إشارة :
يسرّ أسرة موقع الناقد العراقي أن تحتفي بالشاعر الكبير “عيسى حسن الياسري” بهذا الملف الذي – على عادة الموقع – سوف يستمر لحلقات كثيرة لأن الإبداع الفذّ لا يحدّه زمن . لقد وضع عيسى الياسري بصمته الشعرية الفريدة على خارطة الشعر العربي والعالمي . نتمنى على الأحبة الكتّاب والقرّاء إثراء هذا الملف بما يتوفّر لديهم من دراسات ومقالات وصور ووثائق تحتفي بمنجز هذا المبدع الفذّ وتوثّق حياته الشخصية والشعرية الحافلة بالمنجزات والتحوّلات الإبداعية الثرة.
النصّ :
سجود
——————-
شعر: أديب كمال الدين
إلى: عيسى حسن الياسري
1
حين وصل الشاعر إلى بلاط الملك
قال : حرفي مقدس كسر الفرات
ونقطتي طيبة جميلة – كدجلة –
فقال له الملك : أسجد .
رفض الشاعر أمر الملك فطرد من البلاط
وحين وصل الشاعر إلى أعداء الملك
قال : حرفي عظيم كسر الفرات
ونقطتي زاهدة غامضة كدجلة
! فقال أعداء الملك : أسجد
رفض الشاعر ..فطرد
2
=
هكذا انتقل الشاعر من ملك إلى ملك
ومن سجود إلى سجود
ومن رفض إلى رفض
انتقل أولاً إلى ملك الشقاق والنفاق
ثم انتقل إلى ملك الفتن
ثم إلى ملك الحرب
ثم إلى ملك الجنس
ثم إلى ملك الأكاذيب والترهات
ثم إلى ملك الصد مارد
ثم إلى ملك ألواق .. واق
ثم إلى ملك المنافي السعيدة
! ثم إلى ملك المنافي التعيسة
ثم إلى ملك الرايات السود
ثم إلى ملك الرايات الصفر
ثم إلى ملك الذهب
ثم إلى ملك الرماد
ثم إلى ملك اللصوص
ثم إلى ملك التيوس
ثم إلى ملك الإذاعة
ثم إلى ملك الخلاعة
ثم إلى ملك العذاب
وعند كل ملك يطلب منه السجود فيرفض
فيطرد من البلاط شرّ طردة .
3
=
لم يكتف بعض الملوك بالطرد
! بل أمر جلاديه بسحل الشاعر من البلاط حتى الشارع
وقام بعضهم بسحل الشاعر بنفسه
وقام بعضهم بجلده بنفسه
ثم قام الآخر
وكان أكثرهم غلواً وعتواً بإطلاق كلابه السود
لتنهش حتى الموت جسد الشاعر الهزيل ْ .
4
=
حين مات الشاعر
التقى بملك الحروف الذي هش له وبش
وقال له : لن آمرك بالسجود
بل سأجلسك معي على العرش
رغم أن عرشي شديد البساطة
ثم نهض ملك الحروف
! وشقّ قميصه من الفرح
فبانت الحروف مشرقةً كالشمس
وقال للشاعر : أختر حرفك
فاختار الشاعر العين والياء والسين والألف
ضحك ملك الحروف وقال ْ:
أيها الشاعر
لقد اخترت أن تصلب
وأن تمشي إلى الجلجلة
ما أعظمك وأنت تصلب هنا أو هناك
دونما أتباع أو أحبة
دونما تلامذة أو مريدين
دونما وردة تعلق على جبينك
أو ترمى عليك
دونما أيّ شيء سوى اسمك
دونما شيء سوى حرفك َ ونقطتك ْ