عيناكَ ال تسكنُ ذاكرة الغيم
تمطرُ في الدربِ ربيعا
وتغادرْ
فتدندنُ أوراقُ الأشجارِ
حفيفا
قد يشتدُّ البردُ فتبتعد عني
قد تمطرُ في بغدادَ
نداءات العمر
قد تفلتُ من كفيَّ
تضاريسُ الفرح القادمِ
قد لا أرجعُ
إلا ودمي زورقْ
شالي وبنفسجُ
يلتفُّ على عنق الأشجارِ
يموسقُ خضرتها
قد أحسدُ ماء فراتك
حين يفور نخيلا
ويحلِّقُ في الأفقِ الأزرقْ
***
أترجَّلُ كالفارسِ
عن صهوة هذا الحزنِ
أباغتُ أرضكِ
كم أنتِ نديَّةْ
لا تعرف للموت سبيلا
وتظل معززة بالاشذاء
يدكُّ حصونكِ
لا يترهلُّ جلدُكِ
في أبوابِ الزمن الغابرِ
تبقينَ فتيةْ
***
وتذودينَ عن البسمةِ
المطرُ الجامح
يقطرُ فوقَ شفاهكِ مشدوها بالخضرةِ
فيرتلُ أرضكِ
أوسمةً وسنابلْ
تلدينَ الضحكةَ من رحم الحزن
كأنَّكِ ما خضتِ حروبا
وكأنَّ ترابكِ لم يرضعْ
كالطفلِ دماءً
فتقادُ إلى الموتِ قبائلْ
***
يتلوَّنُ عطرك في أمزجة الغيمِ
فراشا
يتكاثرُ
كالنورِ يقيدني في ظلكِ
يا بغداد
أهديتُكِ ما أهديتُكِ (3)
من وجع الغربةِ
والغارُ أصابعُكِ الغضة
منكِ العوسجُ والحناءُ ومنكِ العنبرْ
مني الطيون
ومني الزعترْ
مني الرملُ إذا حشرج للخضرةِ
منكِ الجدولْ
***
أنتِ الآن
أنتِ الآن تردينَ
عباءتكِ السوداء على رأسي
ألِجُ الحلمَ بأقداح الغيمِ
أصفِّفُ شعري المنثورَ
على كتفيكِ
أوغلُ في الخضرةِ
أتركُ كفَّيَّ على بابكِ
وأغادر
*شاعرة من الأردن
**عن صحيفة الزمان