جـــــــــــــدار
حينما أقترب من قامتها ، طارت من عينيها مسحة غضب جعلته لا ينجو من مطاردتها. توارى قليلاً تحت أعماق أدرك خلالها نداء سكاكينه في سبله المنحنية التي أفضت إلى حرائق هائلة.
يقيس ببطء وهو في أسر آخر أيامه آثار غزالته المفقودة وتحت استيقاظ رسائله أدرك أن الخطوة الأولى كانت على شكل جدار لم يعد يترنح.
الحل هو أن تسفر عن وجهها ولا تحفر ثانية لتغدو نفقاً جديداً. حين انتصب على قدميه زحفت حوله سبل كانت صامتة ليبتعد إثرها عن هذه المحطة المثقوبة.
كان ينزف لكنه في قطرة واحدة من ذكرياته وقف يغذي غيابه ولم يعد يكترث لبقية محتوياته النازفة.
حيث بدأ يدخن صامتاً تسلقت أوهامه وعادت به إلى النوم ثانية ليعترف في داخله بهروبه إزاء محيط يمارس نهايته بانفتاح.
تحاشى النظر ولم يعد يتكلم ، فالحقيقة لديه باتت تهرب دون أن يعي إن الأمور مثقوبة لا تعرف السير إلى أين، لهذا بدأت سجائره تسحقه ولم يعد يحدق طويلاً.
في فضاء غير فرعي خرج عن حياته المحاصرة ليقطع مسافة جديدة وإذا به يتسرب تحت أصوات الماضي وينطفئ ثانية تحت ركام رصاصاتها.
تيقن أن أيامه لم تعد تفقد طريقها. عندها تأمل ثم سكت مرة أخرى لأن سهام الوقت بدأت تطرح محتوياتها مجدداً في اتجاهات مختلفة.
لم يفهم من اليوم سوى أن أحلامه بدأت في حرب لا تؤذي قدميه وتقوده إلى رحلة أخرى. حين دنا من الواجهة شعر أن المسافة بدأت تقرع طبولاً تألفها الذئاب.
أمسك بالورقة بينما سياطها كانت تلامس نحو الداخل رحلاته. حاول القراءة دون أن يأتيه مجهول يفتح له سبيلاً محترقاً. حين تمعن اللغة كان ثمة سبيل محترق يأكل بقية حصاده.
يبحث عن قلب هذا العالم فإذا بالعالم يبدو له مساحة بمخالب وذئاب وليس كحدائق جميلة. عرف آنذاك أن آخر نيران المغول ما زالت تطارد المطر والمدن الجميلة على خط الظلام. حاول أن يعبر من خلال ظل الأيام لكنه تعثر ثم مشى وفي عينيه أسئلة تتحرك بكثافة.
أحلامه الداجنة اندفعت نحو صرخات علها ترن يوماً أمام موائد متكلسة الأذهان. لهذا حاولت أجوبته أن تتاجر بدهشاته لكن حيتان الموائد لوحت له بعدم استقبال أوراق تطرق على الذاكرة. عندها بصق على الظلام وتراجع نحو الداخل حيث الرؤية التي تستيقظ وتنام.