منتدى الأسكندرية الأدبي : الأحتفاء بمرتكب ” كلمات .. سأتركها على الأرض “

متابعة / صباح محسن جاسم

أحتفى منتدى الأسكندرية الأدبي في إصبوحته ليوم الجمعة 12-2-2010 من موقعه الجديد في نادي الشباب التابع لمجمع حطين – الأسكندرية بالشاعر الأسكندري حسين السلطاني وصدور مجموعته الشعرية الجديدة بمسمى – كلمات سأتركها على الأرض – نصوص إرتكبها حسين السلطاني  والصادرة  من دار الينابيع – سوريا. وهي تضم عشرة نصوص من المنثور الشعري الحداثوي المكثف للصور الشعرية والتلاعب بعناصر اللغة.

دأب أدباء ومثقفوا الأسكندرية على ممارسة طقسهم الأدبي باهتمام ظاهر رغم مصاعب توفر المكان اللازم فمثلهم مثل الكثير من المنتديات الأدبية التي تعاني من فرض الأجور العالية والتي لا تتمكن من ممارسة طقوسها فتعمد كما تفعل أم القطاقيط على حمل لوازم الكتابة والطباعة الى حيث يتوفر مكان ما هنا أو هناك ، فهم العارفين أن أداء الصلاة  لا يشترطها احتكاريو مكان.
قدم الأصبوحة الناقد الأديب ابراهيم الجنابي رئيس المنتدى مذكرا : يقول نيتشة أن النص يخلع شيئا فشيئا رداء العمومية” منوها ان الشاعر هنا يمثل هذا الظن. فهو يكتب النص مرتين ، مرة بانسيابية محظة ومرة   يخلع هذا الرداء… اضافة للنص من دراية وهو يقلب الجملة الشعرية ويؤكد انقلابية باملاءات غير مقحمة في النص مما يؤكد حضوره وهذا ما  لمسته.
الشاعر يفتح فضاء ضوئه الشعري في مقدمة مجموعته:
ابهام الحكمة
مدخل /
الخطأ مخلوق …. النص إرتكاب … وأنا خطاً
لمست آدمية الكتابة

ابتدأ الشاعر حسين السلطاني تقديمه الشعري ناصحا : ” على جميع من كتبوا نصوصا شعرية أن يُغيروا ثانية على نصوصهم وأن يعيدوها ثانية”.
بدأ قراءة بعض مما ارتكبه :
سهرة في ذاكرة الببغاء
تلكم الببغاء
وها هو يواجه البحر .. هرما … وحيداً
ولسانه ملقى بأهمال في فمه
تدوسه الكلمات دون أن يقوى على الصراخ
وبلا سبب أقف كلّ يومٍ هنا
على هذا الساحل الممتد من عينه اليمنى حتى أقاصي عينه اليسرى
لا أفعل شيئا سوى تأمل النسيان في ذاكرته

الشاعر خالد البابلي يرى اثر اطلاعه على المجموعة ان تجربة الشاعر تجربة متفردة في الشعر العراقي . وقد تمنى لو كان ناقدا لأوفى المجموعة حقها.
وهو يرى ان الشاعر السلطاني يضعنا في محنة بهكذا عنونة لمجموعته الشعرية من خلال ارتكابه ( الفاعل) بحيث تخبوا الكلمات أو تشع على هذه الأرض الخراب. ذلك تأرجح بين الأندثار والسطوع التأريخي لهذا الأنساني الذي تنتفض عنها تلك الحروب.
فالشاعر ينبه هنا الى شفرة تلك الأشارة المشبعة بالأندهاش والتواصل مع الآخر.
مثل هذه المجموعة لا تحيطها دراسة أو اشارة عابرة انها أكبر من ذلك بكثير. اننا أزاء عمل يستحق منا الكثير وتجربة الشاعر دليل على اصالته وصدق تجربته الشعرية .
وختم البابلي مداخلته : اجد ضرورة استمكان صفاء مثل هذه التجربة وصولا الى مغزى نصح الشاعر في دفتي مجموعته :
أيها القاريء نرجو منك :-
•    الأغتسال فور الأنتهاء من قراءة النص بالماء الساخن والصابون.
•    يمنع لمس المفردات لأي سبب كان.
•    يستثنى من التحذيرين أعلاه الموتى والمجانين

الناقد ابراهيم الجنابي : لأن اللغة هي منظومة مغلقة فعلى الشاعر أن يفلت من أطر هذه المنظومة.
وها هو الشاعر يفلت من تلك الأطر بخاصية الطرد المركزي الذي تدفع به النواة في الذرة فاذن هي محاولة الخروج من قوقعة اللغة.
الشاعر يرواغ ويخون هذه المنظومة فرؤيته ومخياله الشعري متعدد الأبعاد سواء في القراءات أو التأويل.
لنستمع الى نص آخر :

اتبعْني أعطك فلس الذهب
اعطك بلعوم الأغنية
أعطك نترات لتشطف وعكات الخيال
اتبعني أرق لك … كذلك الأنثى وجراد قميصها
كذلك قلبي وامعائي الدقيقة.

ويقرأ أيضا :
وجهي لي ، ووجهك لك … وكل عبارة صفراء هي حمامة الكتابة
تهجي (دادا) وأنت تنتهك في المساء مستخدما بصلة ومذياعا يسرد الأمنيات.
لو تنام …
يا صاحب الجمل القصيرة والسن المسوّس
/ الليل الذي يلمك نجومه عسكرية/
وأنت بلا أب ..ولا أم .. بلا عامل يديم كلامك
ولا طاهي يخلصك من عظام الورطة، ولا فلفل لتثير عطاس الحديقة.

ثم قرأ من “نتوءات تقع إلى الشرق من ظلي”
نتوء أول :
تطلعت في وثن ، تطلعت بخفة لحديقة ربتها أنسال الهواء، تطلعت لظل مريض وبقيت قريبا من وعكات اللغة ، فجاء في آيتي أن السحاب أمعن في كراسي الهواء ، وأنني تسللت خلسة وفي يدي سمكة نقشتها على المساند راكبا مهجة الشمس وقارئا لوح الحقب بربيع أصلة فقريات وغبار ، هذا لأنني نملة تشك بفساد عظامها وتنام بلا سعادة.

وقد استعان الشاعر ببعض عبارات من ” النفري ” كما في نتوئه الثالث :
/ غراب ويكتمل الخراب/
/ الحادثة كنا كمينها/

” ها نحن أزاء حلقة أخرى ” والحديث للناقد ابراهيم ” نسميها سلطة التوصيل. الشاعر هنا تمكن من الأيصال عبر أدائه أيضا.أعني أن سيميولوجيا الحركة يعطي  انطباعا آخر لقراءة القصيدة.
في مداخلته عقب الشاعر هشام العيسى عن عملية تطويع النص والأستخدام الجميل لمفردتي الشجرة والحيوان ومحاولة توظيف ما هو حضاري وقديم الى ما هو جميل ومغاير.
أكد الشاعر لذلك الحضور يتركز في براءة الريف ، ثمة ما هو شجرة وحيوان. هو انسياق له ما يبرره سيما ما يلزمه من حال لا خلاص منه مما شكل بصمة لا فكاك منها.
اثر استفزاز المقدم للأصبوحة وتساؤله عن السبب وراء الطبع المشاكس للشاعر عما اذا كان الشاعر قد رضع من  الشاة( امالتيسيا) كما فعلها( زيوس )عندما كان اباه يبتلع ابناءه خوفا من احدهم يقوم بخلعه من العرش  حتى استطاعت امه من ابعاده الى جزيرة كريت فكبر واجبر ابيه لاحقا ان يعيد اخوته الذين ابتلعهم ابيهم جاء ذلك بمداعبة من الجنابي للشاعر كونه استخدم زيوس وكثير من الاساطير والمثيولوجيات في نصوصه فاجاد في تضمينه لها
يسترسل الشاعر متذكرا : حكايات جدتي .. كان هروبا ففي الصيف حيث تجلس في ” المكسر” ماسكة –  مهفة للهواء – بيدها. كنت قد سألتها : هل صحيح اننا سنموت يا جدتي ؟
كان جدار بيتنا طينيا مبنيا من – اللبن الممزوج بالتبن – رحت أبكي وأنا أقشط بأظافر يدي القش الظاهر من على الجدار الطيني .. وحتى اللحظة اتخيل كيف أن ملك الموت يظهر لي مرتديا ثوبا من القش معتمرا عمّة جدتي.
عارجا على أهمية موضوعة وضع الطفل في سياق حضاري جديد  ومدى أهمية رعاية الطفولة تأسيسا لمستقبل واعد صحي.
من استكشافات الشاعر انه من خلال تجريبه للسفر الى مناطق الآثار والأساطير قد وجد منطقة الأسطورة ذات طاقة روحية عجيبة بثراء من نصوص اسطورة الخلق البابلية. اذ يتوفر خيال شعري ثر. فقد ترك لنا الأنسان القديم نصوص شعرية كبيرة جدا منها قصص الحوارات.. مثل ملحمة كلكامش.  اذ على الشاعر أن يتعالق مع تلك العوالم  بسبب من الأتصال بروح مهوسة ينجم عنه نص مثقف. تثار أسئلة كثيرة عن الوجود والعدم والحياة . لقد بدأنا نفلسف تلك الأسئلة.
عن مداخلة لاحقة للشاعر خالد البابلي ووجهة نظره في موضوعة تعامل الشاعر بالسرد داخل النص الشعري أجاب السلطاني : أنت حر في تجنيس بنية النص. حصل نوع من الفيوضات ولا استغرب وجود حس سردي في القصيدة.
كذلك القرآن الكريم ففيه كمية هائلة من الشعر. القرآن أعجازي بمعنى الكلمة بغض النظر عن الجانب العقائدي.
وأخير وليس آخرا قرأ الشاعر نصا من خارج المجموعة ” كاف يا وتري أنا المنخور بك ..حسين السلطاني”.
الشاعر والمسرجي فلاح صابر ختم الجلسة بسؤاله فيما لو كان هناك رابط بين أبينا آدم وموضوعة النهي الشعري؟
قالوا لي لم قصائدك فيها هاجس الموت؟
وأقول : هاجس الموت يتملكني. الشاعر هو طفل يخشى أن يموت بعد ستين عاما. سؤال الموت سؤال محيّر وخطير جدا. هذه الأسئلة الكبرى هي التي تصنع النص.

ختاما كان هناك تنويها من المقدم حول الجلسة القادمة من خلال البرنامج الثقافي لسنة 2010 والتي سيكون حافلا بكثير من البرامج الثقافية الهادفة اضافة الى استضافة العديد من المبدعين العر اقيين في المشهد الثقافي العراقي

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| مولود بن زادي : فوز الروائية الفرنسية آني إرنو بجائزة نوبل انتصار للأدب الواقعي!.

فازت الكاتبة الفرنسية آني إرنو بجائزة نوبل في الآداب لعام 2022 لشجاعتها في اكتشاف “الجذور …

| زهير العلالي : شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب تحتفي بالكتاب المتوج بجائزة الشيخ زايد العالمية لعام 2022 “السارد وتوأم الروح من التمثيل إلى الاصطناع” للباحث الناقد محمد الداهي.

نظمت “شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب” بدعم من “وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة” لقاء ثقافيا يوم …

تعليق واحد

  1. سعد جاسم

    مباركة كلماتك التي ستتركها على الارض صديقي الشاعر المبدع حسين السلطاني …
    قبلاتي لجميع اصدقائي ادباء الاسكندرية الحبيبه

    ….. سعد جاسم —- القاهرة الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *