بروح تواقة إلى الفسحة المريحة ،كانت لحظة التأمل الروحي لإستنطاق الجمال ،واحدة من خلوات إستلهامية للإنشراح بالمكان ، زمن الغروب – ساعة الأصيل ،حيث مدينة كمبردج وإنسياب حركة الناس فيها ،كلها دفقات شعورية باذخة في التصور والتأمل . أن الثبات بإجتلاب ما يطمئن القلب بالهدوء ويحاكي الروح بهمس ،عبر لوحة زمانية إنطباعية حيّةٌ تشكلت في ذهن الشاعر مما حدا به أن يعنون القصيدة – وداعاً كمبردج – بحسرة مفارقة لذاكرة مكانية أمليت عليهِ طابع الإستذكار لذا يود العودة إليها لاحقاً :
ومضيت برفقٍ برفقٍ
مثلما جئتَ يوماً برفق برفق
وألوح في خِفةٍ
لأودعَ فيما يغرب الأُفق
إستذكارات جلية لتلك المشاهدات والتي أبصرها عن متعة ،حيث جاء توظيفهُ للمفردات بشكل حركي دقيق مثل – الرفق – ألوح – خِفة – الغروب – الأفق .هذه هي مرسومة بحركات هادئة لإقترانها بمفردات ملائمة لها ،أن تكرار كلمة – برفق – عدة مرات ربما يبغي من ذلك – التذكير- أو دلالة رسوخ المكان الإعتيادي بالتطبع ،مثلما مضيت ..بتوديع ،كمن جئت في السابق بالمقابلة ،فتوديع الأفق يعني – حلول زمن المغادرة – الرحيل – البعد رويداً عن المكان الأليف :
وعلى جانب النهر
صفصافة من ذهب
كالعروس بعين الغروب
وعلى الموج لون إنعكاس الضياء
فكان قلبي فقاقيع ماء
التحديد المكاني – جانب النهر بتصوير يحملهُ الهدوء كما هو في المفردات التي ذكرتها أنفاً، وكتشخيص – صفصافة – عبث النسيم الهادئ بأفيائها ،لذا يكون إهتزازها غنجاً وميلاً بحنان وإنحناء هادئ – فالتشبيه بديعٌ – كالعروس – لأنها من ذهب أو هي مرصعة بأشرطة الزينة كما في عيد الميلاد ،أن الإنعكاس الذي يغور بأعماق النفس هو حالة من الإشعاع المبتهج لها ،وذلك الذي يتمحور في كل مفردات الهدوء هو – السكينة – التي وظفت بشكل مميز للتوظيف المكاني .
عدنان أبو أندلس : تأمل الأفق الهادئ؛ قصيدة “وداعاً كمبرج” للشاعر الصيني “شوجي مو”
تعليقات الفيسبوك