
إشارة :
مع بدء أسرة موقع الناقد العراقي بنشر أولى حلقات هذا الملف عن المبدع الكبير الشاعر عيسى حسن الياسري، وصلتنا هذه الكلمات الدافئة المُشرّفة منه، و التي كرّم بها أسرة الموقع وجهودها. وإذ ننشر هذه الكلمات الرائعة، وحسب طلب الأستاذ الياسري، فنحن نعبّر في الوقت نفسه عن اعتزازنا الكبير بقامته الإبداعية الهائلة ، ويترسخ شعورنا بأننا على الطريق الصحيح في خدمة الإبداع العراقي .
الشهادة المُشرّفة :
والله بكيت .. كان غبار الثلج الذي تحمله الريح القطبية هذا الصباح .. يرشق زجاج النافذة .. بقسوة صاحب بيت يهدد مؤجره بإخلائه .. ما دام ليس هناك من يطرق بابه .. أو يسمر معه .. أو يصحبه في جولة المساء عبر الشوارع المضاءة .. بكيت .. والله بكيت ..وأنا أفتح بريدي الموحش إلا من إطلالات بعيدة لأصدقاء متعبين ..كنت أشعر أنني كائن خلع قميص الحياة .. ووضع يده بيد النسيان اللزجة .. لتأخذه بعيدا عن مائدة الحضور .. ومن بين كل ّ أشجار غابة الأصدقاء الموغلين بغيابهم .. يطالعني وجه الأستاذ والمعلم والأب الروحي – د. حسين سرمك حسن – كفنار يومئ لزورق تائه ليدله على مرسى العائلة والأصدقاء والأرض التي يحب .. هذا المربي الكبير .. الذي ظل يتحسس اغترابي الروحي .. الإغتراب الذي رافقني وأنا أجلس في حجر الوطن .. وأنا على مقربة من موقد العائلة .. وانا أعبر مسافة أكثر من عشرين الف ميلا .. وأنا أرافق عزلة امتدت لسبع عشرة سنة تبدو أمامها سني – يوسف الصديق – باذخة الرخاء .. لقد جاءني صوت هذا المربي .. وهو يسحبني بعيدا عن مخالب الوحشة .. ليقول لي .. تعال معي لتراك .. وترى أين تقف .. ورأيتني .. رأيتني واقفا على منصة – الناقد العراقي – .. محاطا ً بدفئك يا استاذي .. ياحسين سرمك حسن .. أيها القنديل والمسلة العراقية .. التي لا تسمح لليل أن يدثر أبناءها بغبشه الثقيل .. لك السلام يا أبانا .. أيها القلب الذي يغمرنا دائما بنعمة السلام .. لك السلام ياصوت الحرية والمحبة .. يامن تضيئنا كلما أعتمنا .
عيسى حسن الياسري