ليث الصندوق : الطاحونة ..

laith 5ليست سيوفُ الغرماء وحدُها تُضيّقُ الحصار
سيوفُ أبنائِكَ جاءتْ معَها
تريدُ من لحمِكَ تسديدَ الثمن
وأنتَ من شاهِق صُلبانِكَ ترنو للقرى
تُذيبُها ملاعقُ الطغاةِ في عصيدة البغضاء
ترنو إلى المدائن التي المساميرُ على أبوابها نواجذُ الغزاة
أليومَ في رمادها تنفخُ أفعى الفِتن
ويحصدُ العُميانُ
ما قد بذرَ العورانُ في حقولها الخصبة من غبار
تشابهتْ وجوهُ اعدائِكَ والأبناء
تشابهتْ لغاتُهم
أعلامُهم
حتى علاماتُ السجود في جباههم
فلم تعد تّذكرُ باللعنِ سياطُ التتار

**

مذ الفِ عام انتَ ما تعبتَ يا عراق
وفوقَ ظهركَ المهزول قد تهشّمت حجارةُ الأقدار
تبني كما يبني البُناةُ مرةً
ومرّةً تتركُ للغازينَ ليلاً معولَ الدمار
وقد تآلفتْ فيكَ إرادتا الضدّين
فصرتَ لا تنامُ إلا عندما تلتحف النيران
وصارَ طيرُ الحُلمِ يبني عُشَّهُ في فوهَةَ البركان
إحترقتْ مدائنُ العشاق بالشُكوك
واختنقتْ حدائقُ التاريخ بالبهتان
وأنتَ مذ أوّل خيطٍ
baghdad 23نسجتْهُ الشمسُ في ستارة النهار
تئنَّ تحتَ السوط ِ للآنَ على سفائن القرصان

**

ياتي بريدُ الحرب يومياً بألاف الجُثث
ممهورةً بالنظرات الحائرة
مرزومةً معْ أمنياتِ من أزهقها بميتةٍ هانِئةٍ
لا يُقلقُ الأمواتُ من هدوئها
ما قد يُثيرون من الشِجار
لكننا كنا اختلفنا
مثلما يختلفُ الأخوةُ في موقعهم من السَريرِ
او حصّتِهم في الغطاء
واتسَعَ الخلافُ حتى شملَ اللواء
فصار بعضنا يقطعُ بالسكّين في مطبخهِ الجبالَ والأنهار
وبعضنا يرهَنُ في المَصارف الطيورَ والأشجار

**

مذ ألف عام لم تزل تُرجمُ يا عراقُ بالأحجار
تُسقِطُ من لحمِكَ في هبوبها الرياحُ والأمطار
تُصرعُ كالبدر الذي يكسرُهُ المُلثمونَ في
مُنازعات غسل العار
فيدفنُ المحققونَ في السِجلّ أشلاءَكَ حتى تبرَدَ الدماء
وأنتَ كالشمس التي تدورُ في طاحونة المِحَنْ
بينَ حروب تركت وراءَها
لألف جيل مُقبل رائحة العَطن
وبينَ اخرى لم تزل شرارةً تقدحُ في المجهول
وبينَ حُكام طغاة تخِذوا عظمَ الضحايا سُلماً

لوحة للفنان والشاعر المبدع ليث الصندوق
لوحة للفنان والشاعر المبدع ليث الصندوق

ليسرقوا مفائحَ السماء

**

ولم تزل تدورُ يا عراق
ما بينَ أفواج بلا عَدّ من الضحايا
ألبعضُ منهم ماتَ ، والأخرون
في الصبح يغدون إلى معاصر الشقاء
ويرجعون آخِرَ المساء في أكياسِهم فاكهةَ الوسنْ
أجسادهم تدبّ في الأرض ، وأرواحهم
تصعد بالأنينُ للسماء

**

ولم تزل تدورُ يا عراق
ما بينَ شعب أدمنَ الدماء
يسلخُ بعضُهُ جلودَ بعضِهِ
من اجل ان يدبغها كفن
وبينَ ساسةٍ يُباعونَ ، ويُشتَرَون
على ظهورهم قد كتبوا – أو ربما – فوقَ الجباه الثمن
أرجلهم فوقَ ظهور شعبهم
لكنما أعناقهم
تُجَرّ بالأرسان في معالفِ الأعداء
**
ولم تزل تدورُ يا عراق
ما بينَ ساسةٍ مرابينَ ، وفاسدين
إستصفَوا الشَهدَ من الحَسْراتِ والدموع
وأدخلوا الأفراحَ في ضريبة الرَهن
واجبروا الشعبَ على الغطس بطين الجوع
من أجل أن يقتصدَوا بالهواء
لو أنت قد حاججتهم
تحججوا بالعُملة الصعبة والغلاء
**
ولم تزلْ تدورُ يا عراق
ما بينَ أفواج من الأيتام والأيامى
وبينَ جيشٍ من مُعاقينَ على بطونهم يزحفون
للعزّ باعوا نصفَ أجسادهم
ونصفها الآخرَ باعوهُ إلى الشقاء
وكانت الذِلةُ في الحالين ما قد قبضوهُ من ثمن

**

ولم تزل تدور يا عراق
ما بينَ من قد تخذوا الدينَ لهم مطيّةً
تُضرمُ من لُعابهم حرائقُ الفِتنْ

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم الأسدي : مركبُ الأرض ..

قاربٌ يتحطمُ فوقَ الصخورْ  فيغرقُ طفلٌ ويأفلُ في مقلةِ الأُمِّ نجمٌ ونورْ يريدونَ حريةً وحياةْ  …

| عدنان عبد النبي البلداوي : قالوا  وثَـقْـتَ .

لـكـــلِ قــافــيـةٍ عَــزْفٌ ، تــوَلاّهــا وحُسـنُ مضمونها، إشراقُ مَغْـزاهـا أجـواؤها إنْ حَواها الصِدقُ عامـرةٌ وعَـذْبُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *