في واحدة من الروايات الجديدة تمتثل الخطوات المتصاعدة للروي الى النحت الصوري للموسيقى آخذة بنموذج وجودي مستعاد ومتصل ومتواصل على مدى اربعين عاما.. رواية تحاول إحتواء التأريخ من خلال التطور الزمني لإمرأة في مكتبة , ومكتبة عند إمرأة . هي موضع في اللاوعي الإجتماعي المنسل نحو الوعي الإنساني العالمي .. استحكم الكاتب عدنان القره غولي الى مونتاج مسحوب من وعي الموسيقى الى الوعي الروائي. وقد أشرك قوى التغير الاقتصادي , وما لحقه من تغير إجتماعي , ثم ما تبع هذا من تغير سياسي , وما أستجلب من تغير ذوقي .. اشرك قوى التغيير مع مسبباتها ليحصل على التغير الساحق في مجرى الفن , مرموزاً له بالموسيقى والكتب والطراز المعماري . الرواية أحدثت شرخاً ثقافياً في المنظومة الروائية التقليدية عندما توجهت بسردها على وفق مناول للتناصات الثقافية الحذرة , بين المصادر الثقافية الآتية / : ــ ” القداس الجنائزي لموزار , الموسيقى الغربية الحديثة , بعض الأغاني الأجنبية , بعض المقطوعات الغنائية العراقية التراثية , الأرض اليباب لأليوت , المثيولجيا الوجودية في يولسيسز لجيمس جويس , مائة عام من العزلة لماركيز …” ولعلي سأفسر هذا الإتجاه على وفق مناول ثقافية خاصة بالفرائض القرائنية وهي / ـ الثبائت المادية (و) المحتويات القرائنية . أولا : الثبائت المادية إن نسج الحكاية وتوجيهها جهة غايات لواقعة (ما) , يعني أن قرائن الآليات الرئيسة والمساعدة والافكار المستحدثة تتعاضد لترتيب جزئيات مؤطرة لها , لامّة وحافظة , شبه ثابتة , يتراوح وجودها في رواية ” الضفاف السعيدة ” بين موجودات عمرانية وموجودات بيئية أخرى , وموجودات تحفية ـ شبه مادية ” افكار عن اشكال” . الموجودات أعلاه توجّه الرواية لقول وترشيح القضايا الآتية / * ان المكان فعل مترسب عن الزمان . * ان الثوابت مصادر ثقافية حيوية وليست جُدُرا أوشواخصا . * ان البشر مصاغات ظروف معقولة , مُظْهَرَة ومجهولة . * ان المحتوى المادي لأدوات القص أدوات لمصاغات وقائع تأريخية متخيلة. * التأريخ السياسي ليس مظهرا بقدر كونه جوهراً مكتسباً عن جملة فواعل وعوامل حتمته . سيكون ناتج هذه المنظومة محدداً بـ / 1ـ الكيانات التجسيدية لعل الاسماء هي أكثر الكيانات اللغوية تجسيداً لدلالات الفعل الحدثي من جانبيه , المكان والتدوين . المسميات المكانية التجسيدية في الرواية تأخذ التصنيفات الآتية : (الأفراد , الأماكن , الاشياء , العمران والفنون , الموسيقى ) . إما المسميات التدوينية فهي تحتوي على : (مفردات البياض كالعناوين والفصول والارقام , مفردات المظهر الكتابي كمكونات التناصات , والدلالات المضمرة ) . الفعائل الدلالية للمسميات التجسيدية : لو قلنا , أن الكيانات التجسيدية الفاعلة هي الأشياء التي محورها بيت الأب وبيت العم والمكتبة وما يتصل بها من أفراد , لصارت لنا خارطة شبه واضحة للأفعال المتوقعة , وسبب ذلك هو أن هذا المحور يعطي بنية علائق مميزة , منها ما هو ثقافي ومنها ما هو سوقي , ومنها ما هو إجتماعي .. تبدل هذه العلائق يغطي الدلالة الخاصة بالقص الروائي التي تحتاز على الأفكار الآتية / 1ـ الأفراد هم جماعة متصلة ومتواصلة بعلائق إجتماعية مميزة في تلاحمها وتفارقها , فهي على درجة كبيرة من القسوة والصراحة , من الجانب السلبي , خاصة علاقة الاب بالخالة ,
وعلاقة الاب بالأُم , وعلاقة الخالة بالفتاة دجلة , وعلاقة الفتاة دجلة بعادل . وهي على أشد ما تكون من حميمية بين العم وابنة الاخ , وزوجة العم مع زوجها , وزوجة العم مع إبنها عادل , الخالة شذى والفتاة عشتار , وعشتار وخطيبها , ثم علاقة العم مع أصدقائه القدامى . كما تترادف هذه العلائق مع الكيانات المخترعة , بحسب الفهم الباراسيكلوجي , في علائق الأشباح بالأب وإبنته , وجليل جهاد . ثم , تجتمع الحالات بنقائضها ـ بين السلب والإيجاب ـ في علاقات خاصة بين الفتاة دجلة واختها , وخطيب الأخت بالفتاة دجلة . 2ـ أن التغير المظهري يتبعه تغير إقتصادي , ثم تغير سياسي , ثم تغير ثقافي . مما يدفع بالقص جهة التغير الفني , وهو هنا تغير يتدرج , صعوداً اونزولاً , بحسب آلية موسيقية , لنمطين هما , القداس الجنائزي , ومانفستو التراكم البنائي للبيانات الثورية الفتية , التي تقارب البيانات الفنية المُؤسِسَة للتغيرات الصادمة والجادة حد التضحيات الكبرى , ينعكس هذا كله في موحيات الاستعمال المظهري للأشياء والعمران والفنون والموسيقى . 3ـ أهم الروابط الدلالية متحققة على شكلين , الأول انها روابط فهم متناسق بين التذوق الادبي والتذوق الموسيقي , إضافة الى المتعة المتولدة عن هذا التبادل . 4ـ العمل الحاسم لهذه العلاقات هو أنها تحقق غايات روائية للتدوين الكتابي قائم على أساس كسب الفِرية درجة الفعل الواقعي , تقمصاً بمؤولات حصيلتها “التناصات ” المتقاربة في اللغة والدلالة . 5ـ العناصر المادية الثابتة تماما (البيتان والمكتبة) هم معالم مكملة وخازنة ودالة على التطور الفني والعمراني , اللذان يتضمنان المحتوى الحضاري والثقافي للجيل الذي نشأ بين الحروب المتواصلة من الجانب الإجتماعي . 6ـ أهم الروابط الدلالية متحققة على شكلين , الأول انها روابط فهم متناسق بين التذوق الادبي والتذوق الموسيقي , إضافة الى المتعة المتولدة من هذا التبادل كشكل ثان لتلك الروابط . مفردات البياض تنقسم الرواية , بدءا بغلافها , الى عنوانين , الأول له دلالة المعنى العام , الذي يشمل مصاغة الإنحياز للقضايا الإنسانية من خلال مؤَلف بالأسم الأول (الحياة السعيدة) والثاني يتعقب خصوصية البطلة , الشخصية المركبة المحفزة على الإشتغال الروائي ـ شبه الموسيقي ـ بطريقة تقاطع المواقف وبالتالي تصاعد وتيرة الشد الحدثي ثم التوقف عند نقطة معينة , بشبه تقهقر درامي , ثم المواصلة , كأنما القص مفاتيح موسيقية , تتحكم بالدوزنة النغمية , لتنطلق أحيانا نحو فضاءات لا محدودة , قد لا تنضبط بدرجة كافية , مما يحولها الى خطاب إعلامي ترويجي بمظهر أدبي , … يلخص هذا كله العنوان البديل (مانفستو من سلم د. الصغير) . ثم العناوين الفرعية والارقام , هي الأخرى تأخذ محتواها من هدف العمل الكلي, فهي متوزعة مثلما توزيعات موسيقية , الى 23 مقطوعة , منفصلة شكلا , متصلة مضمونا , تعمل بإتساق متتالٍ لتُحْدِث النقلات المتعددة , ولتخلق للرواية كيانا موهما من النسقية الزمنية , لنفاجأ في الصفحة الأخيرة , بأننا وصلنا الى البداية , وأن القص الروائي كله مُضَلِّلة تراجيدية عن واقع لم يكتمل تشكيله إلّا من ركنه الأضعف ” الكتابة “. ما الهدف الذي نخمّنه لهذه المحورية ؟ تكمن الإجابة بالمرحلة الثانية لعملنا , الخاص بموارد الدلالات . 2ـ موارد كيانات الدلالات الإنتاجية هي منتجات كيانية للمشهد الحدثي المؤطر بالكيانات المادية وغير المادية كحيوات , تشاكس أحيانا , بديهيات خالقها , وفي ” الضفاف السعيدة ” هي موارد قيمية , متجاوزة للنمطي من الفعائل , تشاكس الرغبات نحو المصادمات المضللة , في مجمل إحدوثاتها . لأجل توضيح اللبس الذي يحدثة الغموض الدلالي , أجد مقطعاً من مشهد , يشد أزر المنطق المنوّه عنه , يشيد الكيان الحدثي , ويشاكس القيم , وينفلت عن منظومة النمط , ليعاشق المفترقات ببعضها . لنتابع / [ أبي يتألم .. أمي تشد ذراعه والطبيب غرز محقنته في ذراعه الراجفة . صرخة طويلة عميقة أطلقها .. صرخ ” إتركوني .. إتركوني ” أبي كائن مهشم يتردى يوما إثر يوم يغرق في ضموره .. في ضجره .. في عزلته . كنتُ أراقب الأحداث من الدرجة العلوية للسلم أتلصص كفأرة خائفة مما سيؤول إليه مصيره .. مصيري هو مصير أبي . أبي الراجف .. الضامر .. المحطم .. سيغادر .. سيأخذوه .. ” لابد أن يكون هناك ” .. الى أين سيأخذوه ؟ لا أحد يجيبني , ربما لم أكن سألت أحدا ] ( 1) أ ـ الموارد لنعيد للمشهد موارده الدلالية المنتجة له .. نراها في * التألم , ينتمي الى عوالم متداخلة من ظروف نفسية وجسدية , مادية وإجتماعية أحالت الجسد المتألم الى حالة معاناة قاسية أمض من ألم التأثير الجرثومي للمرض العضلي . سلوك الأم , يعود بمصدره الى الواجب الذي يترتب على الزوجة من طاعة وخدمة , وتوافق مع الأعراف الإجتماعية , حتى لو كان الزوج لا يستحق مثل هذه الرعاية .. ثم ما يحتمه عليها الواجب الإنساني والعاطفي من الميل الى أخذ دور الأم للزوج , حيث تنحاز الزوجة لزوجها مثلما تنحاز لأطفالها . غرز الإبر (المحقنة) , يتماشى هذا الفعل مع القيم الشرقية المتعاطفة مع المريض حتى لو كان لايستجيب للعلاج . الصراخ الطويل العميق , مصدر هذا النمط الصياغي هو أن الصراخ يريح النفس , وهو تعبير عن رفض المصير المحتم ـ الموت ـ , كما أنه صراخ يخص دلالة الرفض للفريق المعالج , وعمقه متأت من دلالته هذه . المناداة بإتركوني , تلك تأخذ مصدرها الدلالي المنتج لها من رغبة المريض في أن ينعزل بنفسه ويختار مصيره بهدوء , مثلما هو السائد في الإعتقاد الشعبي من أن الإنسان قبل الموت يحتاج الى التوافق مع ذاته الناشدة للسلام الأبدي والطمأنينة لقدرية الفعل الرباني . التهشم والمصير , يأخذان مسببهما , كمصادر دلالة , من الأسى الفطري للطفولة وتفسيرها للفعل , أي فعل , بإعادته الى الفطرة والقدرية , اللتان , يستجيب لهما كل من الفتاة والأب . الضمور والضجر والعزلة , تلك منظومة مصدرها المحفز , حالات نفسية وعضلية , تعيد للذات تجردها ومصيرها العاري , ووحشتها الفردية . المغادرة الى هناك , مصدرها استعاري عن الرمز الى الدفن بكونه انتقال من الـ هنا ـ المكان الحقيقي , الى الـ هناك ـ المكان المجهول بعد الموت . السؤال المصيري والتشكك , مصدرهما الوعي الأولي للأسئلة الكبرى , عن المصائر البشرية والكونية , الخاصة بالشك واليقين الفلسفي . ب ـ المشاكسات المشاكسات القيمية , هي ثلاث / ـ الإخلاص المظهري من قبل الزوجة والاهمال الحقيقي في الحياة المضطربة بين الزوج والزوجة , ومابينهما مع الطفلة . ـ الإصرار على المعالجة غير المجدية , والإصرار على الرفض غير المجدي لها . ـ التأسي الطفولي على الابوة المفقودة والضالة بين المجافاة للطفلة بالإبتعاد النهائي عنها بالموت عنها. مشاكسات الأنفلات عن النمط تتمثل اللانمطية في المقطع السابق في
حالات عدة منها : ـ عدم التطرق الى اسباب المرض , وعدم الكشف عن البؤر الفاعلة في الروي , التي يفترض أن تستجيب لرغبة القاريء في معرفة الأحداث قبل وقوعها , فـ ” التباطوء السردي” جُعِلَ آلية مسهمة في التشويق . ـ الغرق في الضمور هو حالة مستحيلة لأن الضمور شيء جسدي لما تغير عليه الجسم سابقاً , بينما الغرق حالة آنية ومعنوية كلياً . ـ الرغبة في العزلة والموت الهادي يشاكس ولا يتلاءم مع قسوة الموت والرغبة في دفعه أنى وجد لذلك سبيلا , وهنا تكون المشاكسة , رغبة عارمة بالتحدي للظرف الجسدي والإجتماعي , وليس رغبة بالموت المسالم . ـ المشاكسة الأهم برأينا هو سؤال الطفلة عن الـ هناك .. فهو سؤال منطقي يكبرها بعشرات السنوات , لكن المبرر له لا يبدو سلبيا , إنما الموروث الإنساني يزعم , بكون المآسي تشيب الاطفال فتجعلهم حكماء . تلك جميعها منفلتات عن المنظومة الدلالية العقلانية , لكنها منسجمة مع طبيعة ” الروائية الحديثة ” . ج ـ جمع النقائض يحتفي المشهد بمتناقضات محدودة متوافقة دلالياً منها . ـ تعاون الطبيب والزوجة والأخ على زرق الابرة (المحقنة) وهم يدركون تماما عدم جدواها . ـ الطفلة تحس برغبة الأب بالعزلة , كحالة وعي مسبقة , فأن ذلك غير ممكن البتة لأن وعي الطفلة لا يستوعب مثل هذا الأمر . ـ الطفلة تربط مصيرها بمصير الأب , وهو أمر لا يمكن تصديقه جدياً لكنه مقبول روائياً . ـ الصراخ العالي العميق المحتج , وهو صراخ ليس بسبب الالم إنما بسبب الندم , لكنه يوجه نحو أُناس لا شأن لهم بما ينطوي عليه من دلالات . ـ التسلسل الحكائي سلس ومتصاعد لدراما الحدث , على الرغم من , إحتوائه على أزمان متباعدة كزمن الضمور وزمن زرق الإبرة , أو زمن السؤال عن الـ هناك الطفولي , وزمن كتابة الرواية بعد ثلاثين عاما من عمر الفتاة الراقدة بمستشفى الرعاية النفسية . ثانياً :الفرائض القرائنية من الممكن أن نتقصى الفرائض القرائنية عن طريق تصنيفها الى مهيئات الفعل السابقة على التشكيل واللاحقة به بالإيماء والتصريح عن محيطات التأثيث الوجودي للقص الروائي . سنجد بعض هذه الفرائض في التجربة الفنية المحتوية للثقافة كرؤية مادية ومعنوية معدّة مسبقاً . أ ـ قرائن التظهير المحتمل إن أية دراسة تتصدى لبحث ظاهرة فنية ما لابد لها من أن تتخذ من مفرداتها المتحصلة من واقع الاستقرار , نماذج للتدليل الشامل على ملامح تلك الظاهرة وأبعادها ودلالاتها (2 ) ويكتمل هذا الفهم في فرضنا الآتي ” قرائن التظهير المحتمل هي معيدات الصياغة للمكون الدلالي الجوهري للمشد المقطعي الذي يناظر التقابلات المتناصصة مفتوحة التأويلات . لنتابع : [ لقد رحل , في مثل هذا اليوم في الخامس من كانون الأول قبل مائتين وأربع سنوات ……….. وحيدا نبذوا شبابه الذي لم يتجاوز الخامسة والثلاثين , نغمة الـ Requiem نغمة الموت وحدها إستقرت هناك في ذهنه , ساعة الوداع كان يدندن به , لحن لم يكتمل . رجل أطل بملابس سوداء ووجه منزوع الملامح كلفه كتابة قداس للموت … ترك له ” مزماره السحري ” ليبدأ القدّاس … إنه يتردد مطالباً إياه بإكماله ويرفض أن يذكر لمن هو هذا القداس … أشهر مرت وهو مطالب بالقداس , أشهر مرت ولم يكمله , الأوراق التي دونته بعثرت هناك , حول سريره المجثي فوقه ……………………………………………………………………………….. إمرأة تحتفي بموته , تسمع قداسه في ذكراه بعد أكثر من مائتي عام , أي إمرأة أنا !! قالت لي عشتار يوما معلقة حول علاقتي بعادل : ……. هل يحب رجل شابة تعلِّق صورة موزار في غرفة نومها ؟ … لِمَ لَمْ تعلقي صورة ….. مايكل جاكسون مثلاً ] (3 ) . النص يبادر الى إستثمار التصعيد الموسيقي للقداس الجنائزي لموزار , في مقاربة بين تشكل الكتابة وتشكل الموضوعة الفنية للموسيقى , وقد حدد لذلك ثلاث مراحل هي , المقدمة والمتن والخاتمة , إي الأجزاء التي تتماشى مع تدرج التصعيد الموسيقي , حيث يبدأ النص الموسيقي والقصصي الروائي من بدء موغل في عدمية الجدوى من أي نشاط بشري , بما يقابل الإسترخاء الحزين لسامع وعازف الموسيقى , ثم يُزداد التلاصق النصي الموسيقي والروائي عن طريق الحدث ـ وجود رجل يداهن الموسيقي لشراء مؤلف يخص قداس لرجل مجهول .. ثم لينتهي الحدث الروائي , دون الحدث الموسيقي , عند نقطة العودة الى واقعة (الجدل بين الأختين , دجلة وعشتار) . السؤال , لماذا وقع الإفتراق ؟ له مايبرره . نرى أن الروائي بذلك يؤكد حرية وإستقلال الفنون مهما تقاربت مناحي تخالطها . المهم في النص السابق , كمشد في مشهد روائي هو المنافذ التي يفتحها للقص الروائي متمثلة بالفرائض الآتية / 1ـ إن الإظهار الحركي للقص يخفي وراءه مخمنات كثيرة , يحسن بالتأول أن يمر عليها , وسنعطي بعضا منها , كأمثلة , منها : ـ وفاة الفنان هي وفاة جسدية فقط . ـ القداس الجنائزي فعل خالد يرتبط بموزار مثل إسم الشهرة . ـ القداس للرجل المجهول هو رثاء لموزار فقط . ـ الثلج والبياض والمجهول آليات سلوك بشري عديم الإحساس بعظمة الإنسان وعدم جدية قيمه المتظاهر بها . ـ المداهنة وإستغلال الفن من قبل القوى الرأسمالية هي سمة الحضارة المتدنية . ـ المرأة المحبة لموزار هي إمرأة مخالفة لقوانين عصرها لكنها ليست مخطئة , وأن عالم التفاهة المسيطر على نوى الظاهرة التحضرية هو عالم للسلطات الظلامية الحاكمة للبلدان المشتَرِكَة في جريمة قتل الروح البشرية التواقة للحب والجمال والسلام . ـ المكان للثلج والمكان للمرأة عاشقة (القداس) هما مؤثثات إجتماعية بشرية ليس إلّا . 2ـ هذا التنميط يسهم في إستمرار المشد في تضبيط ممسكات القص , الأدوات والأقوال . 3ـ يعيد النص ” الروحية السديمية ” للنغم الرباني في الموسيقى كرمز لكل الفنون ويَعِدُ بها , كفعل مضاد للعمل الإعلامي المتهافت على ميديا الظواهر الوقتية الساذجة . 4ـ المعيدات الصياغية للدلائل الأساسية الجوهرية تتضح بإحتمالين هما / * الجوهر اللغوي الذي يفي بالمتطلبات البلاغية , من تزويق قولي ومعنى , ويؤلف أجواء لتناصات متعددة المناشيء , كالمصادر الموسيقية والحكايا والقص والرؤى المنقولة بالترجمة . * المخمنات التأويلية , والتي تقيم فعلها التفسيري على أساس وجود الأسرار الكثيرة الخاصة بتشفيرات الروي , والتي من أمثلتها .. + أن الفردانية والوحدة الموحشة (والامراض النفسية والجسدية) وراء كل مبادرة مبدعة بدرجة عبقرية .. + للخلود ثمن وحيد هو الموت بالعمل الخلاق والفقر والمرض وإستغلال الآخرين لجهد العبقري .. + المخالفة الحضارية الحقيقية هي في غلق منافذ الفساد والإفساد .. + العالم الأخلاقي المنهار هو ذاته ما يجب رفضه ولو أدى هذا الرفض الى المتاهات , بمثل متاهات وتضحيات حكاية القداس الجنائزي .. + الخير والود والتعلم الحق في العمل من أجل جعل الحرية مثل إعلان ” مانفستو” ينتشر في الماء والهواء والأحياء ) ب ـ قرائن التسريب الآلية : هي هيئات لوعي فردي متسرب عبر اللاوعي الجمعي ليصير لاحقة معزولة عن سياقها العام نحو السياق الخاص الذي ” يضمن قابلية الإختزال والتركيب للوحدات الدلالية المتقابلة ” (4 ) . الآليات التي تحمل هذه الهيئات هي آليات فعل قص يحيط السرد بتركيب يغني عن التعاقب السردي لأجل السرد المتنامي . لنعين المباديء الأساسية لهذه القرائن والتي نراها في / ـ الهيئات المتسربة من اللاوعي الجمعي . ـ اللواحق المعزولة الفاعلة . ـ مقدرات الإختزال . ـ نمط التركيب النصي . للنص الآتي قدرة تمثل لهذه الفرائض , فلنتابعه .. [ ـ ” تقولين ولكن .. ولكن لماذا؟” . أجبته بتحدٍ . – الكتاب الذي ستشتريه هو ” الضفاف السعيدة ” موجود بلا شك . ـ نعم إني أتيت من أجله , كيف عرفتِ ؟ . – أنت تشتريه من هنا بشكل دائم . – آه حدث هذا مرات عديدة .. أنني أوزعه . فاجأته بطرح سؤالي : هل وصلتك بطاقتك الشخصية ؟. – ” بطاقتي الشخصية ؟ ” قال متسائلاً . – نعم كنتَ قد تركتَ عندنا بطاقتك الشخصية ذات مرة قبل سنوات ] (5 ) . 1ـ الهيئات المتسربة من اللاوعي الجمعي : يمكنني حصرها في النماذج المتصورة الآتية / ×هيئات الأقوال السابقة للصفحة 119 والتي قد تستوعب الرواية كلها ومضافا إليها حكايات التراث في ” كان ياما كان ” .. × هيأة الضفاف المكانية والزمانية والمادية (الحافات) والمعنوية (أطراف الدلالات) .. × هيأة المعرفة المسبقة المتأتية من تكرار الشراء السوقي ووتقاليد الموروث الأخلاقي والعلمي والتقانات الصناعية وغيرها .. × هيأة التوزيع المجاني المتاخمة لفعل جهود اللاجدوى من النبوغ والتسامي العلمي والإنساني . × هيأة التشخيص بالبطاقة التي شاعت في السنوات الأخيرة خاصة بعد عام 1990 التي كانت تحدد الإنتماء , أي إنتماء , تحدده بالبطاقة وليس بالعمل والمواطنة . 2ـ اللواحق المعزولة الفاعلة : هي لواحق تبدو كأنها منسلخة من سياقها الإستعمالي العام لصالح فعلها الذاتي , وهي في المشد المقطعي المتقدم ثلاث لها مصادر كيانية تساويها وتقابلها / × تقولين ولكن / تقابلها وتساويها / مظاهر لفظتي , لكن لماذا . × فجأته بطرح سؤالي / تقابلها وتساويها / هل وصلتك بطاقتك الشخصية؟ . × كنتَ قد تركتَ / تقابلها وتساويها / تركتها ذات مرة قبل سنوات . 3ـ مقدرات الإختزال : تترتب هذه المقدرات على أساس المحذوف من الصور التي ضحى بها النسيج الروائي قبل كتابته وبعد تهذيبه , وهي متسربات لا يمكن حصرها لكونها لم تظهر في المشد المشهدي المدون , ولأنها لن تدخله مرة أخرى بسبب إكتمال إنشائه , لكن ضرورة الإشارة إليها تعطي تلميح الى مقدار الجهد المبذول فكريا وتدوينيا قبل الإنجاز وبعده , وكتقدير لذلك نقول ” أن الأعمال الكبيرة والخالدة أعيدت كتابتها مرات ومرات ” ويعني ذلك أن الضائع القصدي من الرواية يمثل تجربة ومرانا أوجدا حدودا مهمة للإنشاء الأخير , الرواية المطبوعة. في عمل الروائي عدنان يعقوب القرة غولي ” الضفاف السعيدة ” جهد يمكن تلمسه حتى وإن لم نحدده إلّا من باب التخمين … فهو لكي يكتب رواية إستحضر اولا حكاية (ما) ثم دمجها مع تجربة (ما) ثم أعاد الخليط ليتماها مع التدرج الثقافي لإندساس الموسيقى فيها , ثم أنجزها رابعة بإتباعها بمقاربات روائية عالمية , ثم ليكتبها خامسة بصياغة جديدة تجمعها مع الشعر وبعض قوى علم النفس والفلسفة . لوحسبنا المشد المقطعي السابق بعدد كلماته الـ 55 كلمة مضروبا بعدد المرات 5 لأصبح النص الأصلي275كلمة . وبذي يبلغ المزاح اللفظي نحو التمرين الكتابي ـ يساوي ـ 220كلمة … والرواية هي بـ 191صفحة ولكنها في الأصل تساوي995صفحة أي بضياع مقداره “804” صفحة .. لنا أن نتصور التعب المثمر الذي أنتج المشد المشهدي أعلاه , كنموذج لما بُذل من عمل إختزالي منتج , خُصِّصَ للعملية الروائية هذه ! 4ـ التركيب النصي : النص المثبت كمشد مشهدي لجزء من مصاغة الرواية لا يكاد يتحمل هذا الفرض , لكن حين نعرف أن الحوار بين دجلة (العراق كله) مع مؤلف الضفاف السعيدة (مآثر تأريخ الثقافة العراقية) , سيعرف أن النص يتركب من احالات بعيدة وعميقة , خاصة وأن الشكل الآخر للنص هو أن الشخصه الأساسية (المؤلف) ميت وأن المرأة تتكلم مع شبحه , وكأن الحوار حوار عقلي حول تحديد هوية البلاد التي وصلت الى مرحلة الأسطرة ! ج ـ قرائن مدمجات تكاتف الغايات هي غايات تؤلف وحدة متكاتفة مندمجة من الجوانب الفنية تقع وسطا بين النص المحدُث والمتوقع … لنستوفي تأويلنا لفهم تلك الغايات من المشد المشهدي الآتي / [ وصلتُ إليك أنت أيها الشبح , يا نصف الوهم الغارق في الإبهام , أنت .., ما أنت؟! في سكون الليل أجدك , في ضباب وبرد وفضاء .. عند الجسر ترمي الصفحات الى دجلة الأزل , تجمع الأوراق والماء الى عناق . بماذا تريد خط كلماتك ؟ العتمة على أشدها , أعبر الشارع إليكَ , أطرق أسفلته المتعرق بالمطر . تحت ضوء المصباح الخافر تقف هناك وحيدا في مدينة خالية.. صامتة .. غارقة في سبات .. معتمة بالغيوم الخانقة القمر .. في ليلة جوفاء. ((بنعومة يتساقط المطر
حيث يمتد حبيبي المتشح بالسواد
حزين صوته , ذلك الذي يناديني
يأسي يناديني
من قصيدة عبرة RAHOON تبكي لجيمس جويس))
ما يظهره المشد المشهدي هو عمل يحتاط لذاته بالإبهام والوضوح في آن واحد لأجل إثارة القضية الأزلية لدى الباحثين , تلك الممتثلة للسؤال الكبير (ما المتوقع من المُحدث , القولي أو السلوكي ؟).. بالعودة الى تأريخ الإجراءات الفلسفية , القدرية والعلمية , لم يتعمد لدينا جواباً قاطعاً ولا تجريباً محسوباً بقانون , عن حصيلة المتوقع من المُحدث القولي والسلوكي , إلّا أن النص الروائي قد حاول أن يصير التَدَبُر الوسط بين القول والسلوك . وبذلك صعد الفن الروائي الى مرتبة مهمة في الدمج بين الغايات , خاصة المادية والجمالية . جعلها تتكاتف مندمجة ومذابة بذتها ولذاتها , لنحاول معرفة مؤلِفات المشهد المستحدث . إنها ثلاثة مؤلفات هي / ـ الملفوظات الكتابية المتخيلة من خزين الكاتب المعرفي . ـ القصيدة الشعرية لجيميس جويس . ـ الحاشية RAHOON. إما المتوقع المقابل لهذه المؤلفات فنجمله بثلاثة مؤلفات كذلك هي على التوالي / ـ خطاب الشبح الذي يردُّ به على المرأة . ـ الإجزاء التي يتردد صداها عن فهم قصيدة جيمس جويس , فيما لو أكمل القاريء الإطلاع على القصيدة كاملة , باللغة الإنكليزية الأم . ـ الدلالة التي تثيرها الـ RAHOON , فيما لو تم إنشاد القصيدة غنائيا . وقد يُمَكِّنُنا المشد المشهدي من الإهتداء الى النص الوسيط بآلية التخمين المتدرج على الشكل الآتي / ـ الشبح هو الإنسان المتقدم على الكائنات الدخيلة المُفْسِدَةِ , وهو إنسان المستقبل المنشود الذي يهب دون أخذ .. يزرع البيئة بالطلع الجمالي دونما إنتظار نتيجة أو مكانة من نوع ما . ـ اليأس الجميل الرقيق المنوط به قول الشعر هو الصائت بإسم البشرية القادر على جعل الأشياء أرحب وأرقى قيمة وإستعمالاً . ـ الرغبة في تعميق الثقافات لها سبيل يأخذ شكل مقاربة بين ثقافة الروائي الفلسفية والموسيقية والنفسية والإجتماعية كممثل للشرق , مع صنو هذه الثقافة عند جيمس جويس كممثل للثقافة الغربية . د ـ قرائن حضارة الغربة المكانية
لقد تسلل الفكر الليبرالي الجديد بعد العام 2000 , الى الفكر العالمي , في اوربا والأمريكيتن , والبلدان الأخرى المواكبة للتحولات الحضارية الشاملة . بلدنا وبلدان أخرى تجاهلت الموضوعة هذه مما رتب لها وضعا سائبا غاية في الأذى , غاية في فقدان منهجية التقارب بين اهداف الشعب وغايات السلطة الحاكمة .. هذه المفارقة تم التعبير عنها في روايات جديدة إستوعبت الوضع العالمي والإقليمة والمحلي , وكيفت فعلها وواقع أحداثها على أساس العودة الى الترابط العضوي الحضاري بين حضارة الشرق والغرب , على اسس منتمية ومتحررة من التابوات الشائعة في تحميل الغرب كل اسباب تخلفنا , أو إمتداح كل شيء غربي أوربي . رواية الضفاف السعيدة لعدنان القرغولي واحدة من هذه النماذج الساعية الى توضيح الإلتباس الحضاري المعاصر , الداعية الى التحاور والتجاور الحضاري وليس التصادم الحضاري . وسيلة الرواية في تحقيق ذلك هي , توجيه الروي نحو رفع الغطاء عن مستور الغربة المكانية . لنتابع / [ ” تلك الجثة التي زرعتها السنة الماضية في حديقتك ,
هل بدأت تورق ؟
ستزهر هذه السنة أم أن الصقيع المباغت قد أقض مضجعها ”
ت . س . إليوت (الارض اليباب) .
أدندن في أرض اليباب وأتذكرك ياعادل .. جثة حللت أنا بعد عام من رحيلك , هذا الموكب الجنائزي الذي أجتازه كل يوم الى مذبحي المزدان بكتب بتُ أراها عفنة , أعفنت ذهني وقوقعتي , ليتنا كنا اسرة تجيد النفاق الاجتماعي , ليتنا كنا مثلكَ , لخلعنا أنفسنا من قيود هذه الاسرة التعسة . تُرى اين حلت حقائبك اليوم , هل مع تلك الشقراء الهولندية التي أرسلت لنا صورتها لتغيظني .. أو ربما لم تكن تريد إغاظتي فمثلكَ لا يحسب لمثل هذه الامور حسابا . ألم تفكر بي وبما سيحل بي حين أراها …. اسطوانة ” ليست ” في يدي لأغيّر كل شيء … أنت قوي هناك تفعل ما تفعل وتقول ما تقول .. (( إنك تعلقتِ بي لملامحي التي تشبه أبيكِ)) ] ( 6) حالة الإغتراب تنتظم بعدة آليات منها : ـ إنفصام الشخصية .. ركوز الشخصية / كون البطلة حائرة بين ثلاثة إنتماءات , الإنتماء العائلي الذي يحافظ على الخلق الرفيعة , والإنتماء الإجتماعي الذي يحابي حالات النفاق الإجتماعي بشكليه البسيط المطلوب , والنفاق الإجرامي المخرب لأفضل القيم والعلائق الإنسانية السليمة . ثم الإنتماء الثقافي الذي هو مادة المستقبل وثمرة جهود الحضارات القديمة والحديثة . المدعو عادل يسافر ويؤثر ويصادق ويتمتع بالزواج غير الشرعي في هولندا . وهو لايعاني من أزدواج الإنتماء بل العكس , إذ أنه يستثمره بطريقة لا تحسب حسابا لمن في داخل البلد ! ـ التعلق .. الرفض / فالفتاة تتعلق بالاب وبعادل وعادل يرفض هذا التعلق , يرفض الابوية , يرفض الإنتماء العائلي , يرفض التقيد بالإنتماء الوطني . ـ الإنغماس بالليبرالية .. التوق الى بعض فضائلها .. عادل يغوص في حريته , في عالمه الجديد كونه العالم الذي يتيح , بليبراليته , كل المباهج والسلوكيات غير المنافية للأخلاق السائدة في هولندا , وفتاة المكتبة تعاني من الكبت الكلي , إذ الحياة منغلقة لأن السلطات والمجتمع قوامع محددة وقاسية السطوة والمضاء بالتحكم المادي والروحي . تتبقى وسيلة واحدة لسلوى الفتاة , تلك هي الثقافة بأشطرها الثلاثة ( الموسيقى , الأدب الغربي , الرغبة في إتباع أفضل ما لدى الغرب من ثقافة موسيقية وتقنية) ـ (التوفيق والتجاور) الحضاري / لعل التوفيق والتجاور الحضاري في هذا المشد المشهدي , وعلى عموم متجهات الرواية كذلك , هو الرسالة الأساسية , التي تكلل الرواية بالتواصل الإنساني كونها آصرة متقدمة , وشكلا مهما ممتعا ممعنا بإنسانيته , متجهة من العالم الشرقي (العراق بجغرافيته وفنونه وعلومه وعمرانه ومتصلاته الذوقية , ومنتجاته الحضارية الأصيلة) الى العالم الغربي متمثلا بهولندا وإنكلترا والمانيا , ومن هذه الدول نحو الشرق ليرى كيف تبنى البلدان وكيف تنمو حضارتها بالعمل والفكر الليبرالي المتسامح … امثلة ذلك كثيرة جدا جدا , وما المقطع المتقدم سوى شذرة من مئات مثلها !! هـ ـ قرائن النقائص المتممة عندما ندرك أهمية الفعل الروائي في تغيير بنى السلوك البشري نفهم سبب الأهمية التي يعطيها علماء النفس للرواية كمتجه للدراسة والتصنيف الموصلة الى قوانين شبه قطعية عن طبيعة السلوك الملتوي ووسائل معالجته … في رواية الضفاف السعيدة نواقض معتورة إجتماعيا تعطي معنى الإتمام الروائي . لنقدم بعض هذه النواقص من خلال حامليها / * دجلة : فتاة حالمة , ذكية , شجاعة , نقصها , الصراحة والتخيل , مرضها انفصام الشخصية الإيجابي . * الأب : فنان, معماري , نقصه الإحباط , مرضه إدمان الكحول والعلاقات العاطفية غير السوية . * الأم : حريصة , حنونة , مطيعة .. نقصها الغفلة والجهل التعليمي , مرضها السذاجة وتصديق كل ما يقال . *العم , ذكي , متعقل , يحب الآخرين , نقصه الحميمية الزائدة , مرضه الإحساس بالتبعية للأصدقاء ولأهل بيت أخيه . * زوجة العم : مضحية , محبة لعمل الخير , نقصها تعلقها بعادل , مرضها قصور الفهم . * الأخت عشتار : متحررة , ودودة , نقصها التطلع للرفاه , مرضها السطحية وحب المظاهر المؤقتة . * عادل : رسام محب للّهو والسفر , نقصه حب الذات , مرضه الزهد بالقيم الوطنية . * خطيب عشتار : ذكي بارع في تخصصه , نقصه الإلحاح , مرضه تصديق الفرائض النفسية العلمية غير المثبوتة , حتى الفرائض الخاصة بالباراسيكلوجيا . شذى : الخالة قوية الشخصية , معجبة بنفسها , راضية عن سلوكها وعلاقاتها , نقصها عشقها لزوج اختها , والتوق الى التفوق في العلاقات العاطية ,والمغامرة في العلاقات الغرامية والجسدية غير الشرعية مع زوج اختها والطبيب النفسي لإبنة أختها . يأتي السؤال الآتي ليختم جدوى فرائن النقائص المتممة , ذلك هو ,………………………….. كيف تسهم هذه النقائص في إتمام القص ؟ الجواب سيكون الآتي / ـ كل شيء في الطبيعة مخلوق ناقص يكتمل وجوده بوجود العناصر والأفراد الآخرين . ـ الشخوص كل يمثل حالة من حالات البلد لفترة تأريخية معينة , فـ / عادل : يمثل الإنفتاح المطلق على الغرب دون فحص للآليات الحضارية لديهم لمرحلة الخمسينيات والستينيات للبلاد . ـ شذى : تمثل الجانب الشرقي الهارب من المقيدات الأخلاقية نحو الغرب المتحرر منها , بخاصة ما يتعلق بالحرية الجنسية لمرحلة السبعينيات . ـ الأب : يمثل مرحلة البحث عن هوية فنية وثقافية فردية وعامة للستينيات والسبعينيات الفنية للبلاد) . ـ الام والعم والعمة : يمثلون الطينة الشعبية الطيبة لجميع المراحل كنوذج للطيبة العراقية الخالدة بأهلها . الفتاة دجلة : تمثل الإتجاه الليبرالي الذي يدافع عنه المثقفون طوال سنوات التسعينيات والألفينيات . عشتار وخطيبها : يمثلان التوجه الجديد للعراق بعد الألفين حيث الخلط بين القيم النافعة والضارة , الذكية والساذجة , الجدية والسوقية . أليس هذا التسلسل والتتابع غير الخطي هو مايجعل نواقص أولئك مشدات لتصاعد الروي نحو سبك منتظم يزيد الموضوع شدا ومتعة وموضوعية فنية !!
اسماعيل ابراهيم عبد
هوامش :
[1] رواية الضفاف السعيدة أو مانفستو من سلم د. الصغير , عدنان يعقوب القره غولي , 2014 , ص37, ص38 , الدار العربية للعلوم ناشرون , بيروت [2] بنية الرؤيا ودلالتها في القصة العراقية , د.صالح هويدي , 1993 , ص6 , دار الشؤون الثقافية العامة , بغداد [3] رواية الضفاف السعيدة , أو مانفستو من سلم د. الصغير , عدنان يعقوب القره غولي , مصدر سابق , 80 , ص81 [4] علم النص , جوليا كرستيفا .ت . فريد الزاهي , 1991, ص51 , دار طوبقال , المغرب [5] رواية الضفاف السعيدة , أو مانفستو د. الصغير , عدنان يعقوب القرة غولي , مصدر سابق , ص119 [6] رواية الضفاف السعيدة أو مانفستو من سلم د.الصغير , عدنان يعقوب القره غولي , مصدر سابق 2014, ص70, ص71