنه سيسافر برفقة إحداهنّ، جهّزت له عدة الصيد، لتبرّر ادعاءه، ودست بالبيجاما، ما بين البنادق.

حين عاد منتشياً بعد ليلتين حمراوين، عاتبها؛ لأنها لم تزوده بالبيجاما، ما اضطره لشراء واحدة!

—–

بر الوالدين

توزع الجند العراقيون في شوارع كويتنا، إثر استتباب العنف، وهاهو أحدهم يستوقف مركبتنا الولية شطر السعودية. رمق أمي النائحة منذ يومين، فأومأ لنا بأن نمخر إحدى الطريقين، دون أن يؤخرنا كالمعتاد؛ لذا آثرت أمي أن تكرمه، فقالت لي:

– بني… أعطه مما معنا من طعام، لتساهله معنا.

صعقت وأجبتها:

– برغم ما سحقوه فينا!

أجابت بدمعة:

– برّاً بي.

حين ترجلت لأعطيه كيس خبزٍ وخضار، وأفهمته السبب، بُهت؛ وأمرني أن أسلك الطريق الثانية، كون الأولى ملغمة.

—–

الأبعد نظراً

كان ولدي ابن السابعة يتابع فيلم رسوم متحركة، حين سألته:

– من هو أقرب أصدقائك إليك في المدرسة؟

أجاب باقتضاب، دون أن يقطع وصل المتابعة:

– حسين.

فأردفتُ:

– صفه لي.

اختصر الإجابة بأن قال:

– إنه كردي.

رحت أحاول غرس خُلقٍ فيه، مشجعاً:

– عليك أن تختار أصدقاءك وفقاً لأخلاقهم، فلا يهم إن كان كردياً، أو تركمانياً.

بغية الإيغال بعيداً إلى أقصى ما أستطيع، قلت له:

– حتى إن كان يهودياً، فالمهم من الشخص أخلاقه.

رد علي وهو لا يزال يتابع فلمه الكارتوني، دون أن يلتفت إلي:

– حتى وإن كان كائناً فضائياً، جاء ليغزو كوكب الأرض يا أبي، الأخلاق هي الأهم.

—–

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عبدالقادر رالة : زّوجي .

    أبصرهُ مستلقياَ فوق الأريكة يُتابع أخبار المساء باهتمام…      إنه زّوجي، وحبيبي..     زّوجي …

| كريم عبدالله : كلّما ناديتكِ تجرّحتْ حنجرتي.

مُذ أول هجرة إليكِ وأنا أفقدُ دموعي زخّةً إثرَ زخّة أيتُها القصيدة الخديجة الباهتة المشاعر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *