من المتعارف عليه علمياً ,إن حالة الإنعكاس والتي نراها في مشاهداتنا اليومية ,ماهي إلا حالة سقوط الضوء على السطح الصقيل ,فيرتد ذلك الإشعاع في أعيننا ونبصره في مسطحات الماء -كمثال ذلك- حاله حال الصدى الناتج عن إرتطام الصوت وإرتداده في مسامعنا,فالفرق بينهما هو أن الإنعكاس ناتج عن إشعاع,والصدى عن إرتطام ,فكلاهما إرتداد –الأول ساكن منشؤه الضوء – الثاني متحرك مرده الصوت, لحاستي البصر /السمع, فلهذا تاويل متشابك مع لقاء العشاق اللذين يتبادلون الحوار سمعاً وبصراً، فـ إنعكاس حالة تمر بالمخيلة لونياً بالبياض ، الخفة ، الشفافية ، لذا تدخل في صفة العشق بالتبادل –الحوار –المناغاة ، وغيرها من كنهة الإستنطاق :
…وقالت الزهرة للبلبل
قرب…
ترَ الأنجم في الجدول
لقد أطل الموعد
إن النقاط المستهلة بالقصيدة ….هي كلام محذوف وقد رسمت بمعيار هندسي هدفه تنشيط وتكثيف اللغة وإعطائها زخماً من التشديد الصوتي ,لهذا كان تكملة البيت لحوار الزهرة والتي سبقها البلبل بالقول:لإكمال الحوار بإنسيابية مباشرة وإستقرت بعد خلخلة وتأرجح فني معماري في البدء ،وهذه هي إبتكارية رصدها الشاعرفي مخياله عسى إن يتوقف عندها المتلقي برهة ويحاور نفسه ،لِمَ كان بناؤها هكذا ؟!… :
ها أنا …
ألمس كف العاشق الجمل
الشمس
والأمواج
كل الندى
مواسم البوح في منزلي
إن الدنو من الساحل حان في رؤية الأنجم في الجدول ؛ فالوقت الليل / الموعد محبب للقاء خفي, فالموعد قد إكتمل في إشارة بدء اللقاء – كف العاشق المموه, وما تسربت منه عواطف مخملية رقيقة – الشمس – الأمواج – الندى – مفردات مضيئة تتناور مع حالة الإنعكاس ذاتياً ،ومن مكملات لقاء العُشق- هذا الحوار المفتوح بالبوح على كائنات متعاشقة روحياً بتبادل المنفعة:
وتمتم البلبل :ـــ
يازهرتي
يا ألف هذا الفرح المقبل
نحن على موعدنا الأول
نحن على موعدنا الأول
لم يظهر الإرتداد إلا في هذا المقطع الذي وُظف من أجل إستبدال حالة العشق الحقة بقرينه – البلبل فالزهرة ذاك التشبيه الجميل والمعروف عند أهل الهوى بصدق الروح- والتاكيد على الموعد الأول – دلالة الصدق في موعد لم يكتمل بعد ,إلا في ذهنية عشاق المملكة المفعمة بمودة خالصة.
كركوك -2-1-2014.
عدنان أبو أندلس : حوارية الإرتداد في مملكة العاشق قصيدة – إنعكاس – للشاعر عبدالإله الصائغ.
تعليقات الفيسبوك