فليحة حسن : قَلَم حُمره

faliha 12حدثني رجل من بابل قال :
كنتُ كّلما أتعبني اسمي
رميته في النهر
وعدتُ جديداً

وكانت البصرة -حتى قبل أن يكون السياب شاهداً على شوارعها وراوياً عظيماً- تستحم بالقصائد
خضراء
كقلب شاعرة
يقف أميرها مشيراً للعثوّق
ويغني
فترقص الحواري
سمراوات
كطين البساتين
ناعمات
كطين البساتين
تفوح الحناء منهن
كطين البساتين
وتحت كل نبض منهن قصيدة
لا يحرفنًّ مشيتهن إلى النهر
ولم تكُ (خمسة ميل ) قد وجدت لها في المدينة بقعة ي تتسع منها
ويؤكد :
وكنتُ أزورها في الليل كما زيارتي في النهار
الشمس والقمر متعانقان ليس بينهما جفوة فيتخاصمان
وماء حلو في الخليج
كل سفينة تأتي بحملها
يتزود ملاحوها بقضمة تفاحة
وشيء من عسل
النساء نضرات
تدار أعناق الرجال كّلما مرَّ ظلهن تحت السّعف
لا يحتجن إلى زينة
يكفي أن تنظر إليهن فتتشبثْ بالحياة
غير أن حقائبهن مثمرة بالجمال
…….
الرماة
المشاة
البحارة
جامعوا الزمرد
وكل من سولتْ له نفسه بالنظر إليهن
يتكسّر عند أقدامهن صاغراً
رجال الدنيا
يرمون قوانين أجدادهم من على ظهورهم
ويتجهون لرسم العيون على بوابات الموانئ
تحت كلّ شباك فيها
تغفو شاهدة لعاشق صلب حباّ ومات مغنياّ
قبل أن تسمع هدير القطارات
يدرك روحك هديل الضحكات
ولا تثريب عليك أن تزودتَ ببعض الهمس
وحكا لي ذلك الرجل كلّ ما ُيجرّي القلم ويحثه على البوح
……
هذا قبل أن تتشح المدينة بالسواد حتى أخمص نهريها
ويمتزج نعيق الغربان ولون الدم فوق صباحاتنا
وتنام شوارعنا باكرا جدا كما الدجاج (المُكْركْ)
خلعت النساء حسنهن
دِيفتْ أرواحهن بالمرارة
وتيبست الشفاه
فلن تجد في حقائبهن حتى لو بقايا (لقلم حمرة )

فليحة حسن

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم الأسدي : مركبُ الأرض ..

قاربٌ يتحطمُ فوقَ الصخورْ  فيغرقُ طفلٌ ويأفلُ في مقلةِ الأُمِّ نجمٌ ونورْ يريدونَ حريةً وحياةْ  …

| عدنان عبد النبي البلداوي : قالوا  وثَـقْـتَ .

لـكـــلِ قــافــيـةٍ عَــزْفٌ ، تــوَلاّهــا وحُسـنُ مضمونها، إشراقُ مَغْـزاهـا أجـواؤها إنْ حَواها الصِدقُ عامـرةٌ وعَـذْبُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *