ناظم السعود : لا صحافة أدبية في العراق (4)
قرار عادل ضد الصحفي زهير الفتلاوي !

nadum alsod 6إشارة :
يسرّ أسرة موقع الناقد العراقي أن تبدأ بنشر الكتاب الجديد للناقد والصحفي والمجاهد الثقافي العراقي الأستاذ “ناظم السعود” “لا صحافة أدبية في العراق” على حلقات. وناظم السعود مدرسة صحفية عراقية أصيلة ، وقلم نقدي بارع ، وسمته المشتركة الأهم في الحقلين هو أنه مبضع لا يهادن، ولكنّه مبضع جرّاح فيه الشفاء للنصوص والنفوس العليلة، فناظم لا ينسى دوره التربوي الخلّاق أبدا. في هذه الحقات دروس عميقة ثرة من تجربة السعود.. فتحية له وهو يبدع وسط لهيب محنته.

(4)
قرار عادل ضد الصحفي زهير الفتلاوي !

انقض علي الخبر، وشعرت بالا توازن وأنا في محبسي الريفي الحالي كمن يتلقى صفعة قوية ولكنها فجائية … زميلك زهير الفتلاوي في السجن (!) وان كنت لا تصدق فعليك بمراجعة قرارات محكمة قضايا النشر والإعلام، كان هذا هو مضمون الخير الذي وصلني من زملاء وأصدقاء كثرة – بعضهم أحسسته يتشفى في حين ان بعضهم الآخر كان ناقلا ليس إلا – فقلت مع نفسي لعل زهيرا وقع أخيرا في محظور أعماله او كأنه واجه حصيلة كتاباته التصادمية ومشاكساته مع هذه الدائرة او ذلك المسؤول والتي قادته الى الاعتقال أولا ومن ثمّ الحبس !.
وأسرعت بالبحث عن جلية الخبر فوجدت ( ألنت ) ضاجا بتفاصيل الجريمة التي ( فعلها ) زهير الفتلاوي حتى وجدته محكمة قضايا النشر والإعلام في بغداد انه مذنب في ما اسند إليه وان مقاله ” برهان الصباح وصندوق الأشباح ” يعد جريمة كاملة الأركان وان مجرد الاطلاع عليه لهو إثم كبير كما ان معلوماته البحثية في مصرف الإسكان تحسب من نواقض الوضوء!.
وهنا أسارع فأقول للقراء إنني أوافق بل ابصم على قرار هذه المحكمة بإيقاف وحبس زميلنا المشاكس ( ستة أشهر او الغرامة مليوني دينار ) لأنه دخل في الممنوع وأراد توصيل معلومة سرية تخص مصرف الإسكان وتثقيف الجمهور بما يحصل فيه من فساد ومخاز وكل هذا يدخله في دائرة العيب وتخريب القيم المرعية ودس الأنف الصحفية في ما لا يعنيها ومن ثم النشر في وسيلة إعلامية عامة بقصد ايقاض الناس على أمور لم يسمعوا بها وكشف المستور وبهذه الجرأة فقد استحق الفتلاوي ما حصل له بعد ان خاف بعض المسؤولين من ان يقلده صحفيون آخرون وياخدوا منهجه وينفذوا إلى المحظور !!.

غلاف كتاب السعود. لوحة الغلاف للفنان المبدع مؤيد محسن
غلاف كتاب السعود. لوحة الغلاف للفنان المبدع مؤيد محسن

ثم أنني معبأ بكثير من الأسئلة التي تكاد تمنعني من أي نوم ومنها : ما الذي ورط هذا الزميل حتى دخل السجن ؟ هل يريد لبقية الصحفيين ان يسعوا سعيه فيتصدوا بالكتابة والجهر بالممنوع ويلقوا المصير ذاته او ما هو أسوأ؟! الم يعلم ان هذه المحكمة قد أنشئت تحديدا للنظر والحكم في قضايا النشر والتعبير؟ لم يتجشم هذا الزميل فيكتب عن الفساد والتخريب في صندوق الإسكان وهو جزء من دائرة حكومية تملك الحصانة ومنع الصحفيين الأغراب من التقرب منها وخرق أسرارها؟ ثم أتراه لم يسمع او يقرأ او يتعظ ( وهي تهمة تقربه ممن الحبس والغرامة ) من تلك المحكمة الخاصة بالإعلام وهي تصدر في السنوات الأخيرة العديد من مذكرات القبض وحبس الصحفيين فضلا عن تغريمهم بمبالغ مالية ومنهم سمير الشويلي رئيس تحرير جريدة كل الأخبار ، وفالح حسون الدراجي رئيس تحرير جريدة الحقيقة ، وحسن جمعة رئيس تحرير جريدة النهار ، وعبد الوهاب جبار رئيس تحرير جريدة البينة الجديدة ، كما تم إصدار حكم بالحبس لمدة سنة على الصحفي سعد الأوسي رئيس تحرير جريدة الشاهد المستقل ؟!.
ولا أرى ما ردده الفتلاوي او كتبه في غير مكان إلا دفاعا يائسا لا قوة له في قانون المحكمة فهو يدافع عن جريمته بقوله المتهرئ ان إصدار هذا الحكم غير عادل ونراه تكميما للأفواه وحربا معلنة لكل صحفي شريف ينتقد المفسدين بهذا البلد .. عجبا أهذا هو الحكم الظالم؟ الم تظلم نفسك حين كتبت ( وأنت الصحفي ) عن دواخل مصرف الإسكان وحقيقة ما يجري فيه من الإجراءات في هذه الدائرة وانتشار الرشوة والروتين، أتتدخل في ما لا يعنيك وتتجاسر على الحكومي ثم تقول انه حكم ظالم ؟ ثم أراك تركز على مآسي الرشوة والروتين ولا يرضيك حكم المحكمة فأين الظلم وأنت الساعي إليه؟ !.zohair alfatlawi
ولن اقبل بعد اليوم أي محامي وهو يردد جهارا فعلة جاهلية من انه وزميله الأخر قدما لائحة إلى رئيس المحكمة تؤكد أن المقال ليس فيه ما يخالف القانون ويحتوى على نقد مهني وفق قانون حق التعبير ونشر المعلومة لكن المحكمة لم تأخذ بها ،والافضع من هذه المقولات الميتة والدعاوي الكيدية ان هناك من يتعكز على مواد ثبت للجميع من أنها مستلة من كتاب اثري اسمه الدستور هو صالح ” نظريا” غير انه بعيد عن التطبيق العملي في القراءة او في المحكمة ،وفي هذا السياق أكاد اضحك على من يردد ببغائية مكشوفة من إن “أحكام الدستور في المادتين 38 و39 تقضيان بحرية الصحافة والإعلام وعليه فان الدستور حقق العدالة الموضوعية في حمايته لحرية التعبير عن الرأي والرأي الأخر لاسيما حرية الصحافة” ولا يعلم هذا المردد ان العصر الحالي قد ألغى هذه المقولات وثبت بدلا عنها مفاهيم المناطحة والمحاصصة !.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| طلال حسن : رواية للفتيان – خزامى الصحراء

إشارة: بعد أن أنهينا نشر فصول مخطوطة كتاب “حوارات” لأديب الأطفال المبدع العراقي الكبير “طلال …

هشام القيسي: أكثر من نهر (6) محطات تشهد الآن

ينفتح له ، وما يزال يرفرف في أفيائه مرة وفي حريق انتظاره مرة أخرى ومنذ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *