على متن الريح
دون كيشوت:أحسُّ بأن شيئاً ما ينتفض بداخلي يا سانشو؟
سانشو: ربما هو الوحش الايروتيكي يا سيدتي .
دون كيشوت:الله يخرب بيتك يا سانشو.أنا أتحدث عن الجوع وأنت تتحدث عن الجنس!
سانشو: والشهوات التي تنمو وتضطربُ في منزلك الباطني، أليست جوعاً يا سيدي الدون؟!!
دون كيشوت:كف عن الهذيان، وقفْ بنا على باب مطعم في المدينة القادمة ،عسى أن نظفر بلحومات باردة مع شئ من المُخَلّلات الحارة والجعة .
سانشو: وما رأيك بلحم الدجاج يا سيدي الدون؟
دون كيشوت:لم يعد الدجاج مُثيراً للشهية عندي،منذ أن دخل في صراح الحلال والحرام يا سانشو !!
سانشو:وأنا مندهش:كيف يكون الذبح حلالاً ؟؟
دون كيشوت:هكذا المصيبة الكبرى يا سانشو:أن يصبح ذبح البشر حلالاً بنظر قادة الظلام وشيوخ الصحارى،فيما يُحرم ذلك على الدجاج والبقر وخراف المراعي!
سانشو: لا تنسى سيدي الدون أولئك الذين يذبحون قطعان الغزلان بالرشاشات الأتوماتيك .
دون كيشوت:هم هواة مذابح.يقتلون بالمئات، ولا يأكلون من لحوم ضحاياهم.كم نسبة ((العفة)) أو العفاف بدمهم ترى ؟أتعرف ذلك يا سانشو؟؟
سانشو: ذلك يحتاج إلى مختبر يا سيدي الدون.
دون كيشوت:أعرف بأنك ستجيب بهذه الطريقة التافهة يا سانشو.فأنت رجل أخلاق عادة ما تهرب من المواجهة.
سانشو: أجل. فأنا رجل بلا دجاج يا سيدي الدون،ولست رجلاً بلا مواجهة.
دون كيشوت:وماذا تعني بقولك الساذج هذا : أنك رجل بلا دجاج؟!!
سانشو: عندما أقول أنني بلا دجاج يا سيدي الدون،فمعنى ذلك أنني بلا سكين .
دون كيشوت:يا لكَ من صنديد يا سانشو.فأغلب الكتّاب والمثقفين هم أقل شأناً منك ومن حمارك المرهق المضمحل لحماً وشعيراً .فأنت شجاع وتصرح ضد تربية سكاكين الحلال والحرام بالعلن .فيما هم يأكلون الدجاج بجميع مقبلات الأديان المختلفة.
سانشو: لذلك كرهتُ الدجاجَ، بعد أن تدخلت الديانات بريشه وعظمه ولحمه والطريقة التي يموت بها هذا الطير البريء ، سواء أكانت بروستد أم مشوي أم مسحب أم مسلوق .
دون كيشوت: ولكن ألا ترى أن ذبح هذه الطيور قبل التنويم المغناطيسي، عملاً بربرياً مُذنباً ياسانشو ؟؟.
سانشو: ذلك يتطلب ملايين العيادات النفسية،فيما لا تتوفر للذبّاحة وقادة المجازر عندنا سوى الكهوف والمعسكرات ومقاهي النت العسكري !!
آبار النصوص
جاك ..
هل هو الخوف .
حيث تلمع في الأصابع خواتم .
روز ..
أنا الآن مطبعة ٌتلفظ ُ آخرَ الأوراق .
نصوصي خرائبٌ من العشاق ،
وبلاغتي تيهٌ ينمو على جسور
تسبقنا .
جاك ..
المياهُ زجاج ٌ نعسان ٌ ،
فلا تترك عليها أغنية ً من أسطوانتنا .
روز ..
قلبي منطادُ بنفسجٍ .
يبتعدُ عني غارقاً في عينٍ
تهدم َ سقفُها .
وأنا لا أريد الحب معي يذهب …
ولا تولدين .
أرى بحراً في سفينتي ينزل ُ .
وأسمع ُ عربدة ً تحت جسدي
تجف ُ .
ثمة عربات تحلق ُ ..
وشوارع ٌ كأوراق كتاب
تتقلب ُ .
أرى الليل َ أبيض َ .
والموت َ أبيض َ .
فلم َ يُـكمل الرب ُ لوحتي إلا بحر
رحيل يسودني الآن .
عيناي نقطتان تضيعان على وجهي .
والوطن ُ الطار منا على دفعات ..
ما نزال نهرول ُ على خطوط غباره .
جاك ..
ذلك وطنٌ للأولين .
كان برجاً ..
وكلانا اليوم رواة لأنقاضهِ .
صوراً لجبالهِ المعممةِ بفساتين
الشياطين .
فتعال نطير سمكاً في جنة ٍ
نخترع فصولها من ساعة ِ التكوين .
تعالْ جسدي الحانةُ .
دعْ لسانك َدلواً في نبيذي .
((من نص :تايتنك))
غرفة للغرائز
الكلماتُ أيضاً تُصابُ بالأمراض.منها من ينتهي لضعف ما في أنسجتها،أو لخلوها من المناعة.ومنها ما تقاوم وتخرج حيّة مشعة وفيها دمٌ نظيف يملؤه الأكسجين.كل ذلك يتوقف على رحم اللغة ،إن كان عالماً افتراضياً شاسعاً،أم كان مستشفى بعدد من الأسرة الخاصة بمعالجة الكلمات،وكأنها كائنات مصابة بكساح أو بنوبات هستيرية.
الكاتب الذي يحمل مشروعاً حداثوياً،يتعامل مع الكلمات كمخلوقات بلحم ودم .فيما يتعامل نقيضه مع الكلمات على أساس أنها من مخلوقات راقصة من صنف الغواني،لكل كلمة وضعٌ ترقص بثياب خاصة به,وطقسٌ تختبرُ فيه أنوثتها.
بنك الخيال
لا يدفع الكاتبُ العضويّ ما عليّه فقط ،
بل ما على القارئ في أغلب الأوقا