تؤرقني الليلةُ رؤ ىً ، أمام عينيَّ ألسنةُ لهب ،
نفدت كل حبوبي المنومة ، فتوسلت بسحابة عابرة ،
أن تمنح مطرَها لعيون الأمهات التي جفت ،
لعل َّ دموعاً جديدة ً، تطفئ حرائق المدن في رأسي ،
أبتهلُ لإله الصقيع أن يُجٓمِّدٓ ،
أصابع ديسمبر بثلوج سايبيريا ،
وتُخْمِدَْ عواصف القطب الشمالية ،
أوار مدفأته ،
وأن تُكسَرْ سيقان أيامه الأحدى والثلاثين،
ويبقى كسيحاً في مقعد لياليه الباردة ،
يرتجف كقط مبلل أمام مدفئة خامدة ،
ولكن لا أتمنى له أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
قبل أن يصفي كل حسابته القديمة ،
وأن لا ينقلها بالخداع والحيلة ،
للسنة الميلادية الجديدة 2017 ،
***
أتمنى عليكم يا أصدقائي الطيبون ،
يا فقراء العالم ، وَيَا ملح الأرض ،
أن نلتقي ليلة السنة الميلادية الجديدة ،
وحتى مطلع فجر يومها الأول ،
على مأئدة عشاء متواضع جداً ،
وبإسمكم جميعاً سنرسل دعوة خاصة ،
وباقة من الرازقي العراقي ،
والياسمين الدمشقي
لصديقتنا العزيزة أنجيلا جولي ،
ستحضر ..
تجلس بِيننا كأميرة ، فنقبل وجنتيها الذابلتين ،
ونغسل قدميها المتعبتين من كثرة البحث عنا ،
ونقلدها وسام الحب من درجة القديسين ،
لا بأس يا آصدقائي ،
أن يشتهي أحدكم الليلة طعاماً طيبا وساخناً ،
أو كأس نبيذ أحمر ، شاهده على موائد الأغنياء ،
ولا بأس أيضاً أن تبكوا وتغنوا ، وترقصوا وتسكروا،
وأن تصرخوا بأعلى أصواتكم :
نحن الذين نصنع الحَيَاة ،
ولكن رجاءً لا تتكلموا اللية في ( السياسة أو الدين ) ،
فهما متتالية تاريخية قديمة ،
غالبا ما تنتهي بالحروب،
فتكونوا أنتم فيها دائماً ، أكباش المحارق ،
والدخان المتصاعد لعنان السماء ،
لا تلعنوا أحداً من السياسيين ،
القديم منهم أو الجديد ،
ولكن أطلبوا منهم أن يتركونا بسلام ،
ولا تتمنوا كثيرا على العام القادم ،
***
حينما يبدأ العد التنازلي للأكاذيب الأخيرة،
وعقربا الساعة ، كدأبهما اليومي يلتقيان دائماً ،
يتصافحان دون أن يتماسا ،
لا أدري لماذا في كل عام جديد ،
عند الساعة الثانية عشرة ، تصيب الناس
لوثة فرح غريبة ، وقصيرة الأمد ،
المحتفلون عند الهاربر بردج بسدني ،
يتبادلون القبل والأنخاب والتمنيات ،
وآخرون هناك بعيداً عنهم ،
يرتفع في دمائهم عمود الزئبق ،
في ترمومتر الكراهية ، الى درجة الأنفجار ،
أما أنتم يا أصدقائي العقلاء المشردين ،
الذين تمضون أخر ليلة من عام 2016 ،
متوارون عن الأنظار ،
ترتجفون بزاوية خالية معتمة ،
بمكان ما ، في مدن العالم الكبيرة ،
متدثرون بأسمالكم البالية ، من برد الشتاء ،
تمنوا معي ، أن يكون العام الجديد ،
أقل قذارة من القديم ،
وتخيلوا وأنتم تحلمون بالألعاب النارية ،
التي تشعل سماوات العواصم الكبرى ،
أن نجمة الصباح المضيئة في السماء ،
ستنير بقوة ظلام العام الجديد
صالح البياتي