إشارة :
يسرّ أسرة موقع الناقد العراقي أن تحتفي بالشاعر الكبير “عيسى حسن الياسري” بهذا الملف الذي – على عادة الموقع – سوف يستمر لحلقات كثيرة لأن الإبداع الفذّ لا يحدّه زمن . لقد وضع عيسى الياسري بصمته الشعرية الفريدة على خارطة الشعر العربي والعالمي . نتمنى على الأحبة الكتّاب والقرّاء إثراء هذا الملف بما يتوفّر لديهم من دراسات ومقالات وصور ووثائق تحتفي بمنجز هذا المبدع الفذّ وتوثّق حياته الشخصية والشعرية الحافلة بالمنجزات والتحوّلات الإبداعية الثرة.
النصّ :
-1-
” نشيد الطائر الجنوبي “
…………………
منذ زمان.. كنت تعد النجم،
تسافر نحو الملكوت،
تحرث في صخرة هذا العمر
طريقا لتضيء خطاك..،
يا طائر ليل الغربة قد ذاب جليد صداك،
وارتحل النهر إلى ضفة أخرى
لا تنمو فيها الأشجار
أو يرقد عند مسلتها طين الوحشة،
أو صخب القرية
وهي تفتق أسرار القصب البارد
والرمل .. ولغو الأحراش.
يا طائر ليل الغربة
هل كان بوسعك أن تمتص رحيق السنبلة والطلع ؟
هل كان بوسعك أن تمتد كهدب النخلة،
أو كطراوة غصن ألآس ؟
هل كان بوسعك أن تتوسد نعليك،
وتحلم عند حصيرة ذاك الكوخ القصبي
بأزهار العاقول، ولسعتها المرة … ؟
هل كان بوسعك أن تركض، في طرق الله الليلية
حافي القدمين ؟
إلا من قلب ينشد للطين .. وللجمّار ْ.. وللخطار ْ
وللأنهار ْ..
الوقت مضى .. والشمس القروية ما عادت تشرق ثانية
قيل اعتصمت عند نهايات السعف وتحت الأنهر
الوقت مضى، وطيور الماء الموهومة بالعشب
تسافر ثانية للمدن الثلجية
كي تسبق كل تقاويم الزمن الغابر ْ .
2/3/1999

-2-
” عصا عيسى “
……………………
بعصاك..
أو بعمودك الفقري تمتهن الأزقة والمدى
فتقودك الأفعى إلى المنفى ولا ورق يرد عليك
وحشة ليلك اليومي
لا طين يدفأ رجفة الكلمات ْ
لا قمر ولا امرأة .. ولا شجر.. ولا عصفورك المعتاد.
بعصاك.. أو أفعاك.. أو موتاك.. أو هذا الذي
وقفت على حافاته السنوات ْ
أو ذاك البعيد، ولوعة البردي, والقصب المشاكس .. والنشيج
@@@@
بعصاك.. أو بعصا قصيدتك التي ما ملت الترحال
أو رقصت بغير صراخك المجنون
حيث تنسل السعفات شعر الماء
أو تغري نساء القرية الثكلى،
عصاك.. عصاك ما هذي العصا إلا نشيد الروح
تدري.. أنها قد سلمتك مفاتن الدنيا،
عجائبها، فصادرك الجنوب ُ.. وسر هذا الماء
والطين المكابر والقصب ْ
يا أيها الطير الموشح بالجنون ْ
الريح قالت: طائري .. عد أيها المفجوع ُ
ها قد عاد جمع الطير من رحلاته..،
وبقيت….. لا ارض تضم ثراك
ــ من يرثيك غيري أيها الموت الجميل.. القادم.. المتوكئ.. الحلمان،
وعصاك، هل ترث العصا لسواي
أم وصيت نفسك أن تغادرها فتنشج باسمها.
9/4/1994