النصّ /
هي ستصعدُ إلى رأسهِ.
هو سيجمعُ الأيامَ ويصعدُ بالكيس إلى القمةِ .
أنا أيضاً سأصعدُ إلى رأسِ السَّنَةِ .
أحبُ الطوابقَ العليا من المُخَيِّلةِ ومباني
النسوة اللاتي يَنطحنّ بحَلَماتهنّ السَّحَاب.
فهناك الصندوقُ الأسودُ للخرائط وحركاتِ الأنجم
وثغاءِ الريح وشرائح ديك الغرام المَكْوِيّ بأشعة
جاما.
سأصعدُ فرداً من المذكر السالم ..
لأستخرجَ من آبار العام القمحَ والجنودَ
وأوراقَ التبغ والستائرَ وبعضاً من صخور العتمة.
لا أستطيعُ التَفوه بكلمة عن الوقت،
ما إذا كان عاماً أو حولاً أو كنبة للنعاس في عرض
شارع أو في مستشفى أو على ظهر لوري.
سأسأل كل مُتساوي الأضلاع من الرجال
أو انتهت به أوقاتهم بالتردد على مختبرات الأديان
وقوافل الأوبئة العسكرية.
أيضاً سأضع أمام النسوة هذا الرأس (العاموي)
السنوي (الحولووي) ،
لتحكي كلٌّ منهنّ شيئاً عن نظرات الزمن ،
ما إذا كانت ماجنة منحرفة أم نظراتٌ دافئةٌ بغيومِ
البكاء على كلّ من غادر الأعينَ على زورق مطاط،
أو فرّ من بين الأيادي فرحاً بجنازته المطرزة
بالرصاص.
أنا سأصعدُ إلى بنات نعش طيراناً
بعد أن سرقَ الرقصُ مني القدمين في الصالة
الفلكية.
لم أشأ تنظيفهما لا من الدبكة والجوبي
ولا من الجاز والتانغو.
كلّ شئ أقل من ضخامة رأس السنة الملتهب
بالسيوف والطغاة والجندرمة.
الراسُ المنتفخ بالأبواق وفستق العبيد .
المثالي بأكوام من الأصفار النائمة على فراش
الأرقام المحذوفة .
السكرانُ بأغاني الحلاج.
سأصعدُ ،
تاركاً الذيلَ خطَ سرابٍ ما بين المقبرة
وقمامة المؤرخ .
لن أنتظر الباصَ القادم من وراء الغيوم
فالجدران كثيرة.
ولن يحملَ في صناديق ركّابه شيئاً..
لا شوكولاتة بالحليب للأيتام.
ولا علب سردين للمشردين أو رقائق شيبس
للحالمين بالاسترخاء والتسلية.
لهذا ..
سأعاني من الانتظار أكثر من غودوت.
فقد تشيخُ مؤخرتي جلوساً على مصاطب
الحجر.
فلا وردةً لتدفئة الفؤاد المُتجلِّد ستصلُ باليد
أو بالبريد.
ولا ساعةً ستدقُ لنفتح للغائبين باباً
ونسقط في الحنين.
العناقُ ظلٌ يابسٌ على الجدار.
والأملُ غادرَ الأسطوانة المكسورةَ بالشاكوش .
لهذا ..
ستبقى قُبلُنا طائرةً كالفقاعات فوق الشفاه
أو على حبال غسيل الحب من الخيانات.
كما لن نجد منْ يبحث عنا في غوغل
رمزاً لذكرى.
وكل الذين في غرف الفيسبوك،
أيتامُ خيولٍ طالتْ بهم أعناقُهم كيلومترات
لملامسة هذه المُهْرة البّضّة ،
أو تلك الغزالة التي فشلتْ اليدُ بربطها
بعربة الرومانتيك المتهرئة الخشب والعجلات.
لم يَكُنْ هنا على ما أظنُ غير مآتمٍ مُعلقّةٍ
كالقلائد في الرقاب.
غير مآتم الربيع في المنازل والنصوص
والحانات والتخوت التي استنفذت شحناتها
ولم يُعِدّ الشرّج بها ينفع.
أرضٌ
كلما أقبَلتْ على دراسةِ تربة من عليها،
سرعان ما تنكمشُ،
وترمي بنا قطعاً طينيةً من موسيقى
الشيزوفرينيا،
وحتى يحرقنا الجحيمُ فَخَّاراً صِّينياً خزفياً
أو من القيشاني .
لم نكن نعلم إننا من قدامى الموتى
في مفكرة الفاتحة.
نشربُ الحليبَ الصحي،
ونلعبُ الشَّدَّة بعيداً عن شَخَبِ الدَّمِ
الهَطَّالِ من أكباد الهنود الحمر.
كل جسدٍ مَؤُونةٌ لا تُغتفرُ من حطبٍ سريع
الاشتعال.
أو صيدليةٌ من الأسى وعقاقير الخراب.
انه الزمن:
مُنكفئ على خريطة الوجه كالثعبان.
أنه الوقتُ:
زجاجةٌ فارغة من البروتوبلازما
ويجلسُ إلى الطاولة كخلايا هُلامية مُعقمة
من بؤس الجسدِ وكهولتهِ.
أن الشيخ و
لهذا..
الأيامُ الثقيلةُ ستكون كالجبال على ظهري.
التاريخُ الأحمقُ
هو الآخر سيعرقلُ خطواتي
بأوراقهِ الممزقةِ رزماً على طاولة الكون.
قدامى المغرمين بالقصصِ والأساطير،
سيركبون مع دموعهم وثيابَ عشيقاتهم المعطرة بالسحر
والزيزفون وحبر القلق.
ومع أن التوصيلات الكهربائية مقطوعة
ما بين قدمي ودمي،
إلا أنني سأرمي بمصباح علاء الدين
في الهاوية،
لينكسر العمودُ الفقري لفائض الخُسْرَان
والخَيْبات.
هكذا تذكرتُ كيف ولدتُ دون قابلةٍ قانونيةٍ
في تلك القافلة على طريق الديناميت.
صرتُ أياماً من قماش وأياماً من رِياضيّات وأياماً
من كحول وأخرى من ضرائب اللغة.
هكذا..
ومن الأيام النمرُ الوردي..
للانطلاق برقاً على أرض النصوص.
ومن الأيامِ خروفُ الأضحى..
يلازمُ القومَ حتى ظهور العيدِ أحمر من المسلخ.
ومن الأيام ثعبانُ الديالكتيك..
وكلّ ما يجعل السَّمّ وعكةً بالأنفلونزا.
ومن الأيام ماكينة سنجر ..
مقدارٌ ضئيلٌ من خياطة أحلام ٍ بالِيَةٍ.
ومن الأيام سُلّمُ المَطافئ ..
لتنظيم حَرَكةِ سَّيْر الأرواح في حرائق
الدفاتر .
ومع ذلك سأصعدُ إلى رأس السنة،
لأتَعْرفَ كيف تلعبُ الملائكةُ الدَّحلَ مع فيزيائيين،
ما زالوا يعكفون على تصحيح الخطأ ما بين السنة
الضوئية ،
وبين يوم ميلادِ الكلماتِ في خزائن
بنوكِ الرأس.
قراءة للنص خلال مدخل الرمز (الصعود) :
• رموز الصعود في النصّ :
أ- هي ستصعد إلى رأسهِ.
ب- هو سيجمع الأيام ويصعد بالكيس إلى القمة .
ت- أنا أيضاً سأصعد بالكيس إلى القمة.
ث- سأصعد فرداً من المذكر السالم.
ج- أنا سأصعد إلى بنات نعش طيراناً.
ح- ومع ذلك سأصعد إلى رأس السنة
“طالما ارتبط الخيال هكذا بالحركة ,لا بالسكون,بحركة رفرفة أجنحة الطيور وصعود بروميثيوس إلى الشمس,والحصان المجنح بيجاسوس بحركته السريعة على الأرض,وطيرانه الخاطف في السماء وهبوطه السريع منها”(1) فنجِدُ ارتباط الخيال بالصعود وفي النموذج (أ) هي إشارة لضمير الغائب , وهي :
( السنة الماضية التي انتهت) وستصعد لرأسه بمعنى : (ستكون في ذهنه) .
ونشاهد في نموذج (ب) هو إشارةٌ لضمير الغائب أيضاً سيصعدُّ للأيام لسبر أغوارها , وما فيها وما حقق وما أنجز في هذه السنة ,بمعنى: ( استعادة الذكريات واسترجاعها على مدى عام كامل ,والكيس رمز آخر للذهن لجمع الأشياء , والقمة رمز للرأس أعلى شيء في جسم الإنسان) . ثم نذهب للنموذج (ج) و(ح) فنلمحُ استخدام ضمير المتكلم “أنا” سأصعد فعل مضارع يشير إلى الآن والشروع في ذلك,نجد الضمائر (هو,هي,أنا) إشارات للآخر(هو,هي) وإشارة للذات (أنا) ,في استرجاع ما مر خلال السنة ونستطيع من خلال أحدى النصوص لبورخيس أن نرى هذه السطور من منظور آخر :
متى نلتقي نحن الثلاثة
أفي الرعد أم البرق أم تحت المطر
عندما يتوهج البرق من جديد
سيكون ثلاتنا واحداً
أي: (أنا وهو وهي) ,فحينما تعود السنة ,يتوهج البرق من جديد ويكون ثلاثتنا واحد (هي وهو وأنا ),فتنصهر الذوات في بعضها لتكونَ ذاتا مشتركة في الهدف وهو الصعود لرأس السنة. ونشير إلى عدد الأفعال المُضارعة السابقة frown رمز تعبيري أفعالٍ مُضارعة ,تُفيد الرغبة في الارتفاع خلال المستقبل ,خلال القادم ,خلال الغد, خلال هذه اللحظة لرأس السنة
والأفعال المضارعة هي : ( ستصعد,سيجمع,يصعد,سأصعد,سأصعد,سأصعد) ,فكلمة يصعد مرتبطة بالكيس,وكلمة سيجمع مرتبطة بالأيام ,فالصعود ليس من فراغ ..
“عندما نفحص حلم الطيران,يقول باشلار في كتابة “الهواء والأحلام” 2002 : “سنجد شواهد عدة على أن علم نفس الخيال لا يمكنه أن يتطور باستخدام أشكال وصور سكونية جامدة,أنه يجب أن يقوم على أشكال تكون في حالة تحول دائم,وأن أهمية كبيرة ينبغي أن تعطي لمبادئ التحول ,الخاصة بالأشكال في هذا المجال”.
وفي هذا السياق نجد التحوّل خلال اللحظة ,والانتقال لمرحلة الصعود الحُرّ ,وبنات نعش إشارة للارتفاع الشاهق الباسِق ,ونبصر كذلك ما قاله باشلار : “يكون حلم الطيران خاضعاً لجدل أو تفاعل دينامي دائم مابين الخفة والثقل,ومن ثُمّ يمكن تقسيم أحلام الطيران هنا إلى :حالات الطيران الخفيف,وحالات الطيران الثقيل,وحول هذين النوعين تتجمع كل مشاعر وانفعالات البهجة والأسى,الشعور بالحركة الحرة والشعور بالوهن,المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية,الأمل والقنوط,الخير والشر..” فالصعود يتحوّل للكشف عن أعماق النفس البشريّة ,فالكيس رمز للخفة ,وجمع الأيام رمز للثقل مما يؤدي لتفاعل دينامي شديد بين هذه القُوى المختلفة في عملية الصعود تتشابك وتتعالق فيها الطاقات والمكونات ومخزونات النفس الشاسعة وأكياس الدماغ العريضة الوارفة مترامية الأطراف والممتدة لعناق النجوم والسماء . ونلاحظ, أن باشلار قد حاول في كتابه الهواء والأحلام : ” حاول أن يؤسس ما يسمى (علم نفس الصعود) وإن هذا العلم ينبغي أن يبحث ويسعى وراء الجماليات العليا المرتبطة بالطيران,والتي ستكون لها قيمتها الجمالية بالنسبة إلى كل من يتعلق بأحلام الطيران والمجاز والخيال والفن والحياة بشكل عام”
أ- هي ستصعد إلى رأسهِ.
ب- هو سيجمع الأيام ويصعد بالكيس إلى القمة .
ت- أنا أيضاً سأصعد بالكيس إلى القمة.
وندخلُ في فحوى النصّ ,فيما بعد الصعود :
أحبُ الطوابقَ العليا من المُخَيِّلةِ ومباني
النسوة اللاتي يَنطحنّ بحَلَماتهنّ السَّحَاب.
فهناك الصندوقُ الأسودُ للخرائط وحركاتِ الأنجم
وثغاءِ الريح وشرائح ديك الغرام المَكْوِيّ بأشعة
جاما.
هُنا يشير الشاعر ولعه بالخيال ,بل الطوابق العليا منه وهي أعلى المستويات من الخيال وشدة الولع بذلك ,وحتى النسوة اللاتي يحبهنّ ليس كل النسوة بل من هن ينطحن بحلماتهنّ السحاب, اللاتي لديهن طموحٌ عالٍ ولديهنَّ خيال يجعلهنَّ ينطحن السحاب ,هن اللاتي يتمتعن بمخزون وفير من الأنوثة الورديّة المفعمة بلمسات السُحب والخيال الخصب والسحر والافتتان الذي يركض نحو الآفاق, كمثلِ : (شلال شوشون) والسحاب رمز مضاد للرمل وعدو لدود للقاع مضاد للاستهلاك والاستعمالات المجعَّدة ,فهناك نسوة ينطحن بحلماتهن الأعمدة البلاستيكيّة أو الأرصفة المصابة بالكوليرا ,فالحلمة رمز الأنوثة ,وكذلك الحلمة مصدر للوقود الممتاز ,فحينما يتصل بالسحاب يكونُ مثيراً للمغامرة والاستكشاف,فأصعد في طوابق المخلية العليا لاستكشف هذه الأشياء المحركة للمنازل العُليا من المخيلة.
فهناك الصندوقُ الأسودُ للخرائط وحركاتِ الأنجم
وثغاءِ الريح وشرائح ديك الغرام المَكْوِيّ بأشعة
جاما.
الصندوق الأسود رمز متعدَّد الدِلالات يحمل فيه أسرار وخبايا فهو مثيرٌ بشدَّة , وهو الذاكرة المشحونة بالصور والذكريات والأرشيف والفهرست ولكنّ كل ذلك في (الصندوق الأسود) وهو : رمز كذلك للقوة وعدم التأثُّر بتفجير كل ما مرَّ في العام وكل ما من حركات وركض وطيران وصعود واتساع, فحركات الأنجم تشير للمتعة والقفز الشاهق والغوص الميلودرامي في جسد الكون , وكذلك رمز لمدى الانجاز العالي , ذو القلاع العليا وليس الانجاز ذو الوجه المتهتك أو الشاحب كما أكواخ القشّ القديمة , أو الخيام المهذبة والغير مؤهلة للطيران أو أولمبياد الزمن والضوء ,والصندوق الأسود هنا كناية متعددة الأوجه ,حركات الأنجم تتجسد شدة المغامرة وأثارتها , غموضها كذلك فهي محفزة للعقل؛ لاستنشاق مزيداً من الأوكسجين نحو بنات نعش ,فهنا ثغاء الريح وشرائح ديك الغرام المكوي بأشعة جاما الذي أحرقه الهوى من شدّة الغرام أحدى حركات الأنجم ,تقابل لون قلب العاشق ولون ديك مكوي وهو اللهب والاشتعال الغرام والديك رمز للقلب , ونداءاته أشبه بالديك فصوته له دوي وشعاع ذلك الكائن الأحمر العميق والشاسع والرحب والغامض, فالعشق فيه شديد أشبه بأشعة جاما الحمراء في قوة والتأوه والحب والغرام والعشق,والاشتعال كذلك رمز الشُعلة في الأولمبياد, والتي تتسم عادة ما تمر بطرق صاخبة للغاية ووصولاً للصحن العلوي مكان الشُعلة ,الذي يتقابل مع القلب ..
سأصعدُ فرداً من المذكر السالم
لأستخرجَ من آبار العام القمحَ والجنودَ
وأوراقَ التبغ والستائرَ وبعضاً من صخور العتمة.
لا أستطيعُ التَفوه بكلمة عن الوقت،
ما إذا كان عاماً أو حولاً أو كنبة للنعاس في عرض
شارع أو في مستشفى أو على ظهر لوري.
سأسأل كل مُتساوي الأضلاع من الرجال
إن قضوا الزمن الفائت كتماثيل يلفها الغبارُ
سأصعد للطوابق العليا ,فرداً من المذكر السالم ,فهو سالم لأنه يصعد,بعكس التصحر الذي يزحف أو يكتفي بالجلوس لمشاهدة بعض الدراما للحطب الافتراضي المتصحّر ,فالقحط بالتالي غير سالم بل متوعّك ومعتل , والقمح والجنود كناية عن كل ما قمت به وأقوم بهِ , ما في المخيلة كل الأحلام الروىء ,التطلعات .. , وآبار العام رمز للمخيلة فهي بئر واسع مثل : ( سماء كوبنهاغن وهي محملة بالماء الدنمركي من الربّ) الكوابيس المراهقة والجنود؛ إشارة للحروب التي خضتها وأخوضها في الحياة في اللغة في العالم ,والتي خاضتها العراق و مع الأعدقاء في العالم في الرؤيا في التجربة في التساؤل المتواصل .. , والقمح هنا رمز الحصاد للبذور التي زرعتُها ,فهي بلاغياً ؛ اعتبار ما كان , ففي بداية السنة نزرع ,ثم بعد ذلك نحصد والحصاد المرتفع , ونستعيد من الصندوق الأسود كل الفهارس طوال العام ,أوراق التبغ والستائر وصخور العتمة تحرك الآخرون؟ أو كانوا مجرد تماثيل لا تتقدم, لا تتغير, لا تخطو, لا تشعر ولا تخطو ,ولا تصعد, لا تجرب, بل متجمدة في التاريخ ومغلفة بالانقراض, في مكانها كما لو كانت قطع رخام من الطراز السيئ , أو شيء من الآثار التي تعاني الغيبوبة والشلل الفاقع اللون, والانشطار الزمني والإقامة خارج التاريخ؟.
أو انتهت به أوقاتهم بالتردد على مختبرات الأديان
وقوافل الأوبئة العسكرية.
أو قضى السنة بالتردد الرمادي للأديان ,ذو اللون المتهتك وعمل تجارب كيميائيّة للعصور القديمة ومحاولة إيجاد التفاعلات ومدى القدرة على ابتكار قنابل شرسة بعض الشيء ,والجيش للقتال؟ هل فعلوا شيئاً حاولوا الصعود لرؤية شجرة تنمو ؟ مراجعة دفاتر الشمس؟هل لهم في آبار العام القمح والجنود؟أم التصحر والقحط العاطفي ,والتردد على مختبرات الأديان ,والمقابر هي الهاجس والمُحرك,هل حاولوا فقط عمل نسخ احتياطية من اللون الأحمر السميك المدمر لشاشات البروجكتر في السماء والأرض؟ ماذا فعلوا في هذا العام وللعالم؟.
أيضاً سأضع أمام النسوة هذا الرأس ( العاموي)
السنوي (الحولووي) ،
لتحكي كلٌّ منهنّ شيئاً عن نظرات الزمن ،
ما إذا كانت ماجنة منحرفة أم نظراتٌ دافئةٌ بغيومِ
البكاء على كلّ من غادر الأعينَ على زورق مطاط،
أو فرّ من بين الأيادي فرحاً بجنازته المطرزة
بالرصاص.
ثم يسأل الشاعر النسوة كذلك لتحكي كل منهنّ عن السيارات المطاطيّة ذات الألوان المتغايرة في العام الذي مضى , وعن الغيوم الوردية في الزمن النشيط, هل تناولن الحساء في الحدائق وفي الأيام المعتدلة الجو نسبيّاً أو أنّهنّ لم يجد مفتاحاً للأبواب المتعدّدة في الطريق, والفُراق لو حدث هل كان ايروتيكي أو بورنو غرافي أو كان فُراق سينمائي أو تراجيدي ؟
والغيوم رمز البكاء و شدة البكاء ,فالوجه يصبح شكله غائماً أشبه بغيوم معلقة في السماء فوجه الوقت حينما يقع في العشق يكونُ صافياً, و البكاء والمطر كلاهما علامتانِ للانهمار , على زورق مطاط ذلك الدرب ,وهنا إشارة للجوء كذلك والبحر المتوسط كذلك .., أو فر من بين الأيادي قتيلاً؟بفعل الإرهاب؟فالرصاص رمز القتل والدماء .
أنا سأصعدُ إلى بنات نعش طيراناً
بعد أن سرقَ الرقصُ مني القدمين في الصالة
الفلكية.
بنات نعش من أكبر الكويكبات شهرة ,وسرق الرقص القدمين ,فهو لم يعد يستخدم قدميه لأنه يطير فكأن قد تم سرقتهما
لم أشأ تنظيفهما لا من الدبكة والجوبي
ولا من الجاز والتانغو.
تنظيفهما مثنى فهو : إحالة للقدمين,لم أشأ ؛ بمعنى: ( كان بمقدوري أن لا أجرب التانغو والجاز والدبكة والجوبي ولكني خضت كل هذه التجربة ؛لأني أعشق الطيران والرقص في الفضاء الشعري عشق في الكينونة وجذع لأفعال الشاعر في الحياة)
كلّ شئ أقل من ضخامة رأس السنة الملتهب
بالسيوف والطغاة والجندرمة.
رأس السنة الملتهب فهو العربي إشارة للقصف الذي تتعرض له الدول لعربية وللعالم,فقد أصاب العالم بالدوار وتعكر المزاج للشُهب والنيازك ,فالعالم يحتفل والعالم العربي يُقصف خارجيا وداخلياً ,بالسيوف والطغاة والجندرمة ,فهل العرب يحتفلون برأس السنة وسط الجحيم؟ أو هم يسكنون جغرافية مكونة من الجحيم والجندرمة والطغاة ,حيث صاروا بلا رأس حقيقي أو دُولي قابل للاحتفال.
الرأس المنتفخ بالأبواق وفستق العبيد .
المثالي بأكوام من الأصفار النائمة على فراش
الأرقام المحذوفة .
الرأس المنتفخ بكثرة ما حوله من أبواق وأخبار مزعجة ومن الكسالى والنائمين بلا حراك ولا قيمة فهم أصفار مغلفة في هيكل العالم أو في الحائط السميك عند الحدود بين الدول.
السكرانُ بأغاني الحلاج.
سأصعدُ ،
تاركاً الذيلَ خطَ سرابٍ ما بين المقبرة
وقمامة المؤرخ .
الحلاج رمز التصوف ,ويقال : ( الهرطقة و التمرد) ,السكران بمعنى الثمل بحركة وفكر الحلاج فهي أشبه بالأغنية ,فالسكر يمتزج بالكلمات بالصعود..
تارك الذيل وهو رمز (اللعب اللاهي ) فسيترك الذيل كمثل السراب مابين المقبرة وقمامة المؤرخ, فلم أعد راغباً بالذيل لي الصعود ,فلا أحتاجه فلدي مخزون وفير من الفلزات والتقنيات على الصعود الحر, أو توليد الطاقة المُستدامة في اللُّغة .
لن أنتظر الباصَ القادم من وراء الغيوم
فالجدران كثيرة.
ولن يحملَ في صناديق ركّابه شيئاً..
لا شوكولاتة بالحليب للأيتام.
ولا علب سردين للمشردين أو رقائق شيبس
للحالمين بالاسترخاء والتسلية.
لهذا ..
سأعاني من الانتظار أكثر من غودوت.
فقد تشيخُ مؤخرتي جلوساً على مصاطب
الحجر.
فلا وردةً لتدفئة الفؤاد المُتجلِّد ستصلُ باليد
أو بالبريد.
ولا ساعةً ستدقُ لنفتح للغائبين باباً
ونسقط في الحنين.
لن أنتظر أحداً أو باص متعب بعض الشيء , سأمضي فالجدران كثيرة ,المطبات والعوائق كثيرة ,سأمضي ,لا آبه لكل التجاعيد الزمنيّة ,فأنا محترف في التحليق
لو انتظرت سأعاني من الانتظار ؛ فلا امرأة لتدفئة الفؤاد سواء بالعناق الاستراتيجي أو حتى بمجرد الحديث بالضوء ,حتى ذلك الباص حينما يجيء فلن يحمل سوى السراب ولا النوستالجيا.
العناقُ ظلٌ يابسٌ على الجدار.
والأملُ غادرَ الأسطوانة المكسورةَ بالشاكوش .
لهذا ..
ستبقى قُبلُنا طائرةً كالفقاعات فوق الشفاه
أو على حبال غسيل الحب من الخيانات.
كما لن نجد منْ يبحث عنا في غوغل
رمزاً لذكرى.
وكل الذين في غرف الفيسبوك
أيتامُ خيولٍ طالتْ بهم أعناقُهم كيلومترات
لملامسة هذه المُهْرة البّضّة ،
أو تلك الغزالة التي فشلتْ اليدُ بربطها
بعربة الرومانتيك المتهرئة الخشب والعجلات.
لم يَكُنْ هنا على ما أظنُ غير مآتمٍ مُعلقّةٍ
كالقلائد في الرقاب.
غير مآتم الربيع في المنازل والنصوص
والحانات والتخوت التي استنفذت شحناتها
ولم يُعِدّ الشرّج بها ينفع
يبدو أنه لا أمل هُنا في انتظار القوس قزح
يتحدث الشاعر عن الرومانتيك , في الفيسبوك مع عشتار المزورة نسبيّاً والمُعدلة وراثيّاً بالطب الصيني أو الحديث , وكذلك عن النصوص الاستعراضية الغرامية المتهرئة التي تشبه علب الويسكي الفارغة في شوارع نيويورك ,و التي استنفذت شحنتها وانقطعت عنها مصادر الكروم الحيّ.
أرضٌ
كلما أقبَلتْ على دراسةِ تربة من عليها،
سرعان ما تنكمشُ،
وترمي بنا قطعاً طينيةً من موسيقى
الشيزوفرينيا،
كلما عكفت على دراسة شخصية ما ولو في المثيولوجيا
سرعان ما تنكمش وترمي بنا قطع من الشيزوفرينيا ,والجحيم الصيني الخزفي ,الشيزوفرينيا رمز الانشطار ,فالعرب حياتهم شيء وأفكارهم شيء.
والتربة في رواية سائق الحرب الأعمى “كل جسد بتربة تختلف عن تربة الآخر لذلك كل حلم ينضج بموازاة ما يملك ذلك الجسد من فلزات”
وحتى يحرقنا الجحيمُ فَخَّاراً صِّينياً خزفياً
أو من القيشاني .
لم نكن نعلم إننا من قدامى الموتى
في مفكرة الفاتحة.
نشربُ الحليبَ الصحي،
ونلعبُ الشَّدَّة بعيداً عن شَخَبِ الدَّمِ
الهَطَّالِ من أكباد الهنود الحمر.
بمعنى أنهم بعيدون عن الثورة, وعن العالم وعما يجري فهم متفرغون للعب الشدة وشرب الحليب الصحي ..
كل جسدٍ مَؤُونةٌ لا تُغتفرُ من حطبٍ سريع
الاشتعال.
أو صيدليةٌ من الأسى وعقاقير الخراب.
كل جسد مؤونة أو صيدلية إشارة للروح والنفس ,فهو يجمع في روحه الأسى والخراب كعلاج ,فقد توعك كل شيء من الحروب والدمار والاحتباس الحراري حيث يعالج الأسى بالأسى والخراب بالخراب ,هو نفسه أصبح خراباً ,من حطب مؤؤنة بمعنى مخزون هائل من المشاعر والأحاسيس والذكريات والمنافي والحروب والنسيان فهو سريع الغضب والاشتعال كون تلك المواد المؤن, غضب أحمر يشعل الحرائق في تلك المؤن الافتراضية , فتشتعل تباعاً وكيف تغتفر أو يغفر الجسد وقد انتشرت الحرائق بسرعة البرق ,ثم يعلل ذلك:
انه الزمن
مُنكفئ على خريطة الوجه كالثعبان.
الزمن وما يحمله على الوجه ,من آثار وتجاعيد ومتغيرات, في النسخ الاحتياطية للبشرة ,فهو أشبه بثعبان يلتف متغير الألوان ومتشبث بقوة كذلك التجاعيد متشبه بالوجه وتحكم القبضة..
أنه الوقتُ:
زجاجةٌ فارغة من البروتوبلازما
الوقت زجاجة فارغة من البروتوبلازما
ويجلسُ إلى الطاولة كخلايا هُلامية مُعقمة
من بؤس الجسدِ وكهولتهِ.
أن الوقت السميك , أشبه بزجاجة فارغة من البروتوبلازما لذا يجلس لخلايا هلامية معقمة من بؤس الجسد وكهولته.
إلى الطاولة رمز الكتابة لذلك هو لديه مناعة من بؤس الجسد ومن الكهولة,لكن ذلك شاق أيضاً,فماذا يفعل
ويدرك تبعات ذلك
لهذا..
الأيامُ الثقيلةُ ستكون كالجبال على ظهري.
التاريخُ الأحمقُ
هو الآخر سيعرقلُ خطواتي
هنا التاريخ العربي المزور والأحمق الذي لا يميز سيحاول أن يعرقل خطواتي رغم كل ذلك
بأوراقهِ الممزقةِ رزماً على طاولة الكون.
كيف سيحاول أن يعرقل خطواتي؟
الطاولة التي أجلس عليها هي طاولة الكون فهي شاسعة وهي كذلك رمز للمخيلة,ولكن هناك أوراق ممزقة متطايرة رزماً تحاول العرقلة
قدامى المغرمين بالقصصِ والأساطير،
وهنا إشارة لهذه الرزم
قدامى المغرمين بالقصص والأساطير
ثم يصفهم
سيركبون مع دموعهم وثيابَ عشيقاتهم المعطرة بالسحر
والزيزفون وحبر القلق.
ومع أن التوصيلات الكهربائية مقطوعة
ما بين قدمي ودمي،
إلا أنني سأرمي بمصباح علاء الدين
في الهاوية،
ليس لدي ما أخسره ,فأنا أشبه بالانفجار
لينكسر العمودُ الفقري لفائض الخُسْرَان
والخَيْبات.
لم أتكئ على عامودي الفقري ولا على القوافي والأوزان ,لست وليد الأعمدة كلي أعيش خارج الأعمدة
هكذا تذكرتُ كيف ولدتُ دون قابلةٍ قانونيةٍ
في تلك القافلة على طريق الديناميت.
ولادتي الشعرية كانت مثل انفجار في طرف الكون
لم أولد على طريقة القوافل أو” الدجاج المهذّب” .
لذا على كل حالٍ سأواصل الطيران ,ولكن
صرتُ أياماً من قماش وأياماً من رِياضيّات وأياماً
من كحول وأخرى من ضرائب اللغة.
أربعةُ أشياءٍ أساسية صرت إليها : اللغة و الكحول و الرياضيات و القماش وهي : رموز ممتلئة بالديناميت ..
هكذا..
ومن الأيام النمرُ الوردي..
للانطلاق برقاً على أرض النصوص.
مثل النمر المحترف أسرع كالبرق على أرض النصوص
ومن الأيامِ خروفُ الأضحى..
يلازمُ القومَ حتى ظهور العيدِ أحمر من المسلخ.
العيد الأضحى عند العرب أحمر,بعض من القماش الأحمر
ومن الأيام ثعبانُ الديالكتيك..
وكلّ ما يجعل السَّمّ وعكةً بالأنفلونزا.
كذلك هُناك للأيام الرياضيات ,والأنفلونزا والكحول
ومن الأيام ماكينة سنجر ..
مقدارٌ ضئيلٌ من خياطة أحلام ٍ بالِيَةٍ.
القماش هُنا يحضر ,فهو رمز الأمل الباقي لخياطة الأحلام
ومن الأيام سُلّمُ المَطافئ ..
لتنظيم حَرَكةِ سَّيْر الأرواح في حرائق
الدفاتر .
وهنا حضَّر الرياضيات والحسابات والدفاتر ,فنلمحُ
استعراض للأيام في رأس السنة , وهذا ارتداد نجد التساؤل في بداية النص يرتدُّ في نهاية النص للإجابة , وهنا في نهاية النص يستعرض الشاعر أيامه
ومع ذلك سأصعدُ إلى رأس السنة،
لأتَعْرفَ كيف تلعبُ الملائكةُ الدَّحلَ مع فيزيائيين،
ما زالوا يعكفون على تصحيح الخطأ ما بين السنة
الضوئية ،
وبين يوم ميلادِ الكلماتِ في خزائن
بنوكِ الرأس.
الاستنتاج /
لقد تعالقت الكلمات وتلاحمت الأجزاء الميلودراميّة في النص وتشابكت,فهي أشبه بديناميت قابل للانفجار في أي لحظة وليس كذلك فحسب أنّما الانفجار بالغ التطوَّر والاستحداث ,محترف للطيران والتحليق ,مشكَّل خيميائي للمفردات ,ساحرٌ لغوي مثير للشغب في اللغة ,مشاكس في العالم والأشياء والتجربة,مفكّر في الاستفهامات والأسئلة ,ممثّل سينمائي بارع في الطوابق العُليا ,كلمات ملتهبة تتلاقى وتتضادّ لتشكّل نّصّاً من الطراز العالمي ,فالجبوري أشبه بالعصر لذلك قصائده شاسعة ,وصادق حينما قال :
( الشعر هو الجذع لكل فعل أقوم به في حياتي).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع والمصادر :
1- ألبرتغو مانغويل “مع بورخيس” ط1,دار الساقي,2015.
2- شاكر عبد الحميد “الخيال” ط1,عالم المعرفة,فبراير200