أسعد الجبوري : الممحاة ؛ الفردوس الأحمر

asaad 2على متن الريح

دون كيشوت: هل كان الكيس ثقيلاً يا سانشو؟
سانشو: لا بأس. كان العام الفائت ثقيلاً وأكثر.ولكن حماري تحملهُ يا سيدي الدون .
دون كيشوت: وهل لك أن تخبرني بمعنى أن تحمل عاماً بكيس يا سانشو؟أية حكمة من وراء ذلك؟
سانشو: لو حملتُ العامَ يوماً يوماً،لثقلت علىّ الدماءُ والحطامُ والجثث والأنقاض.فلكل يوم أكثر من حدث وتاريخ وسيف وقذيفة وظلام.
دون كيشوت: أن تحمل يا سانشو الأنقاض والجثث والسيوف بأكياس،فذلك معقول.ولكن تمكنت من حمل الظلام بكيس؟ هل أصبحت سريالياً أيها المعتوه؟!!
سانشو: ذلك كان أمراً بسيطاً يا سيدي الدون.

دون كيشوت: كيف كان الأمر بسيطاً ،ولم يترك لك الزمانُ فرصة إلا أن تكون مزدحماً بكل هذا الهول من الرعب والجرائم؟!!
سانشو: لأن كل من حملتهم على ظهر حماري من عام 2015 كانوا من الملقحين بالظلام.بمعنى أنهم ذهبوا إلى المدافن بكامل اللقاحات .

دون كيشوت: من أين تعلمت كل هذا الحذق يا سانشو ؟
سانشو: منك يا سيدي الدون ومن هذا الحمار.فأنتما الاثنان مصدر ما خبرته من علم ومعين ما درستهُ من فن .

دون كيشوت: أنها تزكية .شهادة أعتز بها في زمن لا تستطيعُ فيه أعظم جامعات العصر أن تنمح شخصاً شهادة حُسن سلوك ،تعبيراً عن عدم المشاركة بالحروب أو بالخراب.
سانشو: ولكنك شارك بالحرب يا سيدي الدون!

دون كيشوت: كيف ؟ومتى اشتركت أنا بحرب من هذي الحروب ؟هل بدأت تخرفُ؟؟
سانشو:عليك أن تسأل هذا الرمح الذي كاد ينبري بقبضتك،لتعرف يا سيدي الدون.اسعد 10

دون كيشوت: هذا الرمحُ ما يزال نظيفاً يا سانشو.
سانشو: لأنه بقي نظيفاً،فهذا يعني أنك لم تخض حرباً ضد البرابرة .وتلك جريمة يا سيدي الدون.أن لا تقف بوجه القتلة،يعني أنك تشارك بهدم البلدان على رؤوس سكانها ليس إلا !

دون كيشوت: ويلك أيها السانشوي الوقح.والله لأجعل من لسانك سجادة تمتد تحت أقدام الغزاة والبرابرة والإرهابيين حتى أن تقول العكس.
سانشو: سأعتبر نفسي شهيداً .وهذا أفضل من أن أكون تابعاً لك، أنا وحماري العصملي هذا إلى يوم القيامة.

دون كيشوت: ولكن سأدق لك عنقك وفقاً للشريعة أولاً. بعد ذلك يمكنك أن تحمل رأسك وتمضي إلى البلاد التي ترغب بالرحيل إليها.
سانشو: أن يحمل الميتُ رأسه المقطوع ،ويمشي إلى بيته،فتلك هي الفلسفة التي عهدتها عندك يا سيدي الدون.فقتلى حرية التعبير،عادة ما لا ينامون في المقابر.

آبار النصوص

س/أخبرَها: كثيراً ما مررتِ ببصرهِ الأبيض يا امرأة.
ج/لا تسمع إليه . فهو سيقولُ أيضا رأى أرضي بجمالها الأعمى !
س/لكن حكمته كانت في المطر واللمس والكتابة والعراء.
ج /أدركُ ذلك. وربما بالصعود مشياً في ممرات اللحوم.
س/ لا . لم يبق من شهوته المرقطة سوى العظام الشاحبة.
ج/هكذا طقوس الشغوفين ..عندما تضيقُ بهم رغباتهم .ويتشتتون في البرّ الإلهي بعيداً عن معاجم الإناث .
س/لم يقضِ عليه البردُ ، لم يقفل على دمهِ. وما زال رادارهُ يترصدُ الرياحَ دون غمد .
ج/وأعرفهُ أيضاُ .. بئراً في ساعةٍ.
س/ لا . بل صورة توشكُ بولادات.
غرفة للغرائز

لا يمكن التعايش مع نصّ فارغ ،يملؤه السكونُ المهذبُُ.كما لا نعتقد بصحة وجود الشعر جسماً مُلبداً بالأسى.مضخماً كجثة متروكة في العراء، أو مُفترساً مثل وحش لا يمكن السيطرة عليه.
القارئ القادم من عوالم الكلمات المتقاطعة والسرد الإنشائي وبساطة المناهج الدراسية،وثقافة المقاهي،لا يمكن اعتباره مخلوقاً متعايشاً بشكل حسن أو طيب مع نصوص أشقت كواهل مؤلفيها وشعرائها سنوات من الجهد المعرفي ،وصولاً إلى شجرة اللغة المثمرة.
الشعر ليس شركة استثمارية،تلبي رغبة هذا القارئ أو ذاك،ليكون شريكاً في التصنيع أو في الريع وأرقام الدخل.بالعكس.الشاعر الذي يهيمن على اللغة بطاقاته التصويرية،يفتحُ أمام القارئ باب الفردوس الأحمر :فادخلْ و تَلَذَّذْ بموسيقى التانغو ،عندما ترى الكلماتَ رقصاً مع النار.
بنك الخيال

الطَّائِرَاتُ في الهواءِ،
مُعَلَّباتٌ شِعريةٌ بطَعِم الخَوف.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم عبدالله : كلّما ناديتكِ تجرّحتْ حنجرتي.

مُذ أول هجرة إليكِ وأنا أفقدُ دموعي زخّةً إثرَ زخّة أيتُها القصيدة الخديجة الباهتة المشاعر …

| آمال عوّاد رضوان : حَنَان تُلَمِّعُ الْأَحْذِيَة؟.

     مَا أَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا الْيَقِظَتَانِ سَوَادَ حِذَائِهِ اللَّامِعِ، حَتَّى غَمَرَتْهَا مَوْجَةُ ذِكْرَيَاتٍ هَادِرَة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *