أيام في كل اتجاه
قبل هطول الليل ، يغوص باتجاه قاعه المفتوح علَّ اصطدام أيامه لا يناديه اليوم ، بيد أن شجرة كئيبة تكون مفاجأته حيث تستعيد ملامحها بلا حياء.
هو يسمع صيحة الزمن ، لكنه مرة أخرى يتربص به الوقت ليكون خارج الأفق بصورة ذهول.
من الداخل يعي كلماته وكيفية اختياراته طرقاً أخرى، بيد أنه إذا لزم الأمر لا يشيخ في الانتظار رغم مخالب الطريق والنيران.
في مراقص الرعب يحيك الخوف وليمة جشعة من قسوة جديدة بلا رخصة ليخطو كالعادة نحو ليل باتجاه أغرب أسرار البرابرة.
يحكي ويقول في كل مكان، الأيام مجهولة تهرول في اتجاهات شتى، وهذا السرير حركة خلف عربة محملة بالهموم . فثمة نوافذ ليس لها أوتار ولأجل هذا تزحف السكاكين المشغولة دائماً.
في لحظات الإحباط يستيقظ الماضي لينزل إلى البحر بلا قارب، من يدري لعل الغربة في وهم الأبعاد تأخذ أشكالاً لا يخونها التعبير عن حسناوات فاتنات. إذ ينتهي من كتابة تأملاته يجد نفسه واقفاً في مكانه والحرارة تطرح أسئلتها بلا نهاية.
على موجة مجهولة يعزف أنين الأيام ، فكتابها لا يريد أن يبوح بأسراره وهو لا يدعو صرخاته إلى السكوت . يبدو أنه دائماً في صراع يعرفه ويعرف أنه عند مدخل باب يألف سفره بسهولة.
لا زال يكتب إليها، وكل ليلة يحتاج فيها إلى بوابات مفتوحة كي يمضي مرة ثانية نحو زاوية لا ترسم هموماً إضافية تطل عليه من كوة وحيدة . في اختياره هذا السبيل يشعر بأنه يكاد يقبض على سر ينطلق من كتابات أيامه باستثناء ذلك العزف الراقد بين المدية والجرح حيث يمشي ولا ينظر إليه.
ربما في نهاية الممر ، كان كل ما يعرفه أن الصدفة يمكن أن تراهن على ظلها سواء لوحت أم اختفت على همسة أو غيرها . فما زال في كل خطوة يخطوها يمكن أن يشم رائحة ذكرياته ولو لمرة واحدة، بيد أن نهاية الخط يعني أن مغادرة المكان بات شيئاً من الألم وسيكون ظلاً كذلك فيما بعد.
ربما ستغادره كوابيسه ، وربما سيعود إلى حفلاته وإلى كيفية إدامة أحلامه ، لكن ما زالت ترن في طرقات كلامه التي من أجلها أرقت أمكنة سبقت أن عزفت بعض لحظاته.