طلال حسن : الهروب إلى دلمون (مسرحية للفتيان)

talal hasanإلى الأديب الكردي الراحل محمد موكري
شخصيات المسرحية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الإله الشاب
2 ـ الإلهة الشابة
3 ـ الإله مردوخ ملك الآلهة
4 ـ الإله إرّا ، بطل الآلهة
5 ـ مامي زوجة الإله إرّا ، الإلهة الأم
6 ـ ايشوم ، الملقب بالذباح ، ضابط إرّا
7 ـ الأبطال السبعة أعوان الإله إرّا

البداية

صمت ، ظلام ، يبرز
الشاعر في ملابس بابلية

الشاعر : المجد لمردوخ ، ملك الكون ، وخالق
العالم ، والمديح لخندور ـ ساجا ، ابن
انليل ، حامل عصا الرعاية المباركة ،
راعي الرؤوس السوداء ، وراعي البشر
، أنا شاعر من بابل ، اسمي كبتي ـ ايلي
ـ مردوخ ، ابن دابيبو ، ألفت ملحمة عن
الإله إرّ ، وهو الإله نرجال ، الذي صار
فيما بعد ملكاً على العالم الأسفل ” أوحى
لي بها ذات ليلة ، ايشوم مساعد الإله
إرّا ، استعدتها في صباح اليوم التالي ،
فلم أغفل منها شيئاً ، كما لم أضف إليها
سطراً واحداً ، ومع ايشوم الذي لا مثيل
له في القسوة ، وسفك الدماء، أعوان هم
، الأبطال السبعة ، المتعطشون للدماء ،
وإشعال الحروب ، ” يصمت ” ، وقبل
أن أريكم أبطال الملحمة ، سأقدم لكم
إلهين شابين ، الإله والإلهة ، اللذين ولدا
مؤخراً ، وكما يولد الربيع هادئاً وديعاً ،
واعداً ولدا ، ولم يعرف أحدهما الآخر
حتى التقيا ، دعونا نرَ لقاءهما الأول ..

إظلام

المشهد الأول
فسحة في غابة ، تدخل
الإلهة الشابة متلفتة خائفة

الشابة : المكان هنا منقطع ومخيف ” تتوقف
متلفتة ” قالوا لي أن لا أغادر مكاني من
السماء ، وأن لا أنزل إلى الأرض ،
فالأرض ليست كلها دلمون ” ترتفع
ضجة ” يا مولاي آنو ” يمرق غزال
يطارده أسد ” هذا أسد ، سيمسك الغزال
، ويفترسه ” تتراجع خطوات ” إذا لم
يمسكه ، سيعود إليّ ، ويمسك بي ، و ..
” ترتفع ضجة ، فتتوقف خائفة ” لعله
أسد آخر ، يبدو أن الغابة مليئة بالأسود ”
يمرق حمل يطارده ذئب ” هذا ذئب
يطارد حملاً ، فلأهرب ..
يدخل الإله الشاب متوجساً ،
يتوقف إذ يرى الإلهة الشابة

الشابة : ” تنظر إليه متوجسة ” …
الشاب : طاب يومكِ .
الشابة : طاب يومكَ .
الشاب : تبدين قلقة ، خائفة .
الشابة : ظننتُ أنك أسد أو ذئب .
الشاب : ” يضحك ” لو كنتِ مثلي ، لما خفت
من الأسد أو الذئب أو أي كائن آخر من
كائنات الغابة .. ” يحدق فيها ” ..
الشابة : مثلك !
الشاب : يا لحماقتي ، أنتِ لستِ من ذوي
الرؤوس السوداء ، البشر ، وهذا يعني
أنكِ ..
الشابة : من يدري ، لعلّ فيّ شيئاً من ذوي
الرؤوس السوداء ـ البشر، وإن كنا نكاد
نتشابه ، أنا وأنت .
الشاب : ” يحملق فيها ” نعم ، هذا صحيح ، لكن
أنتِ ..
الشابة : أنا من آلهة السماء ، الايجيجي .
الشاب : وكذلك أنا .
الشاب : لكني ” مازال ينظر إليها ” لم أرَ في
الايجيجي من يشبهك .
الشابة : ” تنظر إليه صامتة ” ….
الشاب : ” يدور حولها معجباً ” أنتِ رقيقة ،
وجميلة ، و ..
الشابة : ” تغالب ابتسامتها الفرحة ” توقف وإلا
أصبتُ بالدوار ..
الشاب : ” يتوقف مبتسماً ” ….

يمرق بين الأشجار عصفور
خائف ، يطارده عقاب كالسهم

الشابة : ” خائفة ” يا مولاي آنو .
الشاب : ” يقترب منها ” لا تخافي ، هذا
عصفور يطارده عقاب .
الشابة : العصفور المسكين ، أرأيت كم هو
خائف .
الشاب : لابد أن العقاب جائع ، وسيشبع أذا صاد
العصفور ، وافترسه .
الشابة : يا للقسوة ..
الشاب : لا عليكِ .
الشابة : أسد وغزال ، وذئب وحمل ، وعقاب
وعصفور ، و .. و ..
الشاب : لا اعتراض ، يا عزيزتي ، هكذا
خلقتهم الآلهة .
الشابة : ” تنظر إليه ” ….
الشاب : الحياة على الأرض كما رأيتها ، مبنية
على القسوة والافتراس ، القوي يقسو
على الضعيف ، ويفترسه .
الشابة : لو كنتُ أنا الإلهة الخالقة ، لما خلقتهم
هكذا .
الشاب : آه ، يا للروعة ، حتى الإلهة اينانا لم
تفكر ما تفكرين فيه .
الشابة : عندما أكون وحيدة ، على الأرض أو
في السماء ، أجلس في ظل شجرة ،
وأحلم .
الشاب : هذا ما أفعله بالضبط أنا أيضاً ، في
بعض الأحيان .
الشابة : ” تتكىء إلى إحدى الأشجار ” البارحة
، عند الضحى ، هنا تحت إحدى هذه
الأشجار ، رأيتني في دلمون .
الشاب : يا للصدفة ، أنا أيضاً كنت دلمون ،
لكني لم أركِ هناك .
الشابة : ” مبتسمة ” كنتُ فيها في المنام .
الشاب : عجباً ، أنا أيضاً كنت هناك في
المنام .
الشابة : ” حالمة ” دلمون الأرض المقدسة ..
الشاب : ” يجاريها ” دلمون الأرض الطاهرة ..
الشابة : دلمون أرض منورة ..
الشاب : في دلمون لم يكن أي غراب ينعق ..
الشابة : لم يكن فيها أسد يفترس ..
الشاب : ولم يكن هناك ذئب لينقض على حمل
بريء ..
الشابة : والخنزير الوحشي لم يكن معروفاً ..
الشاب : ولم يكن هناك من يشكو من أي مرض
من الأمراض ..
الشابة : وعند مداخل المدن ، لم تطلق آهة
واحدة ..
الشاب : هذا بعض .. دلمون ..
الشابة : آه دلمون .
الشاب : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
الشابة : لو كان الأمر بيدي ، لخلقت العالم كله
دلمون .
الشاب : لكن العالم ليس كله اسود وذئاب
وعقبان و ..
الشابة : حتى ذوي الرؤوس السوداء ، البشر ،
هؤلاء ..
الشاب : إن الآلهة ، كما تعرفين ، خلقتهم على
صورتها .
الشابة : بينهم من هو أقسى وأشد افتراساً من
الأسد والذئب والعقاب و ..
الشاب : أنليل أحدث الطوفان ..
الشابة : ” بنبرة حزينة ساخرة ” هذا الإله لم
يحتمل ضجيج ذوي الرؤوس السوداء ،
البشر ..
الشاب : ” بنفس النبرة ” أقلقوا نومه ، فقرر
إبادتهم بالطوفان ، لولا الإله ايا،الذي
أوعز لاتونا بشتم بصنع الفلك ، وإنقاذ ما
يمكن إنقاذه .
الشابة : آه ايا .
الشاب : خاطب اتونا ـ بشتم عبر جدار كوخ
القصب قائلا ..
يا كوخ القصب ، اصغ ِ يا كوخ القصب
يا ابن اوبار ـ توتو
قوض بيتك وابن ِ سفينة
اهجر ممتلكاتك ، وانجُ بنفسكَ
اترك متاعك ، وأنقذ حياتك
واعمل على حمل بذرة كل ذي حياة
الشابة المجد لك يا ايا ..
الشاب : نعم ، لولاه لكانت الأرض .. بحار ..
وصحارى .
الشابة : لكن العالم مازال في خطر ، ولعل
الخطر هذه المرة أشدّ من خطر الطوفان
نفسه .
الشاب : بعض الآلهة يشكون ويتذمرون ، لقد
ازداد عدد ذوي الرؤوس السوداء ،
واشتد ضجيجهم ، بل إن الكثير منهم
انصرفوا عن العبادة ، وانهمكوا في
الغش والخداع وممارسة العنف .
الشابة : خلال عيد أكيتو ، الذي دام اثنا عشر
يوماً ، كنت في نفر .
الشاب : أنا أيضاً كنتُ هناك .
الشابة : ومعظم الآلهة كانت هناك أيضاً ، وقد
اجتمعوا اجتماعات كثيرة ، وتداولوا
طويلاً فيما بينهم .
الشاب : إنه يومهم ، ويوم فرح لذوي الرؤوس
السوداء .
الشابة : تحت مظاهر الفرح ، كانت تتجمع
سحب سوداء تنذر بعواصف شديدة
قاتلة .
الشاب : سحب آلهة ؟
الشابة : بل وسحب ذوي الرؤوس السوداء
أيضاً .
الشاب : حقاً إن الآلهة خلقت ذوي الرؤوس
السود على هيئتها .
الشابة : لقد تردد اسم الإله ارّا كثيراً .
الشاب : ارّا ليس وحده ، فالإله الذي أوجده
أوجد معه مساعده الذبّاح ايشوب ، وسبع
أعوان قتلة ، متعطشين للدماء .
الشابة : ومن يدري ، لعله يبيّت خطة ، أكثر
فتكاً من الطوفان نفسه .
الشاب : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
الشابة : لنهرب إلى دلمون .
الشاب : أنت تعرفين ، كما أعرف ، إن دلمون
حلم .
الشابة : لنهرب معاً ، أنا وأنت ، إلى دلمون
الحلم ، وليكن ما يكون .
الشاب : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
الشابة : أنت محق ، الهرب إلى الحلم ليس حلاً
، فلننتظر ، ونرَ ما يجري .
الشاب : ” صوت عاصفة من بعيد ” العاصفة ..
الشابة : الآلهة وذوو الرؤوس السوداء .

صوت العاصفة يرتفع
شيئاً فشيئاً ، إعتام تدريجي

إظلام

المشهد الثاني
ليل ، ارّا عند النافذة ،
مامي ترقد في السرير

مامي : ” تستيقظ ” آه ، ارّا .
ارّا : ” لا يلتفت إليها ” ….
مامي : ” يا للآلهة ” تتلفت حولها ” نحن في
منتصف الليل .
ارّا : ” لا يريم ” ….
مامي : ” تعتدل ” يبدو أنك استيقظت ، يا
عزيزي ..
ارّا : إنني لم أنم لأستيقظ .
مامي : حسن ، يا عزيزي ، تعال إلى جانبي ،
لعلك تنام .
ارّا : لا أريد أن أنام .
مامي : ” تنهض من الفراش ” لا تريد أن تنام
” تقترب منه ” أم إنك لا تريد أن
تأتي إلى جانبي ؟
ارّا : دعيني .
مامي : لا شيء يستحق منك هذا الأرق
والانفعال ، يا زوجي العزيز .
إرّا : ” منفعلاً ” إنهم يزدرونني ..
مامي : آه .
ارّا : ولا يرهبون مني .
مامي : ” تهز رأسها ” …
إرّا : وهذا ما لم أعد أطيقه .
مامي : دعكَ منهم ، يا عزيزي ، إن هم إلا
ذوو الرؤوس السوداء .
ارّا : البشر ، لقد خلقوا خطأ .
مامي : هذه إرادة الإله العظيم آنو ، ولابد أن
وراء خلقهم حكمة ” تهز رأسها ” أنا لا
أفهمها .
ارّا : مهما يكن ، يجب إبادتهم ، ولن أرتاح
ماداموا على قيد الحياة .
مامي : هذا ما لا تريده معظم الآلهة ، وفي
مقدمتهم الإله مردوخ .
ارّا : آه من هؤلاء الآلهة .
مامي : لا الأمراض ، التي سلطتها الآلهة
عليهم ، ولا الطوفان ، استطاعوا أبادتهم
، يا عزيزي ارّا .
ارّا : هذه مهمتي ، ستأتي الفرصة ، وسترين
يا مامي .
مامي : آه ايشوم .
ارّا : ايشوم مساعدي ، ذبّاح بالاسم فقط ، لقد
شاخ .
ماما : إنه إله ، والآلهة لا تشيخ ، مادام هناك
رؤوس سوداء .
ارّا : ” يحدق عبر النافذة ” لابد أن أرى
ايشوم ، إن فرساني السبعة ، المتعطشين
للدماء ، يريدون رؤيتي ” يصمت ” لقد
آن أن أراهم .
مامي : ” تنظر إليه ” ….
ارّا : آنو ، ملك الآلهة ، أولد له الأرض
سبعة آلهة ، سماهم السبعة ، وعندما
مثلوا أمامه ليحدد مصيرهم ، نادى الأول
، وقال له : أينما ذهبت لنشر الغضب ،
كن دون منافس ، وقال للثاني ، أحرق
كالنار ، والتهب كالشعلة ، وقال للثالث ،
اتخذ مظهر الأسد ، ولتخز ِ قوى من
يراك ، وقال للرابع ، أمام إنشهار
سلاحك الهائج ، لتتهدم الجبال ، وقال
للخامس ، اعصف كما الريح ، وراقب
الأفق ، وقال للسادس ، انحدر من أعلى
إلى أسفل ، ولا تبق ِ على أحد ، وحمل
السابع سم التنين ، وقال له ، اقض ِ على
كلّ حياة ، ثم التفت إليّ ، أنا إرّا بطل
الآلهة ، وقال لي ، إنني أمنح هؤلاء
الأبطال السبعة لك ، سوف يواكبونك ،
وإذا أتعبك ضجيج سكان الأرض ،
وراودتك الرغبة أن تحدث مجزرة ، أن
تقتل ذوي الرؤوس السوداء ، وتقضي
على الحيوانات ، فسوف يكونون جيشك
الهائج ، وسوف يواكبونك .
مامي : ” تتجه نحو فراشها ” ارّا ، عزيزي ،
تعال الآن ننم .
ارّا : ليس لي إلا الإله مردوخ ، ملك الآلهة ،
خالق الكون .
مامي : ” ترقد في فراشها ” الإله مردوخ ، لن
يوافقك على ما تريده .
ارّا : يوافقني أو لا يوافقني ” يصمت ”
فلأنتظر بعض الوقت .
مامي : حذار ، يا ارّا .
ارّا : أريد أن أرتاح ، يا مامي ، أريد أن
أرتاح .
مامي : لن ترتاح ، أنت زوجي ، وأنا أعرفك ،
أنت إرّا ، وستبقى إرّا .
ارّا : إنهم يزدرونني ..
مامي ” تنظر إليه صامتة ” ….
إرّا : ” بنبرة تصميم ” لا خيار ..
مامي : ” تنصت متوجسة ” ….
إرّا : سأبيدهم ، وعندئذ لن يكونوا موجودين
ليزدروني .
مامي : لكن وقتها ، يا إرّا ، سيكون الإله
مردوخ موجوداً .
ارّا : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
مامي : ” تمدّ يديها نحوه ” تعال ، يا ارّا ،
تعال إلى الفراش .
ارّا : ” لا يلفت إليها ” ….
مامي : الآلهة خلقت اينانا ، وأعطتها للراعي
تموز ، وخلقتني وأعطتني للمحارب
ارّا .
ارّا : اينانا أرسلت تموز إلى العالم الأسفل ،
عند أختها الملكة ايرشكيكال .
مامي : وأنا أريد أن تبقى إلى جانبي .
ارّا : ” ينظر إليها ” ….
مامي : لعلي خلقت لهذا ، وسأكون مخلصة لما
خلقت له .
ارّا : وأنا للحرب والإبادة ، وسأبقى لما
خلقتُ له .
مامي : ” تنهض وتتجه نحوه ” تعال إلى
الفراش ، فالآلهة التي خلقت هذا العالم ،
لن تفرط به ، مهما كانت الأسباب ”
تمسك يده وتسحبه برفق ” تعال .
ارّا : ” ينقاد لها ” ….
الزوجة : ترقد في الفراش ” تعال ، يا عزيزي ،
تعال ، لعلك ترتاح ، وتنام .

ارّا يرقد إلى جانب
مامي ، إعتام تدريجي

إظلام

المشهد الثالث
إرّا يذرع المكان وحده
، يتوقف ، ويحدث نفسه

إرّا : ماذا يجري ؟ يبدو أنني لم أعد إرّا بطل
الآلهة ، وايشوم الذباح ، مساعدي ،
سيفي البتار ، لم يعد ايشوم ، ماذا يجري
؟ ايشوم ، الذباح الشهير ، ذو اليدين
المؤهلتين حقاً لشهر أسلحته الهائجة ،
وهو إذا ما جعل سيفه البتار الرهيب
يلتمع ، حتى أنني أنا نفسي ، إرّا بطل
الآلهة ، أرتجف في مكاني ، وأنا إرّا ،
عندما يدفعني قلبي للتحارب ، أصدر
الأوامر لأسلحتي ، إدّهني بالسم ، وإلى
الأبطال السبعة ، الذين لا مثيل لهم ،
تجهّزوا بأسلحتكم ، وآمر ايشوم ، ذباحي
المتعطش للدماء ، أريد التوجه إلى
المعركة ، كن شعلة حتى نرى بوضح ،
كن قائداً لكي تتبعك الآلهة ، كن سيفاً كي
ننفذ المجزرة ” يقف حائرا” إنني شبه
مشلول الآن ، دمائي تغلي في عروقي ،
ويداي جامدتان ، فماذا جرى ؟ ” يرى
شبحي الإلهين الشابين يمران عبر النافذة
، فيصيح ” أيها الحاجب .
الحاجب : ” يدخل ” مولاي .
إرّا : خيل إليّ أنني أرى اثنين من الآلهة
الايجيجي ، قبل لحظات قليلة ، يمران
خارج النافذة .
الحاجب : أنا أيضاً رأيتهما ، منذ قليل ، يا مولاي
، إله وإلهة ، في مقتبل العمر .
إرّا : إنني أكره الفراشات ..
الحاجب : ” ينظر إليه صامتاً ” ….
إرّا : هذان الإلهان الشابان ، إنهما يشبهان
الفراشات ، التي تحوم حول الأزهار ،
في حدائق الأرض ” من بين أسنانه ”
لعلهما لا يدركان إنهما يحومان حول
زهرة من نار .
الحاجب : ” يبقى صامتاً ” ….
إرّا : إذا جاء ايشوم ” كأنما يحدث نفسه ”
ضابطي ، مساعدي ، سيفي ، المتعطش
للدماء ” ينظر إليه ” أدخله عليّ .
الحاجب : إنه بالباب ينتظر ، يا مولاي .
إرّا : بالباب وأنت تقف أمامي كحجرة ؟ ”
يصيح محنقاً ” فليدخل .
الحاجب : أمر مولاي .
إرّا : مامي ، لابد أن هناك إلهة ، تعمل ضد
رغباتكِ ” يبتسم متشفياً ” أهي اينانا ؟
من يدري ، فلا أحد يعادي الإلهات
ورغائبهن ، حتى الطيبة منهنّ ، أكثر من
الإلهات أنفسهنّ .

يخرج الحاجب ، بعد
قليل يدخل ايشوم

ايشوم : طاب يومك ، يا مولاي .
إرّا : ” يحدق فيه ” كان لي ضابط ، سيف
مساعد ، يُسمى الذبّاح ..
ايشوم : مازلتُ في يمينك ، يا مولاي .
إرّا : هناك فراشتان رقيقتا المشاعر، تحومان
حولي ، يا ايشوم ..
ايشوم : فراشتان !
إرّا : شعراء الأرض المجانين ، يقولون ، إن
الفراشات رقيقة ، وجميلة .
ايشوم : نحن في السماء ، يا مولاي ، وليس
هناك شعراء بيننا .
إرّا : منذ فترة ، وأنا أرى فراشتين ، ذكراً
وأنثى ، تحومان في الجوار .
ايشوم : لن تجدا عندنا زهرة واحدة ، فالأزهار
خلقت للأرض .
إرّا : بعض الفراشات تهوى النار .
ايشوم : أخشى أنهما لا تعرفان النار ، هاتان
الفراشتان الرقيقتان .
إرّا : فلتبتعدا إذن ، وإلا احترقتا .
ايشوم : لعلّ الآلهة لا تريد للنار أن تشتعل ، لا
في الأرض ، ولا في السماء .
إرّا : ماذا تقول ؟ إن النار لم تنطفىء يوماً
على الأرض .
ايشوم : ” يلوذ بالصمت ” ….
إرّا : أنت ايشوم .
ايشوم : مازلتُ ايشوم .
إرّا : ايشوم الذي أعرفه ، كان شعلة ، أرى
على ضوئه بوضوح ، الطريق الذي رسم
لي ، الطريق إلى المعركة ..
ايشوم : ” يلوذ بالصمت ” ….
إرّا : كان قائداً تتبعه حتى الآلهة ..
ايشوم : ” يبقى صامتاً ” ….
إرّا : كن سيفاً بتارا ، ينفذ المذبحة ، التي
أرادها لنا الإله إيا نفسه
ايشوم : ” يبقى صامتاً ” ….
إرّا : الإله يهيب بي ، انهض يا إرّا ، فعندما
تخرب الأرض سوف تتهلل روحك ، هل
سأنهض ؟ وأبطالي السبعة ، إذا جاءوا ،
ماذا سأقول لهم ؟ آه يا ايشوم .
الحاجب : عند الباب ” مولاي .
ايشوم : ” ينظر إليه ” ….
الحاجب : الأبطال السبعة بالباب .
إرّا : ” ينظر إلى ايشوم ” ….
ايشوم : منذ أيام ، وهم يلحون عليّ أن أراك ،
يا مولاي .
إرّا : ” للحاجب ” ليدخلوا .
الحاجب : ” يخرج ” ….
ايشوم : مولاي ، ليتك تلجمهم .
إرّا : لتكن مشيئة الآلهة .

يدخل الأبطال السبعة ،
وهم يغالبون هياجهم

الأول : مولاي ، لننهض ، ونقف على أقدامنا ،
لسنا شيوخاً هزيلين .
ايشوم : ” يحاول تهدئته ” اهدأ .. اهدأ .
الثاني : دعنا نعبر عن رأينا .
ايشوم : بهدوء ، بهدوء .
الثالث : لا نريد أن نبقى كالنساء ، نجلس في
البيوت ، ونكتفي بأكل الخبز .
ايشوم : ” يهم بالكلام لكنه يختار الصمت ” ….
الرابع : هل تملكنا الخوف ؟ هل نحن نرتجف
وكأننا نخاف الحرب ؟
ايشوم : ” ينظر إليه ولا يجيب ” ….
الخامس : العيد عندنا ، نحن الأبطال السبعة ، أن
نخوض غمار الحرب .
ايشوم : ” يهز رأسه ” ….
السادس : قم بنا للحرب ، يا مولاي ، قم بنا .
ايشوم : ” ينظر إلى إرّا صامتاً ” ….
السابع : الآلهة خلقتنا للحرب ، فلنكن لما خلقتنا
من أجله الآلهة .

ينهض إرّا ، ويذرع
المكان صامتاً ، ثم يتوقف

ايشوم : ” ينظر إليه صامتاً ” ….
الأبطال السبعة : مولاي .
إرّا : غداً سأقابل الإله مردوخ ” ينظر
إليهم ” نعم سأذهب إلى معبده ، الايسجيل
وأقابله وحدي هناك ، غداً ، نعم غداً ،
اطمئنوا ، لقد أرسل في طلبي لأمر ما ،
وسأفضي إليه بهمومنا ، ولابد أن يتفهمنا
، إنه مردوخ ، ملك الآلهة .

ايشوم يبدو عابساً ،
الأبطال السبعة فرحون

إظلام

المشهد الرابع
معبد الايساجيل ، الإله
مردوخ فوق قاعدته

مردوخ : الوقت مبكر على الزيارات ، إن الكاهن
العجوز ، الذي يشرف على تمثالي لم
يأتِ بعد ، لقد شاخ ، لا عجب ، إنه
إنسان ” ينصت ” هذا ليس الكاهن ، ولا
إرّا طبعاً ، فخطوات إرّا ، حتى في
حضرتي ، ليست بهذه الرقة ” ينظر إلى
الخارج ” آه إنهما اثنان ، إله وإلهة ،
شابان من شباب الإيجيجي ، هاهما
قادمان ، إنهما يحومان حول معبدي
الايساجيل ، منذ وقت مبكر ، ترى ماذا
يريدان ؟
يدخل الإلهان الشابان ،
ويقفان مترددين عند المدخل

مردوخ : ” يشير إليهما ” تعالا .
الإلهان : ” يتململان مترددين ” ….
مردوخ : اقتربا مني ، اقتربا .
الإلهان : ” يقتربان مترددين ” ….
مردوخ : جئتما مبكرين ، لابد أن لديكما ما
تقولانه لي .
الشابة : طاب صباحك ، يا مولاي .
مردوخ : ” يبتسم ” طاب صباحكِ .
الشاب : مولاي ..
مردوخ : ” ينظر إليه ” ….
الشاب : طاب صباحك ، يا مولاي .
مردوخ : ” تتسع ابتسامته ” طاب صباحكَ ”
يصمت ” إنني أسمعكما ، قولا ..
الشابة : مولاي ، في الحقيقة ، نحن خائفان .
مردوخ : ” ينظر إليهما ” ….
الشابة : الإله إرّا ..
الشاب : ومساعده ايشوم ..
الشابة : وأبطاله السبعة..
الشاب : الذين لا مثيل لهم ..
مردوخ : هكذا خلقهم أبو الآلهة جميعاً ، الإله
العظيم أيا .
الشابة : نحن خائفان ..
مردوخ : ” ينظر إلى الخارج ” أظنه إرّا
الإلهان : ” يتراجعان خائفين ” ….
مردوخ : لا تخافا ، إنه هنا ، لأني أنا أرسلت في
طلبه .
الشاب : مولاي ..
الشابة : لا نريد أن يرانا هنا .
مردوخ : أنتما في حضرتي .
الشابة : ” خائفة ” مولاي ..
الشاب : ” خائفاً ” مولاي ..
مردوخ : حسن ، اذهبا ، وتواريا وراء تلك
الستارة ، في نهاية القاعة .

الإلهان يتواريان وراء الستارة ،
يدخل إرّا ، ويقترب من مردوخ

إرّا : ” ينحني ” طاب صباحك ، يا مولاي
العظيم ، ملك الآلهة .
مردوخ : أهلاً إرّا .
إرّا : شرفتني بدعوتك لي ، يا مولاي ، وها
أنا بين يديك القديرتين .
مردوخ : لدي مهمة ، مهمة قد تكون صعبة ..
إرّا : ” ينتظر صامتاً ” ….
مردوخ : وفكرت في من يكون جديراً بها ،
من بين الآلهة ، فدعوتك .
إرّا : أشكرك ، يا مولاي ، وأرجو أن أكون
جديرا ًبثقتك
مردوخ : إرّا ..
إرّا : رهن إشارتك ، يا مولاي .
مردوخ : لاحظت أنك غير مرتاح تماماً ، هذه
الأيام ، ربما من الفراغ ، الذي تعاني منه
في الوقت الحاضر .
إرّا : أبو الآلهة إيا خلقني بنفسه ، يا مولاي ،
وزرع فيّ ما يريده مني ..
مردوخ : وأنا أريد أن تكون عند حسن ظنه ،
وظن الآلهة العظام جميعاً .
إرّا : مولاي ..
مردوخ : اسمعني جيداً ، يا إرّا ..
إرّا : ” راضخاً ” مولاي .
مردوخ : الإلهة ايرشكيكال ، إلهة العالم الأسفل ،
دعتني إليها .
إرّا : هذا ما سمعته ، يا مولاي .
مردوخ : وقد قررتُ أن ألبي دعوتها ، وأغادر
الايساجيل ، وأبقى عندها ، ولو لبعض
الوقت .
إرّا : في العالم الأسفل !
مردوخ : كإله حيّ ، يا إرّا ” يبتسم ” أنا ملك
الآلهة ، أنا مردوخ .
إرّا : طبعاً ، يا مولاي ، طبعاً .
مردوخ : سأرحل بعد أيام ، ” يحدق فيه ” لن
أبقى في العالم الأسفل طويلاً ، وسأعود
سريعاً إذا اقتضى الأمر .
إرّا : سنفتقدك ، يا مولاي ، فأنت نور هذا
العالم .
مردوخ : إرّا ..
إرّا : مولاي .
مردوخ : أنظر إلى تمثالي .
إرّا : ” ينظر إلى التمثال ” ….
مردوخ : إن تمثالي الثمين ، الذي أساء الطوفان
إليه ، كمد لونه ، ولإعادة اللمعان إليه ،
وتنظيف مظهره ، أريد أن تعالجه أنت
بالنار ، وتعيده إلى حالته الأولى .
إرّا : سمعاً وطاعة ، يا مولاي .
مردوخ : ليس هذا فقط ، يا إرا ..
إرّا : مولاي .
مردوخ : إذا ما غادرت مقريّ ، فإن رباط
السماء والأرض ، سوف ينحل ، المياه
سوف ترتفع وتكتسح الأرض ، وسوف
تنطلق العاصفة لتخفي نجوم السماء ..
إرّا : ” يتابع مردوخ باهتمام وبفرح مكتوم ”
….
مردوخ : من سيقف في وجه هذه الكوارث ،
ويمسك رباط الأرض والسماء ؟
إرّا : ” ينتظر في لهفة ” ….
مردوخ : أنت طبعاً ، أنت ولا أحد غيرك ، يا إرّا
الشجاع .
إرّا : مولاي ..
مردوخ : إنني أعهد بهذا العالم إليك ، وأضع
رباط الأرض والسماء بين يديك ، حتى
أعود من العالم الأسفل .
إرّا : ” ينحني بخشوع ” أشكرك يا مولاي ،
وسأكون عند حسن ظنك .
مردوخ : انهض ، يا إرّا .
إرّا : ” ينهض ” مولاي .
مردوخ : ” يربت على كتفه ” يمكنك أن تذهب
الآن ، سأستدعيك قريباً ، لتباشر مهمتك
العظيمة .
إرّا : ” يتراجع ” أشكرك ، يا مولاي ،
أشكرك ، أشكرك ” يخرج ” .

الإلهان يخرجان من وراء
الستارة ، ويقفان مترددين

مردوخ : ” ينظر إليهما ” تعالا .
الإلهان : ” يقتربان صامتين ” ….
مردوخ : لقد ذهب إرّا .
الشاب : مولاي ..
مردوخ : تكلم ، فأنت إله .
الشاب : وضعت العالم كله بين يديه ..
مردوخ : ” ينظر إلى الشابة ” ….
الشابة : الأرض والسماء ..
الشاب : ذوي الرؤوس السوداء ..
الشابة : الآلهة ، وخاصة الايجيجي ..
مردوخ : لا خوف على الآلهة ، إنهم .. آلهة في
السماء .
الشابة : لكن ذوي الرؤوس السوداء ، على
الأرض ..
مردوخ : مهما يكن فإنهم ذوو الرؤوس السوداء ،
بينهم الخيّر وبينهم الشرير ، وأنا لا أريد
للطوفان أن يتكرر ، يكفيهم الأمراض
الفتاكة .
الشابة ” ترمق الشاب بنظرة خاطفة ” نحن
خائفان ، يا مولاي .
الشاب : نعم ، يا مولاي ، نحن خائفان .
مردوخ : مازلتما فتيين ” ينظر إلى الخارج ” ها
هو الكاهن العجوز قد جاء ، اذهبا الآن ،
فأنا أريد أن أسمع صلوات الكاهن
العجوز ، ودعواته الحارة .

الإلهان الشابان ينحنيان ،
ثم يتجهان إلى الخارج

إظلام

المشهد الخامس
غرفة نوم إرّا ،
إرّا يرتدي ملابسه

إرّا : ” يصيح ” مامي .
مامي : ” من الخارج ” نعم ، لحظة واحدة .
إرّا : تعالي ، تعالي بسرعة .
مامي : ” تدخل مسرعة ” إنني أعدّ طعام
الفطور .
إرّا : أريد سيفي .
مامي : إرّا ..
إرّا : هاتِيه
مامي : لقد أخفيته مع عدة القتال ، داخل
صندوق ، في القبو .
إرّا : في القبو !
مامي : فكرت أنك لن تحتاج إليه .
إرّا : بل قولي تمنيتُ .
مامي : نعم ، تمنيتُ .
إرّا : اذهبي ، وأتني به .
مامي : لماذا ؟
إرّا : ” يحدق فيها ” ….
مامي : ” تلمح الإلهين الشابين يمرقان عبر
النافذة ” ….
إرّا : مامي .
مامي : ها ..؟
إرّا : ما الأمر ؟
مامي : السيف ..
إرّا : يحدق فيها ” ….
مامي : آه السيف ، نعم السيف ، أرجو أن لا
يكون هناك أمر يدعوٍ لحمله ، أو ..
إرّا : عليّ أن أحمل سيفي هذا اليوم ،
سأخرج من البيت بعد قليل ، اذهبي
بسرعة ، وجيئيني به .
مامي : الوقت مازال مبكراً ، تناول فطورك
أولاً .
إرّا : لقد تأخرت ، اذهبي بسرعة ، وهاتي
السيف .
مامي : ” محتجة ” حالاً .

مامي تخرج مسرعة ، الإلهان
الشابان يلوحان من النافذة

إرّا : لابدّ أن أبدأ أولاً بتنظيف تمثال الإله
مردوخ ، في معبد الايساجيل ، وأحاول
أن أوازن رباط الأرض والسماء ، كما
أمرني الإله مردوخ ” ينتهي من ارتداء
ملابسه ، يصيح بنفاد صبر ” مامي ، أين
أنتِ ؟ أسرعي .
مامي :” من الخارج ” إنني قادمة .
إرّا : أسرعي .
مامي : ” تدخل حاملة السيف هأنذا أتيت ”
تقدم له السيف ” تفضل .
إرّا : ” ” يأخذ السيف منها ، ويحدق فيه ”
يا للآلهة ، انظري إليه ، إنه يحتاج إلى
شحذ وتنظيف .
مامي : هاته ، سأنظفه لكَ .
إرّا : ” يضعه في نطاقه ” سأنظفه وأشحذه
فيما بعد ، عليّ أن أذهب الآن ، لقد
تأخرت .
مامي : الفطور جاهز ، تناول شيئاً من الطعام ،
قبل أن تذهب .
إرّا : إنني مستعجل ، سأذهب إلى معبد الإله
مردوخ .
مامي : لكن الإله مردوخ ، على ما علمتُ ،
غادر الايساجيل إلى مقر الإلهة
ايرشكيكال ، في العالم الأسفل .
إرّا : نعم ، وقد عهد إليّ ميثاق الأرض
والسماء .
مامي : ” تتمتم قلقة ” يا للآلهة .
إرّا : كما أمرني ، أن أعنى بمعبده الايساجيل
، وأنظف تمثاله ، حتى يستعيد ملامحه
الشامخة .
مامي : أنت جدير بهذه المهمة ، في هذه الأيام
بالذات .
إرّا : ” يتجه إلى الخارج ” المهمة صعبة ،
لكني سأبذل قصارى جهدي ، لكي أنهض
بها .
مامي : ” تسير في أثره ” سأنتظرك على الغداء
، يا إرّا .
إرّا : لا تنتظريني ” وهو يخرج ” قد لا
أعود قبل الغروب .
مامي : ” وحدها ” إنني خائفة ، خائفة جداً ،
خائفة على إرّا ” تتقدم نحو الوسط ” وما
أخافه عليه لا يتأتى من ايشوم ، لا ، ولا
من الأبطال السبعة ، وإنما أخاف عليه
من إرّا نفسه .

يلوح الإلهان الشابان في المدخل ، مامي تنظر إليهما

الشابة : طاب صباحك ، يا سيدتي .
الشاب : ” يومىء برأسه ” طاب صباحك .
مامي : طاب صباحكما ، تفضلا .
الشاب : يتقدم متردداً ” عفواً لتطفلنا .
الشابة : ” تتقدم ” أخشى أن تكوني مشغولة ،
فالوقت مازال مبكراً .
مامي : لا عليكما ، أهلاً ومرحباً .
الإلهان : ” يقفان مترددين ” ….
مامي : رأيتكما ، قبل قليل ، تمران أمام النافذة
، وتتطلعان إلى الداخل .
الشابة : جئنا إليك ، يا سيدتي ، لنراكِ ، ونجلس
إليك قليلاً .
مامي : أهلاً ومرحباً بكما ” تشير إليهما أن
يجلسا ” تفضلا .
الشابة : ” تجلس ” شكراً .
الشاب : ” يجلس إلى جانبها ” علمنا أن الإله
مردوخ ، ملك الآلهة ، قد غادر معبده
الايساجيل في بابل ، البارحة .
مامي : نعم ، غادر مقره ، ومضى إلى العالم
الأسفل ، تلبية لدعوة الإلهة ايرشكيكال ،
إلهة العالم الأسفل .
الشاب : ” ينظر إلى الشابة ” ….
الشابة : ” تتطلع إلى مامي ” نحن خائفان ، يا
سيدتي .
مامي : ” تحدق فيهما ” ….
الشاب : الإله مردوخ ، ملك الآلهة ، الطيب
الحكيم ، كان يمسك برباط الأرض
والسماء .
الشابة : مولاتي ..
مامي : لم يغادر الإله مردوخ مقره ، ويمضي
إلى العالم الأسفل ، إلا بعد أن اطمأن إلى
رباط الأرض والسماء ..
الإلهان : ” ينظران إليها ” ….
مامي : لقد وضعه بين يدي من يثق به ،
وضعه بين يدي إرّا ، والإله إرّا ، كما
تعلمان ، هو بطل الآلهة ، و ..
الشاب : ” يرمق الشابة بنظرة سريعة ”
….
الشابة : نحن خائفان ، يا سيدتي .
الشاب : نعم ، نحن خائفان .
الشابة : ايشوم ..
الشاب : الذباح ..
الشابة : والأبطال السبعة ..
الشاب : إنهم متعطشون للدماء .
مامي : ” بنبرة مترددة ” الإله البطل إرّا ،
وليس هؤلاء ، هو الأساس .
الإلهان : ” ينظر أحدهما إلى الآخر ” ….
مامي : اطمئنا ، فأنا .. أنا .. أنا مطمئنة .
الشاب : سيدتي ، إنّ ذوي الرؤوس السوداء ،
البشر ، في مختلف المدن والقرى ،
خائفون ، خائفون جداً .
الشابة : خائفون مما حولهم ، و .. خائفون حتى
من الآلهة .
مامي : هذا هو حال ذوي الرؤوس السوداء ،
وهم خائفون من بعضهم أكثر ..
الإلهان : ” ينظران إليها صامتين ” ….
مامي : والآلهة لا تعاقبهم إلا إذا أوغلوا في
شرورهم ، ونسوا واجباتهم تجاه آلهتهم ،
التي ترعاهم وتحميهم .
الإلهان : ” يبقيان صامتين ” ….
مامي : الإله إرّا في معبد الإله مردوخ الآن ،
يهيء المعبد لعودة الإله مردوخ ، وبين
يديه القويتين الأمينتين ، يمسك رباط
الأرض والسماء .

الشابة تستدير ، وتمضي إلى
الخارج ، الشاب يستدير ويتبعها

مامي ” وحدها ” آه إرّا ، لو تعرف كم أنا خائفة
، ليت الإله مردوخ لا يطيل زيارته إلى
العالم الأسفل ، ويعود بسرعة ، فهذا
العالم أحوج ما يكون إليه الآن ، وإلا
أختل ميزان الأرض والسماء .

مامي تطرق رأسها
صامتة ، إعتام تدريجي

إظلام

المشهد السادس
الفنيون ورئيسهم منهمكون
في تنظيف تمثال مردوخ

الرئيس : ” يتوقف ويتأمل التمثال مرتاحاً ” جيد
.. جيد .
الأول : نحن نوشك أن ننتهي .
الثاني : هذا ما يريده الإله إرّا .
الأول : لكن مساعده ايشوم ، لا يريد هذا .
الثالث : عجباً ، علينا إذن أن ننتهي ، ولا ننتهي
، في نفس الوقت .
الرئيس : لنعمل ، هذه مهمتنا .
الأول : ” يعود إلى العمل ” نحن فنيون ، لنترك
الأمور الأخرى لهم ، للآلهة ، وأنصاف
الآلهة .
الثالث : نحن الفنيون أيضاً أنصاف آلهة .
الأول : لكن أمهاتنا ، على ما يبدو ، لم تنجبنا
من آلهة .
الثاني : صه ، جاء ايشوم .
الرئيس : اسكتوا رجاء ، فقد يأتي الإله إرّا في
أية لحظة .

يدخل ايشوم ، يقترب
من الفنيين ورئيسهم

الرئيس : أهلاً سيدي ايشوم .
ايشوم : ” يتأمل التمثال ” العمل يوشك أن
ينتهي .
الرئيس : سننتهي في أي وقت ، يا سيدي ، إذا
أردت .
ايشوم : يبدو أنكم تعبتم ، توقفوا .
الفنيون : ” ينظرون إلى الرئيس ” ….
الرئيس : توقفوا الآن .
الفنيون : ” يتوقفون ” ….
الرئيس : لم يبقَ من العمل إلا القليل ..
ايشوم : هذا واضح .
الرئيس : وسننتهي منه ، في وقت قصير ، إذا
أردت ، يا سيدي .
ايشوم : المهم أن العمل أنجز تقريباً ، ويمكن أن
تنتهون منه في الوقت المناسب .
الرئيس : نعم ، يا سيدي .
الأول : ” ينظر إلى المدخل ” سيدي ، جاء الإله
إرّا .
ايشوم : ” ينظر نحو المدخل ” ….
الرئيس : ” لايشوم ” سيدي ..
ايشوم : عودوا إلى العمل .
الرئيس : ” يشير للفنيين ” هيا ، بسرعة .
الفنيون : ” يعودون إلى العمل ” ….

يدخل إرّا ، فيسرع
إليه ايشوم ورئيس الفنيين

ايشوم : مولاي .
إرّا : ايشوم ..
الرئيس : مولاي ، العمل يكاد ينتهي .
إرّا : خذ فنييك ، واذهب .
الرئيس : ” مذهولاً ” مولاي .
إرّا : لقد سمعتني .
الرئيس : ” يبقى جامداً ” ….
إيشوم : مولاي ..
إرّا : أريد أن تبقى معي وحدكَ .
إيشوم : أمر مولاي .
إرّا : حالاً .
الرئيس : لكن ، يا مولاي ..
إيشوم : ” يدفع الرئيس ” هيا الآن ” يشير
للفنيين ” اخرجوا ، هيا بسرعة .

ايشوم يدفع الرئيس
والفنيين إلى الخارج

ايشوم : ” عند المدخل ” مولاي ، لقد ذهبوا .
إرّا : تعال ، يا ايشوم .
إيشوم : ” يقترب متوجساً ” ….
إرّا : تعرف إنني أرسلت أبطالي السبعة ،
الذين لا مثيل لهم ، منذ أيام عديدة ، إلى
جميع المدن ، من أقصى الجنوب ، حتى
أقصى الشمال ..
ايشوم : ” يهز رأسه متوجساً ” ….
إرّا : أرسلتهم إلى ايسن ولارسا ونيبور
واريدو ولكش واوروك وكذلك إلى نينوى
وآشور .
ايشوم : ” ينظر إليه مترقباً ” ….
إرّا : ” يغالب غضبه ” لقد عادوا جميعاً يوم
أمس .
ايشوم : آه .
إرّا : وسيأتون لمقابلتي هنا ، بعد قليل .
ايشوم : مولاي ..
إرّا : ” يحذره ” ايشوم ..
ايشوم : أنت تعرف الأبطال السبعة ..
إرّا : أبطال لا مثيل لهم ..
ايشوم : متعطشين للدم .
إرّا : إنهم أبطالي..
ايشوم : مولاي ..
إرّا : وأنتَ مساعدي ” يهز رأسه ” الذبّاح .
ايشوم : لن يقولوا لك ، يا مولاي ، إلا ما كانوا
يتمنون أن يروه .
إرّا : أنت تعرف ، كما أعرف ، أنهم لن
يجرؤا على الكذب عليّ .
ايشوم : مولاي ..
إرّا : الإله الملك مردوخ ، قبل أن يغادر
مقره ، أوكل إليّ ميثاق الأرض والسماء
، وكذلك ذوي الرؤوس السوداء .
ايشوم : ليبقَ الميثاق أمانة بين يديك الإلهيتين ،
يا مولاي .
إرّا : لن أسمح لأحد ، مهما كان ، إلهاً أو من
ذوي الرؤوس السوداء ، أن يعبث في
غياب ملك الآله ، الإله مردوخ ، ، أو
يُخلّ توازن الكون .
ايشوم : لا خلل في توازن الكون ، حتى الآن ،
يا مولاي .
إرّا : هذا ما أرجوه ، والويل لمن ..
ايشوم : مولاي ..
إرّا : هاهم الأبطال السبعة ، الذين لا مثيل
لهم ، قادمون ، فلنرَ ما وراءهم .
الأبطال السبعة يدخلون ،
ويلتفون حول الإله إرّا

الأبطال : مولاي .. مولاي .. مولاي ..
ايشوم : ” يحاول تهدئتهم ” مهلاً .. مهلاً .
إرّا : ايشوم ..
ايشوم : مولاي ..
إرّا : دع أبطالي يتكلمون .
ايشوم : ” يلوذ بالصمت ” ….
إرّا : تكلموا .
الأبطال : مولاي .. مولاي .. مولاي ..
ايشوم : تكلموا بهدوء” بصوت خافت ” حذار
ستحرقون العالم .
الأبطال : ” بأصوات متداخلة ” مولاي .. المدن
كلها .. ذوو الرؤوس السوداء .. أوروك
.. ايسن .. مولاي .. مولاي ..
إرّا : مهلاً .. مهلاً ..
الأبطال : ” يهدؤون حتى يسكتوا تماماً ” ….
إرّا : تكلموا ، تكلموا بهدوء ، الواحد بعد
الآخر .
الأبطال : أمر مولاي .
إرّا : حسن ، إنني أسمعكم .
الأول : ذوو الرؤوس السوداء .. في كلّ المدن
.. والقرى .. و ..
الثاني : في نيبور .. واور ..
الثالث : في لكش .. واوروك ..
الرابع : في كلّ المدن ..
الخامس : جنّ جنونهم ..
السادس : بعد أن عرفوا .. أن الإله مردوخ غادر
مقره ..
السابع : وأنك .. يا مولاي ..
إرّا : هذا ما توقعته .
ايشوم : ” يهز رأسه ” ….
الأول : هجروا المعابد ..
الثاني : في نيبور واور ..
الثالث : في لكش واوروك
الرابع : في كل المدن ..
الخامس : بل ونهبوا ما فيها ..
السادس : عمت الفوضى كلّ المدن ..
السابع : وراح بعضها يفتك بالبعض الآخر ..
إرّا : سأريهم من هو .. إرّا .
ايشوم : ” خائفا ” مولاي ..
إرّا : ” لا يلتفت إليه ” ….
ايشوم : تمهل ، يا مولاي .
إرّا : كلّ ما سمعته من أبطالي السبعة ،
أعرفه ، بل أعرف أكثر ..
ايشوم : ” خائفاً ” مولاي ..
إرّا : إنهم يزدرونني ” من بين أسنانه ”
الويل لهم .
ايشوم : ” يقترب منه ” مولاي ، أرجوك ..
إرّا : ابتعد عن طريقي ” من بين أسنانه ”
لقد بدأت المعركة .
ايشوم : ” يحاول أن يعترضه ” مولاي ..
إرّا : سوف أزيل سطوع الشمس ، وفي الليل
سوف أحجب وجه القمر ، من كبر في
زمن الرخاء ، سوف يدفن في زمني ،
سوف أمسح المدن ، وأحولها إلى
صحارى ، سوف أهدم الجبال ، سوف
أطيح بالبشر ، وامحوا كل كائن حي ..”
يشير للأبطال السبعة ” إلى المعركة
المنتظرة .. اتبعوني ..

يخرج الإله إرّا ، يتبعه الأبطال
السبعة ، ايشوم يتردد ثم يتبعهم

إظلام

المشهد السابع
الشاعر يقف في المقدمة ،
ووراءه شاشة عرض كبيرة

الشاعر : وكما توعد الإله الغاضب إرّا ، أزال
سطوع الشمس ” تختفي الشمس من
الشاشة ، وفي الليل ، حجب وجه القمر ”
يُحجب القمر من الشاشة ” ومسح
عشرات المدن ” المدن تتهاوى على
الشاشة ، إذ تجتاحها العواصف ” وحولها
إلى صحارى ” مناظر صحارى قاحلة
على الشاشة ” وهدم الجبال ” على
الشاشة تتهاوى الجبال ” وأطيح بسكانها
” العواصف والانهيارات الجبلية تقضي
على السكان ” وقلب البحار ” أمواج
هائلة على الشاشة ” أنليل ، أيها الإله
العظيم ، لقد قررت الطوفان ، لمعاقبة
ذوي الرؤوس السوداء البشر ، لكنهم
أنقذوا ، وعاد الرخاء ليعم العالم ، فمن
ينقذ عالم اليوم من غضب الإله إرّا ؟ ”
على الشاشة العواصف تجتاح الغابات
والحقول ” عواصف إرّا لم تراع ِ إلهاً ،
ولم تلتفت إلى مدينة مقدسة ، ها هي أور
المقدسة ” المدينة على الشاشة ” معابدها
المقدسة ” صور المعابد ” بيوتها
وشوارعها وسكانها الآمنون ” صور
البيوت والشوارع والأهالي في حياتهم
اليومية ” ضربتهم عواصف الإله إرّا ،
فهدمت المعابد والبيوت ” المعابد
والبيوت تتهدم على الشاشة ” وراحت
تفتك بسكانها ، ولم تلتفت إلى طفل أو
امرأة أو شيخ ” نرى كلّ هذا على الشاشة
” آه يا للبؤس ، عواصف الإله إرّا ،
وأعوانه المتعطشون للخراب والدمار
والدماء ، بعد أن اجتاحت اسبار واوروك
ولكش ومدن كثيرة ، ها هي تجتاح اور ،
فهدمت المدينة ، وخربت البيوت ،
واجتاحت الحظائر ، وأطاحت بالزرائب
، العواصف المشؤومة ضربت ذوي
الرؤوس السوداء ، وشلت أعمالهم ..
في هذه الأيام
العواصف تجتاح المدن وتدمرها
والشعب يصعد الأنين
وذوو الرؤوس السوداء تبددت ممتلكاته
وتساقطوا أشلاء في الطرقات المخربة
والشعب يصعد الأنين
وذوو الرؤوس السوداء
الذين كانوا يعملون في الحقول
ويعمرون المدن
بعثرتهم السيوف والخناجر والعواصف
كالهشيم
والشعب يصعد الأنين
والآباء والأمهات والأطفال
الذين قبعوا في بيوتهم
أشعلتهم النيران
والشعب يصعد الأنين
” يرتفع عويل العواصف ” هذه
العواصف القاتلة ، متى تهدأ ؟ ” يختفي
الشاعر ” .

على الشاشة ، نرى الإلهين
الشابين يتجولان في المدن المخربة

الشابة : يا للجنون ، لقد خربت معظم المدن
والقرى والحقول والغابات ..
الشاب : وذوي الرؤوس السوداء ، الذين عمروا
الأرض ، وجعلوها جنة زاهرة ، فتك بهم
دون رحمة ..
الشابة : يا للجنون .
الشاب : حتى الكائنات الحية الأخرى ،الحيوانات والنباتات ، لم تسلم من الإبادة ، أهو طوفان آخر ؟
الشابة : ” منفعلة ” إرّا ، أيها المجرم المجنون ، أأنت أيضاً إله ؟
الشاب : ” خائفاً ” ماذا !
الشابة : اللعنة عليك ، يا إرّا .
الشاب : ” ينظر إليها متردداً ” ….
الشابة : لقد هدم العالم .
الشاب : أنتِ محقة ، إنه مجنون .
الشابة : ” تنهار على صدره باكية ” اللعنة عليه ، اللعنة علية .
الشاب : ” يحضنها ” نعم ، اللعنة عليه ، يجب أن يُعاقب .
الشاب : ” تنسحب وتمسح عينيها ” ….
الشاب : ” ينظر إليها صامتا ً ” ….

يخرجان من الشاشة ،
ويقفان في الوسط

الشابة : حقاً إن هذا العالم مبنيّ على القسوة والافتراس .
الشاب : هكذا أرادته الآلهة .
الشابة : أنا لا أتمنى ، أن أكون صانعة هذا العالم .
الشاب : وكذلك أنا ، فمنظر هذا العالم يثير قرفي .
الشابة : لنهرب منه إذن ..
الشاب : ” ينظر إليها ” ….
الشابة : أريد عالماً بلا عواصف وأمراض وحروب وشيخوخة و ..
الشاب : ” يبتسم ” ….
الشابة : وبلا إرّا .
الشاب : أنتِ تريدين دلمون .
الشابة : ليكن ، أريد دلمون .
الشاب : لكن دلمون حلم .
الشابة : ” تمسك يده ” تعال معي ، تعال نهرب إلى دلمون .

الإلهان يخرجان مسرعين ،
ويد كلّمنهما في يد الآخر

الشاعر : ” يُضاء ثانية ” وتوقفت العاصفة الهوجاء ، توقف إرّ ومساعده الذبّاح ايشوم والأبطال السبعة ، الذين لا مثيل لهم ، في الفتك وسفك الدماء ، لا لأنه ملّ التدمير ، وسفك الدماء ، ولا لأنه ثاب إلى رشده ، وهدأ غضبه ، بل لأن أحد الآلهة الثانويين جاءه في قمة هياجه ، وقال له ، توقف يا ارّا بأمر من الإله مردوخ ، وتوقف إرّا مصعوقاً ، وتوقف معه على الفور مساعده الذباح ايشوم ، والأبطال السبعة ، فقال الإله ، رسول الإله مردوخ ، الإله مردوخ يريدك أن تمثل أمامه صباح الغد ، في معبد الايساجيل ببابل ” يصمت ” وكذلك الإلهان الشابن ، اللذان كانا يبحثان عن دلمون ، توقفا حين جاءهما إله ثانوي آخر ، وقال لهما ، الإله مردوخ ، يريدكما أن تمثلا أمامه صباح الغد في معبد الايساجيل ببابل ” يصمت ” ترى ماذا يريد الإله مردوخ من إرّا ومساعده الذبّاح والأبطال السبعة ؟ ثم ماذا يريد من الإلهين الشابين ؟ هذا ما لا نعرفه الآن ، فلننتظر حتى الغد .

تختفي الشاشة الكبيرة ،
وبعدها يختفي الشاعر

إظلام

المشهد الثامن
معبد الايساجيل ، الإله مردوخ
فوق قاعدته ، يدخل الكاهن العجوز

الكاهن : ” ينحني ” مولاي ..
مردوخ : ” ينظر إليه ” ….
الكاهن : الإلهان الشابان بالباب .
مردوخ : لم يأتِ إرّا وجماعته بعد .
الكاهن : نعم ، يا مولاي ، لم يأتوا .
مردوخ : سيأتون ، سيأتون قريباً ، فلا تدخل
عليّ غير إرّا ، ولينتظر مساعده الذبّاح
ايشوم ، والسبعة المتعطشون للدماء في
الخارج .
الكاهن : أمر مولاي .
مردوخ : أدخل الإلهين الشابين ، أريد أن أراهما
قبل أن يأتي إرّا وجماعته .
الكاهن : أمر مولاي ” يخرج ” .

يدخل الإلهان الشابان ،
ويقفان مترددين عند المدخل

مردوخ : ” يشير بيده ” تعالا .
الإلهان : ” يتقدمان خائفين ” ….
مردوخ : ” يحدق فيهما ” ….
الإلهان : ” يتوقفان على مسافة منه ” ….
الشاب : طاب يومك ، يا مولاي .
الشابة : طاب يومك ، يا مولاي .
مردوخ : تبدوا مضطربين وخائفين .
الشاب : رأينا الأهوال ، يا مولاي ..
الشابة : منذ أن غادرت مقامك ، في الايساجيل
، يا مولاي ، انحل رباط الأرض
والسماء ..
الشاب : واجتاحت المدن والأرياف عواصف
هوجاء..
الشابة : لم توفر حيّاً من الأحياء ..
الشاب : النباتات .. والحيوانات .. وذوي
الرؤوس السوداء ..
الشابة : طوفان .. لم يبق ِ ولم يذر ..
الشاب : لو لم تأتِ ..
مردوخ : هأنذا قد أتيت .
الإلهان : مولاي ..
مردوخ : أنتما إلهان ، والآلهة سواء كانت من
الايجيجي أو الانوناكي ، يرون ما لا يراه
الأحياء جميعاً ، وخاصة ذوي الرؤوس
السوداء ، كان عليكم أن تتماسكا ، ولا ..

يدخل الكاهن العجوز ،
ويقترب من الإله مردوخ

الكاهن : مولاي .
مردوخ : نعم .
الكاهن : جاء الإله إرّا .
مردوخ : ” للإلهين الشابين ” اذهبا ، وقفا وراء
تلك الستارة ” يشير إلى ستارة في
مؤخرة المكان ” حتى أرى إرّا ، وأنظر
في أمره .
الإلهان : سمعاً وطاعة ، يا مولاي ” يسرعان
ويتواريان وراء الستارة .
مردوخ : ” للكاهن ” إرّا لم يأتِ وحده طبعاً .
الكاهن : نعم ، يا مولاي ، جاء معه ايشوم
والأبطال السبعة .
مردوخ : ليدخل إرّا وحده .
الكاهن : ” ينحني ” أمر مولاي .
مردوخ : اذهب .
الكاهن : ” يخرج ” ….

يدخل الإله إرّ ، ويقف
متوتراً عند المدخل

مردوخ : ” يحدق فيه ” ….
إرّا : طاب صباحك ، يا مولاي .
مردوخ : اقترب ، يا إرّا .
إرّا : ” يقترب متردداً ” ….
مردوخ : تكلم ، يا إرّا .
إرّا : مولاي ، حاولت جهدي أن أنفذ ما
أمرتني به ..
مردوخ : ” يحدق فيه صامتاً ” ….
إرّا : نظفنا تمثالك ، وجعلنا التاج يسطع
كالشمس ، و ..
مردوخ : إراّ ..
إرّا : ” يصمت متوجساً ” .. ..
مردوخ : وضعت بين يديك رباط السماء
والأرض ..
إرّا : مولاي ..
مردوخ : وضعتك مكاني ، أنا الإله مردوخ ،
ملك الآلهة ..
إرّا : مولاي ، إنهم البشر ، ذوو الرؤوس
السوداء ..
مردوخ : أنت إله ، بل أنت بطل الآلهة .
إرّا : لقد جنّ جنونهم ..
مردوخ : وأنت ؟
إرّا : أردت أن أعاقبهم ، كما عاقبهم أنليل
بالطوفان .
مردوخ : وأنت كنت الطوفان .. والأمراض ..
والعواصف .. والنار .. و ..
إرّا : مولاي ..
مردوخ : مدني المقدسة .. اريدو .. واوروك ..
ونيبور .. ولكش .. ونفر .. ونينوى ..
وايسن .. ولارسا .. و ..
إرّا : ” يُطرق رأسه ” ….
مردوخ : حتى مدينتي المقدسة ، المدينة التي فيها
معبدي ، الايساجيل ، وتمثالي الذي تدعي
أنك نظفته ..
إرّا : ” ينظر إليه ” ….
مردوخ : لم توفرها ، لا أنت ولا مساعدك الذبّاح
ايشوم ، ولا الأبطال العشرة ، بئس
الأبطال السبعة هؤلاء ، وبئست أعمالكم
المجنونة المجرمة .
إرّا : مولاي ..
مردوخ : ” ينظر إليه صامتاً ” ….
إرّا : إذا كنتُ قد أخطأت ..
مردوخ : أنت لا تعرف ، يا إرّا ، أذا كنت قد
أخطأت أم لا .
إرّا : ” ينظر إليه صامتاً ” ….
مردوخ : من العار ، يا إرّا ، أن تبقى في هذا
العالم ..
إرّا : ” ينظر إليه منفعلاً متوجساً ” ….
مردوخ : وكانك ليس هنا ، في هذا العالم الجميل
الرائع ..
إرّا : ” ينظر إليه منتظراً ” ….
مردوخ : مكانك إلى جانب الإلهة ايرشكيكال ،
في العالم الأسفل .
إرّا : ” محتجاً ” مولاي ..
مردوخ : وخذ معك مساعدك الذبّاح ايشوم ،
والأبطال السبعة ، الذين لا مثيل لهم في
التخريب ، وسفك الدماء .
إرّا : ” ينظر إليه صامتاً منفعلاً ” ….
مردوخ : اذهب .

إرّا يستدير ببطء ،
ثم يمضي إلى الخارج

مردوخ : سيكون هناك مع الإلهة ايرشكيكال ،
وهذا بحد ذاته عقاب ما بعده عقاب ، فلنرَ
ماذا سيفعل ، ” ينظر إلى الستارة ” أيها
الإلهان الشابان ، تعالا .
الإلهان : ” يخرجان من وراء الستارة ” ….
مردوخ : ” يشير إليهما ” اقتربا .
الإلهان : ” يقتربان خائفين ” ….
مردوخ : لابد أنكما سمعتما ، وأنتما وراء الستارة
، ما دار بين وبين إرّا ..
الشابة : نعم ، يا مولاي .
الشاب : ” يهز رأسه ” ….
مردوخ : ورأيتما ما أنزلت به وبمساعده الذبّاح
ايشوم ، وأبطاله السبعة المتعطشين
للدماء ، من عقاب .
الشاب : مولاي ، إرّ ومساعد الذباح ، وزمرته
السبعة المتعطشين للدمار والدماء ،
عبثوا بالكون ..
الشابة : وعرضوا ذوي الرؤوس السوداء
للإبادة ، والفناء .
الشاب : وكاد يقضي على الحياة في الأرض
برمتها .
مردوخ : ” ينظر إليهما صامتاً ” ….
الإلهان : ” يصمتان ” ….
مردوخ : وأنتما ؟
الإلهان : لم نحتمل ..
الشاب : الحياة مقدسة ..
الشابة : ومقدس هو الإنسان ..
مردوخ : والآلهة ؟
الإلهان : مقدسون طبعاً .
مردوخ : مهما كانوا ..
الإلهان : ” يلوذان بالصمت ” ….
مردوخ : ومهما فعلوا ..
الإلهان : ” يبقيان صامتين ” ….
مردوخ : إرّا إله .
الشابة : ” تنظر إلى الشاب ” ….
الشاب : لكنه ، يا مولاي ..
مردوخ : لقد لعنتما إله .
الشاب : لقد خرب المدن ..
الشابة : وكاد يقضي على الحياة ..
مردوخ : لقد عاقبت إرّا ، وأرسلته إلى العالم
الأسفل ، وسيبقى فيه أبداً .
الإلهان : ” ينظران إليه صامتين ” ….
مردوخ : ولابد أن أعاقبكما أنتما أيضاً ، فللآلهة
حرمتها ، ويجب أن لا تنتهك هذه
الحرمة ، مهما كان السبب .
الإلهان يطرقان رأسيهما ،
الإله مردوخ يحدق فيهما

إظلام

النهاية
صمت ، ظلام ، يبرز
الشاعر ، في ملابس بابلية

الشاعر : المجد لمردوخ مالك الكون ، خالق
العالم ، القوي ، العادل ، الحكيم ، لقد
وضع ميثاق الأرض والسماء بين يدي
بطل الآلهة ، الإله إرّا ، لكن هذا الإله
أعماه غضبه ، ففعل ما فعل ، فحقّ عليه
القصاص العادل ، فعاقبه الإله العادل
الحكيم مردوخ وأرسله إلى العالم
الأسفل ، ليبقى فيه إلى الأبد ، لكن الإله
إرّا ، الشجاع الغضوب ، يبقى الإله إرّا ،
حتى وهو في العالم الأسفل ، فما إن دخل
على ايرشكيكال إلهة العالم الأسفل ،
حتى جذبها من شعرها ، وجرها من
العرش إلى الأرض ، فقالت منتحبة ، لا
تقتلني ، كن قريني ، ستكون أنت السيد ،
وأنا قرينتك ، وبالفعل صار إرّا ملكَ
العالم الأسفل ، وصارت ايرشكيكال
زوجة ملك العالم الأسفل ، أي زوجة
بطل الآلهة إرّا ” يصمت ” أما الإلهان
الشابان ، اللذان صدمتهما أعمال الإله إرّا
، ومساعده الذبّاح ايشوم ، وأعوانه
الأبطال السبعة ، الذين لا مثيل لهم في
القسوة وسفك الدماء ، حتى أنهما لعناه
هو ومساعده وأبطاله السبعة ، فإن الإله
مردوخ العادل ، الحكيم ، لم يسامحهما
على لعناتهما للإله إرّا ، لكنه لم يرسلهما
إلى العالم الأسفل ، بل جعل كلّ منهما
نجمة في السماء ، فجعل الإله في أقصى
الشرق ، وجعل الإلهة في أقصى الغرب
، ومكنهما من رؤية أحدهما للآخر ، لكن
قدّر لهما أن لا يلتقيا أبداً ” يصمت ” أيها
الأعزاء ، رأيتم ما فعله إرّا ، وهو إله ،
أم هو إنسان ؟ فبين البشر ، وعلى امتداد
التاريخ ، في الماضي والحاضر وحتى
في المستقبل ، ألآلاف من إرّا ، ولكن ،
ومهما يكن ، وكما قال كاتب يوناني قديم
” الحياة مليئة بالمعجزات ، لكن لا أشدّ
إعجازاً من الإنسان ” .

الشاعر ينحني ، ثم
يخرج ، إعتام تدريجي

إظلام
ستار

18 / 1 / 2016

إشارات
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ ملحمة إرّا : آخر المؤلفات البابلية ذات الطابع
الملحمي ، ألفها الكاتب كبتي ـ ايلي ـ
مردوخ ، في الثلث الأول من الألف
الأول ق . م .
2 ـ آنو : ملك الآلهة ، أولد الأرض ، ايشوم
الملقب بالذبّاح ، مساعد الإله إرَ ، وكذلك
آلهة سبعة سمّاهم السبعة ، قدمهم للإله
إرّا .
3 ـ الايجيجي : مجموع آلهة السماء .
4 ـ الانوناكي : مجموع آلهة العالم السفلي .
5 ـ الايساجيل : مقر السماء والأرض ، معبد الإله
مردوخ ، في مدينة بابل .
6 ـ دلمون : الجنة عند السومريين ، وهي في رأيهم
بلد منور ، طاهر .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| مصطفى محمد غريب : تداعيات مأزق المسرح المغلق* .

المقطع الرابع افاق موسى الساعة السادسة صباحا مثقلاً بكآبة مزدوجة ما بين الكوابيس وحالة التشرد …

| د. ميسون حنا : وكر الأفاعي.

مسرحية شخصيات المسرحية حسب الظهور على المسرح المغامر الثعبان، هو نفسه الزعيم الثعبان الثاني ثعابين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *