ناهدة حمادة : المرأة .. بين الأساطير اللاهوتية وهالة المقدس

naheda hamadaحين أتناول ثقافة الأساطير السومرية لا يعني ان لا وجود للبناء اللاهوتي من مراحل تفكير الانسان في بقاع اخرى من ارجاء المعمورة .. ولكن لوضوح القراءة المرحلية لتطور الفكر الإنساني مثلما ورد في الدراسة التحليلية للفيلسوف “أوغست كنت” حيث اعتبر اللاهوتية مرحلة التفكير الإنساني الاولى وبذلك فان السومريون بتعدد آلهتهم جاء للمرأة والفن والخصب والنماء وضوح الانتماء لتلك الآلهة.
وبدراسة مبسطة ان الانسان السومري في بلاد وادي الرافدين جعل من المرأة والجمال والفن مركز تعبدي للآلهة التي من ورائها يدلل ان هناك رقيا فكريا لا صراع مثلما نجده الان في الشرق وسط خضم صدام الحضارات وسيطرة كهنوت الأديان على المشهد مما جعل غياب الرؤيا الانسانية وتوالد النظرة الدونية بين صراع الثقافات ومتبنيات الأديان ورجال السلطة الاجتماعية الدينية الذين ينظرون للمرأة جسدا وعورة.
ولو تتبعنا الأسطورة السومرية في خلق المرأة من ضلع الرجل كما اوردها فراس السواح عن الأساطير السومرية في كتابه نقتبس منه:
“في هذا الفردوس، كان يعيش إنكى إله الماء العظيم، وزوجته ننخرساج الأرض – الأم، كما عاش في الفردوس التوراتي فيما بعد آدم وحواء .. ثم أن ننخرساج تقوم بخلق ثمانية أنواع من النباتات العجيبة. وقبل أن تفرح بعملها، يرسل إنكى رسوله “يسمند ” الذي يقطف له تلك النباتات فيأكلها جميعًا.. وما أن تعلم الخالقة بذلك، حتى تغضب غضبًا شديدًا، وترسل على إنكى لعنة مقيمة: إلى أن يوافيك الموت، لن أنظر إليك بعين الحياة.. أما أنكى فتشتد عليه الأمراض وتهاجمه ثمانية علل بعدد النباتات التي أكلها وأخذ ينهار تدريجيًا. وأخيرًا ينقذ الثعلب الموقف عندما يتطوع للبحث عن ننخرساج ويجدها في النهاية، وتخضع ننخرساج لمشيئة الآلهة وتقوم بشفاء إنكى عن طريق خلق ثمانية آلهة. كل إله يختص بشفاء أحد أعضاء إنكى العليلة:
– ننخرساج: ما الذي يوجعك يا أخي؟
– إنكى: إن فكى هو الذي يوجعني.
– ننخرساج: لقد أوجدت لك الإله ننتول.
– ننخرساج: ما الذي يوجعك يا أخي؟
– إنكى: إن ضرسي هو الذي يوجعني.
– ننخرساج: لقد أوجدت من أجلك الإله ننسوتو.
وهكذا يتابع تعداد أوجاعه، وتتابع ننخرساج خلق آلهة الشفاء من أجله.
إلى أن يصل إلى ضلعه:
– ننخرساج: ما الذي يوجعك يا أخي؟
– إنكى: إن ضلعي هو الذي يؤلمني.
– ننخرساج: لقد أوجدت من أجلك الإلهة ننتى.. وعلى هذا يكون اسم الإلهة “ننتى ” يعنى سيدة الضلع أو السيدة التي تحيى.. وهذه السيدة شبيهة بحواء التوراة التي أُخذت من ضلع آدم فهي سيدة الضلع وهي حواء بمعنى التي تحيى”
اما السيد القمني … فقد ذهب بأسطورة انكي حين مرض ضلعه وانتزع ذلك الضلع المريض لتخلق منه سيدة الضلع “نن تي” اول امراة في البشرية وبذلك يمكن القول ان انكي هو آدم الاول كما جاء في الموروث الثقافي للغة الأديان لاحقا.
فباتت أسطورة الضلع مكررة منذ الازل بدءا ب انكي وضلعه المعوج كما جاء في الأساطير السومرية ثم تلتها قصص الأنبياء في الأديان المتلاحقة كما جاء في الفردوس التوراتي والعهد القديم والجديد، بل وحتى الاسلام كما ورد في قصص الأنبياء.
ومضة:
“المرأة لا تُولد امرأة وإنما تُصبح امرأة”
سيمون دي بوفوار

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| أحمد خيري : الكتابة وفضيلة أن نكون اجتماعيين “قراءة في كتاب اعترافات بلا كمامات” .

قد يكرّس المثقّف موهبته لحملِ رسالةٍ ما، أو تمثيلِ وجهة نظرٍ ما، أو موقفٍ ما، …

| عبد الرضا حمد جاسم : الاحتلال الأمريكي للخليج و الجزيرة العربية 1/4 .

مقدمـــــــــــــــــــة: ونحن في أيام ذكرى الهجمة الامريكية الصهيونية العربية لتدمير العراق و من ثم احتلاله …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *