عدنان أبو أندلس : محاكاة الموت الطوعي بقناعة الشاعر كورش قادر في قصيدة – حُلُمْ

adnan abo andalos 2حين ترديد مفردة “حُلُمْ ” لمرات عدة وبتكرار متواصل ،يتوالد منها نغماً تتعاشق حروفها معاً ، فتلحق نهاياتها بالبدايات فما يسمعُ منهما غير تبدلات لفظية تصار ربما إلى لامعنى ؛ وهكذا يسمع منها عدة ألفاظ مختلفة – فـ الحلم – كما هو معروف – رؤيا مصاحبة للنفس بشعور مطلق أثناء النوم – بلا وعي .أما الأخرى فهي – حلم اليقظة – بـ وعي كامل – تأمل خيالي وإسترسال في رؤى نفسية لتحقيق اماني –آمال غير مشبعة برغبات لم تتحقق ، بهذا النص الحلمي الغائر بأماني غير محققة كان يتمناها الشاعر المتمرد والذي اغمض عينيهِ طواعية وقناعة تامة – من تلقاء نفسهِ ، حيث أنهُ كان رغم ذلك ؛ جديرٌ العيش بهذه الحياة! . :
حُلمْ
نصفُ إغماضةٍ
تكفي لإيقاظ الحرب
عندما يغدو التمييزُ
بين حروفِ الحلم
وأحشاء الرأس
ثرثرة ٌ مؤلمة ٌ
ومهاترة ٌ مشوّهة َ الظلِّ
لا تمت ُّ بصلة ٍ للضوء
فعلاً ما كان يتوقعهُ قد يحدث يوماً ما ، فـ إغماضة العين – تأتي من ورائها كارثة بتخطيط لـ غزو – هجوم –تداعيات كارثة ،تدور في المخيلة فلا حاجز لها من الصدّ ، هو والمصيبة والتخطيط فقط ! ومن المقارنة التي وظفها بين متن النص – حروف الحلم – ح- ل – م = قد ننسجها فتكون حلاً لم يحدث ، أما أحشاء الرأس – ش- ر = شّر –هذا التضاد جُمع وكيف جُمع ؟!.. في نصف إغماضة –ومن تبعات الثانية –التهور – العجلة – الثرثرة – المهاترة – المشوهه وغيرها من ادوات الإندفاع السلبي للمهمة التي تخيلها في اللحظة ، أما المستحضرات الإيجابية في الحلم –العين – رؤيا – سكون – ضوء – مرايا – إستواء –أمل – حياة . تمثل السلبية = korash kaderالموت – فـ الإيجابية = الحياة :
ما كان لكَ أن تُقحِمَ العينَ
في محاجر الموتى
وتضفرُ الخطى حبلاً
لشنق النهار
استدار السكونُ في استواء المرايا
مستبدّاً بالحب ِّ يقتفي أثر الموت
مجدٌ مُشيّدٌ وفتات
بهاءٌ وهباءٌ
بدءاً ؛ تحذير إنبرى بهِ عتب، ولو لحظة نصف إغماضة بعينٍ ،كان من ورائها متخيل يود الإمساك بشيءٍ عصي – إستمكان المستحيل – ضفر الخطى – شنق النهار – تداعيات لحظة التأمل تبث في إستكانتها الروح نوعاً من التخبط في تحقيق مالايمكن تحقيقهُ! … إستقصاء غامض –هذه الإستحضارات التي تشيد أساس اللحظة العابرة – المتخيلة – ربما إنتشاء إلى ضفة أُخرى من الحياة – الموت الطوعي – العبور الحر – هو بالغهُ لامحال فـ الموت هو الحتمية المستدلة بهذه الروحية الطليقة والتي مابرحت تهذي بالفراق أو الخلاص من الحياة ، من بين هذه المتناقضات المنوه عنها سلفاً – هي فتات – هباء – مجد – بهاء …. المرصعة بخفة لفظ وهشاشة معنى :
هو الحلمُ ائتلافٌ شائكٌ لصورةٍ وعرة،
بعينيه الراسختين ِ بعينيك ِ،
تُراكَ ما أنت َ؟
من هو الكائن الجدير بالحياة ؟
إن رحلة إغماضة عين تعني الكثير ، ربما هي محاكاة الموت عن جدارة في رحلة تخيلية – حالة يقظة – فكرة حالمة تؤدي إلى العبور إلى ضفة أخرى من الحياة . رغم إئتلاف الحُلمْ مع دفقة شعرية عابرة ،لكنها ممسكة بخيط التحول المفاجىء لحظتها ، مما يوعز للرائي أن يحدّق بكلتا العينين الراسختين بنظر دائم ، لكن لمجهولية المعني بإستفهامية حادّة ،حولت أو قُل أُجلت لحين نضوج الفكرة النهائية الباتة في الرسوخ ،يعني إضفاء حالة عدم الدراية للقادم أولاً في مهمة صعبة للغاية .
19-12-2015 .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| جمعة الجباري : قراءة الدلالات الشعرية عند الشاعر صلاح حمه امين في ديوانه “عقارب الساعة التاسعة”.

* صلاح الدين محمد أمين علي البرزنجي المعروف بالاسم الحركي صلاح حمه أمين،  شاعر وفنان …

| اسماعيل ابراهيم عبد : على هامش ذاكرة جمال جاسم امين في الحرب والثقافة – تحايثاً بموازاة عرضه .

الكاتب جمال جاسم أمين معروف بين المثقفين العراقيين باتساع نتاجه وتنوعه كمّاً وجودة , فضلاً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *