* مدرّس مادة علم النفس/ كلّية التربية/ جامعة الحمدانية
قال البسطامي ” الى كم بيني وبينك هذه الانانية ؟ أسألك أن تمحو أنانيتي عني ، حتى تكون أنانيتي أنت ، فتبقى وحدك ، ولا ترى إلا وحدك يا عزيز ، فاستجاب دعائي غير انه هيَّجني ” . (1) .
في هذا النص عذاب متجلي نتيجة عاشه البسطامي ” كم ” من الزمن . هنا يتساءل البسطامي الى متى تقوم بينهما هذه الانانية التي اخذت مأخذها من كل منهما . الانا والانت الذي يدور حوله البسطامي . هنا البسطامي دب به اليأس . أنانيته لم تستطع ان تنال ما تريد . من هنا يأسها وعجزها . ومن هنا ايضا كان الطلب والرجاء للخلاص من عذابات ضغط الانانية … بل ضغوطها عليه . ايهما يستحق الثناء والتقدير هو ام هي اي تلك الذات التي يناجيها ويسألها للخلاص من تلك العذابات . وتبقى وحدها تلك الذات هي المهيمنة في الحضور .. ذات الحضور
الكلي . هنا نحن بإزاء رغبة بذوبان الذات وتلاشيها . هذا يعني اننا هنا باننا ازاء ذات عجزت من ذاتها وفقدت الثقة بنفسها . عبارة البسطامي هذه تختلف ، في مضمونها ، ع عبارته الاخرى التي يفوح منها عبير النرجسية . صحيح اننا هنا بإزاء شعور بقصور تلك النرجسية ، لهذا السبب او ذاك ، الا انها نرجسية مدركة لمجالها وحدودها . نرجسية اصابها ، كما قلنا ، الاخفاق والفشل . رغم استجابة تلك الذات لسؤال البسطامي ، والمفروض ان تكون النتيجة هي الرضا والسعادة لا الهيجان . نتساءل هنا لما هذا الهيجان الذي ألم بالبسطامي على اثر استجابة دعائه ؟ . في تقديرنا ، وعلى المستوى اللاشعوري لرجل له هذا القدر العالي من النرجسية ، كان ينتظر الجواب من تلك الذات انه هو الذي ينبغي ان يبقى !!! . اعني ان حضوره هو الاشمل والابهى والاجمل !! . الا ان تلك الذات قهرته وسحقت ذاته وهزمت نرجسيته .. من هنا تلك الحالة من الهيجان النفسي والانفعالي الذي اعترى البسطامي . ما كان البسطامي ان يتوقع جوابا كهذا . بل كان يتوقع ان يقال له :-
– انت الاجمل والابهى والاشمل يا بسطامي من بين هذه الذوات التي امامي بل انت اكثر مني !!!! .
ذلك في تقديرنا هو سبب هذا الهيجان الذي شعر به البسطامي او خرج منه من معركته مع تلك الذات …
الهوامش :-
1 – عباس ، مصدر سابق ، ص 46 .