تمهيد:
لم يعد التعرف على توجهات وأفكار الأديب والشاعر والروائي والمترجم التونسي محمد علي اليوسفي** بالأمر المغاير بإشكالياته ترفا فكريا، بقدر ما يمخض ضرورة تفرض واقع الحياة المعاصرة، جعل منها وقفات ومددا تثير التساؤلات المتلاحقة في ابراز ماهية مفهوم الحرية بـ”الأنا” المحددة بمعرفة المختلف ” الآخر” الشامل، إن تدبرنا.
أن ما جعل لهذا أهمية، هو التسامي مع الوجود كجوهر للحرية الحقيقية للإنسان، بدلالته الفلسفية والتجريبة. الدلالة، قد تتلخص في إشكالي الدراسة عن الاديب ببحثه فيما هو غامض، أو المغامرة بأستكشاف ماهية المعلولات المبهمة لظاهرة ما. ما جعل لنا دافعا في تناول المشكلة التي يخوض الاديب برحاها؛ حول الدور الذي يلعبه “مفهوم” الحرية في كل هذا؟ ألا يبدو في كل دلالة من الدلالات أننا ننغمس بصدد مفارقة تاريخية خطابية عند تناولنا إياها “كإشكالية مستدامة؟”، بل ما نوع الإشكالية الذي ينطوي عليها الاديب بكتاباته عليها بهذا الشأن؟ وعن أية إشكالية نتحدث يا ترى باستدامته لها؟
الإحاطة بكل ما أشرنا إاليه هو عمل يبقى أقل من مستوى تأليف كتاب، لذلك فإننا لا ندعي الإحاطة بكل محتويات الموضوع، بل إن ما سعينا إليه هو تقديم نظرة مشذبة متواضعة وموجزة عن الموضوع كـ”مدخل” من شأنه أن يحفز القاريء على قبول تفحص الموضوع وإضافة ما يستحق لتطويره، إن تفطنا.
أملنا أن يساهم هذا المجهود التوفيقي، في جعل تقارب الصورة واضحا، وأن يكون دافعا يحفز القاريء ليسعى على بحث التمكين والتطوير فيه أكثر، واسناده بالرجوع إلى مصادر معتمدة في ذلك، وقد اعتمدنا بعضها، إن شاء القارئ الاستفادة منها. إن شئتم.
المقدمة:
فلسفيا، يمكن الافصاح عن إن الإنسان منذ أزله كان يتطلع إلى “الحرية”، ومنذ تطلعه، كانت هذه تمثل تحديا بإشكاليتها العائمة المطلقة، ذلك التحدي الذي سدد نزوعه المعرفي بالتنقيب والبحث نحو ادوات وظيفية تعليمية تقوده لمعرفة الحقيقة العائمة المطلقة، عبر اهم محمل لها وهو الحرية. اذن هي جوهر لوعاء تستنبت مع أزلية وعيه إلى الخارج كقوة وضعف معا، ما يجعله يبحث عن أطر معرفية دقيقة لمنهجها الوجودي بعبورها مما هو لخارج ذاته في المصادر المعرفية المهددة والتي قد توهنه بأعماقه، إن تنبهنا.
إن اليوسفي (محمد علي) ينقب في الكثير من النظريات التاريخية ومسارد مدارسها الفلسفية التي تناولت معمقة تلك الإشكالية ما بين “التربية و التعليم و المعرفة” كمفهوم وموضوع للحرية، محاولا جاهدا ان يؤطر تحديات تلك الأبعاد لشروطها أو تحديات الفرص لانضاجها والسبيل لاستدامتها، بل وحتى دعم إمكانيات وجودها او قيامها في الخيارات الاستراتيجية المتاحة في طرق وأساليب البحث للمعارف المطلقة والمحددة، إلا أننا قد نعتقد متفقين بأن مجمل هذه المباحث والافكار التي ابدع حضورها في أعماله الادبية، والتي ابدع بحضورها، لعبت دورا كبيرا خلال مجمل تطلعاته الادبية والنقدية في الاختيار، محاولا تصنيف أو لفت النظر لبعض من رجح اعتقاده بنقده لمفاهيم متبعة لـ”النظريات ” التي قد يدحرجها الهاجس في مفهوم الحرية والزمن/المكان، إن تدبرنا ذلك عميقا بالتعاقب.
الامكانية النقدية في اساليب البحث والتنقيب عن خيارات المواءمة لدى بعض من “المدارس الفلسفية” المتشظية والمتشابكة بتشعباتها وتخصصاتها، يعد تحديا بعد كل صراع ومرحلة، ما جعلتها راسخة تدور وتتطاحن ببعضها الرحى، وما بقيت لنفسه منها منظورا محايثا بالبحث، وشغوفا بالاستكشاف والترقب، ضمن سلسلة حلقات النقائض الاثنية “النوعية في التنوع” والإمكانية في سبيل القياس والنتائج لها كخلاف في مفهوم الحرية كجوهر يدعم حقيقة بحثه لمفهوم الحرية المتباين، متمثلا بأنه منعطف تاريخي في تجربته الشعرية، الروائية، الترجمة، والنقد وهو أخذا التغير الذي أحل به، حين قرر بدء تجربة الاغتراب وتطوره للعيش في كنفه، بقراره التوجه نحو الشرق العربي، حمله إلى (دمشق)، الذي قسم وجوده الإنساني “الحر” بين ملكتين: “ملكة عالمه المحلي ـ التونسي” حيث الطفولة والمراهقة، و “ملكة عالمه الجديد” في التحدي بمواصلة البحث عن الحرية، أي بين “فضاءات الانا” و المغاير “الآخر” بين العلاقة الاثنية المتشابكة بين الذات والموضوع، إن أجتهدنا بترو.
وبالتالي، بين مفهومي الاتصال/القطيعة للحرية كمفهوم في وحدة الوجود المعرفي للآخر والذات المتجزئة بوحدة المعرفة بذاته، والذي يعني صراعا محموما بين “عالم الكتابة والتأمل المستدام” بمعناه الأشمل “اللاموازي” مع الآخر “المختلف”، وهو العقلانية الثابة ” ثقافة التعايش الرشيد والتمرد” الذي يقضي بأن يكون التقاسم بالمشارطة المكرهة، المهددة للذات، والتطبيقات الحادة للواقع في التعايش، وهذا الوجود الافتراضي “الحلم” للحرية كمفهوم متلبس الدلالة والمكثف بذاته، ما جعل انعكاس التجربة في الكتابة لديه، تأخذ مزيدا من التشظي/ التباين/المختلف في “النظرية” والتأمل، على خلاف ” التنوع/المتحد/المتشابه” بمعناه الأشمل في المنهج التطبيقي “الموضوعي”، والادق هي العقل الذي يتسم بأن يعترف تارة ويتمرد تارة أخرى على “الأشمل” لمفهوم الحرية، والإشكالية الفلسفية في “تجزئة” هذا الفضاء الابداعي المكثف بذاته، او المتمرد، رافضا الحاجة والحجة للامتثال لأي مفهوم متلبس بالحرية ضمن إشكاليات المفارقة بأفاقها الملبدة في الإنسان عامة، إن لاح لنا ظهوره واضحا، وتطاوعنا الدقة بالاستقصاء لقراءتها كإشكالية مزدوجة.
فالرؤية التاريخية هنا، عامة وموجزة. تواجه الحرية الانسانية في كل حقبة زمنية تحديا عسيرا، اـختبارا مضنيا من صناع احداث القرار الذي تعايشه على الجمع العام، بغية إثبات أحقيتها التاريخية في التبرم والتقول حول أولوية الحرية للإنسان، هذا الكائن المسكون بجوهره، الملاحق بالفقر والمطارد بالزمن العدمي، المنفرد به جبروت السلطة بتهميش العقل، وقمع الحاجات والرغبات. ومن الأكيد أن المفهوم الفلسفي للحرية لم ينضج بين ليلة وضحاها، كما أن التحرر لم يبن قناعته عند الانسان كقيمة عليا دون تعلم وحكمة ومعرفة. وإنما عرف تاريخ الشعوب والفكر الفلسفي لمفهوم الحرية هو كذلك تعرض لحظاتا اتسمت بالتوهج بالمطالب والا نشراح الذهني بتحديد الاحكام للحقوق ولهفة أنسنة العقل للمعرفة وبلوغ الطموح نحو الحرية الحقيقية. ودون شك، هناك مراحل وثوب أخرى لازمها الجمود وانشغال الفلاسفة بهموم سابقيهم، كالمرحلة في المنطقة العربية التي تعيش القروسطية التي خيم عليها مناخ الانغلاق وتحصينه بالايديولوجيا ” المقدسة”، جعلوا منها ما ينعت حاليا/ بعصر السبات الفكري/الاغتراب الفلسفي، هذا ليس بمعزل عن ” الآخر” الغربي أو الحروب والاحتلال للتحكم بالاضعف/الغنيمة او الـ”هبة” ليغرف صراع الفكر مجددا في كتابات كل حديث الاديب اليوسفي، بداية نهضته في الكتابة والترحال الذي استنهض معه بوادر سؤال الحرية/الذات، مرورا بالتجارب القاسية التي خاضها، والذي مد جسوره بإرادة صلبة/ مواصلا بشطر من نقد التاريخ شعرا إلى حداثته الاسلوبية فيه، أقل ما يمكن القول حولها مداده في الرواية والنقد فالترجمة لنصوص مختارات بعناية ودقة مدهشة، انها واجهة متاخمة عند التجديد ونقد الحرية/الذات وما ووافدته؟ تلك التجارب من السفر والتنقل بين الثقافات المتعددة والمتنوعة في الترجمة
مما لاشك فيه هناك تشوهات للفكر الفلسفي لمفهوم الحرية، بعض من جعلها مقدسة. كما للديكارتية، اللوكية(جون لوك)، الكانتية، الهيغلية، الماركسية، الفرويدية، الهيدغرية، السيتراوسية، السارترية، ميرولوبينيتية، هبيرماسية..الخ، وغيرهم لمن سبق او لحق من تشظيات لمدارس ومفاهيم لحقب زمنية متفاوتة، من نقائض لأساليب وما اتصلت به من اخفاقات حتى اثبتت اعوجاجاتها التنويرية سببا ونتيجة لنشوب الحرب العالمية الاولى او الثانية، و ما نتج عنهما من كوارث، والضياع المطلق/الحقيقي “الحداثي وما بعد الحداثي” لأبسط وأدق مفهوم مؤطر عن اصطلاح نظرية الحرية للإنسان. هنا شدد الوقوف بها الأديب اليوسفي لأغلب أطروحاته النقدية الابداعية وكتاباته الادبية بصددها، متصلة حتى في انعكاس ظل ثورة الاتصالات الاخيرة، ان شئنا. والتي سنتناولها في الدراسة، بفيض ومضات متصلة خلال الدراسة.
إن هذا الفارق بالمقارنة مع محمولاته، يتبديان كتدشين لمنهج غامض وغير دقيق فرضا على النشاط الإنساني، حيث وظف من خلال لحظات قصوى للعقل وللقدرة الإنسانية على التموقع بطريقة ملائمة في العالم بغية التأثير عليه، وبهدف تغييره أيضا. إنه ومنذ ثلاثة آلاف سنة، كان النشاط الفلسفي بمثابة نقطة ثابتة في تاريخ الإنسانية، لكن مع تطور العلوم والتقنيات، تبدى مصلح مفهوم الفلسفة بمثابة مجال معتم، بفعل إشارته لمشكلات دون حل، ولأسئلة أبدية، إضافة إلى نوع من التفكير غير الملائم لحاجيات العصر. لقد تمكن كل من العلم والتكنولوجيات من الاستثمار في مجال الأسئلة الفلسفية القديمة تجاه مفهوم الحرية، حيث تمكنا من الإجابة بطريقة مقنعة بخصوص جزء كبير من الأسئلة لدرجة تركهما لعنصر التشويق عن طريق الفلسفة “إضفاءات تنظيرية أكثر تشظيا خلال “نظرية الفعل” وتميع الرغبات وانفلات خواصها، ومنه يمكن أن فعل أتباع آلية تاريخ معقدة المراحل والصراع، أدى إلى تولد الفلسفة من حاجة ملحة وعميقة للتأويل، إضافة إلى الرغبة في السيطرة على العالم واستيعابه عقليا، بيد أنها فهمت شيئا فشيئا كعنصر غريب عن الواقع وكنتيجة لذلك، على الإنسان وعلى أهتمامته الواقعية.
إن اقتفاء أثر تاريخ هذا التطور غير المنتظر، هو بمثابة عمل مثير، بيد أننا نريد فقط في هذا المقال تبيان إلى حد نقطة البداية بخصوص تأويلنا هذا خاطئة، لكنه وفي مقابل ذلك فإن هذه الومضة من الخلاصة، قد نجحت في إيقاظ أهمية فلسفة الاديب المبدع اليوسفي باعتبارها آلية للفظ أو انتشال بعض الاحكام المسبقة، وأيضا منهجا له لفتح آفاق جديدة للقاريء، وذلك من أجل أن يصبح هذا العرض المختصر قابلا للتبرير، إن شئنا.
وليس ببعيد أن تكون هناك ثمة مشكلة للدراسة في ظل مخاضات الاديب الفكرية والابداعية والتأملات النقدية عن مصير الإنسان، ودونكيشوتية بطله السرمدي المتنقل معه بين المحطات، الموانيء، العواصم.. وقوافل أوراقه وحقائبه المتأزمة، وتحت ظل هذا الصراع الذي يشهده الإنسان العربي منذ زمن طويل، واتساع فجوة عبث الفوضى، ما جعل هشيمها يطال جميع أبعاد تأملاته في الكتابة، متمعنا بعمق ضبابية مفهوم الحرية، ومغالف أغشيتها المتربة فوق ركام حياة “الإنسان في المشرق العربي” على السواء، من اتلاف في الرؤى السياسية والثقافية والاجتماعية والاقنصادية وهو يتناولها في أعماله الشعرية والرواية و النقدية منها، ما جعل إلقاؤه الضوء على أحد أهم المفاهيم للحرية المشروطة بـ”الالتزام”.
إن ما يتم الانقضاض عليه من دوافع هوامش الفوضى المعرفية ـ-الثقافية العامة بإدارة مؤسساتها مؤطر أيضا بـ”الحرية”، والتي تعمل على تسويق “الطمس” في نزعة هوية “الإنسان ـ الشغيلة” من الطبقات الكادحة، وإلقاءه في عوالم الاغتراب الثقافي الفوضوي، الا وهو مفهوم “غياهب” التيه والولاء لأديولوجيا ما، المفهوم الذي لا زال الاديب مشغولا به وهو حين يتناول مطرقته النقدية بمؤلفاته حول “الحق/العدالة/ الكرامة منها” كمستحق طبيعي لوجوده كإنسان. هذا ما جعل الاديب تناوله متصلا، لتحطيم ما تم ويتم صناعته بطبقات مؤسساتية من “أبلسة العقل” وزجها في دهاليزها المعرفية والسياسية الضيقة، ومهاجمة شرعنة الحرية ودسترتها كحق مدني عام. ما دعا اديبنا المبدع إلى مواجهة ادوات تلك المؤسسات النفعية واتباعها ممن اصطلح عنهم “بالمثقفين”، وعلى مواجهة الفقر والجهل بالكتابة على المستوى المعرفي الجمعي بالطموح والتظافر نحو الحرية، كهدف يتسامى مع الوجود للإنسان، كجوهر للحرية الحقيقة له.
وما جلي في اعماله الروائية والمتناول النقدي، اسلوب طرحه كـ”سلطة لقوة خيارات العقل وحرية اختياراته”، هذا قد جعل ليس بالضرورة أن تناهض ” سلطة حرية المعرفة الشرطية والمطلقة”، الاشكالية على ” المستوى السياسي للحرية” هي بمثابة نقده المتصل للذرائعية، والطبقية النفعية المتجددة لانقيادها بتكميم حرية الوعي، والتماس المغفرة والطاعة في عسكرة العقل وانقياده، وتجميل الولاءات على حساب الفاعلية الرشيدة ومهارات الكفاءة. دون ادنى شك، جعلت من الاديب حاملا نصابا ملموسا في الوقوف عند الحقل الدلالي لافكاره، ولمفهوم الحرية الذاتية الخلاقة امام نصابها الموضوعي، ما جعلته متصفا ومماحكا صلبا بالدفاع عن تنوير “المفهوم” بالعمل الجاد، وما يثيره من ترهل هذا “الاصطلاح” من إشكال حال اهماله امام اشكاليات مثقلة بالدلالات للقهر والتعسف. دفعته نحو الاستدامة لرصد ما طرأ عليه من متغيرات، أفقدته خصوصيته المعرفية والتاريخية عبر أحقاب وفترات زمنية مظلمة، وطمس معالم علاقته بكل من مفهومي تغيير علاقة الحرية بالرغبة/الحاجة والحرية بالاغتراب، فتحولت بذلك عليه كانتقال نضالي متجدد خلال محطاته بالتنقل المثقل بالقلق، مكرسا تأملاته بالكتابة، دؤوبا بين الشعر والرواية والترجمة والنقد ومهام الحياة وصراع اضدادها، دفعت تألقا لم يأفل منها صوت الحرية، خلال تجلياته ، بل جعلها ملمحا من ملامح ابداعية الكتابة الرصينة على صعيد “الالتزام”، أمست كما قرأت، رؤيا مستقبلية “مغامرة عقلانية” مدهشة، إن أشتققتم؟.
ويمكن أن تلخص مشكلة الدراسة، وما طرأ معها من تلويح يتدقق التويح به؟، يشخص بأربع وقفات رئيسية، وهي:
ـ اولا: ما هو التكافؤ بين مفهوم الحرية واعتقادات الثورة الكوبرنيكوسية السائدة قديما عن مركزية الأرض للإنسان؟.
ـ ثانيا: كيفية تفعيل مفهوم الحرية الإنسانية وما حققته ثورة الفيزياء والعلوم الحديثة حول سرعة التغيير في سعة الحجوم والمسافة والزمن للإنسان؟.
ـ ثالثا: أين تكمن الحرية كـ”مفهوم” تبادلي بالاشياء، وما جاءت بتحقيقه الثورة العصية التي تألقت في قانوني الحركة والجاذبية من التغيير الاجتماعي؟.
ـ رابعا وأخيرا: متى؟ ومن هو المسؤول عن تطبيقات المفهوم للحرية، وما جاء به الإنسان في تحقيق انتصاراته لذاته، محققا وجوده لأجلها؟.
وما يتعلق بأهداف الدراسة، هنا، اروم من خلال هذه الدراسة المنجزة توضيح أوجه المفهوم للحرية، والوشائج للإشكالية المستدامة لدى الاديب المبدع اليوسفي (محمد علي)، الذي جمع موسوعية منتجه الابداعي الادبي في الشعر، الرواية، النقد، الترجمة بالتحليل النفسي ـ الاجتماعي والفلسفي، فكلاهما متواصل برشاقة أبداعية موازية في اشراقة إجادة قراءة تنوع الآخر من خلال مدخل اللغة في الكتابة والترجمة معا، بكل ثناء؟ وسلاسة على النفس الانسانية لمفهوم الحرية.
من دون أدنى شك، هدفي هو التركيز على ما يتيسر لهذا اللقاء والتجاذب هو ايضاح اقدمه للقارئ عن هذا الفيض المستنير، تجربة الاديب بغناه المعرفي الابداعي لما هو مهم ودقيق في نظرته الفاحصة لمفهوم الحرية. بل وايضا التأكيد من دون أدنى غرابة على سعة ودراية الخزين المعرفي والثقافي الثاقب في التحليل الفلسفي والنفسي ـ الاجتماعي النقدي الذي قد وهب نفسه منذ كتاباته الاولى واهتمامه الرشيق بالإنسان، لقراءة التواصل للغة المشبهات والتشكك الوصفي والفكري حول “الانا المفكر فيه” والمفكر لأجله ـ بذاته، من خلال مسيرة عمله وتأملاته المضنية على تفكيك نواظم التشفير الذي يتسم بتشكيل خلايا المعارف ولزوميات فاعلياتها في الفضاء الإنساني لحريته، أو استيضاح الخطاب الدلالي ضمن الكلام الضمني للأشياء وحركتها وطاقتها الخفية في دوافع البحث عن الحرية.
والهدف الاخر، أيضا، هو جعل ما كتبه اليوسفي ضمن مكاشفة هذا الملفوظ قابلا للفهم والتفسير لمنطلقاته نحو فهمه لمفهوم للحرية، للتعقل والاستدراك في خلق الإشكال المترادف باستدامته، ان كان هناك ثمة انفلات من التركيز في أعادة تحليل المعنى والنص الدلالي الظاهر. كما نعرج ايضا بالاهدف إلى كشف ما هو محجور عليه من توقع الرؤيا والتدراك في سياقاتها الفلسفية لدى كتاباته الادبية الابداعية من تأويلات مغايرة في الدلالة، المعرفة المغلقة والمفتوحة للحرية إن كانت هي نظاما عقلانيا واعيا لمنهجية مفهوم الحرية أم فاعلا خارج سياقات اللاوعي المهمل والغير مستوفي. وعلى مقدمة بوابتها هي مؤلفاته (المذيلة بنهاية الدراسة)، ما تحمله هذه الخطابات أو النصوص التي في التحليل الفلسفي ـ النقدي، والتحليل الجمالي للصورة والايقاع الشعري، والكلمة ودلالتها في التحليل المعرفي ـ النفسي في القدرة على تحطيم تحجر مغالقها، والعوم في سبر أغوارها، ويبقي للصمت لفظا/كلاما ذا دلالة معرفية نابضة في عالم المعرفة وفضاء الحرية المستدام.
وأخيرا، هدفنا في الدراسة، أن نأتي بموعد مع زائره القريب من القراء تحت تمام مثل هذا العرض المتواضع، لما يطفو به “الاديب لنصوصه الفكرية والمعرفية الابداعية المهمة على السطح دون سابق انذار، مع حرصنا على الانفتاح من دون تضليل في تقبل وجهات النظر النقدية المغايرة في المستقبل عند تناول مؤلفات الاديب الابداعية في الدلالة والأثر، كاشارة للباحث الدؤوب نحو مفهوم الحرية الهادية إلى تثبيت المعنى ضمن حقل الدلالة الاستقصائية، للمباحث الجديدة وللاجيال من الباحثين المبدعين، والساعين إلى فتح مزاليج ابواب المعرفة والتفلسف النقدي، بترو متزن، إن شتم.
أهمية الدراسة، هوما يؤكده الاديب بادبياته، بأنه لم يعد يجدي نفعا اليوم بالقول إن المؤسسات المدنية هي من ينال حق التصدي بالدفاع عن حقوق الإنسان فقط، والتكلم باسمه والمطالبة بتحقيق العدالة والكرامة وباقي حقوقه المشروعه، بل انه مطلب بتحقق نمو الحرية داخل وعي الإنسان كجوهر ملازم له، يلتحم نموها بإرادته المشروطة للحرية الحقيقية لوجوده بتحقيقها، وإن تطلب ذلك أن يكون دورها اشراقا مهيبا في تنوع مطالبه، ويحقق لها وجود يعكس ما المفكر به في تطبيق الاستدامة للحركة بتقدم ونجاح بالضرورة، والتأثير في مصادر الطاقة للوعي المستقبلي بتعلمه وعلمه، وممارستها الممنهجة في تفعيلها وتشغيلها بانضباط والتزام، كما تنتج مخرجات استراتيجية، تدافع وتضمن له ممارسة حق التعبير في تحقيق الاختبيار الجاد، وتنوع الابداع الإنساني قبل كل شيء. فالإنسان مع الحرية ليس بضعيف كي تكون في تفكك حاجاته الاخلاقية، بل المطالبة بوعي أخلاقي منضبط وتحليل خواصها يمثل متنا محكما، عند تأويل ضرورة تطور ديمومتها، يعود ذلك إلى من يدافع عن المفكر لحقه بذاته مع الآخرـ لذاته. إذن هل يجدر القول بأن الحرية تكون منظورا معرفيا “نظريا”، والواقع منها يتطلب معرفة منهجية تطبيقية؟ وبطرح هذا التساؤل يكمن تجذر أهمية الدراسة، إن لزم الامر.
حيث إن مثل هذا السؤال الذي أشرنا إليه آنفا، تسبب في بروز العديد من الاتجاهات والميول والانطباعات الفلسفية، كما هو في محاولات اليوسفي، جعلها ديمومة استشكالية حين يتحاور بتوصيفاته في أعماله الروائية او الشعرية، محافظا على اتساق بقائه في سياق “انبثاق الحرية كـ(سؤال)” في تسيير انشغالات بصيرته النقدية، بتفرده بين إحدى النزعتين الإشراقيه لها نظريا من جهة وبالنقد لصددها من جهة أخرى من ناحية تفحص تأملاتها التطبيقية، التطبيقية المنضبطة بكشف بطانتها الخفية، والخلافية الملبدة بالانفعالات كظاهرة، والضبابية بتزاولها، ما جعله يتخذ منها ممرا “سرديا” و “قصصيا” قصيا في مساردها التاريخية لـ”نقدانية الظاهراتية للمفهوم” إلى واقعه الاجتماعي، وآليات تطوره التاريخي “المفهوم”، وكما هو الظاهرة لأخلاقية “واقعية الضمير” و “الوضعية للضمير” و “التجريبية للضمير”، وما اتخذت “الحرية” كموضوع لتبيان “المفارقة الظاهرة لأقتصاديات الجسد المقدس/العنف، وصراع الاضداد الايديولوجية للرغبات الخفية بالحاجات الاقتصادية والسياسية والثقافية، من حيث البناء والتصميم “للمفهوم” الخالص بذاته، تتلقى ببناء مصادرها للحاجات والرغبات كمثل العديد من النظريات العلمية وكليات فروعها التحليلية، تلتقي كلياتها الانسنية بتلاقٍ مواز مع الاتجاهات الفلسفية أحيانا، والتطبيقية في سياق التعقل النقدي في “المثالية الموضوعية” في تصميم التوقعات للحاجات للعرض والرغبات بالطلب أحيانا أخر، وبمثل هذه الاهمية لميزات وحدات الأمستدامة وبالضرورة استشكالاتها لدى اليوسفي، يبقى فيها الإنسان إما في هامش التجميل/التقبيح عن المركز، او تواسطيا بـ”طموحات مفارقات التعالي لـ”الانا” المتصلة بالقطيعة، أو خاضعا لقيود مواسم حصادها الموضوعي التاريخي بالضرورة، ان صح التعبير!!..
فرضيات الدراسة، إن الحرية لا يمكن أن تكون فاعلة معرفيا “نظريا”، بل إنها تحتاج إلى أدوات معرفية للبحث عن منهج للتطبيق، لتصبح هي المنهج عينه في القياس والاستنباط. فالحرية عند اليوسفي، هي بمثابة صراع معرفي ذي إشكالية تمر عبر ديمومة مراحل وبالضرورة، كما أنها تحمل تكيفا ” نوعيا/كيفيا” بادوات بحث ممنهجة، كما التحليل الكمي. إذن فهو لا يكف عن كونه حرية “معارف فلسفية”، بل أيضا عن كونه يبحث عن منهجية تطبيق وتطوير، فالمنهج التطبيقي التي يقوم ويستند بأعتبارها ان لا تنفصل؟ عن أن الانسان مصدر تلك المعرفة بالميول والسلوك في الاختيار وصناعة المعارف، هي نفسها التي تقومه بتفعيل كفاءته في بنيتها كمنهجية مشروطة بقياس التزام تطبيقها بمعايير مسؤولية الوعي الذاتي الانتقالي ـ تعليميا وتربويا. إذ ذاك، نصل إلى القول بأن الحرية عند اليوسفي، لا يمكن إلا أن تكون معرفة أثنية لما له من بعد فلسفي ومنهجي تطبيقي محض. المنهج هنا يقع في إطار المفهوم للحرية، بدورة قياس المفارقات بالضرورة، لا يكون إلا حرية اختيار أدوات البحث عبر تأملات الحقيقة المطلقة في توسع صرامة العقل وليس باقصاء المخيال للمعنى أو الوعي في ظل أزمة تأويل التجميل او التقبيح، إن كان مفهوم الحرية حيال “السرديات” او المطلق “القصصي”، لأنه يمثل استدامة فعل المادة ببناء المعنى والبحث في مكرر الصراع التأويلي، وإن تجشم العناء بذلك. لان تلك الديمومة تمثل متصلا فاعلا عن كون “الحرية” اصطلاح-يبحث عن جوهره في “المفهوم” كـ”مشروع” ليصير لا محالة من البحث عن مساند تدعم سبب استدامته، وتطوير بحثها بالتدريب، والتجريب ضمن وعي لمراحله التاريخية في التنمية لأنسنية؟ الإنسان/ حاجاته/رغباته المستدامة، وهنا الإسقاط للفرضية تتموقع في الإشكالية للمهارات الأبداعية لدى اليوسفي، وسوق تموقعنا معه في مشغل تواسطيا بين مفهوم الحرية المطلقة/المحددة للحقائق والدلائل وضوابط الظواهر للفردية/العام من جهة، والحقيقة المطلقة في إشكالية بحث الكتابة المستدامة التي يكسو بها تطلعاته من جهة أخرى.
تصميم منهج الدراسة، يعد موضوع الحرية أحد أبرز الموضوعات التي أستأثرت باهتمام الباحثين والدارسين على مر العصور. وقد تجاذبت وتباينت مشاكلها وقضاياها حقول متعددة في مدارس ومفاهيم للفلسفة والعلوم كالاجتماع والنفس والقانون والتشريعات والسياسة والطبيعيات واللسانيات والهندسة..الخ وقد أدى هذا التنوع الإشكالي، أهمية في الدراسات حول تواصل البحث إلى بروز مفاهيم مختلفة بعض الشيء حولها، كما فتح لنا الاديب المبدع اليوسفي المجال خلال كتاباته لتطوير بعض المحمولات التأويلية للافكار المطلقة والمتعددة عنها به، بأعتبار ظاهرة الحرية كمفهوم متحرك وفعال موضوعيا، رغم ذاتيته، فتح سلسلة جدالات ومناظرات مشاكسة الذات وما لأجلها.
إذن، قد صممنا الدراسة كما هو مبين ادناه، إلى لائحة موضوعات موجزة، وتلك توزع إلى محاور أساسية، خصصنا أن تكون الدراسة مؤطرة بنتائج الوصول إاليها، حيث تم توزيعها على: مقدمة، وسبعة محاور وخاتمة. والتي سأتناولها كما وسمت على النحو الآتي:
المحور الأول : الحرية بوصفها شغفا تأويليا لإشكالية الاستدامة في الاغتراب والكتابة: مفاهيم وتأويلات.
المحور الثاني: الحرية بوصفها إطاراً منهجيا لإشكالية التنقيب والاستدامة.
المحور الثالث: الحرية وإشكالية تدحرج هاجس البحث المكاني.
المحور السادس: الحرية وإشكالية مشاغل الكتابة المستدامة.
الخاتمة
وهو ما يدفعنا إلى فهم وتفسير ضمن إطار مجمل الإشكاليات الوظيفي عبر سلسلة مقالات، من وجهة نظري، كل محور ، لاحقا. وقع الاختيار لبعض النصوص التي ستنهض بدراسة واستشهاد بها في الفصل السادس مع ملحقات شعرية للاديب/الشاعر، ليكون شكلا من اشكال الإحالة لفتح آفاق جديدة عند الاطلاع، وسعيا إلى الانطلاق من النصوص المختارة لبعض من دواوينه الشعرية لتحث على اجتهاد البحث المستمر وتلاقح وجهات النظر المغايرة بتبادل النقد والكتابة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحثة، عراقية الاصل/بريطانية الجنسيةـ جامعة كيمبيريج (حاليا، مديرة مشروع ـ وكالة ناسا الفضائية)
** سيرة موجزة:
ولد علي محمد اليوسفي في مدينة باجة التونسية 3 مارس 1950. بعد مغادرته تونس، متجها إلى دمشق، عمل لمدة سنوات محررا مستقلا ومترجما لدى العديد من الصحف الثقافية السورية واللبنانية والفلسطينية. تابع دراساته العليا بالجامعة اللبنانية خلال الحرب الاهلية. عاد إلى تونس ليستقر بها بعد عشرين عاما، أمضى ثمانية منها في قبرص. ونتيجة لهذا كتب وترجم العديد من الأعمال التي نشرت، وقد رسخ شهرته في ترجمته لرواية “حكاية بحار غريق (1980)، وخريف البطريريك، غابريل غارسيا ماركيز (1981) ، كما لغيره من الكتاب المرموقين. ولكتابته حلة من الاعمال الابداعية المثيرة للدهشة والجدل في مجال الشعر والرواية والدراسات والنقد كما هي لترجماته القيمة.
أعمال المؤلفة:
في مجال ( الشعر):
• حافة الارض، دار الكلمة، بيروت، لبنان (1988).
• امرأة سادسة للحواس، دار الطليعة الجديدة، دمشق ـ سوريا (1998).
• ليل الأجداد، وزارة الثقافة السورية، دمشق ـ سوريا (1998).
• ليل الأحفاد، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق ـ سوريا (2008).
• رقصة الكنغرس، الدار التونسية للكتاب، تونس ـ تونس (2012).
• حياة كاملة يليها كوخ الحكمة، دار دال للنشر والتوزيع، اللاذقية ـ سوريا (2016).
في مجال (الرواية):
• توقيت البنكا [جائزة الناقد للرواية] رياض الريس، لندن ـ بريطانيا (1992).
• شمس القراميد [جائزة كومار: الريشة الذهبية] دار الجنوب، تونس (1997).
• مملكة الأخيضر، دار الطليعة الجديدة، دمشق ـ سوريا (2001).
• بيروت ونهر الخيانات، دار الفارابي، بيروت ـ لبنان (2002)
• دانتيلا، دار الفارابي، بيروت ـ لبنان (2005).
• عتبات الجنة، دار الفارابي ـ بيروت ـ لبنان (2007).
في مجال (النقد):
• أبجدية الحجارة، بيسان برس، نيقوسيا ـ قبرص (1988).
أعماله في مجال الترجمة:
الشعر:
• حرية مشروطة، أوكتافيو باث، الدار العالمية، بيروت ـ لبنان (1983).
• مدائح النور، مختارات من الشعر اليوناني، دار الملتقى، ليماسول ـ قبرص (1994).
• كنت شجرة وتكلمت بستان حروف، القصائد الشرقية لأوكتافيو باث، دار أزمنة، عمان ـ الاردن (2008).
الرواية:
• حكاية بحار غريق، غابريل غارسيا ماركيز، دار ابن رشد، بيروت ـ لبنان (1980). طبعة جديدة، دار ورد ، دمشق (2008).
• خريف البطريريك، غابريل غارسيا ماركيز، دار الكلمة، بيروت ـ لبنان (1980). طبعة جديدة، دار المدى، دمشق (2005).
• البابا الأخضر، ميغيل أنخل أستورياس، دار التنوير، بيروت ـ لبنان (1981). طبعة جديدة، دار ورد، دمشق (2008).
• ناراياما، شيتشيرو فوكازاوا، دار التنوير، بيروت ـ لبنان (1982). طبعة جديدة، دار ورد، دمشق (2008).
• مملكة هذا العالم، أليخو كاربنتيه، دار الحقائق، بيروت ـ لبنان (1982). طبعة جديدة، دار ورد، دمشق (2008).
• البيت الكبير، ألفارو سيبيدا ساموديو، دارا منارات، عمان ـ الاردن (1986).
• ليلة طويلة جدا، كريستين بروويه، دار الجنوب، تونس (1994).
• بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة، داي سيجي، المركز الثقافي العربي، بيروت ـ لبنان، الدار البيضاء (2004).
• الفتى أصهب، جول رونار، مشروع “كلمة” للترجمة، أبوظبي ـ الامارات العربية المتحدة (2012).
السيرة:
• المنشق، سيرة نيكوس كازنتزاكي بقلم زوجته، دار الآداب، بيروت ـ لبنان (1994).
دراسات:
• بداية فلسفة التاريخ البرجوازية، ماكس هوركهايمر، دار التنوير، بيروت ـ لبنان (1981).
• بلزاك والواقعية الفرنسية، جورج لوكاش، المؤسسة العربية للناشرين المتحدين، تونس (1985).
• نظرية الدين، جورج باتاي، دار معد، دمشق ـ سوريا (2007).
• لو كان آدم سعيدا، إميل ميشال سيوران، دار أزمنة، عمان ـ الاردن (2008).
السينما:
• الثورة الفرنسية في السينما، المؤسسة العامة للسينما، دمشق ـ سوريا (2003).
• قرن من السينما الفرنسية، المؤسسة العامة للسينما، دمشق ـ سوريا (2005).
رحلات:
• من تونس إلى القيروان، غي دي موباسان، دار المدى، دمشق ـ سوريا (2004).
القصص:
• الميتة العاشقة وقصص فنطازية أخرى، تيوفيل غوتييه، مشروع “كلمة” للترجمة، أبو ظبي ـ الامارات العربية المتحدة (2014).
التواصل/ العنوان الالكتروني:
yousfimedali@gmail.com
yousdali@yahoo.fr
الموقع:
http://alcarma.worldpress.com