فائز جواد : “زهور حسين” غادرت مبكراً وبقي صوتها نابضاًً بالشجن العراقي بعد 52 عاماً على الرحيل

faez-jawadكان العراق متخم باصوات المطربات اللواتي سجلن حضورا لافتا بالرغم من الامكانات الفقيرة والادوات التي تساعد على تسجيل وانتشار الاغنية والاهم ان مجتمعنا العراقي كان ومايزال لايشجع الاصوات النسائية باستثناء النخبة من عشاق الفن والثقافة وبالتالي حدت العوائل العراقية وخاصة البغدادية منها الاصوات النسائية الى جانب الظروف السياسية والاقتصادية انذاك ولكن رغم هذا برزت اصوات نسائية وقائمة من المطربات اللواتي نافسن المطربات العربيات التي كانت متخمة بالاصوات النسائية وخاصة مصر العربية التي تتصدر اصواتها السيدة ام كلثوم ،
في العراق برزت اصوات نسائية من بغداد والمحافظات رائعة بشهادة النقاد والملحنين والاهم الجمهور الذي شجع تلك الاصوات وبالتالي دخلت تلك الاصوات في دار الاذاعة والتلفزيون لتنافس الاصوات الذكورية وتسجل اغاني مازال الجمهور يعشقها ويحفظها وراحت التسجيلات الصوتية وخاصة الاسطونات والشركات المنتجه ومنها المعروفه جقماقجي تتعاقد مع تلك الاصوات لتسجل لهن اسطوانات تحمل اغانيهن التي انتشرت وبشكل سريع في العراق والوطن العربي .
( الزمان ) ووفاء منها لاستذكار تلك الاصوات الخالدة مازالت تستذكر وتقلب تفاصيل مسيرتهن الفنية تقديرا لما قدمن من عطاء ثر بقي اثره وسيبقى تستذكره الاجيال المقبلة لما تحمل تلك الاصوات من عذوبة وصدق واحساس ربما تفتقده الكثير من الاصوات في يومنا هذا , مطربتنا التي اخترنا ان نقلب سجلها الحافل بالابداعات الغنائية وتحمل صوتا كبيرا ورائعا وبالامكان القول انه لايتكرر انه صوت الراحلة زهور حسين الذي حفر على خارطة الغناء العراقي، اثرا عميقا، كان له ان يتواصل شجنا والوانا في الاداء، لولا حادث السيارة التي اودت بصاحبها الى مهاوي الصمت القاتل، وهي في الاربعين، ليخطف الموت اجمل اصوات العراق احساسا وطربا وتحديدا في يوم 24/12/1964 قرب الحلة (بابل) وهي في طريقها الى زيارة زوجها السجين، كأنها في تلك النهاية تصل الى لحظة تراجيدية لطالما كانت اغنياتها منذورة لحزنها المديد.
زهور حسين أو زهرة عبد الحسين، المولودة في العام 1924 والتي لم يتهيأ لها دراسة الموسيقى او بعض الطرائق الغنائية، انما الموهبة التي صقلتها بالمران والمعرفة المكتسبة من تجربتي الغناء والحياة معا، كانت بدأت مشوارها في اجواء الغناء الشعبي على هامش المناسبات الاجتماعية النسوية، بينما كانت لحظة الحقيقة الفنية بالنسبة لها، هي الممثلة بميول زوج والدتها، المحب للموسيقى والمقتني لاسطوانات قرّاء المقام العراقي: نجم الشيخلي، رشيد القندرجي، و حسن خيوكة، و اهل الطرب

الفنانة زهور حسين
الفنانة زهور حسين

العربي: فريد الاطرش، اسمهان و ام كلثوم. و هو من انتبه لاحقا لحلاوة صوتها، فشجّعها على الغناء، حتى وجدت طريقها لدار إذاعة بغداد، بعد ان استمع اليها الاخوان المؤسسان: صالح وداود الكويتي فانبهرا بصوتها وبحّته المميزة، وبإحساسها في أدائها لأغانيها، وعرضا عليها العمل في ملهى الفارابي يوم كانت “الملاهي” مسارا ثقافيا ليس بالضرورة قرينا بالرذائل. وفي عام 1944 ساعدها صالح الكويتي في أداء أولى حفلاتها الغنائية من دار الاذاعة العراقية، حين كانت حفلات للكثير من المطربات والمطربين تذاع على الهواء مباشرة ولساعة يوميا.
زهور حسين: ناحت كثيرا في اغنياتها كأنها كانت ترى نهايتها الحزينة ولم يكن صعبا تميزها عن غيرها من المطربات، فهي تغني بإحساس صادق مبتعدة عن النمطية و لا تتصنع في ادائها و لها قدرة كبيرة على الحفظ بحسب ما اكده كثير ممن لحنوا لها. هي من الورشة الفنية البارزة في الغناء العراقي المعاصر والتي ضمت اسماء: سليمة مراد، عفيفة اسكندر، نرجس شوقي، صديقة الملاية من المطربات، و حضيري ابو عزيز و داخل حسن من مطربي الريف، فضلا عن الملحنين عباس جميل، محمد نوشي، خضير الياس و رضا علي، و الشعراء: سبتي طاهر، جبوري النجار، سيف الدين الولائي، عبد الكريم العلاف و اخرون .
مقام الدشت
لزهور حسين، رصيد من الاسطوانات في شركة جقماقجي البغدادية الرائدة في صناعة النغم المعاصر، برزّت فيه اصوات المطربين الرواد مثل حضيري ابو عزيز، وناصر حكيم في الغناء الريفي، ومحمد القبانجي ويوسف عمر من مؤدي “المقام العراقي، مثلما كما كان لها حضور قوي في اذاعة بغداد، فضلا عن امسيات الغناء الحي، حين كانت تغني في ملهى أبي نؤاس في الباب الشرقي ببغداد جاذبة اسماع معجبين بصاحبة الصوت الذي صار اجمل من غنى مقام الدشت في اول اغنية لها و كان ذلك في ملهى الفارابي عام 1938 و مطلعها: اذا أنت تعشق ولم تدر ما الهوى فكن حجراً من يابس الصخر جلمداوهناك من رآى انها اختصت بقراءة مقام الدشت، وقد ابدعت فيه، وان الكثير من اغاني المطربة الكبيرة كانت ممنوعة لانها استخدمت كلمات فارسية، وهو أمر كان دارجا في اداء القديم من الالحان واداء القراءات الحسينية في الكاظمية، المنطقة التي تربت فيها و ترعرعت، وبخاصة استخدام مقام الدشت في هذه المناسبات.ويرى الشاعر والصحافي زهير الدجيلي انه وصل الاعجاب بغناء زهور حسين وبطريقة ادائها مقام الدشت في مقدمة أغانيها، وحين تدخل بعض المقاطع باللغة الفارسية مع العامية العراقية، حد أنها اصبحت مطربة العراق الأولى بعد سليمة مراد ومنيرة الهوزوز وزكية جورج وعفيفة اسكندر. ولم تعد مجالس الأنس والطرب في بغداد لدى العامة والخاصة منذ اربعينيات القرن حتى مطلع الستينات مكتملة، من دون حضور زهور حسين التي تلهب مشاعر الحضور حماسا وطربا ونشوة، وصارت مؤنسة المجالس بغنائها وخفة روحها وضحكتها التي تنطلق مع بحة صوتها وغنجها.وقال عنها، الملحن الذي ارتبط بصعودها نجما غنائيا ساطعا، الراحل عباس جميل لحّنت لها أكثر من ثمانين أغنية، وقرأت في صوتها بحّة تسيل رقة وحناناً وشجى، تلامس بها أرق عواطف الانسان. حوربت كثيراً رحمها الله، من قبل بعضهن بمختلف الحجج والبعض الاخر من الفنانات حاولن منافستها في طورها فلم يلحقن بها ويلامسن جرفها، كانت متفردة رحمها الله وقد شكلنا معا ثنائيا كبيرا و كانت تربطني بها علاقة روحية حميمة، و هذا ما جعلني انسجم معها في اللحن الذي اقدمه لها و لا انسى انها بكت بكاء مرّا حينما غنت غريبة من بعد عينج يا يمة، اول مرة و كذلك في اغنية جيت لاهل الهوى. لقد كانت رحمها الله تتفاعل مع اللحن والكلمة بشكل يمنحني القدرة على العطاء اكثر و هي مطربة كبيرة بكل المقاييس .ويشير المطرب والملحن الراحل رضا علي، الى ان زهور حسين اجتهدت بحسب ثقافتها الشعبية، فكانت تغني بعفوية، اثناء ادائها الاطوار والبستات الشائعة، غير انها عندما بدأت تغني من الحان عباس جميل وألحاني، صارت تحسب لأهمية حفظ الكلمات وإتقان اللحن. مع ذلك ظلت بصمتها هي تلك البحّة والفطرة في الغناء، وسماعها في اي وقت، يبعث الطرب في النفس. ومع هذا التغير الذي يشير اليه علي، الا ان الناقد الراحل عادل الهاشمي يصف صوت زهور حسين بقوله إن “معدن صوتها غير نفيس، إنما يغشاه في الغالب رخص يزداد بتقطيع صوت يميل إلى الابتذال وتنعدم فيه روح التعبيرية تمامًا”. وهو بذلك يشير الى الطابع الفطري في غنائها، الذي لم تتهذب ملامحها حتى مع ما صاغه لصوتها، ملحنون خبروا الموسيقى المعاصرة واصولها السليمة.
قصة غريبة
الراحل عباس جميل يؤكد انها في أخاف أحجي وعليّ الناس يكلون، حوّلت زهور الخط الغنائي الذي كانت تسير عليه حسين، من الميزان الثقيل إلى السريع، لذلك وجدت لها شخصية متميزة لم ينافسها فيه سوى لميعة توفيق ووحيدة خليل، لأن الفنانتين كانتا تقدمان اللون الغنائي الريفي وهو الأقرب إلى لون زهور حسين. فتمكنت من أن أخلق نوعًا من المنافسة بين المطربات، وذلك عن طريق توزيع ألحاني على أكثر من صوت. وصوت زهور حسين تتخلله بحة محببة للقلوب، كانت تضيف إلى أذن المستمع الحنان والتعاطف. ومن أشهر الأغاني التي لحنتها لها آني اللي أريد أحجي، غريبة من بعد عينج يا يمه، يم عيون حراقة وعشرات غيرها. ويضيف الراحل جميل أذكر أنها قبل وفاتها بساعات زارتني في المدرسة التي كنت أعمل فيها حتى أكون معها لزيارة زوجها في سجن المثنى، ولكن الظروف حالت دون ذهابي معها فسافرت هي وأختها وشقيق زوجها، وعلى طريق الحلة انقلبت السيارة فتوفيت أختها ونقلت هي إلى المستشفى، وبقيت غائبة عن الوعي قرابة عشرة أيام فارقت الحياة بعدها سنة 1964.زهور حسين واسمها الأصلي زهرة عبد الحسين ولدت في كربلاء العراق, بدأت الغناء عام 1938, برعت في أداء أطوار غنائية مهمة مثل الدشت وكذلك اشتهرت في أداء مقام العنيسي والمحبوب والمستطيل. بدأت مهارتها الفنية عندما كانت تعمل كـ(ملايه) في الفواتح النسائية وكذلك في الشعائر الحسينية وبدئت تعمل كمغنيه في ملاهي بغداد خلال الخمسينيات والستينيات، ووكانت ماهرة في أداء غناء الريف والمدينة معاً.تحتفظ دار الإذاعة العراقية بمجموعة فقيرة من أغنياتها الكثيرة التي ذهبت أدراج الرياح عندما كان البث الإذاعي حيا وعلى الهواء اضافة الى فقدان الاذاعة لنوادر تسجيلاتها اثناء السرق والنهب والحرق الذي تعرضت لها الاذاعة بعد احتلال بغداد عام 2003 ويكشف الراحل عباس جميل عن اغنية غريبة من بعد عينج يايمة التي اشتهرت بشكل واسع ويقول (قدمت نصها زهور حسين على انها اغنية وطنية باعتبار ان الام هو الوطن والاغنية تخاطب المواطنين العراقيين الذين غادروا العراق انذاك ولكن ترددت من وضع الحانها خوفا من دخولها في السياسة وبقيت الاغنية في رفوفي وبعد وفاة والدة زهور حسين اتصلت بي وقالت الان حان دور اغنية غريبة ، وفعلا وضعت اللحن لها وسجلتها بروعة صوتها ونالت شهرة غير طبيعية وتدمع عيون كل من يسمعها وخاصة من العنصر النسائي ). نعم رحلت زهور حسين وهي في عنفوان شبابها وفي أوج شهرتها في الغناء بحادث سيارة بين بغداد والحلة في عام .1964
الاسم الحقيقي
زهور حسين اسمها الحقيقي زهرة عبد الحسين مطربة من العراق وكانت تغني منذ الصغر وكانت تحيي الحفلات النسائية الغنائية الخاصة بمناسبات الأعراس وبدأت الغناء عام 1938, برعت في أداء أطوار غنائية مهمة مثل الدشت وكذلك اشتهرت في أداء مقام العنيسي والمحبوب والمستطيل. غنت في ملاهي بغداد خلال الخمسينيات والستينيات، ووكانت ماهرة في أداء غناء الريف والمدينة معاً.تحتفظ دار الإذاعة العراقية بمجموعة فقيرة من أغنياتها الكثيرة التي ذهبت أدراج الرياح عندما كان البث الإذاعي حيا وعلى الهواء رحلت زهور حسين في عنفوان شبابها وفي أوج شهرتها في الغناء بحادث سيارة بين بغداد والحلة في عام 1964 عندما كانت تقود سيارتها ومعها شقيقتها لزيارة اخيها الموقوف في سجن الديوانية.من أشهر أغانيها والتي لا زالت تردد حتى الآن أغنية غريبة من بعد عينج يايمة وعن صوت زهور حسين يقول الراحل الناقد الهاشمي انه (ميزو سوبرانو، وقد استطاعت ان تحلق الى درجات تقترب من الجوابات العالية، كما ان تأثيرها تعدى جغرافيا السماع العراقي، الى جغرافيا السماع الخليجي، ثم جغرافيا السماع التركي. وقد كـــــــــــان لها تأثير واضـح وساحق على مجموعة كبيرة من الاصوات الخليجية والتركية والايرانية ايضا).

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *