لبنى ياسين : حُفنة تُراب

lubna 2تتشققُ الكلماتُ
على تخومِ ذاكرةٍ مغبرّةٍ
تأذنُ للفرحِ بالرحيل
وتسخرُ من وجعٍ السواقي
حين يلفني صقيعُ الوقت
فتتجمدُ أطرافُ ذاكرتي
على ضفافِ حزنٍ
وأقفُ مذهولةَ الخطى
بين وجعين
وتمسكني نهايةُ النبضِ
في ليلٍ لا بداية له
تتناسلُ في أوردتي خيبةُ يومٍ سابق
فأضطجعُ مثخنةً بالجراح
على وجعي
ويباغتني نعاسُ الضباب
لا تقتربْ أكثر
فإن الردهات المعتمة
تنفثُ غيـِّها في وجهِ الفرح
تراقصُ ملامحي
على إيقاعِ صدفةٍ عابرة
وأنفاسُ الجليد تنهمرُ
غير عابئةٍ بنيرانِ الصمت
هناك ستجدُ روحي
تمتشقُ أوجاعها
تتشققُ صمتاً كلما صلبتني الذاكرة
في زوايا الضجر
على حافةِ هاويةٍ تنذرُ بالجنون
في فضاءٍ خاوٍ إلا من آهاتي
يرصدُ أحزانَه بين الموتِ والولادة
ها أنا ذا في منتصفِ الطريق
بين موتٍ ونصف
تبعثرني بوصلةُ الليل
وتنحتُ من أصابعي
حنينَ ماء
ملعونةٌ تلك الخطى التي مشتني
جاحدةٌ اتجاهات الأسى التي تسكن أرقي
عليّ اليوم أن أتخلص من رأسي
وأبقى رماداً يعاندُ بهجةَ الدخان
يفردُ ذراعيه بحرية
ليعانقَ جبهةَ الكون
هذا هو الأفقُ الكاذب
ينذرُ مرةً أخرى بالتلاشي
فلا تطيعُه غيمةٌ عابرةٌ
وها أنا ذا أقفُ وحيدةً
حيثُ لا أجدُ ظلي
أتأملُ وجوهَ العابرين
ملامحَ حنينهم
وأحفرُ خطاي على جبينِ الشمس
بقدمين من دخان
هل يكفي كلُّ هذا الاشتعال ؟؟..
ليغسلَ عارَ وجعي؟
هل عليَّ أن أمارسَ انشطاراً آخر؟
هل على أرقي أن يخفيَ صداه في حفنةِ تراب؟
لماذا تختلجُ بوصلةُ الروحِ كلما ألـمّتْ بنا أصواتهم
ملأى بخواءِ الصدى؟
ألملمُ ذيولَ الوجعِ عن ملامحِ ظلي
وأمسحُ غبارَ الوقتِ عن أصابعِ الصمت
أمارسُ تمزيقَ خيبتي
بنفسِ الطقوس العفنة
وأبقى أبحثُ عن تلكَ النافذة
لتمنحني شعاعاً شارداً
يغتالُ الظلامَ الباردَ الذي يتقمصني
كم عليّ أن أتمزقَ
لكي أتجاوزَ عبثَ ذاكرتي؟
أيها الصمتُ الشاحبُ
سأبترُ ضفائرَ الليلِ قريباً
وسأمشي في جنازتي وحدي
وسأدفنُ عمرَ وجعي
في حفنةٍ من تراب
لأحتفي بعودةِ الصقيع ِإلى قلبي
موشحاً بأناشيدِ ذاكرة
تحتفي بغيِّها كل مساءٍ
وتشربُ نخبَ هزيمتي
عند منعطفٍ ميتٍ
على رصيفِ وقتٍ
لم أعشْهُ بعد

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عدنان عبد النبي البلداوي : قالوا  وثَـقْـتَ .

لـكـــلِ قــافــيـةٍ عَــزْفٌ ، تــوَلاّهــا وحُسـنُ مضمونها، إشراقُ مَغْـزاهـا أجـواؤها إنْ حَواها الصِدقُ عامـرةٌ وعَـذْبُ …

| د. قصي الشيخ عسكر : همسات من الشعر .

1 مثقلة بالحزن منفضة السجائر لا أعقابَ سجائر تلسعها لا بعض رمادْ تبقى ،عالمها المنفى: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *