عدنان أبو أندلس : ماوراء الصوت المتناغم ! قصيدة الشاعرة الأفريقية “إنجريد جونكر” في قصيدة “البابونج في ناماكوندا”

adnan abu andalusربما هي الصحراء تزمجر بالخضرة ، أو روح تتلوى بإلتياع تشرق منها إبتسامة ، فالمفارقة ترد في غير التوقع ،فالشاعرة المعذبة جاءت بنصها المثمر عذوبة في قلبها الموجع بويلات ،كما هي صحراء – ناماكوندا – التي يطويها الجفاف لكن عطر الإقحوان يلم وحشتها ، فقلب الشاعرة كقلب الصحراء – جفاف – إحتراق – حدّب عاطفي ،هذا المقارن تناغم كلياً مع صوت مزمجر وصوت تنهد – الصحراء + الشاعرة = إحتراق ،نعم هو كقلبها بذات البؤس ، لكن الصحراء تشتهر ببيئة ملونة بورودها التي تغطي أديمها طيلة فصل الربيع ، روعة وجمال وتناغم شكلي للون بـ عطر الإقحوان ،كما هي البائسة والتي يطلق عليها في بلدها – جنوب أفريقيا بـ سليفيا بلاث – لما للشاعرة الأمريكية من تشابه حياتي بمأساة وحياة مضطربة أودت بحياتها منتحرة في فرن الغاز في بيتها ،كذلك الشاعرة الأفريقية – إنجريد – هي الأخرى التي رمت نفسها في مياه المحيط الهندي ،هذان الحادثان مردهما إلى الحرمان المادي والمعنوي بنكسات عاطفية وزواج تعيس الذي أودى إلى طلاقهما ،حتى كانت مجموعتها – الهروب – كهاجس طفولي يطاردها البتة:
لماذا مازلنا نستمعُ
إلى الأجوبة التي قدمها الأقاحي
للريح للشمس
Kokkewiets ما أصبح من
لابد أن تكون الأجوبة لأسئلة ما ،هذا ما يراود المتلقي بالتحري عنها – مقابلة الأصوات بـ تناغم – فأجوبة الأقاحي – الإقحوان – هو العطر النفاذ في موسمه عبر ريح ناقل له هو – الصوت – ايضاً- فالشمس المؤثر الحقيقي للونه الأصفر والأبيض ايضاً، يشكل تناغم جمالي في إكتساب حالتهِ تلك ، فالريح والشمس –مؤثران في طبيعة اللون والصوت . أن صوت هديل الطائر – كوكوكتيس – هو تناغم بحد ذاته يرتد كصدى تنقلهُ الريح نكذلك العطر في الريح له عبق خاص ، هديل متناغم من عاطفة كامنة مع قرينة قريبة منهُ ،يستمد من عاطفة كامنة في أعماق النفس – تناغم جمالي مؤطر بحزن يجذب السامع ،كل هذه أجوبة لها وقع نفسي لإذن المتلقي حال قراءة النص :
خلف الجبين مغلقة
حيث ربما لا يزال عصين السقوط
من الربيع غرقوا
وراء كلمتي قتلوا في العمل
وراء تقسيم وطننا
وراء قلب مقفل على نفسه
مايكون مضمراً خلف الجبين هو – الفكرة التي يمكن تخميرها في غمضة عين ،أي إغلاق البصر حين ورود الفكرة ذاتها ،فالإغلاق حالة حافظة لها من تشتت رؤيوي للمعاينة في أشياء آخر ،فعدم الرؤية – الكتم – ربما هو النظر في التلاشي فـغصين السقوط

إنجريد جونكر
إنجريد جونكر

هو – شهيد ماوراء كلمة التغيير أو اللون أو الفكرة أو عقيدة ،فما كان من وراء ذلك إلا إستبسال في هلاك نفسه مقابل ثمن معنوي هو –الحرية –ومنهم من قُتل في العمل وراء كلمة –ضمان إجتماعي – مطالب بهِ، وراء تقسيم البلد – كتحرر – إنفصال – ذاتي – لكن القلب المقفل على نفسه –هو الذي يستطيع مجابهة من أحب كدفقة شعورية باذخة بالشوق :
خلف الأسوار والأسلاك والمعسكرات والمواقع
وراء الصمت حيث اللغات الأجنبية
تقع مثل أجراس في جنازة
وراء أرضنا المحطمة
مقطع يضج بالحشد المتأهب للصراع لحياة يشوبها الإستعداد بالتغيير،نفما خلف الحواجز إلا أصوات مكتومة – مخنوقة، وكما قلنا سلفاً نتيجة دفاع عن لون – جنس – عقيدة – مبدأ – فالسجون جاهزة بتناغم مع المعسكرات والمواقع بضجيج العنف للمطالبة بتغيير نحو الفضل – فالحرية نتاج تناغم وطني مميز بالمطالبة فالذين ينشدون ذلك هم رصيد مؤتمن لدى الثوار – فما وراء الصمت إلا ضجيج الإحتجاج مقابل – التحرر والإستقلال – فاللغات الأجنبية لدولة كـ جنوب أفريقيا ، فيها من التنوع القسري بتأسيسها على هذا الشكل – حتى أضحى طابع مميز لها في القارة برمتها من حيث إختلاط اللغات كتناغم جمالي في أصواتها المتداخلة يشكل بحد ذاته سيمفونية رائعة من اللحن المنساب بترصيع صوتي للمقطوعة – مثلها مثل جرس القداس الجنائزي ،هذه الأصوات المتعالية وراء جنازة ما هي صدى التناغم الشفيف للحزن الآني .
كركوك -22-10-2014

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| جمعة الجباري : قراءة الدلالات الشعرية عند الشاعر صلاح حمه امين في ديوانه “عقارب الساعة التاسعة”.

* صلاح الدين محمد أمين علي البرزنجي المعروف بالاسم الحركي صلاح حمه أمين،  شاعر وفنان …

| اسماعيل ابراهيم عبد : على هامش ذاكرة جمال جاسم امين في الحرب والثقافة – تحايثاً بموازاة عرضه .

الكاتب جمال جاسم أمين معروف بين المثقفين العراقيين باتساع نتاجه وتنوعه كمّاً وجودة , فضلاً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *