للتاريخ بمناسبة مرور خمسين عاماً على رحيل الشبيبي
كتب المقال المدرج في ادناه في صيف 1947تلبية لدعوة مجلة المنهل السعودية ونشر في عددها السنوي الممتاز (شباط 1948)، ص ص 115-119 وتفضلت مجلة “البيان” النجفية بنشره في عددها 29/30 الصادر 15تشرين الاول 1947 ص ص 790-792 مع بعض تعليقات رئيس تحريرها علي الخاقاني مما دفعني الى الرد عليها مستعيناً برسالة من علامة العراق الشبيبي بشان ما ذكرت حول اعماله غير المنشوره كما يلاحظ القاريء في نهاية المقال علماً بان المقال كتب عندما كنت طالباً في الصف الخامس –الفرع العلمي ثانوية كربلاء من غير ان يتاح لي التشرف بلقاء الشبيبي شخصياً اوالوقوف على مراجع سوى ما كان متيسرأ لي آنذاك: ديوان الشبيبي-قلب العراق لامين الريحاني-الادب العصري في العراق العربي لروفائيل بطي.أضف الى ذلك التقصيرالواضح في الاستشهاد بالمصادر المعتمد عليها عند ذكراو اقتباس المعلومات التي تخص الشبيبي.
صالح جواد الطعمة
استاذ في جامعة انديانا منذ 1964
15تشرين الأول 1947
(29- 30) البيان
رضا الشبيبي الشاعر المجدد
بقلم: صالح جواد طعمة
لقد قمت برحلة إلى الكويت لمهمة أدبية، يعلمها الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، ولقضاء ما تبقى من إجازتنا الصيفية وعدت، وإذا برسالة الأستاذ الجليل منشئ هذه المجلة النيرة قد سبقتني بمدة طويلة وكان قد طلب فيها أن أكتب مقالاً تحت هذا العنوان المذكور، لمناسبة إصدار “المنهل” العدد السنوي الممتاز، فحملت القلم وكتبت على جناح السرعة هذا المقال ليصل في الموعد المحدد ولكن مع هذا أخشى أن أكون قد تأخرت في الإجابة عن طلبه فعذراً على هذا التقصير والتأخير.
يحسن بالقارئ الكريم، قبل أن ندخل في صلب الموضوع، أن يعرف عن حياة هذا الشاعر وبيئته وأثرها في شعره، ولهذا سنبدأ بذكر نبذة عابرة عن حياته وشعره.
من أرسل نظراته إلى الشبيبي يره ذا قامة أقرب إلى الطول منها إلى الاعتدال وفيها بعض البدانة وسحنته قريبة للبياض تعبر عن صفاء خلقه ونبله، ولحية – أوشكت أن تكون كثه – بيضاء. تدل على أنه من عائلة دينية، يرتدي بزة العلماء، فعمامة على رأسه، وجبة فضفاضة تغطي بدنه، قد أطل من نافذة العمر على العقد السابع…
ولد في النجف الأشرف، منحدراً من سلالة عريقة المجد، ونشأ بين أحضان أسرة لها مكانتها الدينية والأدبية، وكان والده الشيخ جواد الشبيبي – الشبيبي الكبير – شاعراً عالماً يلقب بشيخ الشعراء، فلا غرو إذن أن يقتفي أثر والده فيدرس على أيدي علماء من العرب والعجم، ثم ينصرف فيما بعد إلى دراسة الكتب التاريخية والأدبية والفلسفية منفرداً وكانت نتيجة دراساته أن ألّف “تاريخ الفلسفة” وهو كتاب ضخم يبحث فيه عن الفلسفة من أقدم عصورها إلى هذا القرن وخصَّ الفلسفة العربية اهتمامه الزائد ثم “فلاسفة اليهود في الإسلام” ويشتمل هذا الكتاب على تلخيص فلسفة “ابن كمونة” و”ابن ملكان” وغيرهم من مشاهير فلاسفة اليهود، وله أيضاً “أدب النظر” في فن المناظرة و”تذكرة” كتب فيها عما صادف من الكتب النادرة والآثار القيمة، و”تاريخ النجف” وهذا تأريخ طويل يسرد فيه حوادث النجف، وتطور العلوم والآداب فيها، والتغييرات التي طرأت على النواحي الصحية والعمرانية والاجتماعية، وهو ذو اطلاع واسع في اللغة، وألف كتاباً يسمى [المأنوس من القاموس] وغيرها من المؤلفات الكثيرة إلا أنه لم يطبع أي مؤلف له ولا أدري ما سبب هذا التماهل في طبع كتبه والتقصير في إسداء الخدمة لأبناء أمته؟!
ويعد اليوم عالماً في الفلسفة الشرقية (1) وقطباً من أقطاب النهضة الوطنية والفكرية في العراق، اشتهر بدهائه وحنكته في معالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية، فلا عجب أن أرسل إلى الحجاز في 6 ذي الحجة سنة 1337 هـ ، للقيام بمهمة خطيرة وأدى ما عليه خير تأدية.. ورحل من الحجاز إلى الشام لدراسة القضية العربية.. وهكذا كان القوم يلتجؤن إليه في الظروف الحرجة لما عرف عنه من دهاء وحنكة وطول أناة وقدرة فائقة على ابتكار خطط المعالجة وقد قام بتأليف كتاب عن “المسألة العراقية” وأبان المشاكل التي تعترضها وكيفية علاجها. وقدم خدمة مشكورة للثقافة في العراق حينما صار وزيراً لها وانتخب عدة مرات عضواً في المجلس النيابي وله اليوم صوت مدو في المعارضة، ويتزعمها في المجلس.. وهو مقل بالنظم (2) ولا ينظم إلا إذا كان متأثراً ويعدما يقوله قطعاً من الكبد لا يمكن أن تلقى وقت ما يشاء أحدهم أو عند اقتراح نفر فتراه ينشد:
ليس هذا الشعر ما تروونه إن هذا قطع من كبدي
له أسلوب متين في الكتابة، وقدرة فائقة على المعالجة ولهذا تراه مكثراً من كتابة المقالات الاجتماعية والسياسية .
والشبيبي في شعره حائر مطمئن إلى اضطرابه، معترف بشكه فتراه مرة يدعي أن شبابنا طائش لا يمكن الاستفادة منه وفي محل آخر لا يرى غير الشباب مضمداً لجروح هذا الشعب الصريع.. وتارة يحمل على الخرافات وأهلها وأخرى يعود فيؤمن بالقدر ويعدّ من لا يؤمن بذلك جاهلاً.. وثالثة يتساءل هل في هذه الدنيا عادل ومعتد، وحيران ومهتد وصامت وهدار إلى غير ذلك من مواقف الحيرة والاضطراب..
ويشك فيما ذهب إليه العلماء من أن السماء فلك دائر والأرض كروية فيقول:
خبرونا عن السماء وقالوا فلك دائر وشكل كري
ربما صح ما رأوه ولكن خير رأييك ما يراه النبي
ويقف في شعره عند بعض المبادئ الحديثة كمبدأ إبقاء الأنسب مثلاً فيقول:
وإذا تنازعت البقاء عوالم صح الأصح بقاؤه والأصلح
وله قصيدة طويلة في [تنازع البقاء] وغيرها من القصائد العلمية والفلسفية..
والشبيبي شاعر مبتكر أيضاً وقد سجل له فيلسوف الأريكة “الريحاني” بيتاً فريداً لم يتردد لا في الشعر العربي ولا الشعر الانكليزي وإليك هذا البيت الفريد:
وطالما سرت في وجه فلم أرني إلا وقد علقت يمناي بالباب
وبعد هذه النظرة الخاطفة إلى حياة الشاعر وشعره، نعود إلى التجدد في شعره.
لقد حدثت في الشرق العربي خلال الخمسين سنة الماضية حوادث جسام وطرأت عليه تغييرات بينة وفي هذه السنين زالت دول وزالت معها نظم قديمة، وحطت – في ربوع هذا الشرق البائس – دول أخرى وأتبعت نظم حديثة كان الفرق بينها وبين النظم القديمة بوناً بيناً..
وتهادى الشرق بين قيود المستعمرين وفي أغلال الاستعباد وكان مقوداً لأمراء الجمود ورؤساء الإقطاع، ودعاة التقليد ثم صار مسرحاً للحروب والثورات بعد هجوع طال ليله..
فسرت يقظة، ولاحت نهضة.. وبدت لعيون الناس في الأفق تباشير الفجر المنير، تبشر بالخير وتعبر عن أمل.. وساد الوعي أبناء هذا الشرق فتعالت أصواتهم إلى عنان السماء منادية بالإصلاح والذود عن الكرامة والثورة على الظلم والعبودية.. وتحطيم الأغلال التي رسفوا فيها حيناً من الدهر طويلاً.. فكان ما كان!
وكان شعراء هذه المرحلة أكثر وعياً من أفراد الشرق الآخرين.. وكانوا مرآة صافية تعكس لهم ما يتراى لها من آمال تطفح بها صدورهم.. وآلام تعانيها هذه الشعوب.. ولم يألوا جهداً في سبيل خدمتهم والمطالبة بحقوقهم والسير بهم إلى التقدم.. وعبروا خير تعبير عن أمانيهم.. وترنموا بأناشيد التضحية والثورة العذبة، كان وقعها على الأسماع مؤثراً.. فبعثت في نفوسهم القوة والنشاط والأمل وحب الكفاح في سبيل عيش هني يتمتعون به في ظلال الحرية..
ومن الأمور المسلم بها أن يكون هؤلاء الشعراء من المجددين المهملين لمقاييس القدامى العقيمة السقيمة، كالصناعات اللفظية والمحسنات البديعية والغلو في المدح والإقذاع في الهجو وغير هذا وذاك.. إذ كان همهم الوحيد أن يصوروا للمجتمع – بلا هوادة – مرارة الهوان والعبودية وعذوبة العزة وحلاوة التقدم والحرية.. فكانت قصائدهم السياسية والاجتماعية ناطقة بما تعانيه وكيفية علاجه… راغبين عن اتباع أساليب القرون المظلمة.
فظهر شعراء مجددون في البلاد العربية كأحمد شوقي بك وحافظ إبراهيم في مصر وفي الشام الأمير شكيب أرسلان وعبد الحميد الرافعي وفي العراق جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي ورضا الشبيبي وغير هؤلاء وأولئك..
نشأ شاعرنا الشبيبي في محيط حافل بالتقاليد البالية فلم ير بداً وهو القائل “إن كانت للشاعر جولة في وجه من وجوه الإصلاح أو ناحية من نواحي الخير وإذا ومضت في فنه شعلة تنير السبل الحالكة أو علت صرخة تثير العزائم الخامدة.. أو سرت نفحة تحيي الرسم البالية فقد أدى الرسالة” أقول فلم ير بداً من السخرية بها ويصرخ مطالباً بالثورة عليها فأسمعه يقول:
دجى التقليد منك أضل قوماً ولولاه صباحهم تجلى
وهنا يستهزئ بأهل الضلال ويحمل عليهم بقوله:
عهدت أهلك لم يبطل نكيرهم على الطغاة، فلم صاروا طواغيتا
ملفق من مخاريق كلامهم ومن محال وإن أسموه لاهوتا
وفي موضع آخر ينشد متألماً صارخاً:
إلام أجوب القطر سال جهالة وماج تقاليداً وفاض خرابا؟!
وهناك يطالب بتحطيم قيود الجمود الذي سبب هذا التأخر فينادي:
رمت أمم عنها الجمود فأفلحت على حين إنّا تحته الآن نرزح
ويدعو الملتجئين إلى المشعوذين طلباً للشفاء أو نكاية بأحد – سحراً – أن يتعلموا فالعلم يزيل ما يصابون به من أمراض ويضعف إيمانهم بالسحر والشعوذة وغير ذلك ويردد:
الكاشف العلم لا زجر ولا فال !
وهكذا نرى شاعرنا يثور على ما يتبعه المجتمع من تقاليد لا تدرّ أي ربح علينا، فلا غرو أن لقب بالمجدد، وقد تربى ونشأ في أحضان عائلة دينية في النجف تؤمن بما ثار عليه… إلا أن المرحوم الريحاني في “قلب العراق(3)يعد الشبيبي مقلداً قد اختار لنفسه قيوداً، ويقول هناك “وهو لا ينبذ ولا أظنه يستطيع أن ينبذ من عقله وقلبه ما ورثه الشيعي العربي عن الأجداد أي الإرث الشعري الأدبي الديني” ولا أدري ما يعنيه هذا الفيلسوف: أيعني حكم الشاعر وعظاته وسوانحه في الأخلاق؟! وهذا لا ضير – بل الخير- فيه ما دام يثير العزمات … ويدعو إلى الهداية.. أم يعني تعصب الشاعر لمذهبه “الشيعة” ولكن نراه يثور في شعره على هذه الشيع التي حدثت في الدين الإسلامي فيقول شاكياً متألماً ساخراً:
شيعاً أصبحوا، فمعتزلي ليس يصبو لرأيه الأشعري”!
ويقول:
يا للرزية كم تفرق بيننا وتضلنا الأضغان والأحقاد
لا تبرد الأكباد فيما بيننا حتى تذوب وتعطب الأكباد
ونلاحظ في ملامح وجهه وشعره نزعة الإنسانية، فهو يتألم من التفرقة الموجودة بين أمم الدنيا فكيف إذن يتعصب للشيعة وتعصبه يبعث على التفرقة ويسبب الانشقاق؟ اسمعه يشكو من اختلاف بني الدنيا:
كيف اتحاد بني الدنيا وهم بشر موزع بين أشكال وأقسام
تقاطعوا شيعاً كل بمغرسه كأنهم لم يكونوا زرع أرحام
وهو الذي يرى أن:
أصح عباد الله ديناً وملة مجاهد نفسٍ لا المصلّي المسبح
فكيف يتعصب لمذهبه ويفضله على المذاهب الأخرى؟!
إنه لا يتطرق قط في شعره إلى الشيعة أو ما تعتقده وتدين به.. وهو شاعر – قبل كل شيء – اجتماعي يتخذ من آلام مجتمعه مادة لشعره وإن أردنا أن نأتي بأمثلة لضاق المقام بنا ولكن يكفي أن نشير إلى القارئ بمراجعة ومطالعة ديوانه.. ومما مضى نعرف أن شاعرنا الشبيبي مجدد من ناحية التقاليد الموروثة – أعني الاجتماعية – غير متبع – كما قلنا ما اتبعه الشاعر القديم في الهجو والمدح والغزل قبل دخول الموضوع.. ولكن إذا نظرنا إليه بمنظار المدرسة الرومنطقية رأيناه ليس بالمتجدد كتجدد أفرادها وتلاميذها، لأنه حريص على التقاليد الشعرية قلباً وقالباً، كما يقول الريحاني، وهذه المدرسة لا ترى شاعراً كهذا يكون مجدداً، ومن تصفح ديوانه لا يجد منه خروجاً على القافية الواحدة، والأوزان المتبعة، ولكنه – كشاعر جاء خلفاً للقرون المظلمة – له يد في حمل لواء التجديد.
كربلاء صالح جواد الطعمة
الهوامش:
(1) لم نعهد لمعالي العلامة الشبيبي مؤلفاً في الفلسفة أو أنه يعد من الفلاسفة أو بما تعطي كلمة (فيلسوف) من معنى بل نعهد منه أنه ذو آراء أدبية واجتماعية كثيرة وأنه قد اشتغل بالقضية العربية. أما إذا صح هذا الادعاء من صاحب المقال فإنا نرجو منه أو من معالي الشبيبي أو من غيرهما أن يظهر أثراً له يكون كشاهد عدل.
(2) إن لمعالي الشبيبي نظماً كثيراً ونحن نستحضر منه ديواناً أكبر من ديوانه المطبوع قاله في مناسبات مختلفة يوم أن كان في النجف تناول فيه كثيراً من أبواب الشعر كالغزل والنسيب والمدح والرثاء وغيرهما ولا أدري هل عزّ على معاليه أن يدخله في ديوانه أم لم يعثر عليه، أما بعد دخوله المعارك السياسية فقد وجه مواهبه للجهاد والجلاد السياسي وبطبيعة الحال أصبح بعدئذ مقلا في النظم. المحرر
(3) مما يؤسف له أن كثيرين من نظراء الريحاني جاءوا العراق ولبثوا فيه أمداً قصيراً، ثم كتبوا عن أحواله الاجتماعية والاقتصادية والعلمية مما لا يمكن لهم تحقيقه إلا في أمد طويل فلا غرو إذا رأينا الأستاذ صاحب المقال يدفع عن العلامة الشبيبي رأي الريحاني بهدوء. ولا غرو أيضاً أن الأستاذ الكبير محمد مهدي الجواهري قد انتبه إلى هذا الأمر وكتب فيه مقالاً افتتاحياً في جريدته المحتجبة [الانقلاب].
البيان (31-32)
15 تشرين الثاني 1947
بريد البيان
سيدي المحرر:
قرأت تعليقاتكم على مقالي عن “رضا الشبيبي الشاعر المجدد” وإن دلت، هي على شيء، فإنما تدل على اهتمامكم بما يورد في المقالات وتنم عن سعة اطلاعكم… وقد عرفتم من قبل، بالقدرة الفائقة على البحث والتنقيب ولا غرو أن نلقبكم بـ ” البحاثة” ولعمري، أنها خطة قويمة – خطة التعليق على ما هو جدير به – جديرة بالاتباع، وتدر على القراء أرباحاً لا يستهان بها
لقد قلت أيها الأستاذ، في تعليقك (لم نعهد لمعالي العلامة الشبيبي مؤلفاً في الفلسفة أو إنه يعد من الفلاسفة أو بما تعطي كلمة (فيلسوف) من معنى..” ثم رجوتم مني، ومن غيري أن أثبت أولا على صحة ادعائي – وأن أظهر – ثانياً – “أثراً له يكون كشاهد عدل”
وإنني في مقالي عن الشبيبي لم أدع أنه فيلسوف.. بل إنما قلت له كتب في الفلسفة وله قصائد فلسفية وليس كل من له مؤلفات فلسفية يدعى فيلسوفاً… فهذا الأستاذ أحمد أمين له كتب عدة في الفلسفة ولكن لا يقال أنه فيلسوف!
وإن كنتم تشكون في ما ذكرت من مؤلفات الشبيبي الفلسفية فأرجو الاطلاع على ما كتبه الأستاذ روفائيل بطي عن الشبيبي في كتابه “الأدب العصري في العراق العربي” الذي اعتمدت عليه!
ثم أود أن أخبركم أنني تسلمت قبل أيام قلائل رسالة من معالي الأستاذ الشبيبي يقول فيها ما يلي بالنص:
“سبق لي الاطلاع على مقالكم اللطيف ولم أجد صاحب التعليق موفقاً في تعليقه أبداً….
وما نقلتموه عن الأدب العصري من أسماء المؤلفات هو الواقع وإن كان بعضها بشكل مسوّدة إلى الآن..”
مما مضى نعرف أن للشبيبي مؤلفات في الفلسفة وما أوردته في مقالي صحيح! ولكن، مع مزيد الأسف لا يسعني أو لا أستطيع “أن أظهر أثراً له كشاهد عدل” لأن الشبيبي كما بينت في مقالي عنه، لم يطبع من مؤلفاته شيئاً!
هذا وأكرر شكري للأستاذ الخاقاني مقدراً فيه مساعيه المشكورة واهتمامه الزائد والسلام.
صالح جواد طعمة
المحرر:
أعتقد أن من يقرأ المقال المنشور في العدد 29-30 ص 790 والتعليق سيبدو له الفرق جلياً واضحاً للتناقص الذي وقع فيه الكاتب. فقد ورد بمقاله ما نصه: “ويعد اليوم عالماً في الفلسفة الشرقية” ثم يتنصل في تعليقه هذا عن ذلك ويقول “وإنني في مقالي عن الشبيبي لم أدع أنه فيلسوف الخ”
ولابد للقارئ الكريم أن يعلم أن المعنى اللغوي لكلمة “عالم” هو الذي يدرك الشيء بحقيقته بعد اليقين والمعرفة وعلى هذا أيضاً جرى الاصطلاح، ومن ذلك يتجلى وجه التناقض بين مقال الكاتب وتعليقه، إذ كيف يعد الشخص عالماً بالفلسفة وغير عالم بها.
وإنني لا أعلم ما هو الغرض من قول معالي الشبيبي برسالته لكاتب المقال المنوه عنها في التعليق “لم أجد صاحب التعليق موفقاً في تعليقه أبداً” فهل يقصد تعليقي على كونه غير عالم بالفلسفة، أم تعليقي على كثرة شعره في المدح والرثاء والغزل والنسيب الذي لم يدخل في ديوانه. فإن كان يقصد الشق الأول فكان من واجبه أن يتحف هواة الفلسفة بجهوده الفلسفية وذلك بإظهار مؤلفاته للطبع – “خاصة وقد مرّ على قول كاتب المقال المستند على “الأدب العصري” – عشرون عاماً وقد اتسعت في غضون هذه المدة وسائل النشر وأصبح في وسع مثل الأستاذ أن يظهر ما عنده بسهولة، وإن كان يقصد الشق الثاني فإن المجاميع الأدبية الكثيرة تؤيد ما ذهبنا إليه.
المحرر
نص رسالةالشبيبي
خصوصي جداً
عزيزي الفاضل
بعد التحية قرأت رسالتكم الرقيقة المؤرخة 23/10/47 شاكراً حسن ظنكم راجياً من المولى أن يوفقكم وقد سبق لي الاطلاع على مقالكم اللطيف ولم أجد صاحب التعليق موفقاً في تعليقه أبداً ولا يسعني الخوض في الموضوع مفصلاً لأن الأمر يتعلق بشخصي كما لا يخفى عليكم. ما نقلتموه عن الأدب العصري من أسماء المؤلفات هو الواقع وإن كان بعضها بشكل مسوّدة إلى الآن ومن رأيي والحالة هذه أن تصرفوا النظر عن الرد على أن الأمر عائد لحضرتكم ولا يسعني إلاّ أن أشكر لكم أدبكم ولطفكم هذا مع مزيد الاحترام
28/10/47 محمد رضا الشبيبي